14,2,64665 / _3 اَلشَّيْخُ ، فِي ( مَجَالِسِهِ ): قَالَ: أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ ، عَنْ أَبِي اَلْمُفَضَّلِ ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو اَلْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ اَلْهَمْدَانِيِّ بِالْكُوفَةِ وَ سَأَلْتُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ اَلْمُفَضَّلِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ قَيْسٍ اَلْأَشْعَرِيُّ ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَسَّانَ اَلْوَاسِطِيُّ ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اَلرَّحْمَنِ بْنُ كَثِيرٍ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) ، قَالَ: «لَمَّا أَجْمَعَ اَلْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) عَلَى صُلْحِ مُعَاوِيَةَ خَرَجَ حَتَّى لَقِيَهُ، فَلَمَّا اِجْتَمَعَا قَامَ مُعَاوِيَةُ خَطِيباً، فَصَعِدَ اَلْمِنْبَرَ وَ أَمَرَ اَلْحَسَنَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) أَنْ يَقُومَ أَسْفَلَ مِنْهُ بِدَرَجَةٍ، ثُمَّ تَكَلَّمَ مُعَاوِيَةُ ، فَقَالَ: أَيُّهَا اَلنَّاسُ، هَذَا اَلْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ وَ اِبْنُ فَاطِمَةَ ، رَآنِي لِلْخِلاَفَةِ أَهْلاً، وَ لَمْ يَرَ نَفْسَهُ لَهَا أَهْلاً، وَ قَدْ أَتَانَا لِيُبَايِعَ طَوْعاً. ثُمَّ قَالَ: قُمْ، يَا حَسَنُ . فَقَامَ اَلْحَسَنُ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) فَخَطَبَ، فَقَالَ: اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلْمُسْتَحْمِدِ بِالْآلاَءِ وَ تَتَابُعِ اَلنَّعْمَاءِ وَ صَارِفِ اَلشَّدَائِدِ وَ اَلْبَلاَءِ، عِنْدَ اَلْفُهَمَاءِ وَ غَيْرِ اَلْفُهَمَاءِ، اَلْمُذْعِنِينَ مِنْ عِبَادِهِ لاِمْتِنَاعِهِ بِجَلاَلِهِ وَ كِبْرِيَائِهِ، وَ عُلُوِّهِ عَنْ لُحُوقِ اَلْأَوْهَامِ بِبَقَائِهِ، اَلْمُرْتَفِعِ عَنْ كُنْهِ ظِنَانَةِ اَلْمَخْلُوقِينَ مِنْ أَنْ تُحِيطَ بِمَكْنُونِ غَيْبِهِ رَوِيَّاتُ عُقُولِ الرَّاءِينَ. وَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَحْدَهُ فِي رُبُوبِيَّتِهِ وَ وُجُودِهِ وَ وَحْدَانِيَّتِهِ، صَمَداً لاَ شَرِيكَ لَهُ، فَرْداً لاَ ظَهِيرَ لَهُ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، اِصْطَفَاهُ وَ اِنْتَجَبَهُ وَ اِرْتَضَاهُ، وَ بَعَثَهُ دَاعِياً إِلَى اَلْحَقِّ وَ سِرَاجاً مُنِيراً، وَ لِلْعِبَادِ مِمَّا يَخَافُونَ نَذِيراً، وَ لِمَا يَأْمُلُونَ بَشِيراً، فَنَصَحَ لِلْأُمَّةِ وَ صَدَعَ بِالرِّسَالَةِ، وَ أَبَانَ لَهُمْ دَرَجَاتِ اَلْعُمَالَةِ ، شَهَادَةً عَلَيْهَا أمات أَمُوتُ وَ أُحْشَرُ، وَ بِهَا فِي اَلْآجِلَةِ أُقَرَّبُ وَ أخر أُحْبَرُ . وَ أَقُولُ مَعْشَرَ اَلْخَلاَئِقِ فَاسْمَعُوا، وَ لَكُمْ أَفْئِدَةٌ وَ أَسْمَاعٌ فَعُوا: إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ أَكْرَمَنَا اَللَّهُ بِالْإِسْلاَمِ ، وَ اِخْتَارَنَا وَ اِصْطَفَانَا وَ اِجْتَبَانَا، فَأَذْهَبَ عَنَّا اَلرِّجْسَ وَ طَهَّرَنَا تَطْهِيراً، وَ اَلرِّجْسُ هُوَ اَلشَّكُّ، فَلاَ نَشُكُّ فِي اَللَّهِ اَلْحَقِّ وَ دِينِهِ أَبَداً، وَ طَهَّرَنَا مِنْ كُلِّ أَفَنٍ وَ غَيَّةٍ ، مُخْلِصِينَ إِلَى 18آدَمَ نِعْمَةً مِنْهُ، لَمْ يَفْتَرِقِ اَلنَّاسُ قَطُّ فِرْقَتَيْنِ إِلاَّ جَعَلَنَا اَللَّهُ فِي خَيْرِهِمَا، فَأَدَّتِ اَلْأُمُورُ وَ أَفْضَتِ اَلدُّهُورُ إِلَى أَنْ بَعَثَ اَللَّهُ مُحَمَّداً (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِالنُّبُوَّةِ، وَ اِخْتَارَهُ لِلرِّسَالَةِ، وَ أَنْزَلَ عَلَيْهِ كِتَابَهُ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِالدُّعَاءِ إِلَى اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، فَكَانَ أَبِي (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) أَوَّلَ مَنِ اِسْتَجَابَ لِلَّهِ تَعَالَى وَ لِرَسُولِهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ أَوَّلَ مَنْ آمَنَ وَ صَدَّقَ اَللَّهَ وَ رَسُولَهُ . وَ قَدْ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ اَلْمُنْزَلِ عَلَى نَبِيِّهِ اَلْمُرْسَلِ: أَ فَمَنْ كٰانَ عَلىٰ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شٰاهِدٌ مِنْهُ فَرَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) اَلَّذِي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ، وَ أَبِي اَلَّذِي يَتْلُوهُ، وَ هُوَ شَاهِدٌ مِنْهُ. وَ قَدْ قَالَ لَهُ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) حِينَ أَمَرَهُ أَنْ يَسِيرَ إِلَى مَكَّةَ وَ اَلْمَوْسِمِ 9بِبَرَاءَةَ : سِرْ بِهَا يَا عَلِيُّ فَإِنِّي أُمِرْتُ أَنْ لاَ يَسِيرَ بِهَا إِلاَّ أَنَا أَوْ رَجُلٌ مِنِّي، وَ أَنْتَ هُوَ يَا عَلِيُّ . فَهُوَ مِنْ رَسُولِ اَللَّهِ ، وَ رَسُولُ اَللَّهِ مِنْهُ. وَ قَالَ لَهُ نَبِيُّ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) حِينَ قَضَى بَيْنَهُ وَ بَيْنَ أَخِيهِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ) وَ مَوْلاَهُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ فِي اِبْنَةِ حَمْزَةَ : أَمَّا أَنْتَ يَا عَلِيُّ فَمِنِّي وَ أَنَا مِنْكَ، وَ أَنْتَ وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِي. فَصَدَّقَ أَبِي رَسُولَ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) سَابِقاً وَ وَقَاهُ بِنَفْسِهِ. ثُمَّ لَمْ يَزَلْ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي كُلِّ مَوْطِنٍ يُقَدِّمُهُ، وَ لِكُلِّ شَدِيدَةٍ يُرْسِلُهُ، ثِقَةً مِنْهُ بِهِ، وَ طُمَأْنِينَةً إِلَيْهِ، لِعِلْمِهِ بِنَصِيحَتِهِ لِلَّهِ [وَ رَسُولِهِ وَ أَنَّهُ أَقْرَبُ اَلْمُقَرَّبِينَ مِنَ اَللَّهِ وَ رَسُولِهِ ، وَ قَدْ قَالَ اَللَّهُ] عَزَّ وَ جَلَّ: وَ اَلسّٰابِقُونَ اَلسّٰابِقُونَ *`أُولٰئِكَ اَلْمُقَرَّبُونَ فَكَانَ أَبِي سَابِقَ اَلسَّابِقِينَ إِلَى اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِلَى رَسُولِهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ أَقْرَبَ اَلْأَقْرَبِينَ، وَ قَدْ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: لاٰ يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ اَلْفَتْحِ وَ قٰاتَلَ أُولٰئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً فَأَبِي كَانَ أَوَّلَهُمْ إِسْلاَماً وَ إِيمَاناً، وَ أَوَّلَهُمْ إِلَى اَللَّهِ وَ رَسُولِهِ هِجْرَةً، وَ لُحُوقاً، وَ أَوَّلَهُمْ عَلَى وُجْدِهِ وَ وُسْعِهِ نَفَقَةً. قَالَ سُبْحَانَهُ: وَ اَلَّذِينَ جٰاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اِغْفِرْ لَنٰا وَ لِإِخْوٰانِنَا اَلَّذِينَ سَبَقُونٰا بِالْإِيمٰانِ وَ لاٰ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنٰا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنٰا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ فَالنَّاسُ مِنْ جَمِيعِ اَلْأُمَمِ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ لِسَبْقِهِ إِيَّاهُمْ إِلَى اَلْإِيمَانِ بِنَبِيِّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْهُ إِلَى اَلْإِيمَانِ أَحَدٌ. وَ قَدْ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: وَ اَلسّٰابِقُونَ اَلْأَوَّلُونَ مِنَ اَلْمُهٰاجِرِينَ وَ اَلْأَنْصٰارِ وَ اَلَّذِينَ اِتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسٰانٍ رَضِيَ اَللّٰهُ عَنْهُمْ فَهُوَ سَابِقٌ جَمِيعَ اَلسَّابِقِينَ، فَكَمَا أَنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَضَّلَ اَلسَّابِقِينَ عَلَى اَلْمُتَخَلِّفِينَ وَ اَلْمُتَأَخِّرِينَ، فَكَذَلِكَ فَضَّلَ أَسْبَقَ اَلسَّابِقِينَ عَلَى اَلسَّابِقِينَ. وَ قَدْ قَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: أَ جَعَلْتُمْ سِقٰايَةَ اَلْحٰاجِّ وَ عِمٰارَةَ اَلْمَسْجِدِ اَلْحَرٰامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّٰهِ وَ اَلْيَوْمِ اَلْآخِرِ فَهُوَ اَلْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ حَقّاً، وَ فِيهِ نَزَلَتْ هَذِهِ اَلْآيَةُ. وَ كَانَ مِمَّنِ اِسْتَجَابَ لِرَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَمُّهُ حَمْزَةُ وَ جَعْفَرٌ اِبْنُ عَمِّهِ ، فَقُتِلاَ شَهِيدَيْنِ (رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا) فِي قَتْلَى كَثِيرَةٍ مَعَهُمَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ، فَجَعَلَ اَللَّهُ تَعَالَى حَمْزَةَ سَيِّدَ اَلشُّهَدَاءِ مِنْ بَيْنِهِمْ، وَ جَعَلَ لِجَعْفَرٍ جَنَاحَيْنِ يَطِيرُ بِهِمَا مَعَ اَلْمَلاَئِكَةِ كَيْفَ يَشَاءُ مِنْ بَيْنِهِمْ، وَ ذَلِكَ لِمَكَانِهِمَا مِنْ رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ، وَ مَنْزِلَتِهِمَا وَ قَرَابَتِهِمَا مِنْهُ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ صَلَّى رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَلَى حَمْزَةَ سَبْعِينَ صَلاَةً مِنْ بَيْنِ اَلشُّهَدَاءِ اَلَّذِينَ اُسْتُشْهِدُوا مَعَهُ. وَ كَذَلِكَ جَعَلَ اَللَّهُ تَعَالَى لِنِسَاءِ اَلنَّبِيِّ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِلْمُحْسِنَةِ مِنْهُنَّ أَجْرَيْنِ وَ لِلْمُسِيئَةِ مِنْهُنَّ وِزْرَيْنِ ضِعْفَيْنِ لِمَكَانِهِنَّ مِنْ رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ، وَ جَعَلَ اَلصَّلاَةَ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اَللَّهِ بِأَلْفِ صَلاَةٍ فِي سَائِرِ اَلْمَسَاجِدِ إِلاَّ اَلْمَسْجِدَ اَلْحَرَامَ : مَسْجِدَ 24إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) بِمَكَّةَ ، وَ ذَلِكَ لِمَكَانِ رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مِنْ رَبِّهِ. وَ فَرَضَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ اَلصَّلاَةَ عَلَى نَبِيِّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَلَى كَافَّةِ اَلْمُؤْمِنِينَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اَللَّهِ ، كَيْفَ اَلصَّلاَةُ عَلَيْكَ؟ فَقَالَ: قُولُوا اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ . فَحَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْنَا مَعَ اَلصَّلاَةِ عَلَى اَلنَّبِيِّ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَرِيضَةً وَاجِبَةً. وَ أَحَلَّ اَللَّهُ تَعَالَى خُمُسَ اَلْغَنِيمَةِ لِرَسُولِهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ أَوْجَبَهَا لَهُ فِي كِتَابِهِ، وَ أَوْجَبَ لَنَا مِنْ ذَلِكَ مَا أَوْجَبَهُ لَهُ، وَ حَرَّمَ عَلَيْهِ اَلصَّدَقَةَ وَ حَرَّمَهَا عَلَيْنَا مَعَهُ، فَأَدْخَلَنَا فَلَهُ اَلْحَمْدُ فِيمَا أَدْخَلَ فِيهِ نَبِيَّهُ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ، وَ أَخْرَجَنَا وَ نَزَّهَنَا مِمَّا أَخْرَجَهُ مِنْهُ وَ نَزَّهَهُ عَنْهُ، كَرَامَةً أَكْرَمَنَا اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهَا، وَ فَضِيلَةً فَضَّلَنَا بِهَا عَلَى سَائِرِ اَلْعِبَادِ. وَ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى لِمُحَمَّدٍ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) حِينَ جَحَدَهُ كَفَرَةُ أَهْلِ اَلْكِتَابِ وَ حَاجُّوهُ: فَقُلْ تَعٰالَوْا نَدْعُ أَبْنٰاءَنٰا وَ أَبْنٰاءَكُمْ وَ نِسٰاءَنٰا وَ نِسٰاءَكُمْ وَ أَنْفُسَنٰا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اَللّٰهِ عَلَى اَلْكٰاذِبِينَ ، فَأَخْرَجَ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مِنَ اَلْأَنْفُسِ مَعَهُ أَبِي ، وَ مِنَ اَلْبَنِينَ أَنَا وَ أَخِي ، وَ مِنَ اَلنِّسَاءِ فَاطِمَةَ أُمِّي مِنَ اَلنَّاسِ جَمِيعاً، فَنَحْنُ أَهْلُهُ وَ لَحْمُهُ وَ دَمُهُ وَ نَفْسُهُ، وَ نَحْنُ مِنْهُ وَ هُوَ مِنَّا. وَ قَدْ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: إِنَّمٰا يُرِيدُ اَللّٰهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ اَلرِّجْسَ أَهْلَ اَلْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً فَلَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ اَلتَّطْهِيرِ جَمَعَنَا رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَا وَ أَخِي وَ أُمِّي وَ أَبِي ، فَجَلَّلَنَا وَ نَفْسَهُ فِي كِسَاءٍ لِأُمِّ سَلَمَةَ خَيْبَرِيٍّ، وَ ذَلِكَ فِي حُجْرَتِهَا، وَ فِي يَوْمِهَا، فَقَالَ: اَللَّهُمَّ هَؤُلاَءِ أَهْلُ بَيْتِي ، وَ هَؤُلاَءِ أَهْلِي وَ عِتْرَتِي ، فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ اَلرِّجْسَ وَ طَهِّرْهُمْ تَطْهِيراً. فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ (رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا) : أَدْخُلُ مَعَهُمْ، يَا رَسُولَ اَللَّهِ . فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) : يَرْحَمُكِ اَللَّهُ، أَنْتِ عَلَى خَيْرٍ وَ إِلَى خَيْرٍ، وَ مَا أَرْضَانِي عَنْكَ! وَ لَكِنَّهَا خَاصَّةٌ لِي وَ لَهُمْ. ثُمَّ مَكَثَ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بَعْدَ ذَلِكَ بَقِيَّةَ عُمُرِهِ حَتَّى قَبَضَهُ اَللَّهُ إِلَيْهِ، يَأْتِينَا فِي كُلِّ يَوْمٍ عِنْدَ طُلُوعِ اَلْفَجْرِ، فَيَقُولُ: اَلصَّلاَةَ يَرْحَمُكُمُ اَللَّهُ إِنَّمٰا يُرِيدُ اَللّٰهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ اَلرِّجْسَ أَهْلَ اَلْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً . وَ أَمَرَ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِسَدِّ اَلْأَبْوَابِ اَلشَّارِعَةِ فِي مَسْجِدِهِ غَيْرَ بَابِنَا، فَكَلَّمُوهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَمَا إِنِّي لَمْ أَسُدَّ أَبْوَابَكُمْ وَ أَفْتَحَ بَابَ عَلِيٍّ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي، وَ لَكِنِّي أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ، وَ إِنَّ اَللَّهَ أَمَرَ بِسَدِّهَا وَ فَتْحِ بَابِهِ. فَلَمْ يَكُنْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ أَحَدٌ تُصِيبُهُ جَنَابَةٌ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ يَلِدُ فِيهِ اَلْأَوْلاَدَ غَيْرَ رَسُولِ اَللَّهِ وَ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ)، تَكْرِمَةً مِنَ اَللَّهِ تَعَالَى لَنَا، وَ تَفَضُّلاً اِخْتَصَّنَا بِهِ عَلَى جَمِيعِ اَلنَّاسِ. وَ هَذَا بَابُ أَبِي قَرِيبُ بَابِ رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي مَسْجِدِهِ، وَ مَنْزِلُنَا بَيْنَ مَنَازِلِ رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ، وَ ذَلِكَ أَنَّ اَللَّهَ أَمَرَ نَبِيَّهُ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنْ يَبْنِيَ مَسْجِدَهُ، فَبَنَى فِيهِ عَشَرَةَ أَبْيَاتٍ: تِسْعَةً لِبَنِيهِ وَ أَزْوَاجِهِ، وَ عَاشِرُهَا وَ هُوَ مُتَوَسِّطُهَا لِأَبِي ، فَهَا هُوَ بِسَبِيلٍ مُقِيمٍ، وَ اَلْبَيْتُ هُوَ اَلْمَسْجِدُ اَلْمُطَهَّرُ، وَ هُوَ اَلَّذِي قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: أَهْلَ اَلْبَيْتِ فَنَحْنُ أَهْلُ اَلْبَيْتِ ، وَ نَحْنُ اَلَّذِينَ أَذْهَبَ اَللَّهُ عَنَّا اَلرِّجْسَ وَ طَهَّرَنَا تَطْهِيراً. أَيُّهَا اَلنَّاسُ، إِنِّي لَوْ قُمْتُ حَوْلاً فَحَوْلاً، أَذْكُرُ اَلَّذِي أَعْطَانَا اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ خَصَّنَا بِهِ مِنَ اَلْفَضْلِ فِي كِتَابِهِ، وَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ، لَمْ أُحْصِهِ، وَ أَنَا اِبْنُ اَلنَّذِيرِ اَلْبَشِيرِ، وَ اَلسِّرَاجِ اَلْمُنِيرِ، اَلَّذِي جَعَلَهُ اَللَّهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَ أَبِي عَلِيٌّ وَلِيُّ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ شَبِيهُ 33هَارُونَ . وَ إِنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ صَخْرٍ زَعَمَ أَنِّي رَأَيْتُهُ لِلْخِلاَفَةِ أَهْلاً، وَ لَمْ أَرَ نَفْسِي لَهَا أَهْلاً، فَكَذَبَ مُعَاوِيَةُ . وَ أَيْمُ اَللَّهِ، لَأَنَا أَوْلَى اَلنَّاسِ بِالنَّاسِ فِي