التغابن
التغابن: ان يغبن القوم بعضهم بعضا.[1]
أسماء السورة
سورة التغابن.[2]
وجه التسمية
«سورة التغابن»؛ سمّيت هذه السورة بهذا الاسم لوقوع لفظ التغابن في قوله تعالى «يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُن».[3]
عدد الآيات
هي ثماني عشرة آية.[4]
عدد الکلمات
هي مائتان و إحدى و أربعون كلمة.[5] (الجدير بالذکر أن الأقوال في عدد الکلمات القرآنية مختلفة)
عدد الحروف
هي ألف و سبعون حرفا.[6] (الجدير بالذکر أن الأقوال في عدد الحروف القرآنية مختلفة)
أغراض السورة
الغرض من هذه السورة إنذار الكافرين، من المنافقين و غيرهم، بعذاب الدنيا و الاخرة، ليدعوهم إلى الإيمان باللّه و رسوله و الإنفاق في سبيله؛ و لا شكّ في أنّ هذا الغرض قريب من الأغراض المقصودة من سورة «المنافقون» و السور السابقة عليها، و هذا هو وجه المناسبة في ذكر هذه السورة بعدها.[7]
المحتوي و الموضوعات
يمكن تقسيم هذه السورة من حيث المواضيع التي احتوتها إلى عدّة أقسام:
1- بداية السورة التي تبحث في التوحيد و صفات و أفعال اللّه تعالى.
2- حثّ الناس على ملاحظة أعمالهم ظاهرا و باطنا، و أن لا يغفلوا عن مصير الأقوام السابقين.
3- في قسم آخر من السورة يجري الحديث عن المعاد، و أنّ يوم القيامة «يوم تغابن»، تغبن فيه جماعة و تفوز فيه جماعة، و اسم السورة مشتقّ من هذا المفهوم.
4- الأمر بطاعة الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و تحكيم قواعد النبوّة.
5- و يأمر اللّه تبارك و تعالى في القسم الأخير من السورة بالإنفاق في سبيله، و يحذّر من الانخداع بالأموال و الأولاد و الزوجات. و تختم السورة بذكر صفات اللّه تبارك و تعالى.[8]
الفضائل، الخواص و ثواب التلاوة
أبي بن كعب عن النبي صلي الله عليه و آله قال: و من قرأ سورة التغابن دفع عنه موت الفجأة.
ابن أبي العلاء عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرأ سورة التغابن في فريضته كانت شفيعة له يوم القيامة و شاهد عدل عند من يجيز شهادتها ثم لا تفارقه حتى يدخل الجنة.[9]
محل النزول
قال ابن عباس [أنّ هذه السورة] مكية غير ثلاث آيات من آخرها نزلن بالمدينة؛«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ» إلى آخر السورة.[10]
زمان النزول
نزلت سورة التّغابن بعد سورة التحريم، و نزلت سورة التحريم بعد سورة الحجرات، و نزلت سورة الحجرات فيما بين صلح الحديبية و غزوة بدر، فيكون نزول سورة التغابن في ذلك التاريخ أيضا.[11]
جوّ النزول
هناك خلاف شديد بين المفسّرين في مكان نزول هذه السورة، هل هو المدينة أو مكّة؟ علما بأنّ الرأي المشهور هو أنّ السورة مدنية. و قال آخرون: إنّ الآيات الثلاث الأخيرة مدنيّة و الباقي مكيّة. و من الواضح أنّ سياق الآيات الأخيرة في هذه السورة ينسجم مع السور المدنية، و صدرها أكثر انسجاما مع السور المكيّة، و لكنّنا نرى أنّها مدنية طبقا للمشهور.[12]
قال العلّامة الطباطبائي: السورة شبيهة بسورة الحديد في سياق كسياقها و نظم كنظمها كأنها ملخصة منها و غرضها تحريض المؤمنين و ترغيبهم في الإنفاق في سبيل الله و رفع ما يهجس في قلوبهم و يدب في نفوسهم من الأسى و الأسف على المصائب التي تهجم عليهم في تحمل مشاق الإيمان بالله و الجهاد في سبيل الله و الإنفاق فيها بأن ذلك كله بإذن الله.[13]
قال السيد قطب: هذه السورة أشبه شيء بالسور المكية في موضوعها و في سياقها و في ظلالها و إيحاءاتها، و بخاصة المقاطع الأولى منها. فلا يكاد الجو المدني يتبين إلا في فقراتها الأخيرة.
