محمد
هو محمد بن عبد الله صلي الله عليه و آله خاتم النبييين و المرسلين.
ذكر ابن الأعرابي أن لله تعالى ألف اسم و للنبي صلي الله عليه و آله ألف اسم، و من أحسنها محمّد و محمود و أحمد. و المحمَّد: كثير الخصال المحمودة، قيل لم يسم به أحد قبل نبينا صلي الله عليه و آله ، ألهم الله أهله أن يسموه به. و محمد اسمه صلي الله عليه و آله في القرآن سمي به لأن الله و ملائكته و جميع أنبيائه و رسله و جميع أممهم يحمدونه و يصلون عليه. ذکر هذا الإسم في القرآن الکريم أربع مرات («سورة محمد، الآية:2»، «سورة آل عمران، الآية:144»، «سورة الأحزاب، الآية:40»، «سورة الفتح، الآية:29»). و أحمد اسمه في الإنجيل لحسن ثناء الله عليه في الكتاب بما حمد من أفعاله. و ذکر هذا الإسم في القرآن مرة واحدة (سورة الصف، الآية:6). [1]
أسماء السورة
سورة محمّد، سورة القتال، سورة الذين کفروا.[2]
وجه التسمية
«سورة محمّد»؛ وجهه أنها ذكر فيها اسم النبي صلى اللّه عليه و سلّم في الآية الثانية منها فعرفت به قبل سورة آل عمران التي فيها «و ما محمد الّا رسول».[3]
«سورة القتال»؛ تسميتها سورة القتال فلأنها ذكرت فيها مشروعية القتال، و لأنها ذكر فيها لفظه في قوله تعالى «و ذکر فيها القتال»، مع ما سيأتي أن قوله تعالى «و يقول الذين آمنوا لولا نزّلت سورة» إلى قوله «و ذکر فيها القتال» أنّ المعنيّ بها هذه السورة فتكون تسميتها سورة القتال تسمية قرآنية.[4]
«سورة الذين کفروا»؛ سميت بهذا الإسم لقوله تعالي في ابتدائها «الذين کفروا و صدوا عن سبيل الله».
عدد الآيات
هي ثمان و ثلاثون آية. [5]
عدد الکلمات
هي خمسمائة و تسع و ثلاثون كلمة.[6] (الجدير بالذکر أن الأقوال في عدد الکلمات القرآنية مختلفة)
عدد الحروف
هي ألفان و ثلاثمائة و تسعة و أربعون حرفا.[7] (الجدير بالذکر أن الأقوال في عدد الحروف القرآنية مختلفة)
أغراض السورة
الغرض من هذه السورة تحريض المؤمنين على قتال الكافرين و وعدهم بالنصر عليهم، و هذا القتال هو عذاب الدنيا الذي أوعد الكفار به في السور السابقة(سورة الأحقاف)؛ و لهذا جاء ترتيبها في الذكر بعدها، لتدلّ على صدق ما أوعدهم اللّه به.[8]
المحتوي و الموضوعات
الواقع أنّ مسألة الجهاد و قتال أعداء الإسلام هو أهم موضوع ألقى ظلاله على هذه السورة، في حين أنّ جزءا مهما آخر من آيات هذه السورة يتناول المقارنة بين حال المؤمنين و الكافرين و خصائصهم و صفاتهم، و كذلك المصير الذي ينتهي إليه كلّ منهما في الحياة الآخرة.و يمكن تلخيص محتوى السورة بصورة عامة في عدة فصول:
1- مسألة الإيمان و الكفر، و المقارنة بين أحوال المؤمنين و الكفار في هذه الدنيا و في الحياة الآخرة.
2- بحوث معبرة بليغة و صريحة حول مسألة الجهاد و قتال المشركين، و التعليمات الخاصة فيما يتعلق بأسرى الحرب.
3- شرح أحوال المنافقين الذين كان لهم نشاطات هدّامة كثيرة حين نزول هذه الآيات في المدينة.
4- فصل آخر يتناول مسألة السير في الأرض، و تدبر مصير الأقوام الماضين و عاقبتهم، كدرس للاعتبار و الاتعاظ.
5- و في جانب من آيات هذه السورة ذكرت مسألة الاختبار الإلهي لمناسبتها موضوع القتال و الجهاد.
6- ورد الحديث في فصل آخر عن مسألة الإنفاق الذي يعتبر بحدّ ذاته نوعا من الجهاد، و جاء الحديث عن مسألة البخل الذي يقع في الطرف المقابل.
7- و تناولت بعض آيات هذه السورة- لمناسبة موضوعها- مسألة الصلح مع الكفار- الصلح الذي يكون أساسا لهزيمة المسلمين و ذلّتهم- و نهت عنه. و بالجملة، فبملاحظة أنّ هذه السورة قد نزلت في المدينة حينما كان الاشتباك شديدا بين المسلمين و أعداء الإسلام، و على قول بعض المفسّرين أنّها نزلت أثناء معركة أحد أو بعدها بقليل، فإنّ أهم مسألة فيها هي قضية الجهاد و الحرب، و تدور بقية المسائل حول ذلك المحور .. الحرب المصيرية التي تميّز المؤمنين عن الكافرين و المنافقين .. الحرب التي كانت تثبت دعائم الإسلام، و ردّت كيد الأعداء الذين هبّوا للقضاء على الإسلام و المسلمين في نحورهم و أوقفتهم عند حدّهم.[9]
الفضائل، الخواص و ثواب التلاوة
أبي بن كعب قال: قال النبي صلي الله عليه و آله: من قرأ سورة محمد كان حقا على الله أن يسقيه من أنهار الجنة.
روى أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرأها لم يدخله شك في دينه أبدا و لم يزل محفوظا من الشرك و الكفر أبدا حتى يموت فإذا مات وكل الله به في قبره ألف ملك يصلون في قبره و يكون ثواب صلواتهم له و يشيعونه حتى يوقفوه موقف الأمن عند الله و يكون في أمان الله و أمان محمد صلي الله عليه و آله.
قال عليه السلام: من أراد أن يعرف حالنا و حال أعدائنا فليقرأ سورة محمد صلي الله عليه و آله فإنه يراها آية فينا و آية فيهم.[10]
محل النزول
هي مدنية و قال ابن عباس و قتادة: غير آية منها نزلت على النبي صلي الله عليه و آله و هو يريد التوجه إلى المدينة من مكة و جعل ينظر إلى البيت و هو يبكي حزنا عليه فنزلت «وَ كَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ» الآية.[11]
زمان النزول
نزلت سورة «محمد» صلي الله عليه و آله بعد سورة «الحديد»، و نزلت سورة «الحديد» بعد سورة «الزّلزلة»، و نزلت سورة «الزلزلة» بعد سورة «النساء»، و كان نزول سورة «النساء» بين صلح الحديبية و غزوة تبوك، فيكون نزول سورة «محمد» صلي الله عليه و آله في هذا التاريخ أيضا.[12]
جوّ النزول
هذه السورة نزولها بالمدينة و القتال عنصر بارز فيها، بل هو موضوعها الرئيس، فقد نزلت بعد غزوة بدر و قبل غزوة الأحزاب، أي في الفترة الأولى من حياة المسلمين بالمدينة، حيث كان المؤمنون يتعرّضون لعنت المشركين، و كيد المنافقين، و دسائس اليهود. [13] و بعبارة أخري الواقع أنّ مسألة الجهاد و قتال أعداء الإسلام هو أهم موضوع ألقى ظلاله على هذه السورة، في حين أنّ جزءا مهمّا آخر من آيات هذه السورة يتناول المقارنة بين حال المؤمنين و الكافرين و خصائصهم و صفاتهم، و كذلك المصير الذي ينتهي إليه كلّ منهما في الحياة الآخرة. [14]
الترتيب في المصحف
هذه السورة هي السورة «السابعة و الأربعون» من القرآن بترتيب المصحف.
الترتيب حسب النزول
هذه السورة هي السورة «الخامسة و التسعون» من القرآن حسب النزول و نزلت بعد الحديد.[15] (الجدير بالذکر أن الأقوال في ترتيب السور القرآنية حسب النزول مختلفة)
العلاقة مع السورة السابقة
ختم الله سبحانه تلك السورة بوعيد الكفار و افتتح هذه السورة بمثلها. [16]
الخصوصية
هذه السورة من المثاني. قال ابن قتيبة [المثاني]: ما ولي المئين من السّور التي دون المائة، كأنّ المئين مباد، و هذه مثان.[17] و تلک السور هي: الأحزاب و الحجّ و القصص و النمل و النور و الأنفال و مريم و العنکبوت و الروم و يس و الفرقان و الحجر و الرعد و سبأ و فاطر و إبراهيم و ص و محمد و لقمان و الزمر.[18]
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم أعطيت السبع الطول مكان التوراة و أعطيت المثاني مكان الزبور و أعطيت المئين مكان الإنجيل و فضلت بالمفصل. [19]
[1]مجمع البحرين، ج3، ص 40
[2]التحرير و التنوير، ج26، ص60
[3]نفس المصدر
[4]نفس المصدر
[5]التفسير الكبير: تفسير القرآن العظيم (الطبرانى)، ج6، ص 28
[6]نفس المصدر
[7]نفس المصدر
[8]الموسوعة القرآنية خصائص السور، ج8، ص175
[9]الأمثل في تفسير کتاب الله المنزل، ج16، ص313
[10]مجمع البيان في تفسير القرآن، ج9، ص144
[11]نفس المصدر
[12]الموسوعة القرآنية خصائص السور، ج8، ص175
[13]نفس المصدر، ج8، ص169
[14]الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج16، ص313
[15]التمهيد في علوم القرآن، ج1، ص137
[16]مجمع البيان في تفسير القرآن، ج9، ص145
[17]زاد المسير فى علم التفسير، ج4، ص141
[18]التمهيد في علوم القرآن، ج1، ص313
[19]جامع البيان فى تفسير القرآن، ج1، ص 34