كِتَابِ اَللَّهِ ، وَ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ، غَيْرَ أَنَّا لَمْ نَزَلْ أَهْلَ اَلْبَيْتِ مُخَيَّفِينَ مَظْلُومِينَ مُضْطَهَدِينَ مُنْذُ قُبِضَ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَاللَّهُ بَيْنَنَا وَ بَيْنَ مَنْ ظَلَمَنَا حَقَّنَا، وَ نَزَلَ عَلَى رِقَابِنَا، وَ حَمَلَ اَلنَّاسَ عَلَى أَكْتَافِنَا، وَ مَنَعَنَا سَهْمَنَا فِي كِتَابِ اَللَّهِ مِنَ اَلْفَيْءِ وَ اَلْغَنَائِمِ، وَ مَنَعَ أُمَّنَا فَاطِمَةَ إِرْثَهَا مِنْ أَبِيهَا . إِنَّا لاَ نُسَمِّي أَحَداً، وَ لَكِنْ أُقْسِمُ بِاللَّهِ قَسَماً تَالِياً، لَوْ أَنَّ اَلنَّاسَ سَمِعُوا قَوْلَ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رَسُولِهِ لَأَعْطَتْهُمُ اَلسَّمَاءُ قَطْرَهَا وَ اَلْأَرْضُ بَرَكَتَهَا، وَ لَمَا اِخْتَلَفَ فِي هَذِهِ اَلْأُمَّةِ سَيْفَانِ، وَ لَأَكَلُوهَا خَضْرَاءَ خَضِرَةً إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ ، إِذَنْ وَ مَا طَمِعْتَ فِيهَا يَا مُعَاوِيَةُ ، وَ لَكِنَّهَا لَمَّا أُخْرِجَتْ سَالِفاً مِنْ مَعْدِنِهَا، وَ زُحْزِحَتْ عَنْ قَوَاعِدِهَا، تَنَازَعَتْهَا قُرَيْشٌ بَيْنَهَا، وَ تَرَامَتْهَا كَتَرَامِي اَلْكُرَةِ حَتَّى طَمِعْتَ فِيهَا أَنْتَ يَا مُعَاوِيَةُ وَ أَصْحَابُكَ مِنْ بَعْدِكَ. وَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) : مَا وَلَّتْ أُمَّةٌ أَمْرَهَا رَجُلاً قَطُّ وَ فِيهِمْ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ إِلاَّ لَمْ يَزَلْ أَمْرُهُمْ يَذْهَبُ سَفَالاً حَتَّى يَرْجِعُوا إِلَى مَا تَرَكُوا. وَ لَقَدْ تَرَكَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَ كَانُوا أَصْحَابَ 32مُوسَى 33هَارُونَ أَخَاهُ وَ خَلِيفَتَهُ وَ وَزِيرَهُ، وَ عَكَفُوا عَلَى اَلْعِجْلِ وَ أَطَاعُوا فِيهِ سَامِرِيَّهُمْ [وَ هُمْ] يَعْلَمُونَ أَنَّهُ خَلِيفَةُ 32مُوسَى ، وَ قَدْ سَمِعَتْ هَذِهِ اَلْأُمَّةُ رَسُولَ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ ذَلِكَ لِأَبِي (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : إِنَّهُ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ 33هَارُونَ مِنْ 32مُوسَى ، إِلاَّ أَنَّهُ لاَ نَبِيَّ بَعْدِي. وَ قَدْ رَأَوْا رَسُولَ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) حِينَ نَصَبَهُ لَهُمْ بِغَدِيرِ خُمٍّ ، وَ سَمِعُوهُ، وَ نَادَى لَهُ بِالْوَلاَيَةِ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يُبَلِّغَ اَلشَّاهِدُ مِنْهُمُ اَلْغَائِبَ. وَ قَدْ خَرَجَ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) حِذَاراً مِنْ قَوْمِهِ إِلَى اَلْغَارِ لَمَّا أَجْمَعُوا عَلَى أَنْ يَمْكُرُوا بِهِ، وَ هُوَ يَدْعُوهُمْ لِمَا لَمْ يَجِدْ عَلَيْهِمْ أَعْوَاناً [وَ لَوْ وَجَدَ عَلَيْهِمْ أَعْوَاناً] لَجَاهَدَهُمْ، وَ قَدْ كَفَّ أَبِي يَدَهُ وَ نَاشَدَهُمْ وَ اِسْتَغَاثَ أَصْحَابَهُ فَلَمْ يُغَثْ وَ لَمْ يُنْصَرْ، وَ لَوْ وَجَدَ عَلَيْهِمْ أَعْوَاناً مَا أَجَابَهُمْ، وَ قَدْ جُعِلَ فِي سَعَةٍ كَمَا جُعِلَ اَلنَّبِيُّ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي سَعَةٍ. وَ قَدْ خَذَلَتْنِي اَلْأُمَّةُ وَ بَايَعْتُكَ يَا اِبْنَ حَرْبٍ وَ لَوْ وَجَدْتُ عَلَيْكَ أَعْوَاناً يَخْلُصُونَ مَا بَايَعْتُكَ، وَ قَدْ جَعَلَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ 33هَارُونَ فِي سَعَةٍ حِينَ اِسْتَضْعَفَهُ قَوْمُهُ وَ عَادَوْهُ، وَ كَذَلِكَ أَنَا وَ أَبِي فِي سَعَةٍ مِنَ اَللَّهِ حِينَ تَرَكَتْنَا اَلْأُمَّةُ، وَ تَابَعَتْ غَيْرَنَا، وَ لَمْ نَجِدْ عَلَيْهَا أَعْوَاناً، وَ إِنَّمَا هِيَ اَلسُّنَنُ وَ اَلْأَمْثَالُ يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضاً. أَيُّهَا اَلنَّاسُ، إِنَّكُمْ لَوِ اِلْتَمَسْتُمْ بَيْنَ اَلْمَشْرِقِ وَ اَلْمَغْرِبِ رَجُلاً جَدُّهُ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ أَبُوهُ وَصِيُّ رَسُولِ اَللَّهِ لِمْ تَجِدُوا غَيْرِي وَ غَيْرَ أَخِي ، فَاتَّقُوا اَللَّهَ وَ لاَ تَضِلُّوا بَعْدَ اَلْبَيَانِ، وَ كَيْفَ بِكُمْ، وَ أَنَّى ذَلِكَ لَكُمْ ؟ وَ إِنِّي قَدْ بَايَعْتُ هَذَا وَ أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَ إِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَ مَتٰاعٌ إِلىٰ حِينٍ . أَيُّهَا اَلنَّاسُ، إِنَّهُ لاَ يُعَابُ أَحَدٌ بِتَرْكِ حَقِّهِ، وَ إِنَّمَا يُعَابُ أَنْ يَأْخُذَ مَا لَيْسَ لَهُ، وَ كُلُّ صَوَابٍ نَافِعٌ، وَ كُلُّ خَطَإٍ ضَارٌّ لِأَهْلِهِ، وَ قَدْ كَانَتِ اَلْقَضِيَّةُ فَهِمَهَا 37سُلَيْمَانُ فَنَفَعَتْ 37سُلَيْمَانَ وَ لَمْ تَضُرَّ 36دَاوُدَ ، وَ أَمَّا اَلْقَرَابَةُ فَقَدْ نَفَعَتِ اَلْمُشْرِكَ وَ هِيَ وَ اَللَّهِ لِلْمُؤْمِنِ أَنْفَعُ. قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِعَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ وَ هُوَ فِي اَلْمَوْتِ: قُلْ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ، أَشْفَعْ لَكَ بِهَا يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ . وَ لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ لَهُ وَ يَعِدُ إِلاَّ مَا يَكُونُ مِنْهُ عَلَى يَقِينٍ، وَ لَيْسَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ مِنَ اَلنَّاسِ كُلِّهِمْ غَيْرَ شَيْخِنَا أَعْنِي أَبَا طَالِبٍ يَقُولُ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ لَيْسَتِ اَلتَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ اَلسَّيِّئٰاتِ حَتّٰى إِذٰا حَضَرَ أَحَدَهُمُ اَلْمَوْتُ قٰالَ إِنِّي تُبْتُ اَلْآنَ وَ لاَ اَلَّذِينَ يَمُوتُونَ وَ هُمْ كُفّٰارٌ أُولٰئِكَ أَعْتَدْنٰا لَهُمْ عَذٰاباً أَلِيماً . أَيُّهَا اَلنَّاسُ، اِسْمَعُوا وَ عُوا، وَ اِتَّقُوا اَللَّهَ وَ رَاجِعُوا، وَ هَيْهَاتَ مِنْكُمُ اَلرَّجْعَةُ إِلَى اَلْحَقِّ وَ قَدْ صَارَعَكُمُ اَلنُّكُوصُ، وَ خَامَرَكُمُ اَلطُّغْيَانُ وَ اَلْجُحُودُ أَ نُلْزِمُكُمُوهٰا وَ أَنْتُمْ لَهٰا كٰارِهُونَ وَ اَلسَّلاَمُ عَلَى مَنِ اِتَّبَعَ اَلْهُدَى». قَالَ: «فَقَالَ مُعَاوِيَةُ : وَ اَللَّهِ مَا نَزَلَ اَلْحَسَنُ حَتَّى أَظْلَمَتْ عَلَيَّ اَلْأَرْضُ، وَ هَمَمْتُ أَنْ أَبْطِشَ بِهِ، ثُمَّ عَلِمْتُ أَنَّ اَلْإِغْضَاءَ أَقْرَبُ إِلَى اَلْعَافِيَةِ».
64666 / _2 اَلْعَيَّاشِيُّ : عَنْ أَبِي عَمْرٍو اَلزُّبَيْرِيِّ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) ، قَالَ: «إِنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ سَبَّقَ بَيْنَ اَلْمُؤْمِنِينَ كَمَا سُبِّقَ بَيْنَ اَلْخَيْلِ يَوْمَ اَلرِّهَانِ». قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَمَّا نَدَبَ اَللَّهُ اَلْمُؤْمِنَ مِنَ اَلاِسْتِبَاقِ إِلَى اَلْإِيمَانِ؟ قَالَ: «قَوْلُ اَللَّهِ تَعَالَى: سٰابِقُوا إِلىٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُهٰا كَعَرْضِ اَلسَّمٰاءِ وَ اَلْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللّٰهِ وَ رُسُلِهِ ، وَ قَالَ: وَ اَلسّٰابِقُونَ اَلسّٰابِقُونَ*`أُولٰئِكَ اَلْمُقَرَّبُونَ ، وَ قَالَ: وَ اَلسّٰابِقُونَ اَلْأَوَّلُونَ مِنَ اَلْمُهٰاجِرِينَ وَ اَلْأَنْصٰارِ وَ اَلَّذِينَ اِتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسٰانٍ رَضِيَ اَللّٰهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ ، فَبَدَأَ بِالْمُهَاجِرِينَ اَلْأَوَّلِينَ عَلَى دَرَجَةِ سَبْقِهِمْ، ثُمَّ ثَنَّى بِالْأَنْصَارِ ، ثُمَّ ثَلَّثَ بِالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، فَوَضَعَ كُلَّ قَوْمٍ عَلَى قَدْرِ دَرَجَاتِهِمْ وَ مَنَازِلِهِمْ عِنْدَهُ».
174667 / _3 ابن شهر آشوب، قال: و أمّا الروايات في أن عليا أسبق الناس إسلاما، فقد صنفت فيها كتب، منها ما رواه السدي، عن أبي مالك، عن ابن عبّاس، في قوله تعالى: وَ اَلسّٰابِقُونَ اَلسّٰابِقُونَ*`أُولٰئِكَ اَلْمُقَرَّبُونَ . قال: سابق هذه الأمة عليّ بن أبي طالب (عليه السلام).
