4,64752 / _3 مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ : عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى ، عَنْ سَمَاعَةَ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) قَالَ: «لَقِيَ عَبَّادٌ اَلْبَصْرِيُّ عَلِيَّ بْنَ اَلْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) فِي طَرِيقِ مَكَّةَ ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَلِيَّ بْنَ اَلْحُسَيْنِ ، تَرَكْتَ اَلْجِهَادَ وَ صُعُوبَتَهُ وَ أَقْبَلْتَ عَلَى اَلْحَجِّ وَ لِينَتِهِ، إِنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: إِنَّ اَللّٰهَ اِشْتَرىٰ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوٰالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ اَلْجَنَّةَ يُقٰاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اَللّٰهِ فَيَقْتُلُونَ وَ يُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي اَلتَّوْرٰاةِ وَ اَلْإِنْجِيلِ وَ اَلْقُرْآنِ وَ مَنْ أَوْفىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اَللّٰهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ اَلَّذِي بٰايَعْتُمْ بِهِ وَ ذٰلِكَ هُوَ اَلْفَوْزُ اَلْعَظِيمُ . فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ اَلْحُسَيْنِ : «أَتِمَّ اَلْآيَةَ»، فَقَالَ: اَلتّٰائِبُونَ اَلْعٰابِدُونَ اَلْحٰامِدُونَ اَلسّٰائِحُونَ اَلرّٰاكِعُونَ اَلسّٰاجِدُونَ اَلْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ اَلنّٰاهُونَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ وَ اَلْحٰافِظُونَ لِحُدُودِ اَللّٰهِ وَ بَشِّرِ اَلْمُؤْمِنِينَ . فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ اَلْحُسَيْنِ (صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ) : «إِذَا رَأَيْنَا هَؤُلاَءِ اَلَّذِينَ هَذِهِ صِفَتُهُمْ، فَالْجِهَادُ مَعَهُمْ أَفْضَلُ مِنَ اَلْحَجِّ».
26,24,14,64753 / _2 عَنْهُ : عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ ، عَنِ اَلْقَاسِمِ بْنِ بُرَيْدٍ ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو اَلزُّبَيْرِيِّ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: أَخْبِرْنِي عَنِ اَلدُّعَاءِ إِلَى اَللَّهِ وَ اَلْجِهَادِ فِي سَبِيلِهِ، أَ هُوَ لِقَوْمٍ لاَ يَحِلُّ إِلاَّ لَهُمْ، وَ لاَ يَقُومُ بِهِ إِلاَّ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ، أَمْ هُوَ مُبَاحٌ لِكُلِّ مَنْ وَحَّدَ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ آمَنَ بِرَسُولِهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ، وَ مَنْ كَانَ كَذَا فَلَهُ أَنْ يَدْعُوَ إِلَى اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِلَى طَاعَتِهِ، وَ أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِهِ؟ فَقَالَ: «ذَلِكَ لِقَوْمٍ لاَ يَحِلُّ إِلاَّ لَهُمْ، وَ لاَ يَقُومُ بِذَلِكَ إِلاَّ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ». قُلْتُ: مَنْ أُولَئِكَ؟ قَالَ: «مَنْ قَامَ بِشَرَائِطِ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي اَلْقِتَالِ وَ اَلْجِهَادِ عَلَى اَلْمُجَاهِدِينَ فَهُوَ اَلْمَأْذُونُ لَهُ فِي اَلدُّعَاءِ إِلَى اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ مَنْ لَمْ يَكُنْ قَائِماً بِشَرَائِطِ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي اَلْجِهَادِ عَلَى اَلْمُجَاهِدِينَ فَلَيْسَ بِمَأْذُونٍ لَهُ فِي اَلْجِهَادِ، وَ لاَ اَلدُّعَاءِ إِلَى اَللَّهِ حَتَّى يَحْكُمَ فِي نَفْسِهِ مَا أَخَذَ اَللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ شَرَائِطِ اَلْجِهَادِ». قُلْتُ: فَبَيِّنْ لِي، يَرْحَمُكَ اَللَّهُ. قَالَ: «إِنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَخْبَرَ نَبِيَّهُ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي كِتَابِهِ بِالدُّعَاءِ إِلَيْهِ، وَ وَصَفَ اَلدُّعَاةَ إِلَيْهِ، فَجَعَلَ ذَلِكَ لَهُمْ دَرَجَاتٍ، يُعَرِّفُ بَعْضُهَا بَعْضاً، وَ يُسْتَدَلُّ بِبَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ، فَأَخْبَرَ أَنَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَوَّلُ مَنْ دَعَا إِلَى نَفْسِهِ وَ دَعَا إِلَى طَاعَتِهِ وَ اِتِّبَاعِ أَمْرِهِ، فَبَدَأَ بِنَفْسِهِ، فَقَالَ: وَ اَللّٰهُ يَدْعُوا إِلىٰ دٰارِ اَلسَّلاٰمِ وَ يَهْدِي مَنْ يَشٰاءُ إِلىٰ صِرٰاطٍ مُسْتَقِيمٍ ثُمَّ ثَنَّى بِرَسُولِهِ، فَقَالَ: اُدْعُ إِلىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَ اَلْمَوْعِظَةِ اَلْحَسَنَةِ وَ جٰادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ يَعْنِي بِالْقُرْآنِ ، وَ لَمْ يَكُنْ دَاعِياً إِلَى اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَنْ خَالَفَ أَمْرَ اَللَّهِ وَ يَدْعُو إِلَيْهِ بِغَيْرِ مَا أَمَرَ بِهِ فِي كِتَابِهِ ، وَ اَلَّذِي أَمَرَ أَلاَّ يُدْعَى إِلاَّ بِهِ. وَ قَالَ فِي نَبِيِّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) : وَ إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلىٰ صِرٰاطٍ مُسْتَقِيمٍ يَقُولُ: تَدْعُو. ثُمَّ ثَلَّثَ بِالدُّعَاءِ إِلَيْهِ بِكِتَابِهِ أَيْضاً، فَقَالَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: إِنَّ هٰذَا اَلْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ أَيْ يَدْعُو وَ يُبَشِّرُ اَلْمُؤْمِنِينَ . ثُمَّ ذَكَرَ مَنْ أُذِنَ لَهُ فِي اَلدُّعَاءِ إِلَيْهِ بَعْدَهُ وَ بَعْدَ رَسُولِهِ فِي كِتَابِهِ ، فَقَالَ: وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى اَلْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ وَ أُولٰئِكَ هُمُ اَلْمُفْلِحُونَ ثُمَّ أَخْبَرَ عَنْ هَذِهِ اَلْأُمَّةِ، وَ مِمَّنْ هِيَ، وَ أَنَّهَا مِنْ ذُرِّيَّةِ 24إِبْرَاهِيمَ وَ ذُرِّيَّةِ 26إِسْمَاعِيلَ مِنْ سُكَّانِ اَلْحَرَمِ ، مِمَّنْ لَمْ يَعْبُدُوا غَيْرَ اَللَّهِ قَطُّ، اَلَّذِينَ وَجَبَتْ لَهُمُ اَلدَّعْوَةُ دَعْوَةُ 24إِبْرَاهِيمَ وَ 26إِسْمَاعِيلُ ، مِنْ أَهْلِ اَلْمَسْجِدِ، اَلَّذِينَ أَخْبَرَ عَنْهُمْ فِي كِتَابِهِ أَنَّهُ أَذْهَبَ عَنْهُمُ اَلرِّجْسَ وَ طَهَّرَهُمْ تَطْهِيراً، اَلَّذِينَ وَصَفْنَاهُمْ قَبْلَ هَذَا فِي صِفَةِ أُمَّةِ 24إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) ، اَلَّذِينَ عَنَاهُمُ اَللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ: أَدْعُوا إِلَى اَللّٰهِ عَلىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَ مَنِ اِتَّبَعَنِي يَعْنِي أَوَّلَ مَنِ اِتَّبَعَهُ عَلَى اَلْإِيمَانِ بِهِ وَ اَلتَّصْدِيقِ لَهُ فِيمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنَ اَلْأُمَّةِ اَلَّتِي بُعِثَ فِيهَا وَ مِنْهَا وَ إِلَيْهَا قَبْلَ اَلْخَلْقِ، مِمَّنْ لَمْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ قَطُّ، وَ لَمْ يَلْبِسْ إِيمَانَهُ بِظُلْمٍ وَ هُوَ اَلشِّرْكُ. ثُمَّ ذَكَرَ أَتْبَاعَ نَبِيِّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ أَتْبَاعَ هَذِهِ اَلْأُمَّةِ اَلَّتِي وَصَفَهَا فِي كِتَابِهِ بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَ اَلنَّهْيِ عَنِ اَلْمُنْكَرِ، وَ جَعَلَهَا دَاعِيَةً إِلَيْهِ، وَ أَذِنَ لَهَا فِي اَلدُّعَاءِ إِلَيْهِ، فَقَالَ: يٰا أَيُّهَا اَلنَّبِيُّ حَسْبُكَ اَللّٰهُ وَ مَنِ اِتَّبَعَكَ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ . ثُمَّ وَصَفَ أَتْبَاعَ نَبِيِّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اَللّٰهِ وَ اَلَّذِينَ مَعَهُ أَشِدّٰاءُ عَلَى اَلْكُفّٰارِ رُحَمٰاءُ بَيْنَهُمْ تَرٰاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اَللّٰهِ وَ رِضْوٰاناً سِيمٰاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ اَلسُّجُودِ ذٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي اَلتَّوْرٰاةِ وَ مَثَلُهُمْ فِي اَلْإِنْجِيلِ وَ قَالَ: يَوْمَ لاٰ يُخْزِي اَللّٰهُ اَلنَّبِيَّ وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمٰانِهِمْ يَعْنِي أُولَئِكَ اَلْمُؤْمِنِينَ. وَ قَالَ: قَدْ أَفْلَحَ اَلْمُؤْمِنُونَ . ثُمَّ حَلاَّهُمْ وَ وَصَفَهُمْ كَيْلاَ يَطْمَعَ فِي اَللِّحَاقِ بِهِمْ إِلاَّ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ، فَقَالَ فِيمَا حَلاَّهُمْ بِهِ وَ وَصَفَهُمْ: اَلَّذِينَ هُمْ فِي صَلاٰتِهِمْ خٰاشِعُونَ*`وَ اَلَّذِينَ هُمْ عَنِ اَللَّغْوِ مُعْرِضُونَ إِلَى قَوْلِهِ: أُولٰئِكَ هُمُ اَلْوٰارِثُونَ*`اَلَّذِينَ يَرِثُونَ اَلْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهٰا خٰالِدُونَ وَ قَالَ فِي صِفَتِهِمْ وَ حِلْيَتِهِمْ أَيْضاً: وَ اَلَّذِينَ لاٰ يَدْعُونَ مَعَ اَللّٰهِ إِلٰهاً آخَرَ وَ لاٰ يَقْتُلُونَ اَلنَّفْسَ اَلَّتِي حَرَّمَ اَللّٰهُ إِلاّٰ بِالْحَقِّ وَ لاٰ يَزْنُونَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذٰلِكَ يَلْقَ أَثٰاماً*`يُضٰاعَفْ لَهُ اَلْعَذٰابُ يَوْمَ اَلْقِيٰامَةِ وَ يَخْلُدْ فِيهِ مُهٰاناً ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ اِشْتَرَى مِنْ هَؤُلاَءِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ مَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ صِفَتِهِمْ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوٰالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ اَلْجَنَّةَ يُقٰاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اَللّٰهِ فَيَقْتُلُونَ وَ يُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي اَلتَّوْرٰاةِ وَ اَلْإِنْجِيلِ وَ اَلْقُرْآنِ ثُمَّ ذَكَرَ وَفَاءَهُمْ لَهُ بِعَهْدِهِ وَ مِيثَاقِهِ وَ مُبَايَعَتِهِ، فَقَالَ: وَ مَنْ أَوْفىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اَللّٰهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ اَلَّذِي بٰايَعْتُمْ بِهِ وَ ذٰلِكَ هُوَ اَلْفَوْزُ اَلْعَظِيمُ . فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ اَلْآيَةُ إِنَّ اَللّٰهَ اِشْتَرىٰ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوٰالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ اَلْجَنَّةَ قَامَ رَجُلٌ إِلَى اَلنَّبِيِّ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اَللَّهِ ، أَ رَأَيْتَكَ اَلرَّجُلُ يَأْخُذُ سَيْفَهُ فَيُقَاتِلُ حَتَّى يُقْتَلَ إِلاَّ أَنَّهُ يَقْتَرِفُ مِنْ هَذِهِ اَلْمَحَارِمِ، أَ شَهِيدٌ هُوَ؟ فَأَنْزَلَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى رَسُولِهِ اَلتّٰائِبُونَ اَلْعٰابِدُونَ اَلْحٰامِدُونَ اَلسّٰائِحُونَ اَلرّٰاكِعُونَ اَلسّٰاجِدُونَ اَلْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ اَلنّٰاهُونَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ وَ اَلْحٰافِظُونَ لِحُدُودِ اَللّٰهِ وَ بَشِّرِ اَلْمُؤْمِنِينَ فَفَسَّرَ اَلنَّبِيُّ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) اَلْمُجَاهِدِينَ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ اَلَّذِينَ هَذِهِ صِفَتُهُمْ وَ حِلْيَتُهُمْ بِالشَّهَادَةِ وَ اَلْجَنَّةِ، وَ قَالَ: اَلتَّائِبُونَ مِنَ اَلذُّنُوبِ، اَلْعَابِدُونَ اَلَّذِينَ لاَ يَعْبُدُونَ إِلاَّ اَللَّهَ، وَ لاَ يُشْرِكُونَ بِهِ شَيْئاً، اَلْحَامِدُونَ اَلَّذِينَ يَحْمَدُونَ اَللَّهَ عَلَى كُلِّ حَالٍ فِي اَلشِّدَّةِ وَ اَلرَّخَاءِ، اَلسَّائِحُونَ وَ هُمُ اَلصَّائِمُونَ، اَلرَّاكِعُونَ اَلسَّاجِدُونَ اَلَّذِينَ يُوَاظِبُونَ عَلَى اَلصَّلَوَاتِ اَلْخَمْسِ، وَ اَلْحَافِظُونَ لَهَا وَ اَلْمُحَافِظُونَ عَلَيْهَا بِرُكُوعِهَا وَ سُجُودِهَا وَ فِي اَلْخُشُوعِ فِيهَا وَ فِي أَوْقَاتِهَا، اَلْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ بَعْدَ ذَلِكَ وَ اَلْعَامِلُونَ بِهِ، وَ اَلنَّاهُونَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ وَ اَلْمُنْتَهُونَ عَنْهُ. قَالَ: فَبَشِّرْ مَنْ قُتِلَ وَ هُوَ قَائِمٌ بِهَذِهِ اَلشُّرُوطِ بِالشَّهَادَةِ وَ اَلْجَنَّةِ ، ثُمَّ أَخْبَرَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ بِالْقِتَالِ إِلاَّ أَصْحَابَ هَذِهِ اَلشُّرُوطِ، فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَّ: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقٰاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اَللّٰهَ عَلىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ*`اَلَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيٰارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاّٰ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اَللّٰهُ وَ ذَلِكَ أَنَّ جَمِيعَ مَا بَيْنَ اَلسَّمَاءِ وَ اَلْأَرْضِ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِأَتْبَاعِهِمَا مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ اَلصِّفَةِ، فَمَا كَانَ مِنَ اَلدُّنْيَا فِي أَيْدِي اَلْمُشْرِكِينَ وَ اَلْكُفَّارِ وَ اَلظَّلَمَةِ وَ اَلْفُجَّارِ مِنْ أَهْلِ اَلْخِلاَفِ لِرَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ اَلْمُوَلِّي عَنْ طَاعَتِهِمَا، مِمَّا كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ ظَلَمُوا فِيهِ اَلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ اَلصِّفَاتِ، وَ غَلَبُوهُمْ عَلَيْهِ مِمَّا أَفَاءَ اَللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ، فَهُوَ حَقُّهُمْ أَفَاءَ اَللَّهُ عَلَيْهِمْ وَ رَدَّهُ إِلَيْهِمْ. وَ إِنَّمَا مَعْنَى اَلْفَيْءِ كُلُّ مَا صَارَ إِلَى اَلْمُشْرِكِينَ ثُمَّ رَجَعَ مِمَّا كَانَ قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ أَوْ فِيهِ، فَمَا رَجَعَ إِلَى مَكَانِهِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ فَقَدْ فَاءَ، مِثْلُ قَوْلِ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسٰائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فٰاؤُ فَإِنَّ اَللّٰهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ أَيْ رَجَعُوا، ثُمَّ قَالَ: وَ إِنْ عَزَمُوا اَلطَّلاٰقَ فَإِنَّ اَللّٰهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ وَ قَالَ: وَ إِنْ طٰائِفَتٰانِ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ اِقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمٰا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدٰاهُمٰا عَلَى اَلْأُخْرىٰ فَقٰاتِلُوا اَلَّتِي تَبْغِي حَتّٰى تَفِيءَ إِلىٰ أَمْرِ اَللّٰهِ أَيْ تَرْجِعَ فَإِنْ فٰاءَتْ أَيْ رَجَعَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمٰا بِالْعَدْلِ وَ أَقْسِطُوا إِنَّ اَللّٰهَ يُحِبُّ اَلْمُقْسِطِينَ يَعْنِي بِقَوْلِهِ: تَفِيءَ أَيْ تَرْجِعَ، فَذَلِكَ اَلدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ اَلْفَيْءَ كُلُّ رَاجِعٍ إِلَى مَكَانٍ قَدْ كَانَ عَلَيْهِ أَوْ فِيهِ، يُقَالُ لِلشَّمْسِ إِذَا زَالَتْ: قَدْ فَاءَتْ، حِينَ يَفِيءُ اَلْفَيْءُ عِنْدَ رُجُوعِ اَلشَّمْسِ إِلَى زَوَالِهَا، وَ كَذَلِكَ مَا أَفَاءَ اَللَّهُ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ مِنَ اَلْكُفَّارِ، فَإِنَّمَا هِيَ حُقُوقُ اَلْمُؤْمِنِينَ رَجَعَتْ إِلَيْهِمْ بَعْدَ ظُلْمِ اَلْكُفَّارِ إِيَّاهُمْ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقٰاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا مَا كَانَ اَلْمُؤْمِنُونَ أَحَقَّ بِهِ مِنْهُمْ. وَ إِنَّمَا أُذِنَ لِلْمُؤْمِنِينَ اَلَّذِينَ قَامُوا بِشَرَائِطِ اَلْإِيمَانِ اَلَّتِي وَصَفْنَاهَا، وَ ذَلِكَ أَنَّهُ لاَ يَكُونُ مَأْذُوناً لَهُ فِي اَلْقِتَالِ حَتَّى يَكُونَ مَظْلُوماً، وَ لاَ يَكُونُ مَظْلُوماً حَتَّى يَكُونَ مُؤْمِناً، وَ لاَ يَكُونُ مُؤْمِناً حَتَّى يَكُونَ قَائِماً بِشَرَائِطِ اَلْإِيمَانِ اَلَّتِي اِشْتَرَطَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْمُجَاهِدِينَ. فَإِذَا تَكَامَلَتْ فِيهِ شَرَائِطُ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ كَانَ مُؤْمِناً، وَ إِذَا كَانَ مُؤْمِناً كَانَ مَظْلُوماً، وَ إِذَا كَانَ مَظْلُوماً كَانَ مَأْذُوناً لَهُ فِي اَلْجِهَادِ، لِقَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقٰاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اَللّٰهَ عَلىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَكْمِلاً لِشَرَائِطِ اَلْإِيمَانِ فَهُوَ ظَالِمٌ، مِمَّنْ يَنْبَغِي وَ يَجِبُ جِهَادُهُ حَتَّى يَتُوبَ إِلَى اَللَّهِ، وَ لَيْسَ مِثْلُهُ مَأْذُوناً لَهُ فِي اَلْجِهَادِ وَ اَلدُّعَاءِ إِلَى اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ اَلْمَظْلُومِينَ اَلَّذِينَ أُذِنَ لَهُمْ فِي اَلْقُرْآنِ فِي اَلْقِتَالِ. فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ اَلْآيَةُ: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقٰاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا فِي اَلْمُهَاجِرِينَ اَلَّذِينَ أَخْرَجَهُمْ أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ دِيَارِهِمْ وَ أَمْوَالِهِمْ، أُحِلَّ لَهُمْ جِهَادُهُمْ بِظُلْمِهِمْ إِيَّاهُمْ، وَ أُذِنَ لَهُمْ فِي اَلْقِتَالِ». فَقُلْتُ: فَهَذِهِ نَزَلَتْ فِي اَلْمُهَاجِرِينَ ، بِظُلْمِ مُشْرِكِي أَهْلِ مَكَّةَ لَهُمْ، فَمَا بَالُهُمْ فِي قِتَالِهِمْ كِسْرَى وَ قَيْصَرَ وَ مَنْ دُونَهُمْ مِنْ مُشْرِكِي قَبَائِلِ اَلْعَرَبِ ؟ فَقَالَ: «لَوْ كَانَ إِنَّمَا أُذِنَ لَهُمْ فِي قِتَالِ مَنْ ظَلَمَهُمْ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ فَقَطْ، لَمْ يَكُنْ لَهُمْ إِلَى قِتَالِ كِسْرَى وَ قَيْصَرَ وَ غَيْرِ أَهْلِ مَكَّةَ مِنْ قَبَائِلِ اَلْعَرَبِ سَبِيلٌ، لِأَنَّ اَلَّذِينَ ظَلَمُوهُمْ غَيْرُهُمْ، وَ إِنَّمَا أُذِنَ لَهُمْ فِي قِتَالِ مَنْ ظَلَمَهُمْ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ ، لِإِخْرَاجِهِمْ إِيَّاهُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ وَ أَمْوَالِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَ لَوْ كَانَتِ اَلْآيَةُ إِنَّمَا عَنَتِ اَلْمُهَاجِرِينَ اَلَّذِينَ ظَلَمَهُمْ أَهْلُ مَكَّةَ ، كَانَتِ اَلْآيَةُ مُرْتَفِعَةَ اَلْفَرْضِ عَمَّنْ بَعْدَهُمْ، إِذْ لَمْ يَبْقَ مِنَ اَلظَّالِمِينَ وَ اَلْمَظْلُومِينَ أَحَدٌ، وَ كَانَ فَرْضُهَا مَرْفُوعاً عَنِ اَلنَّاسِ بَعْدَهُمْ إِذْ لَمْ يَبْقَ مِنَ اَلظَّالِمِينَ وَ اَلْمَظْلُومِينَ أَحَدٌ. وَ لَيْسَ كَمَا ظَنَنْتَ، وَ لاَ كَمَا ذَكَرْتَ، وَ لَكِنَّ اَلْمُهَاجِرِينَ ظُلِمُوا مِنْ جِهَتَيْنِ: ظَلَمَهُمْ أَهْلُ مَكَّةَ بِإِخْرَاجِهِمْ مِنْ دِيَارِهِمْ وَ أَمْوَالِهِمْ، فَقَاتَلُوهُمْ بِإِذْنِ اَللَّهِ لَهُمْ فِي ذَلِكَ، وَ ظَلَمَهُمْ كِسْرَى وَ قَيْصَرُ وَ مَنْ كَانَ دُونَهُمْ مِنْ قَبَائِلِ اَلْعَرَبِ وَ اَلْعَجَمِ بِمَا كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ مِمَّا كَانَ اَلْمُؤْمِنُونَ أَحَقَّ بِهِ دُونَهُمْ ، فَقَدْ قَاتَلُوهُمْ بِإِذْنِ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُمْ فِي ذَلِكَ، وَ بِحُجَّةِ هَذِهِ اَلْآيَةِ يُقَاتِلُ مُؤْمِنُو كُلِّ زَمَانٍ. وَ إِنَّمَا أَذِنَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِلْمُؤْمِنِينَ، اَلَّذِينَ قَامُوا بِمَا وَصَفَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنَ اَلشَّرَائِطِ اَلَّتِي شَرَطَهَا اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ فِي اَلْإِيمَانِ وَ اَلْجِهَادِ، وَ مَنْ كَانَ قَائِماً بِتِلْكَ اَلشَّرَائِطِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَ هُوَ مَظْلُومٌ، وَ مَأْذُونٌ لَهُ فِي اَلْجِهَادِ بِذَلِكَ اَلْمَعْنَى. وَ مَنْ كَانَ عَلَى خِلاَفِ ذَلِكَ فَهُوَ ظَالِمٌ، وَ لَيْسَ مِنَ اَلْمَظْلُومِينَ، وَ لَيْسَ بِمَأْذُونٍ لَهُ فِي اَلْقِتَالِ، وَ لاَ بِالنَّهْيِ عَنِ اَلْمُنْكَرِ، وَ اَلْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ، وَ لاَ مَأْذُونٌ لَهُ فِي اَلدُّعَاءِ إِلَى اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، لِأَنَّهُ لَيْسَ يُجَاهِدُ مِثْلُهُ وَ أُمِرَ بِدُعَائِهِ إِلَى اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ لاَ يَكُونُ مُجَاهِداً مَنْ قَدْ أُمِرَ اَلْمُؤْمِنُونَ بِجِهَادِهِ، وَ حَظَرَ اَلْجِهَادَ عَلَيْهِ وَ مَنَعَهُ مِنْهُ، وَ لاَ يَكُونُ دَاعِياً إِلَى اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَنْ أُمِرَ بِدُعَاءِ مِثْلِهِ إِلَى اَلتَّوْبَةِ وَ اَلْحَقِّ وَ اَلْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَ اَلنَّهْيِ عَنِ اَلْمُنْكَرِ، وَ لاَ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ مَنْ قَدْ أُمِرَ أَنْ يُؤْمَرَ بِهِ، وَ لاَ يَنْهَى عَنِ اَلْمُنْكَرِ مَنْ قَدْ أُمِرَ أَنْ يُنْهَى عَنْهُ. فَمَنْ كَانَ قَدْ تَمَّتْ فِيهِ شَرَائِطُ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ اَلَّتِي وَصَفَ اَللَّهُ بِهَا أَهْلَهَا مِنْ أَصْحَابِ اَلنَّبِيِّ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ هُوَ مَظْلُومٌ، فَهُوَ مَأْذُونٌ لَهُ فِي اَلْجِهَادِ، كَمَا أُذِنَ لَهُمْ فِي اَلْجِهَادِ بِذَلِكَ اَلْمَعْنَى، لِأَنَّ حُكْمَ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي اَلْأَوَّلِينَ وَ اَلْآخِرِينَ وَ فَرَائِضَهُ عَلَيْهِمْ سَوَاءٌ، إِلاَّ مِنْ عِلَّةٍ أَوْ حَادِثٍ يَكُونُ، وَ اَلْأَوَّلُونَ وَ اَلْآخِرُونَ أَيْضاً فِي مَنْعِ اَلْحَوَادِثِ شُرَكَاءُ، وَ اَلْفَرَائِضُ عَلَيْهِمْ وَاحِدَةٌ، يُسْأَلُ اَلْآخِرُونَ عَنْ أَدَاءِ اَلْفَرَائِضِ كَمَا يُسْأَلُ عَنْهُ اَلْأَوَّلُونَ، وَ يُحَاسَبُونَ عَمَّا بِهِ يُحَاسَبُونَ، وَ مَنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى صِفَةِ مَنْ أَذِنَ اَللَّهُ لَهُ فِي اَلْجِهَادِ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ، فَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ اَلْجِهَادِ، وَ لَيْسَ بِمَأْذُونٍ لَهُ فِيهِ حَتَّى يَفِيءَ بِمَا شَرَطَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِ، فَإِذَا تَكَامَلَتْ فِيهِ شَرَائِطُ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْمُجَاهِدِينَ فَهُوَ مِنَ اَلْمَأْذُونِينَ لَهُمْ فِي اَلْجِهَادِ. فَلْيَتَّقِ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ عَبْدٌ وَ لاَ يَغْتَرَّ بِالْأَمَانِيِّ اَلَّتِي نَهَى اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْهَا مِنْ هَذِهِ اَلْأَحَادِيثِ اَلْكَاذِبَةِ عَلَى اَللَّهِ اَلَّتِي يُكَذِّبُهَا اَلْقُرْآنُ ، وَ يَتَبَرَّأُ مِنْهَا وَ مِنْ حَمَلَتِهَا وَ رُوَاتِهَا، وَ لاَ يَقْدَمْ عَلَى اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِشُبْهَةٍ لاَ يُعْذَرُ بِهَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ وَرَاءَ اَلْمُتَعَرِّضِ لِلْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ مَنْزِلَةٌ يُؤْتَى اَللَّهُ مِنْ قِبَلِهَا وَ هِيَ غَايَةُ اَلْأَعْمَالِ فِي عِظَمِ قَدْرِهَا. فَلْيَحْكُمِ اِمْرُؤٌ لِنَفْسِهِ وَ لْيُرِهَا كِتَابَ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ لاَ أَحَدَ أَعْرَفُ بِالْمَرْءِ مِنْ نَفْسِهِ، فَإِنْ وَجَدَهَا قَائِمَةً بِمَا شَرَطَ اَللَّهُ عَلَيْهِ فِي اَلْجِهَادِ فَلْيُقْدِمْ عَلَى اَلْجِهَادِ، وَ إِنْ عَلِمَ تَقْصِيراً فَلْيُصْلِحْهَا، وَ لْيُقِمْهَا عَلَى مَا فَرَضَ اَللَّهُ عَلَيْهَا مِنَ اَلْجِهَادِ، ثُمَّ لْيُقْدِمْ بِهَا وَ هِيَ طَاهِرَةٌ مُطَهَّرَةٌ مِنْ كُلِّ دَنَسٍ يَحُولُ بَيْنَهَا وَ بَيْنَ جِهَادِهَا. وَ لَسْنَا نَقُولُ لِمَنْ أَرَادَ اَلْجِهَادَ وَ هُوَ عَلَى خِلاَفِ مَا وَصَفْنَا مِنْ شَرَائِطِ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْمُجَاهِدِينَ: لاَ تُجَاهِدُوا. وَ لَكِنْ نَقُولُ: قَدْ عَلَّمْنَاكُمْ مَا شَرَطَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى أَهْلِ اَلْجِهَادِ اَلَّذِينَ بَايَعَهُمْ وَ اِشْتَرَى مِنْهُمْ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوَالَهُمْ بِالْجِنَانِ . فَلْيُصْلِحِ اِمْرُؤٌ مَا عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ مِنْ تَقْصِيرٍ عَنْ ذَلِكَ، وَ لْيَعْرِضْهَا عَلَى شَرَائِطِ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، فَإِنْ رَأَى أَنَّهُ قَدْ وَفَى بِهَا وَ تَكَامَلَتْ فِيهِ، فَإِنَّهُ مِمَّنْ أَذِنَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ فِي اَلْجِهَادِ، وَ إِنْ أَبَى إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مُجَاهِداً عَلَى مَا فِيهِ مِنَ اَلْإِصْرَارِ عَلَى اَلْمَعَاصِي وَ اَلْمَحَارِمِ وَ اَلْإِقْدَامِ عَلَى اَلْجِهَادِ بِالتَّخْبِيطِ وَ اَلْعَمَى، وَ اَلْقُدُومِ عَلَى اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِالْجَهْلِ وَ اَلرِّوَايَاتِ اَلْكَاذِبَةِ، فَلَقَدْ لَعَمْرِي جَاءَ اَلْأَثَرُ فِيمَنْ فَعَلَ هَذَا اَلْفِعْلَ. أَنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَنْصُرُ هَذَا اَلدِّينَ بِأَقْوَامٍ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ. فَلْيَتَّقِ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ اِمْرُؤٌ، وَ لْيَحْذَرْ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ، فَقَدْ بَيَّنَ لَكُمْ وَ لاَ عُذْرَ لَكُمْ بَعْدَ اَلْبَيَانِ فِي اَلْجَهْلِ، وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ، وَ حَسْبُنَا اَللَّهُ عَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا وَ إِلَيْهِ اَلْمَصِيرُ».