و الفقرات الأولى إلى ابتداء النداء: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا» .. تستهدف بناء أسس العقيدة، و إنشاء التصور الإسلامي في القلوب بأسلوب السور المكية التي تواجه الكفار المشركين ابتداء، و تخاطبهم بهذا التصور خطاب المبتدئ في مواجهته. ثم هي تستخدم المؤثرات الكونية و النفسية كما تستعرض مصائر الغابرين من المكذبين قبلهم؛ و تعرض عليهم مشاهد القيامة لإثبات البعث، و توكيده توكيدا شديدا، يدل على أن المخاطبين به من المنكرين الجاحدين.
فأما الفقرات الأخيرة فهي تخاطب الذين آمنوا بما يشبه خطابهم في السور المدنية، لحثهم على الإنفاق، و تحذرهم فتنة الأموال و الأولاد. و هي الدعوة التي تكررت نظائرها في العهد المدني بسبب مقتضيات الحياة الإسلامية الناشئة فيها. كما أن فيها ما قد يكون تعزية عن مصاب أو تكاليف وقعت على عاتق المؤمنين، و رد الأمر فيها إلى قدر اللّه، و تثبيت هذا التصور .. و هو ما يتكرر في السور المدنية و بخاصة بعد الأمر بالجهاد و ما ينشأ عنه من تضحيات.
و لقد وردت روايات أن السورة مكية، و وردت روايات أخرى أنها مدنية مع ترجيحها. و كدت أميل إلى اعتبارها مكية تأثرا بأسلوب الفقرات الأولى فيها وجوها. و لكني أبقيت اعتبارها مدنية- مع الرأي الراجح فيها- لأنه ليس ما يمنع أن تكون الفقرات الأولى فيها خطابا للكفار بعد الهجرة سواء كانوا كفار مكة أم الكفار القريبين من المدينة. كما أنه ليس ما يمنع أن يستهدف القرآن المدني في بعض الأحيان جلاء أسس العقيدة، و إيضاح التصور الإسلامي، بهذا الأسلوب الغالب على أسلوب القرآن المكي .. و اللّه أعلم ... [14]
الترتيب في المصحف
هذه السورة هي السورة «الرابعة و الستون» من القرآن بترتيب المصحف.
الترتيب حسب النزول
هذه السورة هي السورة «العاشرة بعد المائة» من القرآن حسب النزول و نزلت بعد الجمعة.[15] (الجدير بالذکر أن الأقوال في ترتيب السور القرآنية حسب النزول مختلفة)
العلاقة مع السورة السابقة
لما ختم الله تعالى تلك السورة بذكر الأمر بالطاعة و النهي عن المعصية افتتح هذه السورة ببيان حال المطيع و العاصي.[16]
الخصوصية
هذه السورة من المفصلات.[17] قال ابن قتيبة: .. و أمّا المفصّل فهو ما يلي المثاني من قصار السّور، و إنما سمّيت مفصّلا لقصرها و كثرة الفصول فيها بسطر: بسم الله الرّحمن الرّحيم.
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم أعطيت السبع الطول مكان التوراة و أعطيت المثاني مكان الزبور و أعطيت المئين مكان الإنجيل و فضلت بالمفصَّل. [18]
[1]لسان العرب، ج13، ص 309
[2]التحرير و التنوير، ج28، ص 231
[3]الموسوعة القرآنية، خصائص السور، ج10، ص 9، التحرير و التنوير، ج28، ص 231
[4]الكشف و البيان، ج9، ص 325
[5]نفس المصدر
[6]نفس المصدر
[7]الموسوعة القرآنية، خصائص السور، ج10، ص 9
[8]الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج18، ص 374
[9]مجمع البيان في تفسير القرآن، ج10، ص 446
[10]نفس المصدر
[11]الموسوعة القرآنية، خصائص السور، ج10، ص 9
[12]الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج18، ص 373
[13]الميزان في تفسير القرآن، ج19، ص 294
[14]فى ظلال القرآن، ج6، ص 3583
[15]التمهيد في علوم القرآن، ج1، ص 136
[16]مجمع البيان في تفسير القرآن، ج10، ص 446
[17]التمهيد في علوم القرآن، ج 1، ص 313
[18]جامع البيان فى تفسير القرآن، ج1، ص 34
[19]التمهيد في علوم القرآن، ج 1، ص 313
[20]نفس المصدر، ج5، ص 294