174668 / _4 مالك بن أنس، عن سمي، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس، قال: وَ اَلسّٰابِقُونَ اَلْأَوَّلُونَ نزلت في أمير المؤمنين، فهو أسبق الناس كلهم بالإيمان، و صلى إلى القبلتين، و بايع البيعتين: بيعة بدر، و بيعة الرضوان، و هاجر الهجرتين: مع جعفر من مكّة إلى الحبشة، و من الحبشة إلى المدينة . و روي عن جماعة من المفسرين: أنّها نزلت في علي (عليه السلام).
174669 / _5 و قال عليّ بن إبراهيم: ثم ذكر السابقين، فقال: وَ اَلسّٰابِقُونَ اَلْأَوَّلُونَ مِنَ اَلْمُهٰاجِرِينَ وَ اَلْأَنْصٰارِ ، و هم النقباء: أبو ذر، و المقداد، و سلمان، و عمار، و من آمن و صدق، و ثبت على ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام).
64670 / _6 وَ فِي (نَهْجِ اَلْبَيَانِ): عَنِ اَلصَّادِقِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ): «أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) وَ مَنْ تَبِعَهُ مِنَ اَلْمُهَاجِرِينَ وَ اَلْأَنْصَارِ وَ اَلَّذِينَ اِتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ، رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ، وَ أَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا اَلْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا، ذَلِكَ اَلْفَوْزُ اَلْعَظِيمُ».
14,2,68606 / _24 وَ عَنْهُ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ ، عَنْ أَبِي اَلْمُفَضَّلِ ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو اَلْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ اَلْهَمْدَانِيِّ بِالْكُوفَةِ ، وَ سَأَلْتُهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنِ اَلْمُفَضَّلِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ قَيْسٍ اَلْأَشْعَرِيُّ ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَسَّانَ اَلْوَاسِطِيُّ ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اَلرَّحْمَنِ بْنُ كَثِيرٍ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ) ، قَالَ: «لَمَّا أَجْمَعَ اَلْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) عَلَى صُلْحِ مُعَاوِيَةَ خَرَجَ حَتَّى لَقِيَهُ، فَلَمَّا اِجْتَمَعَا قَامَ مُعَاوِيَةُ خَطِيباً، فَصَعِدَ اَلْمِنْبَرَ، وَ أَمَرَ اَلْحَسَنَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) أَنْ يَقُومَ أَسْفَلَ مِنْهُ بِدَرَجَةٍ. ثُمَّ تَكَلَّمَ مُعَاوِيَةُ ، فَقَالَ: أَيُّهَا اَلنَّاسُ، هَذَا اَلْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ، وَ اِبْنُ فَاطِمَةَ ، رَآنَا لِلْخِلاَفَةِ أَهْلاً، وَ لَمْ يَرَ نَفْسَهُ لَهَا أَهْلاً، وَ قَدْ أَتَانَا لِيُبَايِعَ طَوْعاً. ثُمَّ قَالَ: قُمْ، يَا حَسَنُ . فَقَامَ اَلْحَسَنُ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) ، فَخَطَبَ، فَقَالَ: «اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلْمُتَحَمِّدِ بِالْآلاَءِ وَ تَتَابُعِ اَلنَّعْمَاءِ، وَ صَارِفِ اَلشَّدَائِدِ وَ اَلْبَلاَءِ عِنْدَ اَلْفُهَمَاءِ وَ غَيْرِ اَلْفُهَمَاءِ اَلْمُذْعِنِينَ مِنْ عِبَادِهِ، لاِمْتِنَاعِهِ بِجَلاَلِهِ وَ كِبْرِيَائِهِ وَ عُلُوِّهِ عَنْ لُحُوقِ اَلْأَوْهَامِ بِبَقَائِهِ، اَلْمُرْتَفِعِ عَنْ كُنْهِ ظَنَانَةِ اَلْمَخْلُوقِينَ مِنْ أَنْ تُحِيطَ بِمَكْنُونِ غَيْبِهِ رَوِيَّاتُ عُقُولِ الرَّائِينَ، وَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَحْدَهُ فِي رُبُوبِيَّتِهِ وَ وَحْدَانِيَّتِهِ، صَمَداً لاَ شَرِيكَ لَهُ، فَرْداً لاَ ظَهِيرَ لَهُ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، اِصْطَفَاهُ وَ اِنْتَجَبَهُ وَ اِرْتَضَاهُ، وَ بَعَثَهُ دَاعِياً إِلَى اَلْحَقِّ، وَ سِرَاجاً مُنِيراً، وَ لِلْعِبَادِ مِمَّا يَخَافُونَ نَذِيراً، وَ لِمَا يَأْمُلُونَ بَشِيراً، فَنَصَحَ اَلْأُمَّةَ، وَ صَدَعَ بِالرِّسَالَةِ، وَ أَبَانَ لَهُمْ دَرَجَاتِ اَلْعُمَالَةِ، شَهَادَةً عَلَيْهَا أَمُوتُ وَ أُحْشَرُ، وَ بِهَا فِي اَلْآجِلَةِ أُقْرَبُ وَ أُحْبَرُ. وَ أَقُولُ مَعْشَرَ اَلْخَلاَئِقِ فَاسْمَعُوا، وَ لَكُمْ أَفْئِدَةٌ وَ أَسْمَاعٌ، فَعُوا: إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ أَكْرَمَنَا اَللَّهُ بِالْإِسْلاَمِ ، وَ اِخْتَارَنَا، وَ اِصْطَفَانَا، وَ اِجْتَبَانَا، فَأَذْهَبَ عَنَّا اَلرِّجْسَ وَ طَهَّرَنَا تَطْهِيراً، وَ اَلرِّجْسُ هُوَ اَلشَّكُّ، فَلاَ نَشُكُّ فِي اَللَّهِ اَلْحَقِّ وَ دِينِهِ أَبَداً، وَ طَهَّرَنَا مِنَ كُلِّ أَفْنٍ وَ غَيَّةٍ ، مُخْلِصِينَ إِلَى 18آدَمَ نِعْمَةَّ مِنْهُ، لَمْ يَفْتَرِقِ اَلنَّاسُ فِرْقَتَيْنِ إِلاَّ جَعَلَنَا اَللَّهُ فِي خَيْرِهِمَا، فَأَدَّتِ اَلْأُمُورَ، وَ أَفْضَتِ اَلدُّهُورَ إِلَى أَنْ بَعَثَ اَللَّهُ مُحَمَّداً (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِلنُّبُوَّةِ، وَ اِخْتَارَهُ لِلرِّسَالَةِ، وَ أَنْزَلَ عَلَيْهِ كِتَابَهُ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِالدُّعَاءِ إِلَى اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، فَكَانَ أَبِي (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) أَوَّلَ مَنِ اِسْتَجَابَ لِلَّهِ تَعَالَى وَ لِرَسُولِهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ أَوَّلَ مَنْ آمَنَ وَ صَدَّقَ اَللَّهَ وَ رَسُولَهُ ، وَ قَدْ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ اَلْمُنْزَلِ عَلَى نَبِيِّهِ اَلْمُرْسَلِ: أَ فَمَنْ كٰانَ عَلىٰ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شٰاهِدٌ مِنْهُ ، فَرَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) اَلَّذِي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ، وَ أَبِي اَلَّذِي يَتْلُوهُ، وَ هُوَ شَاهِدٌ مِنْهُ. وَ قَدْ قَالَ لَهُ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) حِينَ أَمَرَهُ أَنْ يَسِيرَ إِلَى مَكَّةَ وَ اَلْمَوْسِمِ 9بِبَرَاءَةَ : سِرْ بِهَا يَا عَلِيُّ فَإِنِّي أُمِرْتُ أَنْ لاَ يَسِيرَ بِهَا إِلاَّ أَنَا، أَوْ رَجُلٌ مِنِّي، وَ أَنْتَ هُوَ يَا عَلِيُّ . فَعَلِيٌّ مِنْ رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ، وَ رَسُولُ اَللَّهِ مِنْهُ. وَ قَالَ لَهُ نَبِيُّ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) حِينَ قَضَى بَيْنَهُ وَ بَيْنَ أَخِيهِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ) وَ مَوْلاَهُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ ، فِي اِبْنَةِ حَمْزَةَ : أَمَّا أَنْتَ يَا عَلِيُّ فَمِنِّي، وَ أَنَا مِنْكَ، وَ أَنْتَ وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِي. فَصَدَّقَ أَبِي رَسُولَ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) سَابِقاً، وَ وَقَاهُ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي كُلِّ مَوْطِنٍ يُقَدِّمُهُ، وَ لِكُلِّ شَدِيدَةٍ يُرْسِلُهُ، ثِقَةً مِنْهُ بِهِ، وَ طُمَأْنِينَةً إِلَيْهِ، لِعِلْمِهِ بِنَصِيحَتِهِ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رَسُولُهُ وَ إِنَّهُ أَقْرَبُ اَلْمُقَرَّبِينَ مِنَ اَللَّهِ وَ رَسُولِهِ ، وَ قَدْ قَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ اَلسّٰابِقُونَ اَلسّٰابِقُونَ*`أُولٰئِكَ اَلْمُقَرَّبُونَ فَكَانَ أَبِي سَابِقَ اَلسَّابِقِينَ إِلَى اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِلَى رَسُولِهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ، وَ أَقْرَبَ اَلْأَقْرَبِينَ. وَ قَدْ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: لاٰ يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ اَلْفَتْحِ وَ قٰاتَلَ أُولٰئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً ، فَأَبِي كَانَ أَوَّلَهُمْ إِسْلاَماً وَ إِيمَاناً، وَ أَوَّلَهُمْ إِلَى اَللَّهِ وَ رَسُولِهِ هِجْرَةً وَ لُحُوقاً، وَ أَوَّلَهُمْ عَلَى وُجْدِهِ وَ وُسْعِهِ نَفَقَةٌ. قَالَ سُبْحَانَهُ: وَ اَلَّذِينَ جٰاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اِغْفِرْ لَنٰا وَ لِإِخْوٰانِنَا اَلَّذِينَ سَبَقُونٰا بِالْإِيمٰانِ وَ لاٰ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنٰا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنٰا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ ، فَالنَّاسُ مِنْ جَمِيعِ اَلْأُمَمِ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ، لِسَبْقِهِ إِيَّاهُمْ إِلَى اَلْإِيمَانِ بِنَبِيِّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ، وَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْهُ إِلَى اَلْإِيمَانِ أَحَدٌ، وَ قَدْ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: وَ اَلسّٰابِقُونَ اَلْأَوَّلُونَ مِنَ اَلْمُهٰاجِرِينَ وَ اَلْأَنْصٰارِ وَ اَلَّذِينَ اِتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسٰانٍ رَضِيَ اَللّٰهُ عَنْهُمْ فَهُوَ سَابِقُ جَمِيعِ اَلسَّابِقِينَ، فَكَمَا أَنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَضَّلَ اَلسَّابِقِينَ عَلَى اَلْمُتَخَلِّفِينَ وَ اَلْمُتَأَخِّرِينَ، فَكَذَلِكَ فَضَّلَ سَابِقَ اَلسَّابِقِينَ عَلَى اَلسَّابِقِينَ، وَ قَدْ قَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: أَ جَعَلْتُمْ سِقٰايَةَ اَلْحٰاجِّ وَ عِمٰارَةَ اَلْمَسْجِدِ اَلْحَرٰامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّٰهِ وَ اَلْيَوْمِ اَلْآخِرِ وَ جٰاهَدَ فِي سَبِيلِ اَللّٰهِ ، فَهُوَ اَلْمُؤْمِنُ بِاللَّهِ، وَ اَلْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ حَقّاً، وَ فِيهِ نَزَلَتْ هَذِهِ اَلْآيَةُ. وَ كَانَ مِمَّنِ اِسْتَجَابَ لِرَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَمُّهُ حَمْزَةُ ، وَ جَعْفَرٌ اِبْنُ عَمِّهِ ، فَقُتِلاَ شَهِيدَيْنِ (رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا) فِي قَتْلَى كَثِيرَةٍ مَعَهُمَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ، فَجَعَلَ اَللَّهُ تَعَالَى حَمْزَةَ سَيِّدَ اَلشُّهَدَاءِ مِنْ بَيْنِهِمْ، وَ جَعَلَ لِجَعْفَرٍ جَنَاحَيْنِ يَطِيرُ بِهِمَا مَعَ اَلْمَلاَئِكَةِ كَيْفَ يَشَاءُ مِنْ بَيْنِهِمْ، وَ ذَلِكَ لِمَكَانِهِمَا مِنْ رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ، وَ مَنْزِلَتِهِمَا، وَ قَرَابَتِهِمَا مِنْهُ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ صَلَّى رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَلَى حَمْزَةَ سَبْعِينَ صَلاَةً مِنْ بَيْنِ اَلشُّهَدَاءِ اَلَّذِينَ اُسْتُشْهِدُوا مَعَهُ. وَ كَذَلِكَ جَعَلَ اَللَّهُ تَعَالَى لِنِسَاءِ اَلنَّبِيِّ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ، لِلْمُحْسِنَةِ مِنْهُنَّ أَجْرَيْنِ، وَ لِلْمُسِيئَةِ مِنْهُنَّ وِزْرَيْنِ ضِعْفَيْنِ، لِمَكَانِهِنَّ مِنْ رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ، وَ جَعَلَ اَلصَّلاَةَ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِأَلْفِ صَلاَةٍ فِي سَائِرِ اَلْمَسَاجِدِ إِلاَّ اَلْمَسْجِدَ اَلْحَرَامَ ، وَ مَسْجِدَ خَلِيلِهِ 24إِبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) بِمَكَّةَ ، وَ ذَلِكَ لِمَكَانِ رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مِنْ رَبِّهِ. وَ فَرَضَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ اَلصَّلاَةَ عَلَى نَبِيِّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ، عَلَى كَافَّةِ اَلْمُؤْمِنِينَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اَللَّهِ ، كَيْفَ اَلصَّلاَةُ عَلَيْكَ؟ فَقَالَ: قُولُوا: اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ . فَحَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْنَا مَعَ اَلصَّلاَةِ عَلَى اَلنَّبِيِّ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَرِيضَةً وَاجِبَةٌ. وَ أَحَلَّ اَللَّهُ تَعَالَى خُمْسَ اَلْغَنِيمَةِ لِرَسُولِهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ، وَ أَوْجَبَهَا لَهُ فِي كِتَابِهِ ، وَ أَوْجَبَ لَنَا مِنْ ذَلِكَ مَا أَوْجَبَ لَهُ، وَ حَرَّمَ عَلَيْهِ اَلصَّدَقَةَ، وَ حَرَّمَهَا عَلَيْنَا مَعَهُ، فَأَدْخَلَنَا وَ لَهُ اَلْحَمْدُ فِيمَا أَدْخَلَ فِيهِ نَبِيَّهُ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ، وَ أَخْرَجَنَا وَ نَزَّهَنَا مِمَّا أَخْرَجَهُ مِنْهُ وَ نَزَّهَهُ عَنْهُ، كَرَامَةً أَكْرَمَنَا اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهَا، وَ فَضِيلَةً فَضَّلَنَا بِهَا عَلَى سَائِرِ اَلْعِبَادِ، فَقَالَ اَللَّهُ تَعَالَى لِمُحَمَّدٍ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) حِينَ جَحَدَهُ كَفَرَةُ أَهْلِ اَلْكِتَابِ وَ حَاجُّوهُ: فَقُلْ تَعٰالَوْا نَدْعُ أَبْنٰاءَنٰا وَ أَبْنٰاءَكُمْ وَ نِسٰاءَنٰا وَ نِسٰاءَكُمْ وَ أَنْفُسَنٰا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اَللّٰهِ عَلَى اَلْكٰاذِبِينَ ، فَأَخْرَجَ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مِنَ اَلْأَنْفُسِ مَعَهُ أَبِي ، وَ مِنَ اَلْبَنِينَ أَنَا وَ أَخِي ، وَ مِنَ اَلنِّسَاءِ فَاطِمَةَ أُمِّي مِنَ اَلنَّاسِ جَمِيعاً، فَنَحْنُ أَهْلُهُ، وَ لَحْمُهُ، وَ دَمُهُ، وَ نَفْسُهُ، وَ نَحْنُ مِنْهُ، وَ هُوَ مِنَّا. وَ قَدْ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: إِنَّمٰا يُرِيدُ اَللّٰهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ اَلرِّجْسَ أَهْلَ اَلْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ، فَلَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ اَلتَّطْهِيرِ جَمَعَنَا رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنَا ، وَ أَخِي ، وَ أُمِّي ، وَ أَبِي ، فَجَلَّلَنَا وَ نَفْسَهُ فِي كِسَاءٍ لِأُمِّ سَلَمَةَ خَيْبَرِيٍّ، وَ ذَلِكَ فِي حُجْرَتِهَا، وَ فِي يَوْمِهَا، فَقَالَ: اَللَّهُمَّ، هَؤُلاَءِ أَهْلُ بَيْتِي ، وَ هَؤُلاَءِ أَهْلِي وَ عِتْرَتِي ، فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ اَلرِّجْسَ، وَ طَهِّرْهُمْ تَطْهِيراً. فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ (رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا) : أَدْخُلُ مَعَهُمْ، يَا رَسُولَ اَللَّهِ ؟ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) : يَرْحَمُكِ اَللَّهُ، أَنْتِ عَلَى خَيْرٍ، وَ إِلَى خَيْرٍ، وَ مَا أَرْضَانِي عَنْكِ! وَ لَكِنَّهَا خَاصَّةٌ لِي وَ لَهُمْ. ثُمَّ مَكَثَ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بَعْدَ ذَلِكَ بَقِيَّةَ عُمُرِهِ حَتَّى قَبَضَهُ اَللَّهُ إِلَيْهِ يَأْتِينَا فِي كُلِّ يَوْمٍ عِنْدَ طُلُوعِ اَلْفَجْرِ، فَيَقُولُ: اَلصَّلاَةَ، يَرْحَمُكُمُ اَللَّهُ إِنَّمٰا يُرِيدُ اَللّٰهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ اَلرِّجْسَ أَهْلَ اَلْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً . وَ أَمَرَ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِسَدِّ اَلْأَبْوَابِ اَلشَّارِعَةِ فِي مَسْجِدِهِ غَيْرَ بَابِنَا، فَكَلَّمُوهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: أَمَا إِنِّي لَمْ أَسُدَّ أَبْوَابَكُمْ وَ أَفْتَحَ بَابَ عَلِيٍّ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي، وَ لَكِنْ أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ، وَ إِنَّ اَللَّهَ أَمَرَ بِسَدِّهَا وَ فَتْحِ بَابِهِ، فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ تُصِيبُهُ اَلْجَنَابَةُ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ، وَ يُولَدُ فِيهِ اَلْأَوْلاَدَ، غَيْرُ رَسُولِ اَللَّهِ وَ أَبِي (عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ)، تَكْرِمَةً مِنَ اَللَّهِ تَعَالَى لَنَا، وَ فَضْلاً اِخْتَصَّنَا بِهِ عَلَى جَمِيعِ اَلنَّاسِ. وَ هَذَا بَابُ أَبِي قَرِينُ بَابِ رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي مَسْجِدِهِ، وَ مَنْزِلُنَا بَيْنَ مَنَازِلِ رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ، وَ ذَلِكَ أَنَّ اَللَّهَ أَمَرَ نَبِيَّهُ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنْ يَبْنِيَ مَسْجِدَهُ، فَبَنَى فِيهِ عَشَرَةَ أَبْيَاتٍ، تِسْعَةً لِبَنِيهِ وَ أَزْوَاجِهِ، وَ عَاشِرَهَا وَ هُوَ مُتَوَسِّطُهَا لِأَبِي، فَهَا هُوَ بِسَبِيلٍ مُقِيمٍ، وَ اَلْبَيْتُ هُوَ اَلْمَسْجِدُ اَلْمُطَهَّرُ، وَ هُوَ اَلَّذِي قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: أَهْلَ اَلْبَيْتِ ، فَنَحْنُ أَهْلُ اَلْبَيْتِ ، وَ نَحْنُ اَلَّذِينَ أَذْهَبَ اَللَّهُ عَنَّا اَلرِّجْسَ، وَ طَهَّرَنَا تَطْهِيراً. أَيُّهَا اَلنَّاسُ، إِنِّي لَوْ قُمْتُ حَوْلاً فَحَوْلاً أَذْكُرُ اَلَّذِي أَعْطَانَا اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ خَصَّنَا بِهِ مِنَ اَلْفَضْلِ فِي كِتَابِهِ وَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لَمْ أُحْصِهِ، وَ أَنَا اِبْنُ اَلنَّذِيرِ اَلْبَشِيرِ، وَ اَلسِّرَاجِ اَلْمُنِيرِ، اَلَّذِي جَعَلَهُ اَللَّهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَ أَبِي عَلِيٌّ وَلِيُّ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَ شَبِيهُ 33هَارُونَ . وَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ صَخْرٍ زَعَمَ أَنِّي رَأَيْتُهُ لِلْخِلاَفَةِ أَهْلاً، وَ لَمْ أَرَ نَفْسِي لَهَا أَهْلاً! فَكَذَبَ مُعَاوِيَةُ ، وَ أَيْمُ اَللَّهِ لَأَنَّا أَوْلَى اَلنَّاسِ بِالنَّاسِ فِي كِتَابِ اَللَّهِ ، وَ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ، غَيْرَ أَنَّا لَمْ نَزَلْ أَهْلَ اَلْبَيْتِ مَخِيفِينَ، مَظْلُومِينَ، مُضْطَهِدِينَ مُنْذُ قُبِضَ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ، فَاللَّهُ بَيْنَنَا وَ بَيْنَ مَنْ ظَلَمَنَا حَقَّنَا، وَ نَزَلَ عَلَى رِقَابِنَا، وَ حَمَلَ اَلنَّاسَ عَلَى أَكْتَافِنَا، وَ مَنَعَنَا سَهْمَنَا فِي كِتَابِ اَللَّهِ مِنَ اَلْفَيْءِ وَ اَلْغَنَائِمِ، وَ مَنَعَ أُمَّنَا فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ) إِرْثَهَا مِنْ أَبِيهَا . إِنَّا لاَ نُسَمِّي أَحَداً، وَ لَكِنْ أُقْسِمُ بِاللَّهِ قَسَماً تَالِياً، لَوْ أَنَّ اَلنَّاسَ سَمِعُوا قَوْلَ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رَسُولِهِ لَأَعْطَتْهُمُ اَلسَّمَاءُ قَطْرَهَا، وَ اَلْأَرْضُ بَرَكَتَهَا، وَ لَمَا اِخْتَلَفَ فِي هَذِهِ اَلْأُمَّةِ سَيْفَانِ، وَ لَأَكَلُوهَا خَضْرَاءَ خَضِرَةً إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ ، وَ مَا طَمِعْتَ فِيهَا، يَا مُعَاوِيَةُ ، وَ لَكِنَّهَا لَمَّا أُخْرِجَتْ سَالِفاً مِنْ مَعْدِنِهَا، وَ زُحْزِحَتْ عَنْ قَوَاعِدِهَا تَنَازَعَتْهَا قُرَيْشٌ بَيْنَهَا، وَ تَرَامَتْهَا كَتَرَامِي اَلْكُرَةِ، حَتَّى طَمِعْتَ فِيهَا أَنْتَ يَا مُعَاوِيَةُ وَ أَصْحَابُكَ مِنْ بَعْدِكَ، وَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) : مَا وَلَّتْ اُمَّةٌ أَمْرَهَا رَجُلاً قَطُّ، وَ فِيهِمْ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ، إِلاَّ لَمْ يَزَلْ أَمْرُهُمْ يَذْهَبُ سَفَالاً حَتَّى يَرْجِعُوا إِلَى مَا تَرَكُوا. وَ قَدْ تَرَكَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَ كَانُوا أَصْحَابَ 32مُوسَى 33هَارُونَ أَخَاهُ وَ خَلِيفَتَهُ وَ وَزِيرَهُ، وَ عَكَفُوا عَلَى اَلْعِجْلِ، وَ أَطَاعُوا فِيهِ سَامِرِيَّهُمْ، وَ هُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ خَلِيفَةُ 32مُوسَى ، وَ قَدْ سَمِعَتْ هَذِهِ اَلْأُمَّةُ رَسُولَ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ ذَلِكَ لِأَبِي (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : إِنَّهُ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ 33هَارُونَ مِنْ 32مُوسَى إِلاَّ أَنَّهُ لاَ نَبِيَّ بَعْدِي. وَ قَدْ رَأَوْا رَسُولَ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) حِينَ نَصَبَهُ لَهُمْ بِغَدِيرِ خُمٍّ ، وَ سَمِعُوهُ، وَ نَادَى لَهُ بِالْوِلاَيَةِ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يُبَلِّغَ اَلشَّاهِدُ مِنْهُمُ اَلْغَائِبَ، وَ قَدْ خَرَجَ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) حَذَراً مِنْ قَوْمِهِ إِلَى اَلْغَارِ لَمَّا أَجْمَعُوا عَلَى أَنْ يَمْكُرُوا بِهِ وَ هُوَ يَدْعُوهُمْ لِمَا لَمْ يَجِدْ عَلَيْهِمْ أَعْوَاناً، وَ لَوْ وَجَدَ عَلَيْهِمْ أَعْوَاناً لَجَاهَدَهُمْ. وَ قَدْ كَفَّ أَبِي يَدَهُ، وَ نَاشَدَهُمْ، وَ اِسْتَغَاثَ أَصْحَابَهُ، فَلَمْ يُغَثْ، وَ لَمْ يُنْصَرْ، وَ لَوْ وَجَدَ عَلَيْهِمْ أَعْوَاناً مَا أَجَابَهُمْ، وَ قَدْ جُعِلَ فِي سَعَةٍ كَمَا جُعِلَ اَلنَّبِيُّ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي سَعَةٍ. وَ قَدْ خَذَلَتْنِي اَلْأُمَّةُ وَ بَايَعْتُكَ يَا اِبْنَ حَرْبٍ وَ لَوْ وَجَدْتُ عَلَيْكَ أَعْوَاناً يَخْلُصُونَ مَا بَايَعْتُكَ، وَ قَدْ جَعَلَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ 33هَارُونَ فِي سَعَةٍ حِينَ اِسْتَضْعَفَهُ قَوْمُهُ وَ عَادُوهُ، كَذَلِكَ أَنَا وَ أَبِي فِي سَعَةٍ مِنَ اَللَّهِ حِينَ تَرَكَتْنَا اَلْأُمَّةُ وَ تَابَعَتْ غَيْرَنَا، وَ لَمْ نَجِدْ عَلَيْهِمْ أَعْوَاناً، وَ إِنَّمَا هِيَ اَلسُّنَنُ وَ اَلْأَمْثَالُ يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضاً. أَيُّهَا اَلنَّاسُ، إِنَّكُمْ لَوِ اِلْتَمَسْتُمْ بَيْنَ اَلْمَشْرِقِ وَ اَلْمَغْرِبِ رَجُلاً جَدُّهُ رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ، وَ أَبُوهُ وَصِيُّ رَسُولِ اَللَّهِ لَمْ تَجِدُوا غَيْرِي وَ غَيْرَ أَخِي ، فَاتَّقُوا اَللَّهَ، وَ لاَ تَضِلُّوا بَعْدَ اَلْبَيَانِ، وَ كَيْفَ بِكُمْ، وَ أَنَّى ذَلِكَ لَكُمْ؟ أَلاَ وَ إِنِّي قَدْ بَايَعْتُ هَذَا وَ أَشَارَ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَ إِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَ مَتٰاعٌ إِلىٰ حِينٍ . أَيُّهَا اَلنَّاسُ، إِنَّهُ لاَ يُعَابُ أَحَدٌ بِتَرْكِ حَقِّهِ، وَ إِنَّمَا يُعَابُ أَنْ يَأْخُذَ مَا لَيْسَ لَهُ، وَ كُلُّ صَوَابٍ نَافِعٌ، وَ كُلُّ خَطَأٍ ضَارٌ لِأَهْلِهِ، وَ قَدْ كَانَتِ اَلْقَضِيَّةُ فَفَهِمَهَا 37سُلَيْمَانُ ، فَنَفَعَتْ 37سُلَيْمَانَ ، وَ لَمْ تَضُرَّ 36دَاوُدَ ، وَ أَمَّا اَلْقَرَابَةُ فَقَدْ نَفَعَتِ اَلْمُشْرِكَ، وَ هِيَ وَ اَللَّهِ لِلْمُؤْمِنِ أَنْفَعُ، قَوْلُ رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِعَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ وَ هُوَ فِي اَلْمَوْتِ: قُلْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ أَشْفَعْ لَكَ بِهَا يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ . وَ لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ لَهُ وَ يَعُدُّ إِلاَّ مَا يَكُونُ مِنْهُ عَلَى يَقِينٍ، وَ لَيْسَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ مِنَ اَلنَّاسِ كُلِّهِمْ غَيْرَ شَيْخِنَا، أَعْنِي أَبَا طَالِبٍ ، يَقُولُ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ لَيْسَتِ اَلتَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ اَلسَّيِّئٰاتِ حَتّٰى إِذٰا حَضَرَ أَحَدَهُمُ اَلْمَوْتُ قٰالَ إِنِّي تُبْتُ اَلْآنَ وَ لاَ اَلَّذِينَ يَمُوتُونَ وَ هُمْ كُفّٰارٌ أُولٰئِكَ أَعْتَدْنٰا لَهُمْ عَذٰاباً أَلِيماً . أَيُّهَا اَلنَّاسُ، اِسْمَعُوا وَ عُوا، وَ اِتَّقُوا اَللَّهَ وَ اِرْجِعُوا، وَ هَيْهَاتَ مِنْكُمْ اَلرَّجْعَةُ إِلَى اَلْحَقِّ وَ قَدْ صَارَعَكُمُ اَلنُّكُوصُ، وَ خَامَرَكُمُ اَلطُّغْيَانُ وَ اَلْجُحُودُ أَ نُلْزِمُكُمُوهٰا وَ أَنْتُمْ لَهٰا كٰارِهُونَ ؟ وَ اَلسَّلاَمُ عَلَى مَنِ اِتَّبَعَ اَلْهُدَى». قَالَ: «فَقَالَ مُعَاوِيَةُ : وَ اَللَّهِ مَا نَزَلَ اَلْحَسَنُ حَتَّى أَظْلَمَتْ عَلَيَّ اَلْأَرْضُ، وَ هَمَمْتُ أَنْ أُبْطِشَ بِهِ، ثُمَّ عَلِمْتُ أَنَّ اَلْإِغْضَاءَ أَقْرَبُ إِلَى اَلْعَافِيَةِ».
1,148715 / _24 الثعلبي في (تفسيره)، في قوله تعالى: إِنَّ اَللّٰهَ وَ مَلاٰئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى اَلنَّبِيِّ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ اَلْفَرَجِ بْنِ اَلْأَزْهَرِ اَلْبَغْدَادِيُّ ، قَدِمَ عَلَيْنَا وَاسِطَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو اَلْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرَفَةَ بْنِ لُؤْلُؤٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ اَلْقَافِلاَئِيُّ ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ اَلْحَدَّادِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اَلرَّحْمَنِ بْنُ قَيْسٍ أَبُو مُعَاوِيَةَ ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ ثَابِتٍ ، عَنْ، يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ بْنِ سَعَّادٍ ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ اَلْأَنْصَارِيِّ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) : «صَلَّتِ اَلْمَلاَئِكَةُ عَلَيَّ وَ عَلَى عَلِيٍّ سَبْعَ سِنِينَ، وَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ مَعِي أَحَدٌ غَيْرُهُ».
2,610473 / _2 اَلشَّيْخُ فِي (مَجَالِسِهِ)، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ، عَنْ أَبِي اَلْمُفَضَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو اَلْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ اَلْهَمْدَانِيُّ بِالْكُوفَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ اَلْمُفَضَّلِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ قَيْسٍ اَلْأَشْعَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَسَّانَ اَلْوَاسِطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اَلرَّحْمَنِ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ، عَنِ اَلْحَسَنِ (عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ) فِي خُطْبَةٍ خَطَبَهَا عِنْدَ صُلْحِ مُعَاوِيَةَ بِمَحْضَرِهِ قَالَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) فِيهَا: «وَ كَانَ أَبِي سَابِقَ اَلسَّابِقِينَ إِلَى اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ إِلَى رَسُولِهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ أَقْرَبُ اَلْأَقْرَبِينَ، وَ قَدْ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: لاٰ يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ اَلْفَتْحِ وَ قٰاتَلَ أُولٰئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً . فَأَبِي كَانَ أَوَّلَهُمْ إِسْلاَماً وَ إِيمَاناً، وَ أَوَّلَهُمْ إِلَى اَللَّهِ وَ رَسُولِهِ، هِجْرَةً وَ لُحُوقاً، وَ أَوَّلَهُمْ عَلَى وُجْدِهِ وَ وُسْعِهِ نَفَقَةً، قَالَ سُبْحَانَهُ: وَ اَلَّذِينَ جٰاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اِغْفِرْ لَنٰا وَ لِإِخْوٰانِنَا اَلَّذِينَ سَبَقُونٰا بِالْإِيمٰانِ وَ لاٰ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنٰا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنٰا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ فَالنَّاسُ مِنْ جَمِيعِ اَلْأُمَمِ يَسْتَغْفِرُونَ بِسَبْقِهِ إِيَّاهُمْ إِلَى اَلْإِيمَانِ بِنَبِيِّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْهُ إِلَى اَلْإِيمَانِ أَحَدٌ، وَ قَدْ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: وَ اَلسّٰابِقُونَ اَلْأَوَّلُونَ مِنَ اَلْمُهٰاجِرِينَ وَ اَلْأَنْصٰارِ وَ اَلَّذِينَ اِتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسٰانٍ فَهُوَ سَابِقُ جَمِيعِ اَلسَّابِقِينَ، فَكَمَا أَنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَضَّلَ اَلسَّابِقِينَ عَلَى اَلْمُتَخَلِّفِينَ وَ اَلْمُتَأَخِّرِينَ [فَكَذَلِكَ] فَضْلُ سَابِقِ اَلسَّابِقِينَ عَلَى اَلسَّابِقِينَ».
610519 / _1 مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ : عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ ، عَنِ اَلْقَاسِمِ بْنِ يَزِيدَ ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو اَلزُّبَيْرِيُّ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: إِنَّ لِلْإِيمَانِ دَرَجَاتٍ وَ مَنَازِلَ، يَتَفَاضَلُ اَلْمُؤْمِنُونَ فِيهَا عِنْدَ اَللَّهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ». قُلْتُ: صِفْهُ لِي رَحِمَكَ اَللَّهُ حَتَّى أَفْهَمَهُ؟ قَالَ: «إِنَّ اَللَّهَ سَبَّقَ بَيْنَ اَلْمُؤْمِنِينَ كَمَا يُسَبِّقُ بَيْنَ اَلْخَيْلِ يَوْمَ اَلرِّهَانِ، ثُمَّ فَضَّلَهُمْ عَلَى دَرَجَاتِهِمْ فِي اَلسَّبْقِ إِلَيْهِ، فَجَعَلَ لِكُلِّ اِمْرِئٍ مِنْهُمْ عَلَى دَرَجَةِ سَبْقِهِ لاَ يَنْقُصُهُ فِيهَا مِنْ حَقِّهِ، وَ لاَ يَتَقَدَّمُ مَسْبُوقٌ سَابِقاً، وَ لاَ مَفْضُولٌ فَاضِلاً، تَفَاضَلُ بِذَلِكَ أَوَائِلُ هَذِهِ اَلْأُمَّةِ وَ أَوَاخِرُهَا، وَ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلسَّابِقِ إِلَى اَلْإِيمَانِ فَضْلٌ عَلَى اَلْمَسْبُوقِ إِذَنْ لَلَحِقَ آخِرُ هَذِهِ اَلْأُمَّةِ أَوَّلَهَا، نَعَمْ وَ لَتَقَدَّمُوهُمْ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِمَنْ سَبَقَ إِلَى اَلْإِيمَانِ اَلْفَضْلُ عَلَى مَنْ أَبْطَأَ عَنْهُ، وَ لَكِنْ بِدَرَجَاتِ اَلْإِيمَانِ قَدَّمَ اَللَّهُ اَلسَّابِقِينَ، وَ بِالْإِبْطَاءِ عَنِ اَلْإِيمَانِ أَخَّرَ اَللَّهُ اَلْمُقَصِّرِينَ، لِأَنَّا نَجِدُ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ مِنَ اَلْآخِرِينَ، مَنْ هُوَ أَكْثَرُ عَمَلاً مِنَ اَلْأَوَّلِينَ، وَ أَكْثَرُهُمْ صَلاَةً وَ صَوْماً وَ حَجّاً وَ زَكَاةً وَ جِهَاداً وَ إِنْفَاقاً، وَ لَوْ لَمْ يَكُنْ سَوَابِقُ يَفْضُلُ بِهَا اَلْمُؤْمِنُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً عِنْدَ اَللَّهِ لَكَانَ اَلْآخِرُونَ بِكَثْرَةِ اَلْعَمَلِ مُتَقَدِّمِينَ عَلَى اَلْأَوَّلِينَ، [لَكِنْ] أَبَى اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُدْرِكَ آخِرُ دَرَجَاتِ اَلْإِيمَانِ أَوَّلَهَا، وَ يُقَدَّمَ فِيهَا مَنْ أَخَّرَ اَللَّهُ، أَوْ يُؤَخَّرَ فِيهَا مَنْ قَدَّمَ اَللَّهُ». قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَمَّا نَدَبَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ اَلْمُؤْمِنِينَ إِلَيْهِ مِنَ اَلاِسْتِبَاقِ إِلَى اَلْإِيمَانِ. فَقَالَ: «قَوْلُ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: سٰابِقُوا إِلىٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُهٰا كَعَرْضِ اَلسَّمٰاءِ وَ اَلْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللّٰهِ وَ رُسُلِهِ ، وَ قَالَ: اَلسّٰابِقُونَ اَلسّٰابِقُونَ*`أُولٰئِكَ اَلْمُقَرَّبُونَ ، وَ قَالَ: وَ اَلسّٰابِقُونَ اَلْأَوَّلُونَ مِنَ اَلْمُهٰاجِرِينَ وَ اَلْأَنْصٰارِ وَ اَلَّذِينَ اِتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسٰانٍ رَضِيَ اَللّٰهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ ، فَبَدَأَ بِالْمُهَاجِرِينَ اَلْأَوَّلِينَ عَلَى دَرَجَةِ سَبْقِهِمْ، ثُمَّ ثَنَّى بِالْأَنْصَارِ ، ثُمَّ ثَلَّثَ بِالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، فَوَضَعَ كُلَّ قَوْمٍ عَلَى قَدْرِ دَرَجَاتِهِمْ وَ مَنَازِلِهِمْ عِنْدَهُ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا فَضَّلَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ أَوْلِيَاءَهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَّ: تِلْكَ اَلرُّسُلُ فَضَّلْنٰا بَعْضَهُمْ عَلىٰ بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اَللّٰهُ وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجٰاتٍ إِلَى آخِرِ اَلْآيَةِ، وَ قَالَ: وَ لَقَدْ فَضَّلْنٰا بَعْضَ اَلنَّبِيِّينَ عَلىٰ بَعْضٍ ، وَ قَالَ: اُنْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنٰا بَعْضَهُمْ عَلىٰ بَعْضٍ وَ لَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجٰاتٍ وَ أَكْبَرُ تَفْضِيلاً ، وَ قَالَ: هُمْ دَرَجٰاتٌ عِنْدَ اَللّٰهِ ، وَ قَالَ: يُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ، وَ قَالَ: اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ هٰاجَرُوا وَ جٰاهَدُوا فِي سَبِيلِ اَللّٰهِ بِأَمْوٰالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اَللّٰهِ ، وَ قَالَ: وَ فَضَّلَ اَللّٰهُ اَلْمُجٰاهِدِينَ عَلَى اَلْقٰاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً* `دَرَجٰاتٍ مِنْهُ وَ مَغْفِرَةً وَ رَحْمَةً ، وَ قَالَ: لاٰ يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ اَلْفَتْحِ وَ قٰاتَلَ أُولٰئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ اَلَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَ قٰاتَلُوا ، وَ قَالَ: يَرْفَعِ اَللّٰهُ اَلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ اَلَّذِينَ أُوتُوا اَلْعِلْمَ دَرَجٰاتٍ ، وَ قَالَ: ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ لاٰ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَ لاٰ نَصَبٌ وَ لاٰ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اَللّٰهِ وَ لاٰ يَطَؤُنَ مَوْطِئاً يَغِيظُ اَلْكُفّٰارَ وَ لاٰ يَنٰالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلاّٰ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صٰالِحٌ ، وَ قَالَ: وَ مٰا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اَللّٰهِ ، وَ قَالَ: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقٰالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ*`وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقٰالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ فَهَذَا ذِكْرُ دَرَجَاتِ اَلْإِيمَانِ وَ مَنَازِلِهِ عِنْدَ اَللَّهِ تَعَالَى».
2,610631 / _1 اَلشَّيْخُ فِي (مَجَالِسِهِ)، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ، عَنْ أَبِي اَلْمُفَضَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو اَلْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ اَلْهَمْدَانِيُّ بِالْكُوفَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ اَلْمُفَضَّلِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ قَيْسٍ اَلْأَشْعَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَسَّانَ اَلْوَاسِطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اَلرَّحْمَنِ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ، عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ) فِي خُطْبَةٍ خَطَبَهَا عِنْدَ صُلْحِهِ مَعَ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) فِيهَا بِمَحْضَرِ مُعَاوِيَةَ: «فَصَدَّقَ أَبِي رَسُولَ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) سَابِقاً وَ وَقَاهُ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي كُلِّ مَوْطِنٍ يُقَدِّمُهُ، وَ لِكُلِّ شَدِيدَةٍ يُرْسِلُهُ ثِقَةً مِنْهُ بِهِ وَ طُمَأْنِينَةً إِلَيْهِ، لِعِلْمِهِ بِنَصِيحَتِهِ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رَسُولِهِ [وَ إِنَّهُ أَقْرَبُ اَلْمُقَرَّبِينَ مِنَ اَللَّهِ وَ رَسُولِهِ، وَ قَدْ قَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ:] وَ اَلسّٰابِقُونَ اَلسّٰابِقُونَ*`أُولٰئِكَ اَلْمُقَرَّبُونَ ، فَكَانَ أَبِي سَابِقَ اَلسَّابِقِينَ إِلَى اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ إِلَى رَسُولِهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ أَقْرَبُ اَلْأَقْرَبِينَ، وَ قَدْ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: لاٰ يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ اَلْفَتْحِ وَ قٰاتَلَ أُولٰئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً ، فَأَبِي كَانَ أَوَّلَهُمْ إِسْلاَماً وَ إِيمَاناً، وَ أَوَّلَهُمْ إِلَى اَللَّهِ وَ رَسُولِهِ هِجْرَةً وَ لُحُوقاً، وَ أَوَّلَهُمْ عَلَى وُجْدِهِ وَ وُسْعِهِ نَفَقَةً، قَالَ سُبْحَانَهُ: وَ اَلَّذِينَ جٰاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اِغْفِرْ لَنٰا وَ لِإِخْوٰانِنَا اَلَّذِينَ سَبَقُونٰا بِالْإِيمٰانِ وَ لاٰ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنٰا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنٰا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ ، فَالنَّاسُ مِنْ جَمِيعِ اَلْأُمَمِ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ لِسَبْقِهِ إِيَّاهُمْ إِلَى اَلْإِيمَانِ بِنَبِيِّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْهُ بِهِ أَحَدٌ، وَ قَدْ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: وَ اَلسّٰابِقُونَ اَلْأَوَّلُونَ مِنَ اَلْمُهٰاجِرِينَ وَ اَلْأَنْصٰارِ وَ اَلَّذِينَ اِتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسٰانٍ رَضِيَ اَللّٰهُ عَنْهُمْ ، فَهُوَ سَابِقُ جَمِيعِ اَلسَّابِقِينَ، فَكَمَا أَنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَضَّلَ اَلسَّابِقِينَ عَلَى اَلْمُخْتَلِفِينَ [وَ اَلْمُتَأَخِّرِينَ، فَكَذَلِكَ] فَضَّلَ سَابِقَ اَلسَّابِقِينَ عَلَى اَلسَّابِقِينَ».
أخرج أبو عبيد و سنيد و ابن جرير و ابن المنذر و ابن مردويه عن حبيب الشهيد عن عمرو بن عامر الأنصاري ان عمر بن الخطاب قرأ و السابقون الأولون من المهاجرين و الأنصار الذين اتبعوهم بإحسان فرفع الأنصار و لم يلحق الواو في الذين فقال له زيد بن ثابت وَ اَلَّذِينَ فقال عمر الذين فقال زيد أمير المؤمنين اعلم فقال عمر رضى الله عنه ائتوني بابى بن كعب فأتاه فسأله عن ذلك فقال أبى وَ اَلَّذِينَ فقال عمر رضى الله عنه فنعم اذن فتابع أبيا
14و أخرج ابن جرير و أبو الشيخ عن محمد بن كعب القرظي قال مر عمر رضى الله عنه برجل يقرأ اَلسّٰابِقُونَ اَلْأَوَّلُونَ مِنَ اَلْمُهٰاجِرِينَ وَ اَلْأَنْصٰارِ فأخذ عمر بيده فقال من أقرأك هذا قال أبى بن كعب قال لا تفارقني حتى أذهب بك اليه فلما جاءه قال عمر أنت أقرأت هذا هذه الآية هكذا قال نعم قال و سمعتها من رسول الله صلى الله عليه و سلم قال نعم قال لقد كنت أرى انا رفعنا رفعة لا يبلغها أحد بعدنا فقال أبى تصديق ذلك في أول سورة الجمعة وَ آخَرِينَ مِنْهُمْ لَمّٰا يَلْحَقُوا بِهِمْ و في سورة الحشر وَ اَلَّذِينَ جٰاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اِغْفِرْ لَنٰا وَ لِإِخْوٰانِنَا اَلَّذِينَ سَبَقُونٰا بِالْإِيمٰانِ في الأنفال وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا (مِنْ بَعْدُ) وَ هٰاجَرُوا وَ جٰاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولٰئِكَ مِنْكُمْ
14و أخرج ابو الشيخ عن أبى اسامة و محمد بن ابراهيم التيمي قالا مر عمر بن الخطاب برجل و هو يقرأ وَ اَلسّٰابِقُونَ اَلْأَوَّلُونَ مِنَ اَلْمُهٰاجِرِينَ وَ اَلْأَنْصٰارِ وَ اَلَّذِينَ اِتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسٰانٍ فوقف عمر فلما انصرف الرجل قال من أقرأك هذه قال أقرأنيها أبى بن كعب قال فانطلق اليه فانطلقا اليه فقال يا أبا المنذر أخبرني هذا انك أقرأته هذه الآية قال صدق تلقيتها من في رسول الله صلى الله عليه و سلم قال عمر أنت تلقيتها من في رسول الله صلى الله عليه و سلم قال فقال في الثالثة و هو غضبان نعم و الله لقد أنزلها الله على جبريل عليه السلام و أنزلها جبريل عليه السلام على قلب محمد صلى الله عليه و سلم و لم يستأمر فيها الخطاب و لا ابنه فخرج عمر رافعا يديه و هو يقول الله أكبر الله أكبر
و أخرج ابن جرير و ابن أبى حاتم و أبو الشيخ و أبو نعيم في المعرفة عن أبى موسى انه سئل عن قوله وَ اَلسّٰابِقُونَ اَلْأَوَّلُونَ قالوا هم الذين صلوا القبلتين جميعا
و أخرج ابن أبى شيبة و ابن أبى حاتم و ابن المنذر و ابن مردويه و أبو نعيم في المعرفة عن سعيد بن المسيب في قوله وَ اَلسّٰابِقُونَ اَلْأَوَّلُونَ قال هم الذين صلوا القبلتين جميعا
و أخرج ابن المنذر و أبو نعيم عن الحسن و محمد بن سيرين في قوله وَ اَلسّٰابِقُونَ اَلْأَوَّلُونَ قال هم الذين صلوا القبلتين جميعا وهم أهل بدر
و أخرج ابن مردويه عن ابن عباس وَ اَلسّٰابِقُونَ اَلْأَوَّلُونَ مِنَ اَلْمُهٰاجِرِينَ قال أبو بكر و عمر و على و سلمان و عمار بن ياسر
و أخرج ابن أبى شيبة و ابن المنذر و ابن أبى حاتم و ابن مردويه و أبو الشيخ و أبو نعيم في المعرفة عن الشعبي في قوله وَ اَلسّٰابِقُونَ اَلْأَوَّلُونَ قال من أدرك بيعة الرضوان و أول من بايع بيعة الرضوان سنان بن وهب الأسدي
و أخرج ابن مردويه عن غيلان بن جرير قال قلت لأنس بن مالك هذا الاسم الأنصار أنتم سميتموه أنفسكم أو الله تعالى سماكم من السماء قال الله تعالى سمانا من السماء
14و أخرج ابن أبى شيبة و أحمد و النسائي عن معاوية بن أبى سفيان سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم آية الايمان حب الأنصار و آية النفاق بغض الأنصار
14و أخرج أحمد عن أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال اللهم اغفر للأنصار و لأبناء الأنصار و لأزواج الأنصار و لذرارى الأنصار الأنصار كرشي و عيبتي و لو أن الناس أخذوا شعبا و أخذت الأنصار شعبا لأخذت شعب الأنصار و لو لا الهجرة كنت امرأ من الأنصار
14و أخرج ابن أبى شيبة و أحمد عن الحارث بن زياد قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم من أحب الأنصار أحبه الله حين يلقاه و من أبغض الأنصار أبغضه الله حين يلقاه
14و أخرج ابن أبى شيبة و الترمذي و حسنه و النسائي عن ابن عباس رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يبغض الأنصار رجل يُؤْمِنَّ بِاللّٰهِ وَ اَلْيَوْمِ اَلْآخِرِ
14و أخرج ابن أبى شيبة عن معاذ بن رفاعة عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم اللهم اغفر للأنصار و لذرارى الأنصار و لذرارى ذراريهم و لمواليهم و لجيرانهم
14و أخرج ابن أبى شيبة و البخاري و مسلم عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال قريش و الأنصار و جهينة و مزينة و أسلم و غفار موالي الله و رسوله لا مولى لهم غيره
14و أخرج ابن أبى شيبة و مسلم عن أبى سعيد الخدري رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يبغض الأنصار رجل يُؤْمِنَّ بِاللّٰهِ وَ اَلْيَوْمِ اَلْآخِرِ
14و أخرج الطبراني عن السائب بن يزيد رضى الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قسم الفيء الذي أفاء الله بحنين في أهل مكة من قريش و غيرهم فغضب الأنصار فأتاهم فقال يا معشر الأنصار قد بلغني من حديثكم في هذه المغانم التي آثرت بها أناسا أتألفهم على الإسلام لعلهم أن يشهدوا بعد اليوم و قد أدخل الله قلوبهم الإسلام يا معشر الأنصار ألم يمن الله عليكم بالايمان و خصكم بالكرامة و سماكم بأحسن الأسماء أنصار الله و أنصار رسوله و لو لا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار و لو سلك الناس واديا و سلكتم واديا لسلكت واديكم أفلا ترضون ان يذهب الناس بهذه الغنائم و الشاء و النعم و البعير و تذهبون برسول الله صلى الله عليه و سلم فقالوا رضينا فقال أجيبوني فيما قلت قالوا يا رسول الله و جدتنا في ظلمة فأخرجنا الله بك إلى النور و وجدتنا على شفا حفرة من النار فأنقذنا الله بك و وجدتنا ضلالا فهدانا الله بك فرضينا بالله ربا و بالإسلام دينا و بمحمد نبيا فقال أما و الله لو أجبتمونى بغير هذا القول لقلت صدقتم لو قلتم ألم تأتنا طريدا فآويناك و مكذبا فصدقناك و مخذولا فنصرناك و قبلنا ما رد الناس عليك لو قلتم هذا لصدقتم قالوا بل لله و لرسوله المن و الفضل علينا و على غيرنا
14و أخرج ابن أبى شيبة عن قيس بن سعد بن عبادة عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال اللهم صلى على الأنصار و على ذرية الأنصار و على ذرية ذرية الأنصار
14و أخرج ابى أبى شيبة عن أبى سعيد الخدري رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لو سلك الناس واديا و شعبا و سلكتم واديا و شعبا لسلكت واديكم و شعبكم أنتم شعار و الناس دثار و لو لا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار ثم رفع يديه حتى انى لأرى بياض إبطيه فقال اللهم اغفر للأنصار و لأبناء الأنصار لأبناء أبناء الأنصار