54754 / _3 وَ عَنْهُ : عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ اَلْحَكَمِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) قَالَ: تَلَوْتُ: «اَلتَّائِبُونَ اَلْعَابِدُونَ» فَقَالَ: «لاَ، اِقْرَأْ: اَلتَّائِبِينَ اَلْعَابِدِينَ، إِلَى آخِرِهَا». فَسُئِلَ عَنِ اَلْعِلَّةِ فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ: «اِشْتَرَى مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ اَلتَّائِبِينَ اَلْعَابِدِينَ».
64755 / _4 وَ عَنْهُ : عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى ، عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) قَالَ: «مَنْ أَخَذَ سَارِقاً فَعَفَا عَنْهُ فَذَلِكَ لَهُ، فَإِنْ رَفَعَهُ إِلَى اَلْإِمَامِ قَطَعَهُ، فَإِنْ قَالَ لَهُ اَلَّذِي سَرَقَ لَهُ : أَنَا أَهَبُ لَهُ. لَمْ يَدَعْهُ اَلْإِمَامُ حَتَّى يَقْطَعَهُ إِذَا رُفِعَ إِلَيْهِ، وَ إِنَّمَا اَلْهِبَةُ قَبْلَ اَلتَّرَافُعِ إِلَى اَلْإِمَامِ، وَ ذَلِكَ قَوْلُ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ اَلْحٰافِظُونَ لِحُدُودِ اَللّٰهِ فَإِنِ اِنْتَهَى اَلْحَدُّ إِلَى اَلْإِمَامِ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَتْرُكَهُ».
54757 / _6 وَ عَنْهُ : عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي اَلْخَطَّابِ ، عَنْ وُهَيْبِ بْنِ حَفْصٍ اَلنَّخَّاسِ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) عَنْ قَوْلِ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنَّ اَللّٰهَ اِشْتَرىٰ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوٰالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ اَلْجَنَّةَ يُقٰاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اَللّٰهِ فَيَقْتُلُونَ وَ يُقْتَلُونَ إِلَى آخِرِ اَلْآيَةِ. فَقَالَ: «ذَلِكَ فِي اَلْمِيثَاقِ». ثُمَّ قَرَأْتُ: اَلتّٰائِبُونَ اَلْعٰابِدُونَ اَلْحٰامِدُونَ إِلَى آخِرِ اَلْآيَةِ [فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : «لاَ تَقْرَأْ هَكَذَا، وَ لَكِنِ اِقْرَأْ: اَلتَّائِبِينَ اَلْعَابِدِينَ، إِلَى آخِرِ اَلْآيَةِ]. ثُمَّ قَالَ: «إِذَا رَأَيْتَ هَؤُلاَءِ فَعِنْدَ ذَلِكَ هُمُ اَلَّذِينَ يَشْتَرِي مِنْهُمْ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوَالَهُمْ» يَعْنِي فِي اَلرَّجْعَةِ .
54760 / _9 عَنْ أَبِي بَصِيرٍ ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اَللَّهِ: إِنَّ اَللّٰهَ اِشْتَرىٰ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوٰالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ اَلْجَنَّةَ اَلْآيَةَ. قَالَ: «يَعْنِي فِي اَلْمِيثَاقِ». قَالَ: ثُمَّ قَرَأْتُ عَلَيْهِ اَلتّٰائِبُونَ اَلْعٰابِدُونَ . فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : «لاَ، وَ لَكِنْ اِقْرَأْهَا: اَلتَّائِبِينَ اَلْعَابِدِينَ، إِلَى آخِرِ اَلْآيَةِ» وَ قَالَ: «إِذَا رَأَيْتَ هَؤُلاَءِ فَعِنْدَ ذَلِكَ هَؤُلاَءِ اِشْتَرَى مِنْهُمْ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوَالَهُمْ» يَعْنِي فِي اَلرَّجْعَةِ.
164762 / _11 صباح بن سيابة، في قول اللّه: إِنَّ اَللّٰهَ اِشْتَرىٰ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوٰالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ اَلْجَنَّةَ ، قال: ثم وصفهم، فقال: اَلتّٰائِبُونَ اَلْعٰابِدُونَ اَلْحٰامِدُونَ الآية، قال: هم الأئمة (عليهم السلام).
64765 / _14 عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَخَذَ سَارِقاً فَعَفَا عَنْهُ فَذَلِكَ لَهُ، فَإِذَا رُفِعَ إِلَى اَلْإِمَامِ قَطَعَهُ، وَ إِنَّمَا اَلْهِبَةُ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ إِلَى اَلْإِمَامِ، وَ كَذَلِكَ قَوْلُ اَللَّهِ: وَ اَلْحٰافِظُونَ لِحُدُودِ اَللّٰهِ فَإِذَا اِنْتَهَى اَلْحَدُّ إِلَى اَلْإِمَامِ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَتْرُكَهُ».
