أسماء السورة
سورة عبس، سورة الصاخّة، سورة السَفَرة، سورة الأعمى، سورة ابن أمّ مكتوم.[3]
وجه التسمية
«سورة عبس»؛ قد سمّيت هذه السورة بهذا الاسم لقوله تعالى في أوّلها «عَبَسَ وَ تَوَلَّى* أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى».[4]
«سورة ابن أمّ مكتوم»؛ ذلك تسمية بألفاظ وقعت فيها لم تقع في غيرها من السور أو بصاحب القصة التي كانت سبب نزولها.[5]
«سورة الصاخّة»؛ ذلك تسمية بلفظ وقع فيها لم يقع في غيرها من السور.[6]
«سورة السَفَرة»؛ ذلك تسمية بلفظ وقع فيها لم يقع في غيرها من السور.[7]
«الأعمى»؛ ذلك تسمية بلفظ وقع فيها.[8]
عدد الآيات
هي إحدى و أربعون آية.[9]
عدد الکلمات
هي مائة و ثلاثون كلمة.[10] (الجدير بالذکر أن الأقوال في عدد الکلمات القرآنية مختلفة)
عدد الحروف
هي خمس مائة و ثلاثة و ثلاثون حرفا.[11] (الجدير بالذکر أن الأقوال في عدد الحروف القرآنية مختلفة)
أغراض السورة
الغرض من هذه السورة، التسوية بين الناس في الدعوة، و كان عبد اللّه بن أمّ مكتوم أتى النبيّ صلي الله عليه و آله و عنده صناديد قريش يدعوهم إلى الإسلام، فطلب منه أن يقرئه و يعلّمه ممّا علّمه اللّه، فعبس و أعرض عنه لقطعه كلامه، فنزلت هذه السورة عتابا له، و قد انتقل فيها من عتابه إلى سياق الترهيب و الترغيب.[12]
المحتوي و الموضوعات
تبحث هذه السورة على قصرها مسائل مختلفة مهمّة تدور بشكل خاص حول محور المعاد، و يمكن ادراج محتويات السورة في خمسة مواضيع أساسية:
1- عتاب إلهي شديد لمن واجه الأعمى الباحث عن الحقّ بأسلوب غير لائق.
2- أهمية القرآن الكريم.
3- كفران الإنسان للنعم و المواهب الإلهية.
4- بيان جانب من النعم الإلهية في مجال تغذية الإنسان و الحيوان لاثارة حسّ الشكر في الإنسان.
5- الإشارة إلى بعض الوقائع و الحوادث الرهيبة و مصير المؤمنين و الكفّار ذلك اليوم العظيم.[13]
الفضائل، الخواص و ثواب التلاوة
أبي بن كعب عن النبي صلي الله عليه و آله قال: و من قرأ سورة عبس جاء يوم القيامة و وجهه ضاحك مستبشر.
روى معاوية بن وهب عن أبي عبد الله علي السلام قال: و من قرأ سورة عبس و تولى و إذا الشمس كورت كان تحت الله من الجنان و في ظل الله و كرامته في جنانه و لا يعظم ذلك على ربه عز و جل.[14]
محل النزول
سورة عبس مكية.[15]
زمان النزول
نزلت سورة «عبس» بعد سورة النجم، و نزلت سورة النجم فيما بين الهجرة إلى الحبشة و الإسراء، فيكون نزول سورة عبس في ذلك التاريخ أيضا.[16]
جوّ النزول
تبيّن الآيات المباركة عتاب اللّه تعالى بشكل إجمالي، عتابه لشخص قدّم المال و المكانة الاجتماعية على طلب الحق ... أمّا من هو المعاتب؟ فقد اختلف فيه المفسّرون، لكنّ المشهور بين عامّة المفسّرين و خاصتهم، ما يلي:
إنّها نزلت في عبد اللّه بن ام مكتوم، إنّه أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هو يناجي عتبة بن ربيعة و أبا جهل بن هشام و العباس بن عبد المطلب و أبي و اميّة بن خلف يدعوهم إلى اللّه و يرجو إسلامهم (فإنّ في إسلامهم إسلام جمع من أتباعهم، و كذلك توقف عدائهم و محاربتهم للإسلام و المسلمين)، فقال: يا رسول اللّه، أقرئني و علمني ممّا علمك اللّه، فجعل يناديه و يكرر النداء و لا يدري أنّه مشتغل مقبل على غيره، حتى ظهرت الكراهة في وجه رسول اللّه لقطعه كلامه، و قال في نفسه: يقول هؤلاء الصناديد، إنّما أتباعه العميان و العبيد، فأعرض عنه و أقبل على القوم الذين يكلمهم، فنزلت الآية. و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بعد ذلك يكرمه، و إذا رآه قال: «مرحبا بمن عاتبني فيه ربّي»، و يقول له: «هل لك من حاجة». و استخلفه على المدينة مرّتين في غزوتين.
و الرأي الثّاني في شأن نزولها: ما روي عن الإمام الصادق عليه السّلام: «إنّها نزلت في رجل من بني اميّة، كان عند النّبي، فجاء ابن ام مكتوم، فلما رآه تقذر منه و جمع نفسه عبس و أعرض بوجهه عنه، فحكى اللّه سبحانه ذلك، و أنكره عليه». و قد أيّد المحقق الإسلامي الكبير الشريف المرتضى الرأي الثّاني.
و الآية لم تدل صراحة على أنّ المخاطب هو شخص النّبي الكريم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و لكنّ الآيات (8- 10) في السورة يمكن أن تكون قرينة، حيث تقول: وَ أَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى وَ هُوَ يَخْشى فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى، و النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم خير من ينطبق عليه هذا الخطاب الربّاني.
و يحتجّ الشريف المرتضى على الرأي الأوّل، بأنّ ما في آية عَبَسَ وَ تَوَلَّى لا يدل على أنّ المخاطب هو النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، حيث أنّ العبوس ليس من صفاته مع أعدائه، فكيف به مع المؤمنين المسترشدين! و وصف التصدّي للأغنياء و التلهي عن الفقراء ممّا يزيد البون سعة، و هو ليس من أخلاقه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الكريمة، بدلالة قول اللّه تعالى في الآية (4) من سورة (ن)، و التي نزلت قبل سورة عبس، حيث وصفه الباري: وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ.
و على فرض صحة الرأي الأوّل في شأن النزول، فإنّ فعل النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و الحال هذه لا يخرج من كونه (تركا للأولى)، و هذا ما لا ينافي العصمة، و للأسباب التالية:
أوّلا: على فرض صحة ما نسب إلى النّبي في إعراضه عن الأعمى و إقباله على شخصيات قريش، فإنّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بفعله ذلك لم يقصد سوى الإسراع في نشر الإسلام عن هذا الطريق، و تحطيم صف أعدائه.
ثانيا: إنّ العبوس أو الانبساط مع الأعمى سواء، لأنّه لا يدرك ذلك، و بالإضافة إلى ذلك فإنّ «عبد اللّه بن ام مكتوم» لم يراع آداب المجلس حينها، حيث أنّه قاطع النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مرارا في مجلسه و هو يسمعه يتكلم مع الآخرين، و لكن بما أنّ اللّه تعالى يهتم بشكل كبير بأمر المؤمنين المستضعفين و ضرورة اللطف معهم و احترامهم فإنّه لم يقبل من رسوله هذا المقدار القليل من الجفاء و عاتبه من خلال تنبيهه على ضرورة الاعتناء بالمستضعفين و معاملتهم بكل لطف و محبّة.
و يمثل هذا السياق دليلا على عظمة شأن النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فالقرآن المعجز قد حدد لنبيّ الإسلام الصادق الأمين أرفع مستويات المسؤولية، حتى عاتبه على أقل ترك للأولى (عدم اعتنائه اليسير برجل أعمى)، و هو ما يدلل على أنّ القرآن الكريم كتاب إلهي و أنّ النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم صادق فيه، حيث لو كان الكتاب من عنده (فرضا) فلا داعي لاستعتاب نفسه ... و من مكارم خلقه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم- كما ورد في الرواية المذكورة- إنّه كان يحترم عبد اللّه بن ام مكتوم، و كلما رآه تذكر العتاب الرّباني له. و قد ساقت لنا الآيات حقيقة أساسية في الحياة للعبرة و التربية و الاستهداء بها في صياغة مفاهيمنا و ممارستنا، فالرجل الأعمى الفقير المؤمن أفضل من الغني المتنفذ المشرك، و أنّ الإسلام يحمي المستضعفين و لا يعبأ بالمستكبرين. و نأتي لنقول ثانية: إنّ المشهور بين المفسّرين في شأن النّزول، هو نزولها في شخص النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و لكن ليس في الآية ما يدل بصراحة على هذا المعنى.[17]
الترتيب في المصحف
هذه السورة هي السورة «الثمانون» من القرآن بترتيب المصحف.
الترتيب حسب النزول
هذه السورة هي السورة «الرابعة و العشرون» من القرآن حسب النزول و نزلت بعد النجم.[18] (الجدير بالذکر أن الأقوال في ترتيب السور القرآنية حسب النزول مختلفة)
العلاقة مع السورة السابقة
لما ختم الله سبحانه تلك السورة بذكر إنذاره من يخشى القيامة افتتح هذه السورة بذكر إنذاره قوما يرجو إسلامهم و إعراضه عمن يخشى.[19]
الخصوصية
هذه السورة من المفصلات.[20] قال ابن قتيبة: .. و أمّا المفصّل فهو ما يلي المثاني من قصار السّور، و إنما سمّيت مفصّلا لقصرها و كثرة الفصول فيها بسطر: بسم الله الرّحمن الرّحيم. قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم أعطيت السبع الطول مكان التوراة و أعطيت المثاني مكان الزبور و أعطيت المئين مكان الإنجيل و فضلت بالمفصَّل. [21]
[1]مجمع البحرين، ج4، ص 84
[2]مفردات ألفاظ القرآن، ص 544
[3]التحرير و التنوير، ج30، ص 89
[4]الموسوعة القرآنية، خصائص السور، ج11، ص 73
[5]التحرير و التنوير، ج30، ص 8
[6]نفس المصدر
[7]نفس المصدر
[8]نفس المصدر
[9]الكشف و البيان، ج10، ص 130
[10]نفس المصدر
[11]نفس المصدر
[12]الموسوعة القرآنية، خصائص السور، ج11، ص 73
[13]الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج19، ص 409
[14]مجمع البيان في تفسير القرآن، ج10، ص 661
[15]نفس المصدر
[16]الموسوعة القرآنية، خصائص السور، ج11، ص 73
[17]الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج19، ص 410-412
[18]التمهيد في علوم القرآن، ج1، ص 136
[19]مجمع البيان في تفسير القرآن، ج10، ص 661
[20]التمهيد في علوم القرآن، ج 1، ص 313
[21]جامع البيان فى تفسير القرآن، ج1، ص 34