و أخرج ابن أبى حاتم و أبو الشيخ عن الضحاك في قوله اَلتّٰائِبُونَ قال من الشرك و الذنوب اَلْعٰابِدُونَ قال العابدون لله عز و جل
و أخرج ابن جرير و ابن المنذر و ابن أبى حاتم و ابو الشيخ عن قتادة في قوله اَلتّٰائِبُونَ قال الذين تابوا من الشرك و لم ينافقوا في الإسلام اَلْعٰابِدُونَ قال قوم أخذوا من أبدانهم في ليلهم و نهارهم اَلْحٰامِدُونَ قال قوم يحمدون الله على كل حال اَلسّٰائِحُونَ قال قوم أخذوا من أبدانهم صوما لله عز و جل و اَلْحٰافِظُونَ لِحُدُودِ اَللّٰهِ قال لفرائضه من حلاله و حرامه
أخرج ابن أبى شيبة و ابن المنذر عن ابن عباس قال من مات على هذه التسع فهو في سبيل الله اَلتّٰائِبُونَ اَلْعٰابِدُونَ إلى آخر الآية
و أخرج ابن المنذر و أبو الشيخ عن ابن عباس قال الشهيد من كان فيه التسع خصال اَلتّٰائِبُونَ اَلْعٰابِدُونَ إلى قوله وَ بَشِّرِ اَلْمُؤْمِنِينَ
و أخرج ابن أبى شيبة و ابن جرير و ابن المنذر و ابن أبى حاتم و أبو الشيخ عن الحسن في قوله اَلتّٰائِبُونَ قال تابوا من الشرك و برئوا من النفاق و في قوله اَلْعٰابِدُونَ قال عبدوا الله في احايينهم كلها أما و الله ما هو بشهر و لا شهرين و لا سنة و لا سنتين و لكن كما قال العبد الصالح وَ أَوْصٰانِي بِالصَّلاٰةِ وَ اَلزَّكٰاةِ مٰا دُمْتُ حَيًّا في قوله اَلْحٰامِدُونَ قال يحمدون الله على كل حال في السراء و الضراء و في قوله اَلرّٰاكِعُونَ اَلسّٰاجِدُونَ قال في الصلوات المفروضات و في قوله اَلْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ اَلنّٰاهُونَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ قال لم يأمروا بالمعروف حتى ائتمروا به و لم ينهوا الناس عن المنكر حتى انتهوا عنه و في قوله وَ اَلْحٰافِظُونَ لِحُدُودِ اَللّٰهِ قال القائمون بأمر الله عز و جل وَ بَشِّرِ اَلْمُؤْمِنِينَ قال الذين لم يغزوا
14و أخرج الفريابي و مسدد في مسنده و ابن جرير و البيهقي في شعب الايمان من طريق عبيد بن عمير عن أبى هريرة قال سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن السائحين فقال هم الصائمون
14و أخرج ابن جرير و أبو الشيخ و ابن مردويه و ابن النجار من طريق أبى صالح عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم السائحون فقال لصائمون
14و أخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن السائحين فقال الصائمون
و أخرج ابن جرير و ابن المنذر عن مجاهد في قوله اَلسّٰائِحُونَ قال هم الصائمون و أخرج أبو نعيم في الحلية عن الحسن مثله
14و أخرج أبو الشيخ و ابن مردويه و البيهقي في شعب الايمان عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم أول من يدعى إلى الجنة اَلْحٰامِدُونَ الذين يحمدون الله على السراء و الضراء
و أخرج ابن المبارك عن سعيد بن جبير قال ان أول من يدعى إلى الجنة الذين يحمدون الله على كل حال أو قال في السراء و الضراء
14و أخرج البيهقي في الشعب عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا أتاه الامر يسره قال الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات و إذا أتاه الامر يكرهه قال الحمد لله على كل حال
14و أخرج ابن جرير عن عبيد بن عمير رضى الله عنه قال سئل النبي صلى الله عليه و سلم عن السائحين قال هم الصائمون
و أخرج ابن جرير و ابن المنذر عن ابن عباس قال كلما ذكر الله في القرآن السياحة هم الصائمون
و أخرج ابن جرير و ابن المنذر و ابن أبى حاتم و الطبراني و أبو الشيخ عن ابن مسعود قال اَلسّٰائِحُونَ الصائمون
و أخرج ابن جرير عن عائشة قالت سياحة هذه الامة الصيام
و أخرج ابن المنذر عن سفيان بن عيينة قال انما سمى الصائم السائح لأنه تارك للذات الدنيا كلها من المطعم و المشرب و المنكح فهو تارك للدنيا بمنزلة السائح
و أخرج ابن أبى حاتم عن أبى فاختة مولى جعدة بن هبيرة ان عثمان بن مظعون أراد ان ينظر أ يستطيع السياحة قال و كانوا يعدون السياحة قيام الليل و صيام النهار
14و أخرج ابن أبى حاتم و الطبراني و الحاكم و البيهقي في شعب الايمان عن أبى امامة ان رجلا استاذن رسول الله صلى الله عليه و سلم في السياحة قال ان سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله