سوره
نام سوره
کتاب0
قرن0
مذهب0
نوع0
بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ
يَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡأَنفَالِۖ قُلِ ٱلۡأَنفَالُ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِۖ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَصۡلِحُواْ ذَاتَ بَيۡنِكُمۡۖ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ1
إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتۡ قُلُوبُهُمۡ وَإِذَا تُلِيَتۡ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُهُۥ زَادَتۡهُمۡ إِيمَٰنࣰا وَعَلَىٰ رَبِّهِمۡ يَتَوَكَّلُونَ2
ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ3
أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ حَقࣰّاۚ لَّهُمۡ دَرَجَٰتٌ عِندَ رَبِّهِمۡ وَمَغۡفِرَةࣱ وَرِزۡقࣱ كَرِيمࣱ4
كَمَآ أَخۡرَجَكَ رَبُّكَ مِنۢ بَيۡتِكَ بِٱلۡحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقࣰا مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ لَكَٰرِهُونَ5
يُجَٰدِلُونَكَ فِي ٱلۡحَقِّ بَعۡدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى ٱلۡمَوۡتِ وَهُمۡ يَنظُرُونَ6
وَإِذۡ يَعِدُكُمُ ٱللَّهُ إِحۡدَى ٱلطَّآئِفَتَيۡنِ أَنَّهَا لَكُمۡ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيۡرَ ذَاتِ ٱلشَّوۡكَةِ تَكُونُ لَكُمۡ وَيُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُحِقَّ ٱلۡحَقَّ بِكَلِمَٰتِهِۦ وَيَقۡطَعَ دَابِرَ ٱلۡكَٰفِرِينَ7
لِيُحِقَّ ٱلۡحَقَّ وَيُبۡطِلَ ٱلۡبَٰطِلَ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُجۡرِمُونَ8
إِذۡ تَسۡتَغِيثُونَ رَبَّكُمۡ فَٱسۡتَجَابَ لَكُمۡ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلۡفࣲ مِّنَ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةِ مُرۡدِفِينَ9
وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلَّا بُشۡرَىٰ وَلِتَطۡمَئِنَّ بِهِۦ قُلُوبُكُمۡۚ وَمَا ٱلنَّصۡرُ إِلَّا مِنۡ عِندِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ10
إِذۡ يُغَشِّيكُمُ ٱلنُّعَاسَ أَمَنَةࣰ مِّنۡهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيۡكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءࣰ لِّيُطَهِّرَكُم بِهِۦ وَيُذۡهِبَ عَنكُمۡ رِجۡزَ ٱلشَّيۡطَٰنِ وَلِيَرۡبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمۡ وَيُثَبِّتَ بِهِ ٱلۡأَقۡدَامَ11
إِذۡ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمۡ فَثَبِّتُواْ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْۚ سَأُلۡقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعۡبَ فَٱضۡرِبُواْ فَوۡقَ ٱلۡأَعۡنَاقِ وَٱضۡرِبُواْ مِنۡهُمۡ كُلَّ بَنَانࣲ12
ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ شَآقُّواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥۚ وَمَن يُشَاقِقِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ13
ذَٰلِكُمۡ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابَ ٱلنَّارِ14
يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ زَحۡفࣰا فَلَا تُوَلُّوهُمُ ٱلۡأَدۡبَارَ15
وَمَن يُوَلِّهِمۡ يَوۡمَئِذࣲ دُبُرَهُۥٓ إِلَّا مُتَحَرِّفࣰا لِّقِتَالٍ أَوۡ مُتَحَيِّزًا إِلَىٰ فِئَةࣲ فَقَدۡ بَآءَ بِغَضَبࣲ مِّنَ ٱللَّهِ وَمَأۡوَىٰهُ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ16
فَلَمۡ تَقۡتُلُوهُمۡ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ قَتَلَهُمۡۚ وَمَا رَمَيۡتَ إِذۡ رَمَيۡتَ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ وَلِيُبۡلِيَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ مِنۡهُ بَلَآءً حَسَنًاۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمࣱ17
ذَٰلِكُمۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ مُوهِنُ كَيۡدِ ٱلۡكَٰفِرِينَ18
إِن تَسۡتَفۡتِحُواْ فَقَدۡ جَآءَكُمُ ٱلۡفَتۡحُۖ وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيۡرࣱ لَّكُمۡۖ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدۡ وَلَن تُغۡنِيَ عَنكُمۡ فِئَتُكُمۡ شَيۡـࣰٔا وَلَوۡ كَثُرَتۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ19
يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَا تَوَلَّوۡاْ عَنۡهُ وَأَنتُمۡ تَسۡمَعُونَ20
وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ قَالُواْ سَمِعۡنَا وَهُمۡ لَا يَسۡمَعُونَ21
إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَآبِّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلصُّمُّ ٱلۡبُكۡمُ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡقِلُونَ22
وَلَوۡ عَلِمَ ٱللَّهُ فِيهِمۡ خَيۡرࣰا لَّأَسۡمَعَهُمۡۖ وَلَوۡ أَسۡمَعَهُمۡ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعۡرِضُونَ23
يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱسۡتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمۡ لِمَا يُحۡيِيكُمۡۖ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيۡنَ ٱلۡمَرۡءِ وَقَلۡبِهِۦ وَأَنَّهُۥٓ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ24
وَٱتَّقُواْ فِتۡنَةࣰ لَّا تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمۡ خَآصَّةࣰۖ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ25
وَٱذۡكُرُوٓاْ إِذۡ أَنتُمۡ قَلِيلࣱ مُّسۡتَضۡعَفُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ ٱلنَّاسُ فَـَٔاوَىٰكُمۡ وَأَيَّدَكُم بِنَصۡرِهِۦ وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ26
يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَخُونُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُوٓاْ أَمَٰنَٰتِكُمۡ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ27
وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَآ أَمۡوَٰلُكُمۡ وَأَوۡلَٰدُكُمۡ فِتۡنَةࣱ وَأَنَّ ٱللَّهَ عِندَهُۥٓ أَجۡرٌ عَظِيمࣱ28
يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن تَتَّقُواْ ٱللَّهَ يَجۡعَل لَّكُمۡ فُرۡقَانࣰا وَيُكَفِّرۡ عَنكُمۡ سَيِّـَٔاتِكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡۗ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ29
وَإِذۡ يَمۡكُرُ بِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثۡبِتُوكَ أَوۡ يَقۡتُلُوكَ أَوۡ يُخۡرِجُوكَۚ وَيَمۡكُرُونَ وَيَمۡكُرُ ٱللَّهُۖ وَٱللَّهُ خَيۡرُ ٱلۡمَٰكِرِينَ30
وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُنَا قَالُواْ قَدۡ سَمِعۡنَا لَوۡ نَشَآءُ لَقُلۡنَا مِثۡلَ هَٰذَآۙ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّآ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ31
وَإِذۡ قَالُواْ ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَٰذَا هُوَ ٱلۡحَقَّ مِنۡ عِندِكَ فَأَمۡطِرۡ عَلَيۡنَا حِجَارَةࣰ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئۡتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمࣲ32
وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمۡ وَأَنتَ فِيهِمۡۚ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ مُعَذِّبَهُمۡ وَهُمۡ يَسۡتَغۡفِرُونَ33
وَمَا لَهُمۡ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ ٱللَّهُ وَهُمۡ يَصُدُّونَ عَنِ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ وَمَا كَانُوٓاْ أَوۡلِيَآءَهُۥٓۚ إِنۡ أَوۡلِيَآؤُهُۥٓ إِلَّا ٱلۡمُتَّقُونَ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ34
وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمۡ عِندَ ٱلۡبَيۡتِ إِلَّا مُكَآءࣰ وَتَصۡدِيَةࣰۚ فَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡفُرُونَ35
إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمۡ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيۡهِمۡ حَسۡرَةࣰ ثُمَّ يُغۡلَبُونَۗ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحۡشَرُونَ36
لِيَمِيزَ ٱللَّهُ ٱلۡخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيِّبِ وَيَجۡعَلَ ٱلۡخَبِيثَ بَعۡضَهُۥ عَلَىٰ بَعۡضࣲ فَيَرۡكُمَهُۥ جَمِيعࣰا فَيَجۡعَلَهُۥ فِي جَهَنَّمَۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ37
قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِن يَنتَهُواْ يُغۡفَرۡ لَهُم مَّا قَدۡ سَلَفَ وَإِن يَعُودُواْ فَقَدۡ مَضَتۡ سُنَّتُ ٱلۡأَوَّلِينَ38
وَقَٰتِلُوهُمۡ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتۡنَةࣱ وَيَكُونَ ٱلدِّينُ كُلُّهُۥ لِلَّهِۚ فَإِنِ ٱنتَهَوۡاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِمَا يَعۡمَلُونَ بَصِيرࣱ39
وَإِن تَوَلَّوۡاْ فَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَوۡلَىٰكُمۡۚ نِعۡمَ ٱلۡمَوۡلَىٰ وَنِعۡمَ ٱلنَّصِيرُ40
وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَا غَنِمۡتُم مِّن شَيۡءࣲ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُۥ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِيلِ إِن كُنتُمۡ ءَامَنتُم بِٱللَّهِ وَمَآ أَنزَلۡنَا عَلَىٰ عَبۡدِنَا يَوۡمَ ٱلۡفُرۡقَانِ يَوۡمَ ٱلۡتَقَى ٱلۡجَمۡعَانِۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءࣲ قَدِيرٌ41
إِذۡ أَنتُم بِٱلۡعُدۡوَةِ ٱلدُّنۡيَا وَهُم بِٱلۡعُدۡوَةِ ٱلۡقُصۡوَىٰ وَٱلرَّكۡبُ أَسۡفَلَ مِنكُمۡۚ وَلَوۡ تَوَاعَدتُّمۡ لَٱخۡتَلَفۡتُمۡ فِي ٱلۡمِيعَٰدِۙ وَلَٰكِن لِّيَقۡضِيَ ٱللَّهُ أَمۡرࣰا كَانَ مَفۡعُولࣰا لِّيَهۡلِكَ مَنۡ هَلَكَ عَنۢ بَيِّنَةࣲ وَيَحۡيَىٰ مَنۡ حَيَّ عَنۢ بَيِّنَةࣲۗ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ42
إِذۡ يُرِيكَهُمُ ٱللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلࣰاۖ وَلَوۡ أَرَىٰكَهُمۡ كَثِيرࣰا لَّفَشِلۡتُمۡ وَلَتَنَٰزَعۡتُمۡ فِي ٱلۡأَمۡرِ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ سَلَّمَۚ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ43
وَإِذۡ يُرِيكُمُوهُمۡ إِذِ ٱلۡتَقَيۡتُمۡ فِيٓ أَعۡيُنِكُمۡ قَلِيلࣰا وَيُقَلِّلُكُمۡ فِيٓ أَعۡيُنِهِمۡ لِيَقۡضِيَ ٱللَّهُ أَمۡرࣰا كَانَ مَفۡعُولࣰاۗ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرۡجَعُ ٱلۡأُمُورُ44
يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا لَقِيتُمۡ فِئَةࣰ فَٱثۡبُتُواْ وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيرࣰا لَّعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ45
وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَا تَنَٰزَعُواْ فَتَفۡشَلُواْ وَتَذۡهَبَ رِيحُكُمۡۖ وَٱصۡبِرُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِينَ46
وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَٰرِهِم بَطَرࣰا وَرِئَآءَ ٱلنَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ وَٱللَّهُ بِمَا يَعۡمَلُونَ مُحِيطࣱ47
وَإِذۡ زَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ أَعۡمَٰلَهُمۡ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ ٱلۡيَوۡمَ مِنَ ٱلنَّاسِ وَإِنِّي جَارࣱ لَّكُمۡۖ فَلَمَّا تَرَآءَتِ ٱلۡفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَىٰ عَقِبَيۡهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيٓءࣱ مِّنكُمۡ إِنِّيٓ أَرَىٰ مَا لَا تَرَوۡنَ إِنِّيٓ أَخَافُ ٱللَّهَۚ وَٱللَّهُ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ48
إِذۡ يَقُولُ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَـٰٓؤُلَآءِ دِينُهُمۡۗ وَمَن يَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمࣱ49
وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذۡ يَتَوَفَّى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۙ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ يَضۡرِبُونَ وُجُوهَهُمۡ وَأَدۡبَٰرَهُمۡ وَذُوقُواْ عَذَابَ ٱلۡحَرِيقِ50
ذَٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيكُمۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيۡسَ بِظَلَّـٰمࣲ لِّلۡعَبِيدِ51
كَدَأۡبِ ءَالِ فِرۡعَوۡنَۙ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَفَرُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيࣱّ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ52
ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمۡ يَكُ مُغَيِّرࣰا نِّعۡمَةً أَنۡعَمَهَا عَلَىٰ قَوۡمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمۡۙ وَأَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمࣱ53
كَدَأۡبِ ءَالِ فِرۡعَوۡنَۙ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِ رَبِّهِمۡ فَأَهۡلَكۡنَٰهُم بِذُنُوبِهِمۡ وَأَغۡرَقۡنَآ ءَالَ فِرۡعَوۡنَۚ وَكُلࣱّ كَانُواْ ظَٰلِمِينَ54
إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَآبِّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَهُمۡ لَا يُؤۡمِنُونَ55
ٱلَّذِينَ عَٰهَدتَّ مِنۡهُمۡ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهۡدَهُمۡ فِي كُلِّ مَرَّةࣲ وَهُمۡ لَا يَتَّقُونَ56
فَإِمَّا تَثۡقَفَنَّهُمۡ فِي ٱلۡحَرۡبِ فَشَرِّدۡ بِهِم مَّنۡ خَلۡفَهُمۡ لَعَلَّهُمۡ يَذَّكَّرُونَ57
وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوۡمٍ خِيَانَةࣰ فَٱنۢبِذۡ إِلَيۡهِمۡ عَلَىٰ سَوَآءٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡخَآئِنِينَ58
وَلَا يَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ سَبَقُوٓاْۚ إِنَّهُمۡ لَا يُعۡجِزُونَ59
وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن قُوَّةࣲ وَمِن رِّبَاطِ ٱلۡخَيۡلِ تُرۡهِبُونَ بِهِۦ عَدُوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمۡ وَءَاخَرِينَ مِن دُونِهِمۡ لَا تَعۡلَمُونَهُمُ ٱللَّهُ يَعۡلَمُهُمۡۚ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيۡءࣲ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ يُوَفَّ إِلَيۡكُمۡ وَأَنتُمۡ لَا تُظۡلَمُونَ60
وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلۡمِ فَٱجۡنَحۡ لَهَا وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ61
وَإِن يُرِيدُوٓاْ أَن يَخۡدَعُوكَ فَإِنَّ حَسۡبَكَ ٱللَّهُۚ هُوَ ٱلَّذِيٓ أَيَّدَكَ بِنَصۡرِهِۦ وَبِٱلۡمُؤۡمِنِينَ62
وَأَلَّفَ بَيۡنَ قُلُوبِهِمۡۚ لَوۡ أَنفَقۡتَ مَا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعࣰا مَّآ أَلَّفۡتَ بَيۡنَ قُلُوبِهِمۡ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ أَلَّفَ بَيۡنَهُمۡۚ إِنَّهُۥ عَزِيزٌ حَكِيمࣱ63
يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَسۡبُكَ ٱللَّهُ وَمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ64
يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَرِّضِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ عَلَى ٱلۡقِتَالِۚ إِن يَكُن مِّنكُمۡ عِشۡرُونَ صَٰبِرُونَ يَغۡلِبُواْ مِاْئَتَيۡنِۚ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّاْئَةࣱ يَغۡلِبُوٓاْ أَلۡفࣰا مِّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمࣱ لَّا يَفۡقَهُونَ65
ٱلۡـَٰٔنَ خَفَّفَ ٱللَّهُ عَنكُمۡ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمۡ ضَعۡفࣰاۚ فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّاْئَةࣱ صَابِرَةࣱ يَغۡلِبُواْ مِاْئَتَيۡنِۚ وَإِن يَكُن مِّنكُمۡ أَلۡفࣱ يَغۡلِبُوٓاْ أَلۡفَيۡنِ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِينَ66
مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُۥٓ أَسۡرَىٰ حَتَّىٰ يُثۡخِنَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ تُرِيدُونَ عَرَضَ ٱلدُّنۡيَا وَٱللَّهُ يُرِيدُ ٱلۡأٓخِرَةَۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمࣱ67
لَّوۡلَا كِتَٰبࣱ مِّنَ ٱللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمۡ فِيمَآ أَخَذۡتُمۡ عَذَابٌ عَظِيمࣱ68
فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمۡتُمۡ حَلَٰلࣰا طَيِّبࣰاۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورࣱ رَّحِيمࣱ69
يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّمَن فِيٓ أَيۡدِيكُم مِّنَ ٱلۡأَسۡرَىٰٓ إِن يَعۡلَمِ ٱللَّهُ فِي قُلُوبِكُمۡ خَيۡرࣰا يُؤۡتِكُمۡ خَيۡرࣰا مِّمَّآ أُخِذَ مِنكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورࣱ رَّحِيمࣱ70
وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ فَقَدۡ خَانُواْ ٱللَّهَ مِن قَبۡلُ فَأَمۡكَنَ مِنۡهُمۡۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ71
إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ ءَاوَواْ وَّنَصَرُوٓاْ أُوْلَـٰٓئِكَ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضࣲۚ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَمۡ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلَٰيَتِهِم مِّن شَيۡءٍ حَتَّىٰ يُهَاجِرُواْۚ وَإِنِ ٱسۡتَنصَرُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ فَعَلَيۡكُمُ ٱلنَّصۡرُ إِلَّا عَلَىٰ قَوۡمِۭ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَهُم مِّيثَٰقࣱۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرࣱ72
وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٍۚ إِلَّا تَفۡعَلُوهُ تَكُن فِتۡنَةࣱ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَفَسَادࣱ كَبِيرࣱ73
وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ ءَاوَواْ وَّنَصَرُوٓاْ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ حَقࣰّاۚ لَّهُم مَّغۡفِرَةࣱ وَرِزۡقࣱ كَرِيمࣱ74
وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنۢ بَعۡدُ وَهَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ مَعَكُمۡ فَأُوْلَـٰٓئِكَ مِنكُمۡۚ وَأُوْلُواْ ٱلۡأَرۡحَامِ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلَىٰ بِبَعۡضࣲ فِي كِتَٰبِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمُۢ75
ترجمه
تفسیر
حدیث
واژه‌نامه
اعلام و اسما
موضوعات
اعراب قرآن
آیات مرتبط
آیات در کتب
فیلتر بر اساس کتاب
کتاب
ترجمه تفسیر روایی البرهان8
جامع البیان عن تاویل آی القرآن (تفسیر الطبری)7
الدر المنثور في التفسیر بالمأثور6
تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب6
تفسير نور الثقلين6
البرهان في تفسير القرآن5
تفسير الصافي3
تفسير العيّاشي2
ترجمه تفسیر قمی1
تفسير القمي1
قرن
قرن دوازدهم25
10
قرن دهم6
قرن سوم2
قرن چهارم2
مذهب
شيعه32
سني13
نوع حدیث
تفسیری28
اسباب نزول17
45 مورد یافت شد
البرهان في تفسير القرآن

1,14,64370 / _1 مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ‌ : عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ‌ ، عَنْ أَبِيهِ‌ ، عَنِ اِبْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ ، عَنْ‌ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ‌) قَالَ‌: سَمِعْتُهُ يَقُولُ‌: فِي هَذِهِ اَلْآيَةِ‌: يٰا أَيُّهَا اَلنَّبِيُّ‌ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ اَلْأَسْرىٰ إِنْ يَعْلَمِ اَللّٰهُ‌ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمّٰا أُخِذَ مِنْكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ‌ ، قَالَ‌: «نَزَلَتْ فِي اَلْعَبَّاسِ‌ وَ عَقِيلٍ‌ وَ نَوْفَلٍ‌ ». وَ قَالَ‌: «إِنَّ رَسُولَ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌) نَهَى يَوْمَ بَدْرٍ أَنْ يُقْتَلَ أَحَدٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ‌ وَ أَبُو اَلْبَخْتَرِيِّ‌ ، فَأُسِرُوا، فَأَرْسَلَ عَلِيّاً (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ‌) فَقَالَ‌: اُنْظُرْ مَنْ هَاهُنَا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ‌ ؟ قَالَ‌: فَمَرَّ عَلِيٌّ‌ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ‌) عَلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ‌ فَحَادَ عَنْهُ‌، فَقَالَ لَهُ عَقِيلٌ‌ : يَا اِبْنَ أُمِّ عَلَيَّ‌ ، أَمَا وَ اَللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتَ مَكَانِي قَالَ‌: فَرَجَعَ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌) وَ قَالَ‌: هَذَا أَبُو اَلْفَضْلِ‌ فِي يَدِ فُلاَنٍ‌، وَ هَذَا عَقِيلٌ‌ فِي يَدِ فُلاَنٍ‌، وَ هَذَا نَوْفَلُ بْنُ اَلْحَارِثِ‌ فِي يَدِ فُلاَنٍ‌. فَقَامَ‌ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌) حَتَّى اِنْتَهَى إِلَى عَقِيلٍ‌ ، فَقَالَ لَهُ‌: يَا أَبَا يَزِيدَ ، قُتِلَ أَبُو جَهْلٍ‌ . فَقَالَ‌: إِذَنْ لاَ تُنَازَعُونَ فِي تِهَامَةَ‌ ، فَقَالَ‌: إِنْ كُنْتُمْ أَثْخَنْتُمُ اَلْقَوْمَ‌، وَ إِلاَّ فَارْكَبُوا أَكْتَافَهُمْ‌». قَالَ‌: «فَجِيءَ بِالْعَبَّاسِ‌ ، فَقِيلَ لَهُ‌: اِفْدِ نَفْسَكَ‌، وَ اِفْدِ اِبْنَ أَخِيكَ‌. فَقَالَ‌: يَا مُحَمَّدُ ، تَتْرُكُنِي أَسْأَلُ قُرَيْشاً فِي كَفِّي‌؟ فَقَالَ‌: أَعْطِ مِمَّا خَلَّفْتَهُ عِنْدَ أُمِّ اَلْفَضْلِ‌ ، وَ قُلْتَ لَهَا: إِنْ أَصَابَنِي فِي وَجْهِي هَذَا شَيْ‌ءٌ فَأَنْفِقِيهِ عَلَى نَفْسِكِ وَ وُلْدِكِ‌. فَقَالَ‌ لَهُ‌: يَا اِبْنَ أَخِي مَنْ أَخْبَرَكَ بِهَذَا؟ فَقَالَ‌: أَتَانِي [بِهِ‌] جَبْرَئِيلُ‌ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ‌) مِنْ عِنْدِ اَللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ‌. فَقَالَ‌: وَ مَحْلُوفِهِ‌ مَا عَلِمَ‌ بِهَذَا أَحَدٌ إِلاَّ أَنَا وَ هِيَ‌، أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اَللَّهِ‌ ». قَالَ‌: «فَرَجَعَ اَلْأُسَارَى كُلُّهُمْ مُشْرِكِينَ إِلاَّ اَلْعَبَّاسُ‌ وَ عَقِيلٌ‌ وَ نَوْفَلٌ‌ كَرَّمَ اَللَّهُ وُجُوهَهُمْ‌، وَ فِيهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ اَلْآيَةُ‌ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ اَلْأَسْرىٰ إِنْ يَعْلَمِ اَللّٰهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً إِلَى آخِرِ اَلْآيَةِ‌».

البرهان في تفسير القرآن

1,14,64372 / _3 اَلْعَيَّاشِيُّ‌ : عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ‌) قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ‌: فِي هَذِهِ اَلْآيَةِ‌ قُلْ‌ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ اَلْأَسْرىٰ إِنْ يَعْلَمِ اَللّٰهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمّٰا أُخِذَ مِنْكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ وَ اَللّٰهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ‌ ، قَالَ‌: «نَزَلَتْ فِي اَلْعَبَّاسِ‌ وَ عَقِيلٍ‌ وَ نَوْفَلٍ‌ ». وَ قَالَ‌: «إِنَّ رَسُولَ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌) نَهَى يَوْمَ بَدْرٍ أَنْ يُقْتَلَ أَحَدٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ‌ وَ أَبُو اَلْبَخْتَرِيِّ‌ ، فَأُسِرُوا، فَأَرْسَلَ‌ عَلِيّاً فَقَالَ‌: اُنْظُرْ مَنْ هَاهُنَا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ‌ قَالَ‌: فَمَرَّ عَلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ‌ فَحَادَ عَنْهُ قَالَ‌: فَقَالَ لَهُ‌: يَا اِبْنَ أُمِّ‌ عَلَيَّ‌، أَمَا وَ اَللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتَ مَكَانِي قَالَ‌: فَرَجَعَ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ‌ (عَلَيْهِ وَ آلِهِ اَلسَّلاَمُ‌) فَقَالَ لَهُ‌: هَذَا أَبُو اَلْفَضْلِ‌ فِي يَدِ فُلاَنٍ‌، وَ هَذَا عَقِيلٌ‌ فِي يَدِ فُلاَنٍ‌، وَ هَذَا نَوْفَلٌ‌ فِي يَدِ فُلاَنٍ‌. يَعْنِي نَوْفَلَ بْنَ اَلْحَارِثِ‌ . فَقَامَ رَسُولُ اَللَّهِ‌ (عَلَيْهِ وَ آلِهِ اَلسَّلاَمُ‌) حَتَّى اِنْتَهَى إِلَى عَقِيلٍ‌ ، فَقَالَ لَهُ‌: يَا أَبَا يَزِيدَ ، قُتِلَ أَبُو جَهْلٍ‌ . فَقَالَ‌: إِذَنْ لاَ تُنَازَعُونَ‌ فِي تِهَامَةَ‌ . قَالَ‌: إِنْ كُنْتُمْ أَثْخَنْتُمُ اَلْقَوْمَ‌، وَ إِلاَّ فَارْكَبُوا أَكْتَافَهُمْ‌». قَالَ‌: «فَجِيءَ بِالْعَبَّاسِ‌ ، فَقِيلَ لَهُ‌: اِفْدِ نَفْسَكَ‌، وَ اِفْدِ اِبْنَيْ‌ أَخِيكَ‌. فَقَالَ‌: يَا مُحَمَّدُ ، تَتْرُكُنِي أَسْأَلُ قُرَيْشاً فِي كَفِّي! فَقَالَ لَهُ‌: أَعْطِ مِمَّا خَلَّفْتَ عِنْدَ أُمِّ اَلْفَضْلِ‌ ، وَ قُلْتَ لَهَا: إِنْ أَصَابَنِي شَيْ‌ءٌ فِي وَجْهِي فَأَنْفِقِيهِ عَلَى وُلْدِكِ وَ نَفْسِكِ‌. قَالَ‌: يَا اِبْنَ أَخِي، مَنْ أَخْبَرَكَ بِهَذَا! قَالَ‌: أَتَانِي بِهِ جَبْرَئِيلُ‌ مِنْ عِنْدِ اَللَّهِ‌. فَقَالَ‌: وَ مَحْلُوفِهِ مَا عَلِمَ بِهَذَا إِلاَّ أَنَا وَ هِيَ‌، أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اَللَّهِ‌ ». قَالَ‌: «فَرَجَعَ اَلْأُسَارَى كُلُّهُمْ مُشْرِكِينَ إِلاَّ اَلْعَبَّاسُ‌ وَ عَقِيلٌ‌ وَ نَوْفَلُ بْنُ اَلْحَارِثِ‌ ، وَ فِيهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ اَلْآيَةُ‌ قُلْ لِمَنْ‌ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ اَلْأَسْرىٰ‌ إِلَى آخِرِهَا».

البرهان في تفسير القرآن

14,64371 / _2 عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ اَلْحِمْيَرِيُّ‌ : بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ مَيْمُونٍ‌ ، عَنْ جَعْفَرٍ ، عَنْ أَبِيهِ‌ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ‌)، قَالَ‌: «أُوتِيَ اَلنَّبِيُّ‌ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌) بِمَالٍ دَرَاهِمَ فَقَالَ اَلنَّبِيُّ‌ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌) لِلْعَبَّاسِ‌ : يَا عَبَّاسُ‌ ، اُبْسُطْ رِدَاءَكَ وَ خُذْ مِنْ هَذَا اَلْمَالِ طَرَفاً. فَبَسَطَ رِدَاءَهُ‌، وَ أَخَذَ مِنْهُ طَائِفَةً‌، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ‌ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ‌): يَا عَبَّاسُ‌ ، هَذَا مِنَ اَلَّذِي قَالَ‌ اَللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ اَلْأَسْرىٰ إِنْ يَعْلَمِ اَللّٰهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمّٰا أُخِذَ مِنْكُمْ‌ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ وَ اَللّٰهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ‌ ».

البرهان في تفسير القرآن

14,6,84373 / _4 عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ ، سَمِعَ أَبَا اَلْحَسَنِ اَلرِّضَا (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ‌) يَقُولُ‌: «قَالَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ‌) : أُتِيَ‌ اَلنَّبِيُّ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌) بِمَالٍ‌، فَقَالَ لِلْعَبَّاسِ‌ : اُبْسُطْ رِدَاءَكَ فَخُذْ مِنْ هَذَا اَلْمَالِ طَرَفاً. قَالَ‌: فَبَسَطَ رِدَاءَهُ فَأَخَذَ طَرَفاً مِنْ‌ ذَلِكَ اَلْمَالِ‌، قَالَ‌: ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌) : هَذَا مِمَّا قَالَ اَللَّهُ‌: يٰا أَيُّهَا اَلنَّبِيُّ‌ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ اَلْأَسْرىٰ‌ إِنْ يَعْلَمِ اَللّٰهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمّٰا أُخِذَ مِنْكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ وَ اَللّٰهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ‌ ».

البرهان في تفسير القرآن

14,54375 / _6 اَلطَّبْرِسِيُّ‌ : قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ اَلْبَاقِرُ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ‌) : «كَانَ اَلْفِدَاءُ يَوْمَ بَدْرٍ كُلُّ رَجُلٍ مِنَ اَلْمُشْرِكِينَ بِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً اَلْأُوقِيَّةُ أَرْبَعُونَ مِثْقَالاً إِلاَّ اَلْعَبَّاسَ‌ فَإِنَّ فِدَاءَهُ كَانَ مِائَةَ أُوقِيَّةٍ‌، وَ كَانَ أُخِذَ مِنْهُ حِينَ أُسِرَ عِشْرُونَ أُوقِيَّةً ذَهَباً، فَقَالَ اَلنَّبِيُّ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌) : ذَاكَ غَنِيمَةٌ‌، فَفَادِ نَفْسَكَ وَ اِبْنَيْ أَخِيكَ نَوْفَلاً وَ عَقِيلاً . فَقَالَ‌: لَيْسَ مَعِي شَيْ‌ءٌ‌. فَقَالَ‌: أَيْنَ اَلذَّهَبُ اَلَّذِي سَلَّمْتَهُ إِلَى أُمِّ اَلْفَضْلِ‌ ، وَ قُلْتَ‌: إِنْ حَدَثَ بِي حَدَثٌ فَهُوَ لَكَ وَ لِلْفَضْلِ‌ وَ عَبْدِ اَللَّهِ‌ ؟ فَقَالَ‌: مَنْ أَخْبَرَكَ بِهَذَا! قَالَ‌: اَللَّهُ تَعَالَى. فَقَالَ‌: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اَللَّهِ‌، وَ اَللَّهِ مَا اِطَّلَعَ عَلَى هَذَا أَحَدٌ إِلاَّ اَللَّهُ تَعَالَى».

الدر المنثور في التفسیر بالمأثور

14و أخرج أبو نعيم في الدلائل من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس رضى الله عنهما قال أسر رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم بدر سبعين من قريش منهم العباس و عقيل فجعل عليهم الفداء أربعين أوقية من ذهب و جعل على العباس مائة أوقية و على عقيل ثمانين أوقية فقال العباس رضى الله عنه لقد تركتني فقير قريش ما بقيت فانزل الله يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسارى حين ذكرت لرسول الله صلى الله عليه و سلم إسلامي و سألته أن يقاسمنى بالعشرين الأوقية التي أخذت منى فعوضنى الله منها عشرين عبدا كلهم تاجر يضرب بمالي مع ما أرجوا من رحمة الله و مغفرته

الدر المنثور في التفسیر بالمأثور

14أخرج الحاكم و صححه و البيهقي في سننه عن عائشة رضى الله عنها قالت لما بعث أهل مكة في فداء أسراهم بعثت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم قلادة لها في فداء زوجها فلما رآها رسول الله صلى الله عليه و سلم رق رقة شديدة و قال ان رأيتم ان تطلقوا لها أسيرها و قال العباس رضى الله عنه انى كنت مسلما يا رسول الله قال الله أعلم بإسلامك فان تكن كما تقول فالله يجزيك فافد نفسك و ابني أخويك نوفل بن الحارث و عقيل بن أبى طالب و حليفك عتبة بن عمر و قال ما ذاك عندي يا رسول الله قال فأين الذي دفنت أنت و ام الفضل فقلت لها ان أصبت فان هذا المال لبنى فقال و الله يا رسول الله ان هذا لشيء ما عمله غيرى و غيرها فاحسب لي ما أصبتم منى عشرين أوقية من مال كان معى فقال افعل ففدى نفسه و ابني أخويه و حليفه و نزلت قل لمن في أيديكم من الأسارى ان يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم فأعطاني مكان العشرين أوقية في الإسلام عشرين عبدا كلهم في يده مال نصرت به مع ما أرجوا من مغفرة الله

الدر المنثور في التفسیر بالمأثور

14و أخرج ابن سعد و الحاكم و صححه عن أبى موسى ان العلاء بن الحضرمي رضى الله عنه بعث إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم مالا أكثر منه فنثر على حصير و جاء الناس فجعل رسول الله صلى الله عليه و سلم يعطيهم و ما كان يومئذ عدد و لا وزن فجاء العباس فقال يا رسول الله انى أعطيت فدائي و فداء عقيل يوم بدر أعطني من هذا المال فقال خذ فحثى في قميصه ثم ذهب ينصرف فلم يستطع فرفع رأسه و قال يا رسول الله ارفع على فتبسم رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو يقول أما أخذ ما وعد الله فقد نجز و لا أدرى الأخرى قل لمن في أيديكم من الأسارى ان يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم و يغفر لكم هذا خير مما أخذ منى و لا أدرى ما يصنع في المغفرة

الدر المنثور في التفسیر بالمأثور

و أخرج ابن سعد و ابن عساكر عن ابن عباس رضى الله عنهما في قوله يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسارى الآية قال نزلت في الأسارى يوم بدر منهم العباس بن عبد المطلب و نوفل بن الحرث و عقيل بن أبى طالب رضى الله عنهم

الدر المنثور في التفسیر بالمأثور

و أخرج ابن جرير و ابن المنذر و ابن أبى حاتم و ابن مردويه و البيهقي في الدلائل و ابن عساكر عن ابن عباس رضى الله عنهما قال كان العباس رضى الله عنه قد أسر يوم بدر فافتدى نفسه بأربعين أوقية من ذهب فقال حين نزلت يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسارى لقد أعطاني الله خصلتين ما أحب ان لي بهما الدنيا انى أسرت يوم بدر ففديت نفسي بأربعين أوقية فأعطاني الله أربعين عبدا و انى أرجو المغفرة التي وعدنا الله

الدر المنثور في التفسیر بالمأثور

و أخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضى الله عنهما قل لمن في أيديكم من الأسارى قال عباس و أصحابه قالوا لنبي صلى الله عليه و سلم آمنا بما جئت به و نشهد أنك رسول الله فنزل إِنْ يَعْلَمِ اَللّٰهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً أى ايمانا و تصديقا يخلف لكم خيرا مما أصبت منكم وَ يَغْفِرْ لَكُمْ‌ الشرك الذي كنتم عليه فكان عباس يقول ما أحب ان هذه الآية لم تنزل فينا و ان لي ما في الدنيا من شي فلقد أعطاني الله خيرا مما أخذ منى مائة ضعف و أرجو ان يكون غفر لي

ترجمه تفسیر روایی البرهان

2)على بن ابراهيم مى‌گويد:پس از آن،انفال و تقسيم غنيمت‌ها و بيرون آمدن رسول خدا صلى اللّه عليه و آله و سلم براى جنگ را ذكر كرده و سپس فرموده است: «كَمٰا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَ إِنَّ فَرِيقاً مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ لَكٰارِهُونَ‌* يُجٰادِلُونَكَ فِي اَلْحَقِّ بَعْدَ مٰا تَبَيَّنَ كَأَنَّمٰا يُسٰاقُونَ إِلَى اَلْمَوْتِ وَ هُمْ يَنْظُرُونَ‌» و علت نزول اين آيه،آن بود كه كاروانى براى قريش به‌سوى شام به راه افتاد كه اموال قريشيان در آن بود.رسول خدا صلى اللّه عليه و آله و سلم به...

ترجمه تفسیر روایی البرهان

1)محمد بن يعقوب:از على بن ابراهيم،از پدرش،از ابن ابو عمير،از معاوية بن عمار،از امام صادق عليه السلام روايت كرده است كه گفت:از ايشان درباره اين آيه: «يٰا أَيُّهَا اَلنَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ اَلْأَسْرىٰ إِنْ يَعْلَمِ اَللّٰهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمّٰا أُخِذَ مِنْكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ‌»، شنيدم كه فرمود:درباره عباس و عقيل و نوفل نازل شد.و فرمود:همانا رسول خدا صلى اللّه عليه و آله و سلم در روز بدر اصحابش را از كشتن كسى از بنى هاشم و ابو بخترى2نهى كرد.پس به...

ترجمه تفسیر روایی البرهان

3)عياشى از معاوية بن عمار،از امام صادق عليه السلام روايت كرده است كه گفت:از ايشان شنيدم كه درباره اين سخن خداى تبارك و تعالى: «قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ اَلْأَسْرىٰ إِنْ يَعْلَمِ اَللّٰهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمّٰا أُخِذَ مِنْكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ وَ اَللّٰهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ‌» چنين فرمودند:درباره عباس و عقيل و نوفل نازل شد. و گفت:همانا رسول خدا صلى اللّه عليه و آله در روز بدر اصحاب خويش را از كشتن بنى هاشم و ابو بخترى نهى كرد.آنان به اسارت درآمدند.پيامبر على عليه...

ترجمه تفسیر روایی البرهان

2)عبد اللّه بن جعفر حميرى:با سند خود از عبد اللّه بن ميمون،از جعفر،از پدرش عليه السلام روايت كرده است كه فرمودند:براى پيامبر صلى اللّه عليه و آله و سلم مبلغى پولدرهمآوردند.پيامبر كه سلام و درود خدا بر او باد،به عباس فرمودند:اى عباس!ردايت را پهن كن و مقدارى از اين پول را بردار.پس ردايش را پهن كرد و مقدارى از آن برداشت.سپس رسول خدا صلى اللّه عليه و آله و سلم فرمودند:اى عباس!اين از پولى است كه خداى تبارك و تعالى درباره آن چنين فرمود: «قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ اَلْأَسْرىٰ إِنْ يَعْلَمِ...

ترجمه تفسیر روایی البرهان

5)شيخ مفيد در كتاب اختصاص مى‌گويد:از محمد بن حسن بن احمد،از احمد بن ادريس،از محمد بن احمد،از محمد بن اسماعيل علوى،از محمد بن زبرقان دامغانى شيخ نقل كرده است كه گفت:امام موسى كاظم عليه السلام فرمود: هنگامى كه هارون الرشيد دستور داد مرا نزد او ببرند،نزد او رفتم و سلام كردم،اما جواب سلام مرا نداد و او را خشمگين ديدم.طومارى را به طرف من انداخت و گفت:بخوان.در آن كلماتى را ديدم كه خداى عز و جل مى‌دانست كه از من نيست. در آن چنين آمده بود:همانا از سوى شيعيان تندرو كه به امامت موسى بن جعفر عليه السلام...

ترجمه تفسیر روایی البرهان

5)شيخ مفيد در كتاب اختصاص مى‌گويد:از محمد بن حسن بن احمد،از احمد بن ادريس،از محمد بن احمد،از محمد بن اسماعيل علوى،از محمد بن زبرقان دامغانى شيخ نقل كرده است كه گفت:امام موسى كاظم عليه السلام فرمود: هنگامى كه هارون الرشيد دستور داد مرا نزد او ببرند،نزد او رفتم و سلام كردم،اما جواب سلام مرا نداد و او را خشمگين ديدم.طومارى را به طرف من انداخت و گفت:بخوان.در آن كلماتى را ديدم كه خداى عز و جل مى‌دانست كه از من نيست. در آن چنين آمده بود:همانا از سوى شيعيان تندرو كه به امامت موسى بن جعفر عليه السلام...

ترجمه تفسیر روایی البرهان

4)على بن اسباط،از امام رضا عليه السلام شنيد كه فرمودند:امام صادق عليه السلام فرمودند:مبلغى پول براى پيامبر كه سلام و درود خدا بر او باد،آوردند. ايشان به عباس فرمود:ردايت را باز كن و مقدارى از اين پول بردار.او ردايش را گسترد و مقدارى از آن پول را برداشت.فرمود:سپس رسول خدا صلى اللّه عليه و آله و سلم فرمود:اين پول از جمله اموالى است كه خدا درباره آن چنين فرمود: «يٰا أَيُّهَا اَلنَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ اَلْأَسْرىٰ إِنْ يَعْلَمِ اَللّٰهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ‌ خَيْراً...

ترجمه تفسیر روایی البرهان

6)طبرسى:امام باقر عليه السلام فرمود:(مبلغ)فديه هر مرد از مشركان در روز بدر چهل(اونس)طلا بودهر اونس چهل مثقال استمگر عباس كه فديه او صد اونس بود و هنگامى كه اسير شد،بيست اونس طلا از او گرفته شده بود. پيامبر صلى اللّه عليه و آله و سلم فرمودند:آن غنيمت بود،پس فديه خود و برادرزاده‌ات نوفل و عقيل را بپرداز.گفت:چيزى همراهم نيست.فرمود:پس آن طلايى را كه به ام فضل تحويل داده بودى،كجا است‌؟آن زمان كه به او گفتى:اگر اتفاقى برايم بيفتد،اين طلا مال تو و فضل و عبد اللّه است‌؟گفت:چه كسى اين را به شما گفته...

ترجمه تفسیر قمی

كَمٰا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَ إِنَّ فَرِيقاً مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ لَكٰارِهُونَ‌ يُجٰادِلُونَكَ فِي اَلْحَقِّ بَعْدَ مٰا تَبَيَّنَ كَأَنَّمٰا يُسٰاقُونَ إِلَى اَلْمَوْتِ وَ هُمْ يَنْظُرُونَ‌ سبب نزول آيه آن بوده كه قافله‌اى از قريش با مال التجاره فراوان عازم مكه بود،پيامبر اكرم صلّى اللّه عليه و آله باصحاب خود امر فرمود كه در تعقيب قافله رفته و آنها را بگيرند و به آنها فرمود كه خداوند وعدۀ نصرت داده يا آنكه بر اين قافله غالب مى‌شويد و يا بر قريش ظفر خواهيد يافت خود آن حضرت...

تفسير الصافي

6,1,14 القمّيّ‌ : و كان سبب ذٰلك أنّ عير قريش خرجت إلى الشام فيها خزائنهم فأمر النّبيّ صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم أصحابه بالخروج ليأخذوها فأخبرهم أنّ اللّٰه تعالى قد وعده إحدى الطائفتين إمّا العير أو القريش إن ظفر بهم فخرج في ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلاً فلما قارب بَدْراً و كان أبو سفيان لعنه اللّٰه في العير فلما بلغه أن رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم قد خرج يتعرض العير خاف خوفاً شديداً و مضٰى إلى الشام فلما وافى

النقرة اكترى ضمضم بن عمرو الخزاعيّ‌ بعشرة دنانير و أعطاه قلوصاً و قال له امض الى قريش و أخبرهم أنّ محمّداً صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم و الصباة من أهل يثرب قد خرجوا يتعرّضون لعيركم فأدركوا العير و أوصاه أن يحزم ناقته و يقطع أذنها حتّى يسيل الدّم و يشقّ ثوبه من قبل و دبر فإذا دخل مكّة وليّ وجهه إلى ذنب العير و صاح بأعلىٰ‌ صوته قال يا آل غالِب يا آل غالِب اللطيمة اللطيمة العير العير أدركوا أدركوا و ما أريكم تدركون فإنَّ محمّداً صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم و الصباة من أهلِ يثرب قد خرجوا يتعرّضون لعيركم.

فخرج ضمضم يبادر إلى مكّة و رأت عاتكة بنت عبد المطلب قبل قدوم ضمضم في منامها بثلاثة أيّام كأنّ راكباً قد دخل مكّة ينادي يا آل غدر يا آل غدر اغدوا إلىٰ‌ مصارعكم صبح ثالثة ثمّ وافىٰ بجمله علىٰ أبي قبيس فأخذ حجراً فدهدهه من الجبل فما ترك داراً من دور قريش الا أصابه منه فلذة و كأنّ وادي مكّة قد سال من أسفله دما.

فانتبهت ذَعِرَةً فأخبرت العباس بذلك فأخبر العباس عتبة بن ربيعة فقال عتبة هٰذه مصيبة تحدث في قريش و فشت الرّؤيا في قريش و بلغ ذٰلك أبا جهل فقال ما رأت عاتكة هٰذه الرّؤيا و هٰذه تبنية ثانية في بني عبد المطلب و اللاّت و العزّى لننتظرنّ‌ ثلاثة أيّام فان كان ما رأت حقّاً فهو كما رأت و إن كان غير ذٰلكَ لنكتبنّ بيننا كتاباً انه ما من أهل بيت من العَربَ‌ أكذب رجالاً و لا نساءً من بني هاشم فلما مضٰى يوم قال أبو جهل هذا يوم قد مضٰى فلما كان اليوم الثاني قال أبو جهل هذان يومان قد مَضَيا فلما كان اليوم الثالث وافىٰ ضمضم ينادي في الوادي يا آل غالب يا آل غالب اللطيمة

اللطيمة العير العير أدركوا أدركوا و ما أريكم تدركون فإنَّ محمّداً صلَّى اللّٰه عليه و آله و سلم و الصّباة من أهل يثرب قد خرجوا يتعرّضون لعيركم التي فيها خزائنكم.

فتصايح الناس بمكّة و تهيّؤا للخروج و قام سهل بن عمرو و صفوان بن أميّة و أبو البختري بن هشام و منبّه و نبيه ابنا الحجّاج و نوفل بن خويلد فقالوا يا معشر قريش و اللّٰه ما أصابكم مصيبة أعظم من هٰذه أن يطمع محمّد و الصّباة من أهل يثرب أن يتعرّضوا لعيركم التي فيها خزائنكم فو اللّٰه ما قرشّي و لا قرشيّة إلاَّ و لهما في هٰذه العير نَشّ‌ فصاعداً و انّه للذّلّ و الصغار أن يطمع محمّد صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم في أموالكم و يفرِّق بينكم و بين متجركم فاخرجوا.

و أخرج صفوان بن أميّة خمسمائة دينار و جهّز بها و أخرج سهيل بن عمرو و ما بقي أحد من عظماءِ قريش إلاّ أخرجوا مالاً و حمّلوا و قوّوا و خرجوا عَلى الصعب و الذّلول لا يملكون أنفسهم كما قال اللّٰه تعالىٰ‌ خَرَجُوا مِنْ دِيٰارِهِمْ بَطَراً وَ رِئٰاءَ اَلنّٰاسِ‌ و خرج معهم العباس بن عبد المطلب و نوفل بن الحرث و عقيل بن أبي طالب و أخرجوا معهم القِيان يشربون الخمر و يضربون بالدّفوف.

و خرج رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم في ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلاً فلما كان بقرب بدر علىٰ ليلة منها بعث بشير بن أبي الرّغباء و محمّد بن عمرو يتجسّسان خبر العير فأتيا ماء بدر فأناخا راحلتيهما و استعذبا من الماءِ و سمعا جاريتين قد تشبّثت إحداهما بالأخرى و تطالبها بدرهم كان لها عليها فقالت عير قريش نزلت أمس في موضع كذا و هي تنزل غداً هاهنا و اعمل لهم و أقضيكِ فرجعا فأخبراه بما سمعا فأقبل أبو سفيان بالعير فلما شارف بدراً تقدّم العير و أقبل وحده حتّى انتهىٰ إلى ماءِ بدر و كان بها رجل من جهينة يقال له كِسب الجهني فقال له يا كِسب هل لك علم بمحمّد صلّى اللّٰه عليه

و آله و سلم و أصحابه قال لا قال و اللاّت و العزّى لئن كتمتنا أمر محمّد صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم لا يزال قريش لك معادية آخر الدّهر فانّه ليس أحد من قريش إلاّ و له في هٰذا العير نَشّ فصاعداً فلا تكتمني.

فقال: و اللّٰه ما لي علم بمحمّد و أصحابه بالتخبار الاّ أنّي رأيت في هٰذا اليوم راكبين أقبلا فاستعذبا من الماءِ و أناخا راحلتيهما و رَجَعا فلا أدري من هما فجاء أبو سفيان إلىٰ موضع مناخ إبلهما ففتّ أبعار الإِبل بيده فوجد فيها النّوىٰ فقال: هٰذه علائف يثرب هٰؤلاءِ و اللّٰه عيون محمّد فرجع مسرعاً و أمر بالعير فأخذ بها نحو ساحل البحر و تركوا الطريق و مرّوا مسرعين.

و نزل جبرئيل علىٰ رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم فأخبره أنّ العير قد أفلتت و أنّ قريشاً قد أقبلت لتمنع عن عيرها و أمره بالقتال و وعده النّصرة و كان نازلاً ماء الصّفراءِ‌ فأحبّ أن يبلو الأنصار لأنّهم إنّما وعدوه لأن ينصروه و كان في الدّار فأخبرهم أنّ العير قد جازت و أن قريشاً قد أقبلت لتمنع عن عيرها و أنّ اللّٰه قد أمرني بمحاربتهم.

فجزع أصحاب رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم من ذٰلك و خافوا خوفاً شديداً فقال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم : أشيروا عليَّ فقام أبو بكر فقال يا رسول اللّٰه إنّها قريش و خيلاؤها ما آمنت منذ كفرت و لا ذلّت منذ عزّت و لم نخرج علىٰ‌ هيئة الحرب.

فقال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم : اجلس فجلس فقال: أشيروا عليَّ‌ فقام عمر فقال مثل مقالة أبي بكر فقال اجلس.

ثمّ قام المقداد فقال: يا رسول اللّٰه ! إنّها قريش و خيلاؤها و قد آمنّا بك و صدَّقناك و شهدنا أنَّ ما جئت به حقّ من عند اللّٰه و لو أمرتنا أن نخوض جمر الغضا و شوك الهراس لخضنا معك و لا نقول لك ما قالت بَنو إسرائيل 32لموسٰى فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقٰاتِلاٰ إِنّٰا هٰاهُنٰا قٰاعِدُونَ‌ و لكنّا نقول اذهب أنت و ربّك فقاتلا إنّا معكما مقاتلون فجزاه النّبيّ‌ خيراً ثمّ‌ جلس.

ثمّ قال أشيروا عليَّ فقام سعد بن معاذ فقال بأبي أنت و أمّي يا رسول اللّٰه كأنّك أردتنا قال: نعم قال: فلعلّك خرجت علىٰ أمر قد أمرت بغيره قال: نعم قالَ بأبي أنت و أمي يا رسول اللّٰه إنّنا قد آمنّا بك و صدّقناك و شهدنا أنّ ما جئت به حقّ من عند اللّٰه فمرنا بما شئت و خذ من أموالنا ما شئت و اترك منها ما شئت و الّذي أخذت منه أحبّ إليّ من الذي تركت و اللّٰه لو أمرتنا أن نخوض هٰذا البحر لخضنا مَعَك ثمّ قال بأبي أنت و أمّي يا رسول اللّٰه و اللّٰه ما خضت هٰذا الطريق قطّ و مالي به علم و قد خلَّفنا بالمدينة قوماً ليس نحن بأَشدّ جهاداً لك منهم و لو علموا أنّه الحرب لما تخلَّفوا و لكن نعدّ لك الرّواحل و نلقٰى عدوّنا فانّا صُبَّرٌ عند اللقاء أنجاد في الحرب و انّا لنرجو أن يقر اللّٰه عينيك بنا فإن يك ما تحبّ فهو ذاك و إن يك غير ذٰلك قعدت علىٰ رواحلك فلحقت بقومنا.

فقال رسول اللّٰه صلَّى اللّٰه عليه و آله و سلم : و يحدث اللّٰه غير ذلك كأنّي بمصرع فلان هاهنا و بمصرع فلان هاهنا و بمصرع أبي جهل و عتبة بن ربيعة و شيبة بن ربيعة و منبّه و نبيه ابني الحجّاج فإنَّ اللّٰه قد وعدني إحدى الطّائفتين و لن يخلف اللّٰه الميعاد.

فنزل جبرئيل علىٰ رسول اللّٰه صلَّى اللّٰه عليه و آله و سلم بهٰذه الآية كَمٰا أَخْرَجَكَ‌ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ‌ إلىٰ قوله وَ لَوْ كَرِهَ اَلْمُجْرِمُونَ‌ فأمر رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم بالرّحيل حتّى نزل عشاء علىٰ ماءِ بدر و هي العدوة الشّامية و أقبلت قريش فنزلت بالعدوة اليمانيّة و بعثت عبيدها تستعذب من الماءِ فأخذهم أصحاب رسول اللّٰه صلَّى اللّٰه عليه و آله و سلم و حبسوهم فقالوا لهم: من أنتم قالوا: نحن عبيد قريش قالوا فأين العير قالوا لا عِلمَ لنا بالعير فأقبلوا يضربونهم و كان رسول اللّٰه صلَّى اللّٰه عليه و آله و سلم يصلِّي فانفتل من صلوٰته فقال إن صدّقوكم ضربتموهم و إن كذّبوكم تركتموهم عليَّ بهم فأتوا بهم. فقال لهم: من أنتم‌؟ قالوا يا محمّد نحن عبيد قريش قال: كم القوم قالوا لا علم لنا بعددهم قال كم ينحرون في كلّ يوم جزوراً قالوا تسعة إلىٰ عشرة.

فقال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم القوم تسعمائة إلى ألف قال: فمن فيهم من بني هاشم قالوا العباس بن عبد المطلب و نوفل بن الحارث و عقيل بن أبي طالب فأمر رسول اللّٰه صلَّى اللّٰه عليه و آله و سلم بهم فحبسُوا.

و بلغ قريشاً ذلك فخافوا خوفاً شديداً و لقي عتبة بن ربيعة أبا البختري بن هشام فقال له أ ما ترىٰ هذا البغي و اللّٰه ما أبصر موضع قدمي خرجنا لنمنع عيرنا و قد أفلتت فجئنا بغياً و عدواناً و اللّٰه ما أفلح قوم قطّ بغوا و لوددت أنّ ما في العير من أموال بني عبد مناف ذهب كله و لم نسر هذا المسير.

فقال له أبو البختري إنّك سيّد من سادات قريش فسر في الناس و تحمّل العير التي أصابها محمّد صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم بنخلة وَ دَم ابن الحضرمي فانّه حليفك فقال عتبة أنت تشير عليّ بذٰلك و ما علىٰ أحد منّا خلاف إلاّ ابن الحنظلية يعني أبا جهل فسر إليه و أعلمه أنّي قد تحمّلت العير الّتي أصابها محمّد صلَّى اللّٰه عليه و آله و سلم بنخلة وَ دَم ابن الحضرمي .

فقال أبو البختّري فقصدت خبأه و إذا هو قد أخرج درعاً له فقلت له إنّ أبا الوليد بعثني إليك برسالة فغضب ثمّ قال أما وجد عتبة رسولاً غيرك فقلت أما و اللّٰه لو غيره أرسلني ما جئت و لكن أبا الوليد سيّد العشيرة فغضب غضبة أخرىٰ فقال تقول سيّد العشيرة فقلت أنا أقوله و قريش كلّها تقول أنّه قد تحمّل العير وَ دَم ابن الحضرميّ‌ .

فقال إن عتبة أطول النّاس لساناً و أبلغهم في الكلام و يتعصّب لمحمّد صلَّى اللّٰه عليه و آله و سلم فانّه من بني عبد مناف و ابنه معه و يريد أن لا يخذله بين الناس لا

و اللاّت و العزّىٰ‌ حتّىٰ نقحم عليهم بيثرب و نأخذهم أسارى فندخلهم مكّة فتسامع العرب بذٰلك و لا يكون بيننا و بين متجرنا أحد نكرهه.

و بلغ أصحاب رسول اللّٰه صلَّى اللّٰه عليه و آله و سلم كثرة قريش ففزعوا فزعاً شديداً و شكوا و بِكوا و استغاثوا فأنزل اللّٰه علىٰ رسوله صلَّى اللّٰه عليه و آله و سلم إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجٰابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ اَلْمَلاٰئِكَةِ مُرْدِفِينَ `وَ مٰا جَعَلَهُ اَللّٰهُ إِلاّٰ بُشْرىٰ وَ لِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَ مَا اَلنَّصْرُ إِلاّٰ مِنْ عِنْدِ اَللّٰهِ إِنَّ اَللّٰهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ‌ فلمّا أمسٰى رسول اللّٰه صلَّى اللّٰه عليه و آله و سلم و جنّه اللّيل القى اللّٰه تعالٰى علىٰ أصحابه النّعاس حتىٰ ناموا و أنزل اللّٰه تعالىٰ عليهم السماءَ‌ .

و كان نزول رسول اللّٰه صلَّى اللّٰه عليه و آله و سلم في موضع لا يثبت فيه القدم فأنزل اللّٰه عليهم السّماءَ و لبد الأرض حتّى تثبت أقدامهم و هو قول اللّٰه تعالىٰ‌ إِذْ يُغَشِّيكُمُ‌ اَلنُّعٰاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ اَلسَّمٰاءِ مٰاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَ يُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ 1اَلشَّيْطٰانِ‌ و ذٰلك أنّ بعض أصحاب النبيّ صلَّى اللّٰه عليه و آله و سلم احتلم وَ لِيَرْبِطَ عَلىٰ قُلُوبِكُمْ‌ وَ يُثَبِّتَ بِهِ اَلْأَقْدٰامَ‌ و كان المطر علىٰ قريش مثل العزالي و كان على أصحاب رسول اللّٰه صلىَّ اللّٰه عليه و آله و سلم رَذاذاً بقدر ما يلبد به الأرض و خافت قريش خوفاً شديداً فأقبلوا يتحارسونَ يخافون البيات فبعث رسول اللّٰه صلىَّ اللّٰه عليه و آله و سلم عمّار بن ياسر و عبد اللّٰه بن مسعود فقال ادخلا في القوم وَ أتونا بأخبارهم فكانا يجولان بعسكرهم لا يرون إلاّ خائفاً ذعراً إذا صهل الفرس و ثب على جحفلته فسمعوا منبّه بن الحجّاج يقول: لا يترك الجوع لنا مبيتنا لا بدّ أن نموت أو يميتنا

قال قد و اللّٰه كانوا شباعاً و لكنهم من الخوف قالوا هٰذا و القى اللّٰه في قلوبهم الرّعب كما قال اللّٰه تعالىٰ‌ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ اَلَّذِينَ كَفَرُوا اَلرُّعْبَ‌ فلمّا أصبح رسول اللّٰه صلىَّ اللّٰه عليه و آله و سلم عبّا أصحابه و كان في عسكر رسول اللّٰه صلَّى اللّٰه عليه و آله و سلم فرسان فرس للزّبير بن العوام و فرس لمقداد و كان في عسكره سبعون جملاً يتعاقبون عليها و كان رسول اللّٰه صلىَّ اللّٰه عليه و آله و سلم و عليّ بن أبي طالب عليه السلام و مرثد بن أبي مرثد الغنويّ‌ علىٰ جمل يتعاقبون عليه و الجمل لمرثد و كان في عسكر قريش أربعمائة فرس فعبّأ رسول اللّٰه صلىَّ اللّٰه عليه و آله و سلم أصحابه بين يديه فقال غضّوا أبصاركم و لا تبدؤهم بالقتال و لا يتكلّمن أحد فلمّا نظرت قريش إلىٰ قلّة أصحاب رسول اللّٰه صلىَّ اللّٰه عليه و آله و سلم .

قال أبو جهل ما هم إلاّ أكلة رأس لو بعثنا إليهم عبيدنا لأخذوهم أخذاً باليد.

فقال عتبة بن ربيعة أ ترى لهم كميناً و مدداً فبعثوا عمرو بن وهب الجُمَحي و كان فارساً شجٰاعاً فجال بفرسه حتّىٰ طاف على عسكر رسول اللّٰه صلىَّ اللّٰه عليه و آله و سلم ثمّ صعد في الوادي و صوّت ثمّ رجع إلىٰ قريش فقال ما لهم كمين و لا مدد و لكن نواضح يثرب قد حملت الموت الناقع أما ترونهم خرساً لا يتكلّمون يتلمّظون تلمّظ الأفاعي ما لهم ملجأ إلاّ سيوفهم و ما أريهم يولّون حتّى يقتلوا و لا يُقْتَلُونَ حتّىٰ تقتلوا بعددهم فارتئوا رأيكم فقال أبو جهل كذبت و جبنت و انتفخ سحْرُك يعني نظرت إلىٰ‌ سيوف أهل يثرب .

و فزع أصحاب رسول اللّٰه صلىَّ اللّٰه عليه و آله و سلم حين نظروا إلىٰ كثرة

قريش و قوّتهم فأنزل اللّٰه تعالى على رسوله وَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهٰا وَ تَوَكَّلْ عَلَى اَللّٰهِ‌ و قد علم اللّٰه أنّهم لا يجنحُون و لا يجيبون إلى السّلم و انّما أراد اللّٰه تعالىٰ بذلك لتطيب قلوب أصحاب النّبي صلىَّ اللّٰه عليه و آله و سلم فبعث رسول اللّٰه صلىَّ اللّٰه عليه و آله و سلم إلى قريش فقال: يا معشر قريش ما أجد من العرب أبغض إليّ من أبدأكم فخلّوني و العرب فان أكُ صادقاً فأنتم أعلا بي عيناً و إن أكُ كاذباً كفتكم ذؤبان العرب أمري فارجعوا.

فقال عتبة و اللّٰه ما أفلح قوم قط ردّوا هذا ثمّ ركب جملاً له أحمر فنظر إليه رسول اللّٰه صلىَّ اللّٰه عليه و آله و سلم يجول في العسكر و ينهى عن القتال فقال إن يكن عند أحد خير فعند صاحب الجمل الأحمر إن تطيعوه ترشدوا فأقبل عتبة يقول يا معشر قريش اجتمعوا و اسمعوا ثمّ خطبهم فقال: يُمْن مع رحْب و رُحْب مع يمن يا معشر قريش أطيعوني اليوم و اعصوني الدّهر و ارجعوا إلىٰ مكّة و اشربوا الخمور و عانقوا الحور فإنَّ محمّداً صلىَّ اللّٰه عليه و آله و سلم إلّ‌ و ذمّة و هو ابن عمّكم فارجعوا و لا تردّوا رأيي و إنّما تطالبون محمّداً بالعير التي أخذها محمّد بنخله وَ دَم ابن الحضرمي و هو حليفي و عليّ عقله.

فلمّا سمع أبو جهل ذٰلك غاظه و قال إنّ عتبة أطول الناس لساناً و أبلغهم في الكلام و لئن رجعت قريش بقوله ليكوننّ سيّد قريش إلى آخر الدّهر ثمّ قال يا عتبة نظرت إلىٰ سيوف بني عبد المطلب و جبنت و انتفخ سَحْرُك و تأمر الناس بالرجوع و قد رأينا آثارنا بأعيننا فنزل عتبة عن جمله و حمل علىٰ أبي جهل و كان على فرس فأخذ بشعره فقال الناس يقتله فعرقب فرسه فقال أ مثلي يجبن و سيعلم قريش اليوم أيّنا الألأم و الأجبن و أيّنا المفسد لقومه لا يمشي الاّ أنا و أنت بالموت عياناً ثمّ قال هذا جَناي و خياره

فيه و كل جان يده إلىٰ فيه ثمّ أخذ بشعره يجره فاجتمع إليه الناس فقالوا: يا أبا الوليد اللّٰه اللّٰه لا تَفُتَّ في أعضاد الناس تنهى عن شيء تكون أوّله فخلّصوا أبا جهل من يده.

فنظر عتبة إلىٰ أخيه شيبة و نظر إلى ابنه الوليد فقال قم يا بنيّ فقام ثمّ لبس درعه و طلبوا له بيضة تسع رأسه فلم يجدوها لعظم هامته فاعتمّ بعمامتين ثمّ أخذ سيفه و تقدم هو و أخوه و ابنه و نادى يا محمّد أخرج إلينا أكفّاءنا من قريش فبرز إليه ثلاثة نفر من الأنصار عوذ و معوذ و عون بني عفراء فقال عتبة من أنتم انتسبوا لنعرفكم فقالوا نحن بنو عفراء أنصار اللّٰه و أنصار رسول اللّٰه فقال ارجعوا فإنّا لسنا إيّاكم نريد إنّما نريد الأكفّاء من قريش فبعث إليهم رسول اللّٰه صلىَّ اللّٰه عليه و آله و سلم ان ارجعوا فرجعوا و كره أن يكون أوّل الكرّة بالأنصار فرجعوا و واقفوا موقفهم.

ثمّ نظر رسول اللّٰه صلىَّ اللّٰه عليه و آله و سلم إلىٰ عبيدة بن الحرث بن عبد المطلب و كان له سبعون سنة فقال له قم يا عبيدة فقام بين يديه بالسّيف ثمّ نظر إلىٰ‌ حمزة بن عبد المطلب فقال له قم يا عمّ ثمّ نظر إلىٰ أمير المؤمنين عليه السلام فقال له قم يا عليّ‌ و كان أصغر القوم سنّاً فقاموا بين يدي رسول اللّٰه صلىَّ اللّٰه عليه و آله و سلم بسيوفهم فاطلبوا بحقّكم الذي جعله اللّٰه لكم فقد جاءت قريش بخيلائها و فخرها تريد ان تطفي نور اللّٰه وَ يَأْبَى اَللّٰهُ إِلاّٰ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ‌ .

ثمّ قال رسول اللّٰه يا عبيدة عليك بِعُتْبَة و قال لحمزة عليك بشيبه و قال لعليّ‌ عليك بالوليد بن عتبة فمرّوا حتّى انتهوا إلى القوم فقال عتبة من أنتم انتسبوا لنعرفكم فقال أنا عبيدة بن الحرث بن عبد المطلب فقال كفو كريم فقال: فمن هٰذان فقال حمزة ابن عبد المطلب و عليّ بن أبي طالب فقال كفوان كريمان لعن اللّٰه من أوقفنا و إيّاكم هذا الموقف فقال شيبة لحمزة من أنت فقال أنا حمزة بن عبد المطلب أسد اللّٰه و أسد رسوله فقال له شيبة لقد لقّبت أسد الحلفاء فانظر كيف يكون صولتك يا أسد اللّٰه.

فحمل عبيدة علىٰ عتبة فضربه علىٰ رأسه ضربة فلق هامته و ضرب عتبة عبيدة علىٰ ساقه و قطعها و سقطا جميعاً و حمل حمزة علىٰ شيبة فتضاربا بالسّيفين حتّى انثلما و كلّ واحد منهما يتّقي بدَرقته و حمل أمير المؤمنين عليه السلام على الوليد بن عتبة فضربه علىٰ حبل عاتقه فأخرج السيف من إبطه فقال عليّ عليه السلام فأخذ يمينه المقطوعة بيساره فضرب بها هامتي فظننت أنَّ السماء وقعت على الأرض.

ثمّ اعتنق حمزة و شيبة فقال المسلمون يا عليّ‌ أ ما ترى الكلب قد نهر عمّك فحمل إليه عليّ عليه السلام ثمّ قال: يا عمّ طأطئ رأسك و كان حمزة أطول من شيبة فأدخل حمزة رأسه في صدره فضربه أمير المؤمنين عليه السلام علىٰ رأسه فطيّر نصفه ثمّ‌ جاء إلىٰ عتبة و به رمق فأجهز عليه و حُمِل عبيدة بين حمزة و عليّ‌ حتّىٰ أتوا به رسول اللّٰه صلىَّ اللّٰه عليه و آله و سلم فنظر إليه رسول اللّٰه صلىَّ اللّٰه عليه و آله و سلم فاستعبر فقال: يا رسول اللّٰه بأبي أنت و أمي أ لست شهيداً؟ قال: بلىٰ أنت أول شهيد مِن أهل بيتي فقال أما لو أنَّ عمّك حيّ لعلم أنِّي أولىٰ بما قال منه قال صلَّى اللّٰه عليه و آله و سلم و أيِّ‌ أعمامي تعني قال أبو طالب حيث يقول: كذبتم و بيت اللّٰه نبري محمّداً و لمّا نطاعن دونه و نناضل و نُسْلمه حتّى نُضَرَّعَ حَوله و نذهل عن أبنائنا و الحلائل فقال رسول اللّٰه : أ ما ترى ابنه كاللّيث العادي بين يدي اللّٰه و رسوله و ابنه الآخر في جهاد أعداءِ اللّٰهِ بِأرض الحبشة فقال يا رسول اللّٰه أسخطت عليّ في هٰذه الحالة‌؟ فقال: ما سخطت عليك و لكن ذكرت عمّي فانقبضت لذٰلك.

و قال أبو جهل لقريش لا تعجّلوا و لا تبطروا كما عجّل و بطر ابنا ربيعة عليكم بأهل يثرب فاجزروهم جزراً و عليكم بقريش فخذوهم أخذاً حتّىٰ ندخلهم مكّة فنعرفهم ضلالتهم التي كانوا عليها و كان فئة من قريش أسلموا بمكّة فأحبسهم آباؤهم فخرجوا مع قريش إلىٰ بدر و هم على الشّكّ و الاِرتياب و النفاق منهم قيس بن الوليد بن المغيرة و أبو قيس بن الفاكهة و الحرث بن ربيعة و عليّ بن أميّة بن خلفّ‌ و العاص بن المنبّه فلما نظروا إلىٰ قلة أصحاب محمّد صلىَّ اللّٰه عليه و آله و سلم قالوا مساكين هٰؤلاءِ غرهم دينهم فيقتلون الساعة فأنزل اللّٰه علىٰ رسوله إِذْ يَقُولُ اَلْمُنٰافِقُونَ وَ اَلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هٰؤُلاٰءِ دِينُهُمْ وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اَللّٰهِ فَإِنَّ اَللّٰهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ‌ .

و جاء 1إبليس عليه اللعّنة إلىٰ قريش في صورة سراقة بن مالك فقال لهم: أنا جار لكم ادفعوا إليّ رايتكم فدفعوها إليه و جاء بشياطينه يهوّل بهم علىٰ أصحاب رسول اللّٰه صلىَّ اللّٰه عليه و آله و سلم و يخيّل إليهم و يفزعهم و أقبلت قريش يقدمها 1إبليس معه الرّاية فنظر إليه رسول اللّٰه صلىَّ اللّٰه عليه و آله و سلم فقال: غضّوا أبصاركم و عضّوا على النواجد و لا تسلّوا سيفاً حتّىٰ آذن لكم ثمّ رفع يده إلى السّماءِ فقال: يا ربّ إن تهلك هذه العصابة لم تعبد و إنْ شئت لا تعبد لا تعبد ثمّ أصابه الغشي فسرى عنه و هو يسلت العرق عن وجهه و هو يقول هٰذا جبرئيل قد آتيكم في بِأَلْفٍ مِنَ اَلْمَلاٰئِكَةِ مُرْدِفِينَ‌ .

قال فنظرنا فإذا بسحابة سوداء فيها برق لا يح قد وقعت علىٰ عسكر رسول اللّٰه صلىَّ اللّٰه عليه و آله و سلم و قائل يقول اقدم حيزوم قدم حيزوم و سمعنا قعقعة السّلاح من الجوّ و نظر 1إبليس إلى جبرئيل فراجع و رمى باللواءِ فأخذ منبّه بن الحجاج بمجامع ثوبه ثمّ قال: ويلك يا سراقة تفت في أعضاد الناس فركله 1إبليس ركلة في صدره و قال: إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرىٰ مٰا لاٰ تَرَوْنَ إِنِّي أَخٰافُ اَللّٰهَ‌ و هو قول اللّٰه وَ إِذْ زَيَّنَ لَهُمُ 1اَلشَّيْطٰانُ‌ أَعْمٰالَهُمْ وَ قٰالَ‌: لاٰ غٰالِبَ لَكُمُ اَلْيَوْمَ مِنَ اَلنّٰاسِ وَ إِنِّي جٰارٌ لَكُمْ فَلَمّٰا تَرٰاءَتِ اَلْفِئَتٰانِ نَكَصَ عَلىٰ عَقِبَيْهِ وَ قٰالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرىٰ مٰا لاٰ تَرَوْنَ إِنِّي أَخٰافُ‌

اَللّٰهَ وَ اَللّٰهُ شَدِيدُ اَلْعِقٰابِ‌ ثم قال عزّ و جلّ‌: وَ لَوْ تَرىٰ إِذْ يَتَوَفَّى اَلَّذِينَ كَفَرُوا اَلْمَلاٰئِكَةُ‌ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَ أَدْبٰارَهُمْ وَ ذُوقُوا عَذٰابَ اَلْحَرِيقِ‌ .

و حمل جبرئيل على 1إبليس فطلبه حتّى غاص في البحر و قال ربِّّ أنجز لي ما وعدتني من البقاء إلىٰ يوم الدّين.

و روي في خبر: إنَّ 1إبليس التفت إلى جبرئيل و هو في الهزيمة فقال: يا هٰذا بد لكم فيما أعطيتمونا فقيل لأبي عبد اللّٰه عليه السلام أ ترى كان يخاف أن يقتله فقال: لا و لكنه كان يضربه ضربة يشينه منها إلىٰ يوم القيامة و أنزل اللّٰه علٰى نبيّه إِذْ يُوحِي رَبُّكَ‌ إِلَى اَلْمَلاٰئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا اَلَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ اَلَّذِينَ كَفَرُوا اَلرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ اَلْأَعْنٰاقِ وَ اِضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنٰانٍ‌ قال أطراف الأصابع فقد جاءت قريش بخيلائها و فخرها تريد أن تطفئ نور اللّٰه وَ يَأْبَى اَللّٰهُ إِلاّٰ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ‌ .

و خرج أبو جهل بين الصّفّين فقال: اللّهم إنَّ محمّداً أقْطَعَنَا الرّحم و أتانا بما لا نعرفه فأهنه الغداة فأنزل اللّٰه على رسوله إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جٰاءَكُمُ اَلْفَتْحُ وَ إِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَ إِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَ لَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَ لَوْ كَثُرَتْ وَ أَنَّ اَللّٰهَ مَعَ اَلْمُؤْمِنِينَ‌ ثم أخذ رسول اللّٰه صلىَّ اللّٰهُ عليه و آله و سلم كفّاً من حصًى فرمىٰ به في وجوه قريش و قال شاهت الوجُوه فبعث اللّٰه رياحاً تضرب وجوه قريش فكانت الهزيمة.

ثمّ قال رسول اللّٰه صلىَّ اللّٰه عليه و آله و سلم : اللّهم لا يغلبنّك فرعون هٰذه الأمّة أبو جهل بن هشام فقتل منهم سبعين و أسر منهم سبعين و التقى عمرو بن الجموح مع أبي جهل فضرب عمرو أبا جهل علىٰ فخذه و ضرب أبو جهل عمرواً علىٰ يده فأبانها من العضد فتعلقت بجلده فاتكى عمرو على يده برجله ثمّ تراخى في السماءِ حتّى انقطعت الجلدة و رمى بيده.

و قال عبد اللّٰه بن مسعود انتهيت إلى أبي جهل و هو يتشحّط بدمه فقلت الحمد للّٰه الذي أخزاك فرفع رأسه.

فقال إنّما أخزى اللّٰه عبداً ابن أمّ عبد لمن الدين و لمن الملك ويلك قلت للّٰه و لرسوله و انّي قاتلك و وضعت رجلي علىٰ عنقه فقال لقد ارتقيت مرتقىً صعباً يا رُوَيْعِيَ‌ الغنم أمٰا أنّه ليس شيء أشدّ من قتلك إيّاي في هذا اليوم ألاٰ يتولّىٰ قتلي إلاّ رجل من المطّلبيّين أو رجل من الأحلاف فانقلعت بيضة كانت علىٰ رأسه فقتلته و أخذت رأسه و جئت به إلىٰ رسول اللّٰه صلىَّ اللّٰه عليه و آله و سلم فقلت يا رسول اللّٰه البشرىٰ هٰذا رأس أبي جهل بن هشام فسجد للّٰه شكراً.

و أسر أبو بشر الأنصاري العباس بن عبد المطلب و عقيل بن أبي طالب و جاء بهما إلى رسول اللّٰه صلىَّ اللّٰه عليه و آله و سلم .

فقال له صلَّى اللّٰه عليه و آله و سلم هل أعانك عليهما أحد قال: نعم رجل عليه ثياب بيض.

فقال رسول اللّٰه صلىَّ اللّٰه عليه و آله و سلم ذاك من الملائكة ثمّ قال رسول اللّٰه صلَّى اللّٰه عليه و آله و سلم للعبّاس : أفد نفسك و ابن أخيك فقال يا رسول اللّٰه قد كنت أسلمت و لكن القوم استكرهوني فقال رسول اللّٰه : اللّٰه أعلم بإسلامك إن يكن ما تذكر حقّاً فاللّٰه يُجْزيكَ عليه فأما ظاهر أمرك فقد كنت علينا ثمّ قال: يا عبّاس إنّكم خاصمتم اللّٰه فخصمكم ثمّ قال أفد نفسك و ابن أخيك. و قد كان العباس أخذ معه أربعين اوقية من ذهب فغنمها رسول اللّٰه صلَّى اللّٰه عليه و آله فلمّا قال رسول اللّٰه للعباس أفد نفسك قال يا رسول اللّٰه احسبها من فدائي فقال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله و سلم لا ذاك شيء أعطانا اللّٰه منك فافد نفسك و ابن أخيك فقال العباس فليس لي مال غير الذي ذهب مني قال بلىٰ المال الذي خلفته عند أمّ الفضل بمكّة و قلت لها إن حدث عليّ حدث فاقسمُوه بينكم فقال له أ تتركني و أنا أسأل الناس بكفّي فأنزل اللّٰه علىٰ رسوله في ذٰلك يٰا أَيُّهَا اَلنَّبِيُّ‌ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ اَلْأَسْرىٰ إِنْ يَعْلَمِ اَللّٰهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ‌ خَيْراً مِمّٰا أُخِذَ مِنْكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ وَ اَللّٰهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ‌ .

ثم قال اللّٰه وَ إِنْ يُرِيدُوا خِيٰانَتَكَ‌ في عليّ‌ فَقَدْ خٰانُوا اَللّٰهَ مِنْ قَبْلُ‌ فيك فَأَمْكَنَ‌ مِنْهُمْ‌ ثم قال رسول اللّٰه صلىَّ اللّٰه عليه و آله و سلم لعقيل قد قتل اللّٰه يا أبا يزيد أبا جهل بن هشام و عتبة بن ربيعة و شيبة بن ربيعة و منبّه و نبيه ابني الحجاج و نوفل بن خويلد و أسر سهيل بن عمرو و النضر بن الحرث بن كلدة و عقبة بن أبي معيط و فلان و فلان فقال عقيل إذاً لا تنازعون في تهامة فان كنت قد أثخنت القوم و الاّ فاركب أكتافهم فتبسّم رسول اللّٰه صلىَّ اللّٰه عليه و آله و سلم .

و كان القتلىٰ ببدر سبعين و الأسرىٰ سبعين قتل منهم أمير المؤمنين عليه السلام سبعة و عشرين و لم يؤسر أحداً فجمعوا الأسارىٰ و فرّقوهم في الجمال و ساقوهم علىٰ‌ أقدامهم و جمعوا الغنائم و قتل من أصحاب رسول اللّٰه صلىَّ اللّٰه عليه و آله و سلم تسعة رجال فيهم سعد بن خيثمة و كان من النقباءِ فرحل رسول اللّٰه صلىَّ اللّٰه عليه و آله و سلم من بدر و نزل الأثيل عند غروب الشمس و هو من بدر علىٰ ستة أميال فنظر رسول اللّٰه صلىَّ اللّٰه عليه و آله و سلم إلىٰ عقبة بن أبي معيط و إلى النضر بن الحرث بن كلدة و هما في قران واحد فقال النّضر لعقبة يا عقبة أنا و أنت مقتولان فقال عقبة من بين قريش قال نعم لأنّ محمّداً صلىَّ اللّٰه عليه و آله و سلم قد نظر إلينا نظرةً رأيت فيها القتل فقال رسول اللّٰه صلىَّ اللّٰه عليه و آله و سلم يَا عَليُّ‌ عَلَيَّ بالنّضر و عقبة .

و كان النضر رجلاً جميلاً عليه شعر فجاء عليّ عليه السلام فأخذه بشعره فجرّه إلىٰ رسول اللّٰه صلىَّ اللّٰه عليه و آله و سلم فقال النضر يا محمّد أسألك بالرّحم بيني و بينك الا أَجْرَيتني كرجل من قريش إن قتلتهم قتلتني و إن فاديتهم فاديتني و ان أطلقتهم أطلقتني.

فقال رسول اللّٰه صلىَّ اللّٰه عليه و آله و سلم لا رحم بيني و بينك قطع اللّٰه الرّحم بالإِسلام و قدّمه يا عَليّ‌ فاضرب عنقه فقال عقبة يا محمّد أ لم تقل لا تُصْبر قريش أي لا يقتلون صبراً قال و أنت من قريش إنّما أنت علج من أهل صفوريّة لأنت في الميلاد أكبر من أبيك الذي تدعىٰ له ليس منها قدّمه يا عليّ‌ فاضرب عنقه فقدّمه فضرب عنقه. فلمّا قتل رسول اللّٰه صلىَّ اللّٰه عليه و آله و سلم النضر و عقبة خافت الأنصار أن يقتل الأسارىٰ كلّهم فقاموا إلى رسول اللّٰه صلىَّ اللّٰه عليه و آله و سلم و قالوا يا رسول اللّٰه قد قتلنا سبعين و أسرنا سبعين و هم قومك و أساراك هبهم لنا يا رسول اللّٰه و خذ منهم الفداء و أطلقهم فأنزل اللّٰه عليهم مٰا كٰانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرىٰ حَتّٰى يُثْخِنَ فِي اَلْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ اَلدُّنْيٰا وَ اَللّٰهُ يُرِيدُ اَلْآخِرَةَ وَ اَللّٰهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ `لَوْ لاٰ كِتٰابٌ مِنَ اَللّٰهِ‌ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمٰا أَخَذْتُمْ عَذٰابٌ عَظِيمٌ `فَكُلُوا مِمّٰا غَنِمْتُمْ حَلاٰلاً طَيِّباً فأطلق لهم أن يأخذوا الفداءَ و يطلقوهم و شرط اَن يقتل منهم في عام قابل بعدد من يأخذوا منهم الفداء فرضوا منه بذٰلك و تمام الحديث مضٰى في 3سورة آل عمران .

تفسير الصافي

1,14,6 و في الكافي و العيّاشيّ‌ عن الصادق عليه السلام : أنّها نزلت في العباس و عقيل و نوفل و قال إنّ رسول اللّٰه صلىَّ اللّٰه عليه و آله و سلم نهىٰ يوم بدر أن يقتل أحد من بني هاشم و أبو البختري فأسروا فأرسل عليّاً عليه السلام فقال انظر من هاهنا من بني هاشم قال فمرّ عليّ‌ عليه السلام علىٰ عقيل بن أبي طالب فحاد عنه حار خ ل عنه فقال له عقيل يا ابن أمّ عليّ أما و اللّٰه لقد رأيت مكاني قال فرجع إلى رسول اللّٰه صلىَّ‌ اللّٰه عليه و آله و سلم و قال هذا أبو الفضل في يد فلان و هذا عقيل في يد فلان و هذا نوفل ابن الحرث في يد فلان فقام رسول اللّٰه صلىَّ اللّٰه عليه و آله و سلم حتّى انتهىٰ إلىٰ عقيل فقال له يا أبا يزيد قتل أبو جهل فقال إذاً لا تنازعون في تهامة فقال إن كنتم أثخنتم القوم و الا فاركبوا أكتافهم قال فجيءَ بالعباس فقيل له افد نفسك وافد ابني أخيك فقال يا محمّد تتركني أسأل قريشاً في كفّي قال أعط ما خلّفت عند أمّ الفضل و قلت لها ان أصابني في وجهي هذا شيء فأنفقيه علىٰ ولدك و نفسك فقال له يا ابن أخي من أخبرك بهذا فقال أتانى به جبرئيل من عند اللّٰه فقال و محلوفه ما علم بهذا أحد إلاّ أنا و هي أشهد أنّك لرسول اللّٰه قال فرجع الأسرىٰ كلّهم مشركين إلاّ العباس و عقيل و نوفل و فيهم نزلت هٰذه الآية قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ اَلْأَسْرىٰ‌ الآية.

تفسير الصافي

14،4 في قرب الإسناد عن السجّاد قال: أتىٰ النّبيّ صلىَّ اللّٰه عليه و آله و سلم بمأتي درهم فقال يا عبّاس ابسط رداءك و خذ من هذا المال طرفاً فبسط رداءه فأخذ منه طائفة ثمّ قال رسول اللّٰه صلىَّ اللّٰه عليه و آله و سلم: هذا من الذي قال اللّٰه إِنْ يَعْلَمِ اَللّٰهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمّٰا أُخِذَ مِنْكُمْ‌ الآية.

تفسير العيّاشي

عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ‌ قَالَ‌: سَمِعْتُهُ يَقُولُ‌: فِي هَذِهِ‌ اَلْآيَةِ « يٰا أَيُّهَا اَلنَّبِيُّ‌ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ اَلْأَسْرىٰ إِنْ يَعْلَمِ اَللّٰهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمّٰا أُخِذَ مِنْكُمْ‌ » قَالَ‌: نَزَلَتْ فِي اَلْعَبَّاسِ‌ وَ عَقِيلٍ‌ وَ نَوْفَلٍ‌ وَ قَالَ‌: إِنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ نَهَى يَوْمَ بَدْرٍ أَنْ يُقْتَلَ أَحَدٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ‌ أَوْ أَبُو اَلْبَخْتَرِيِّ‌ فَأُسِرُوا فَأَرْسَلَ عَلِيّاً فَقَالَ‌: اُنْظُرْ مَنْ هَاهُنَا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ‌ ، قَالَ‌: فَمَرَّ عَلِيٌّ‌ عَلَى عَقِيلِ‌ بْنِ أَبِي طَالِبٍ‌ فَجَازَ عَنْهُ قَالَ‌: فَقَالَ لَهُ‌: يَا اِبْنَ أُمِّ عَلَيَّ أَمَا وَ اَللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتَ مَكَانِي، قَالَ‌: فَرَجَعَ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ‌ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اَلسَّلاَمُ فَقَالَ لَهُ‌: هَذَا أَبُو اَلْفَضْلِ‌ فِي يَدِ فُلاَنٍ‌، وَ هَذَا عَقِيلٌ‌ فِي يَدِ فُلاَنٍ‌، وَ هَذَا نَوْفَلٌ‌ فِي يَدِ فُلاَنٍ‌، يَعْنِي نَوْفَلِ بْنِ اَلْحَارِثِ‌ فَقَامَ رَسُولُ اَللَّهِ‌ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اَلسَّلاَمُ حَتَّى اِنْتَهَى إِلَى عَقِيلٍ‌ ، فَقَالَ لَهُ‌: يَا بَا يَزِيدَ قُتِلَ أَبُو جَهْلٍ‌ فَقَالَ إِذاً لاَ تُنَازَعُونَ فِي تِهَامَةَ‌ قَالَ‌: إِنْ كُنْتُمْ أَثْخَنْتُمُ اَلْقَوْمَ وَ إِلاَّ فَارْكَبُوا أَكْتَافَهُمْ‌، قَالَ‌: فَجِيءَ بِالْعَبَّاسِ‌ فَقِيلَ لَهُ‌: اِفْدِ نَفْسَكَ وَ اِفْدِ اِبْنَيْ أَخِيكَ‌، فَقَالَ‌: يَا مُحَمَّدُ تَرَكْتَنِي أَسْأَلُ‌ قُرَيْشاً فِي كَفِّي قَالَ‌: أَعْطِ مِمَّا خَلَّفْتَ عِنْدَ أُمِّ اَلْفَضْلِ‌ وَ قُلْتَ لَهَا: إِنْ أَصَابَنِي شَيْ‌ءٌ فِي وَجْهِي فَأَنْفِقِيهِ عَلَى وُلْدِكِ وَ نَفْسِكِ‌، قَالَ‌: يَا اِبْنَ أَخِي مَنْ أَخْبَرَكِ بِهَذَا قَالَ‌: أَتَانِي بِهِ جَبْرَئِيلُ‌ مِنْ عِنْدِ اَللَّهِ فَقَالَ‌: وَ مَحْلُوفِهِ‌ مَا عَلِمَ بِهَذَا أَحَدٌ إِلاَّ أَنَا وَ هِيَ‌، وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اَللَّهِ‌ ، قَالَ‌: فَرَجَعَ اَلْأُسَارَى كُلُّهُمْ مُشْرِكِينَ إِلاَّ اَلْعَبَّاسُ‌ وَ عَقِيلٌ‌ وَ نَوْفَلُ بْنُ‌ اَلْحَارِثِ‌ ، وَ فِيهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ اَلْآيَةُ « قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيَكُمْ مِنْ اَلْأُسَارَى » إِلَى آخِرِهَا .

تفسير العيّاشي

عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ سَمِعَ أَبَا اَلْحَسَنِ اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ‌ يَقُولُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ‌ : أُتِيَ اَلنَّبِيُّ‌ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اَلسَّلاَمُ بِمَالٍ فَقَالَ لِلْعَبَّاسِ‌ : اُبْسُطْ رِدَاءَكَ فَخُذْ مِنْ‌ هَذَا اَلْمَالِ طَرَفاً قَالَ‌: فَبَسَطَ رِدَاءَهُ فَأَخَذَ طَرَفاً مِنْ ذَلِكَ اَلْمَالِ‌، قَالَ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ‌ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ : هَذَا مِمَّا قَالَ اَللَّهُ‌: « يَا أَيُّهَا اَلنَّبِيِّ‌ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيَكُمْ مِنْ اَلْأُسَارَى إِنْ يَعْلَمِ‌ اَللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أَخَذَ مِنْكُمْ‌ » .

تفسير القمي

كَمٰا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ‌وَ إِنَّ‌ فَرِيقاً مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ لَكٰارِهُونَ‌`يُجٰادِلُونَكَ فِي اَلْحَقِّ بَعْدَ مٰا تَبَيَّنَ‌كَأَنَّمٰا يُسٰاقُونَ إِلَى اَلْمَوْتِ وَ هُمْ يَنْظُرُونَ‌ وَ كَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ عِيراً لِقُرَيْشٍ‌ خَرَجَتْ إِلَى اَلشَّامِ‌ فِيهَا خَزَائِنُهُمْ‌، فَأَمَرَ رَسُولُ اَللَّهِ‌ أَصْحَابَهُ بِالْخُرُوجِ لِيَأْخُذُوهَا، فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ اَللَّهَ قَدْ وَعَدَهُ‌ إِحْدَى اَلطَّائِفَتَيْنِ‌، إِمَّا اَلْعِيرَ وَ إِمَّا قُرَيْشَ‌ إِنْ أَظْفَرَ بِهِمْ‌، فَخَرَجَ فِي ثَلاَثِمِائَةٍ وَ ثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً، فَلَمَّا قَارَبَ‌ بدر بَدْراً كَانَ‌ أَبُو سُفْيَانَ‌ فِي اَلْعِيرِ، فَلَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ‌ اَلرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ قَدْ خَرَجَ يَتَعَرَّضُ اَلْعِيرَ، خَافَ خَوْفاً شَدِيداً وَ مَضَى إِلَى اَلشَّامِ‌ فَلَمَّا وَافَى اَلْبُهْرَةَ‌ اِكْتَرَى ضَمْضَمَ اَلْخُزَاعِيَّ‌ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ، وَ أَعْطَاهُ قَلُوصاً وَ قَالَ لَهُ اِمْضِ إِلَى قُرَيْشٍ‌ وَ أَخْبِرْهُمْ أَنَّ‌ مُحَمَّداً وَ اَلصُّبَاةَ‌ مِنْ‌ أَهْلِ‌ يَثْرِبَ‌ قَدْ خَرَجُوا يَتَعَرَّضُونَ لِعِيرِكُمْ‌ فَأَدْرِكُوا اَلْعِيرَ وَ أَوْصَاهُ أَنْ يَخْرِمَ نَاقَتَهُ‌، وَ يَقْطَعَ أُذُنَهَا حَتَّى يَسِيلَ اَلدَّمُ‌، وَ يَشُقَّ ثَوْبَهُ‌ مِنْ قُبُلٍ وَ دُبُرٍ، فَإِذَا دَخَلَ‌ مَكَّةَ‌ وَلَّى وَجْهَهُ إِلَى ذَنَبِ اَلْبَعِيرِ، وَ صَاحَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ يَا آلَ‌ غَالِبٍ‌ ! اَللَّطِيمَةَ اَللَّطِيمَةَ اَلْعِيرَ اَلْعِيرَ أَدْرِكُوا أَدْرِكُوا! وَ مَا أَرَاكُمْ تُدْرِكُونَ‌، فَإِنَّ‌ مُحَمَّداً وَ اَلصُّبَاةَ مِنْ‌ أَهْلِ‌ يَثْرِبَ‌ قَدْ خَرَجُوا يَتَعَرَّضُونَ لِعِيرِكُمْ‌، فَخَرَجَ‌ ضَمْضَمٌ‌ يُبَادِرُ إِلَى مَكَّةَ‌ وَ رَأَتْ‌ عَاتِكَةُ بِنْتُ عَبْدِ اَلْمُطَّلِبِ‌ قَبْلَ قُدُومِ‌ ضَمْضَمٍ‌ فِي مَنَامِهَا بِثَلاَثَةِ‌ أَيَّامٍ‌، كَأَنَّ رَاكِباً قَدْ دَخَلَ‌ مَكَّةَ‌ يُنَادِي يَا آلَ عُذَرَ يَا آلَ فِهْرٍ اُغْدُوا إِلَى مَصَارِعِكُمْ‌ صُبْحَ ثَالِثٍ‌، ثُمَّ وَافَى بِجَمَلِهِ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ‌ فَأَخَذَ حَجَراً فَدَهْدَهَ‌ مِنَ اَلْجَبَلِ‌، فَمَا تَرَكَ مِنْ دُورِ قُرَيْشٍ‌ إِلاَّ أَصَابَهَا مِنْهُ فِلْذَةٌ‌، وَ كَانَ وَادِي مَكَّةَ‌ قَدْ سَالَ مِنْ أَسْفَلِهِ دَماً فَانْتَبَهَتْ ذَعِرَةً فَأَخْبَرَتِ‌ اَلْعَبَّاسَ‌ بِذَلِكَ‌، فَأَخْبَرَ اَلْعَبَّاسُ‌ عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ‌ ، فَقَالَ‌ عُتْبَةُ‌ مُصِيبَةٌ تَحْدُثُ فِي قُرَيْشٍ‌ وَ فَشَتِ اَلرُّؤْيَا فِي قُرَيْشٍ‌ وَ بَلَغَ ذَلِكَ‌ أَبَا جَهْلٍ‌ فَقَالَ مَا رَأَتْ‌ عَاتِكَةُ‌ هَذِهِ اَلرُّؤْيَا، وَ هَذِهِ نَبِيَّةٌ ثَانِيَةٌ فِي بَنِي عَبْدِ اَلْمُطَّلِبِ‌ وَ اَللاَّتِ‌ وَ اَلْعُزَّى لَنَنْتَظِرُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ‌، فَإِنْ كَانَ مَا رَأَتْ حَقّاً فَهُوَ كَمَا رَأَتْ‌، وَ إِنْ كَانَ غَيْرُ ذَلِكَ لَنَكْتُبَنَّ بَيْنَنَا كِتَاباً أَنَّهُ مَا مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ مِنَ‌ اَلْعَرَبِ‌ أَكْذَبَ رِجَالاً، وَ لاَ نِسَاءً مِنْ‌ بَنِي هَاشِمٍ‌ ، فَلَمَّا مَضَى يَوْمٌ‌ قَالَ‌ أَبُو جَهْلٍ‌ هَذَا يَوْمٌ قَدْ مَضَى، فَلَمَّا كَانَ اَلْيَوْمُ اَلثَّانِي، قَالَ‌ أَبُو جَهْلٍ‌ هَذَانِ يَوْمَانِ قَدْ مَضَيَا، فَلَمَّا كَانَ اَلْيَوْمُ اَلثَّالِثُ وَافَى ضَمْضَمٌ‌ يُنَادِي فِي اَلْوَادِي «يَا آلَ غَالِبٍ‌ يَا آلَ‌ غَالِبٍ‌ اَللَّطِيمَةَ اَللَّطِيمَةَ اَلْعِيرَ اَلْعِيرَ، أَدْرِكُوا أَدْرِكُوا وَ مَا أَرَاكُمْ تُدْرِكُونَ‌، فَإِنَّ‌ مُحَمَّداً وَ اَلصُّبَاةَ مِنْ‌ أَهْلِ‌ يَثْرِبَ‌ قَدْ خَرَجُوا يَتَعَرَّضُونَ لِعِيرِكُمُ اَلَّتِي فِيهَا خَزَائِنُكُمْ‌» فَتَصَايَحَ‌ اَلنَّاسُ‌ بِمَكَّةَ‌ وَ تَهَيَّئُوا لِلْخُرُوجِ‌، وَ قَامَ‌ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو وَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ‌ وَ أَبُو اَلْبَخْتَرِيِّ‌ بْنُ هِشَامٍ‌ وَ منية مُنَبِّهٌ‌ وَ بنية نَبِيهٌ‌ اِبْنَا اَلْحَجَّاجِ‌ وَ نَوْفَلُ بْنُ خُوَيْلِدٍ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ‌ وَ اَللَّهِ‌ مَا أَصَابَكُمْ مُصِيبَةٌ أَعْظَمُ مِنْ هَذِهِ‌، أَنْ يَطْمَعَ‌ مُحَمَّدٌ وَ اَلصُّبَاةُ عَنْ‌ أَهْلِ‌ يَثْرِبَ‌ أَنْ يَتَعَرَّضُوا لِعِيرِكُمُ اَلَّتِي فِيهَا خَزَائِنُكُمْ‌، فَوَ اَللَّهِ مَا قُرَشِيٌّ وَ لاَ قُرَشِيَّةٌ‌، إِلاَّ وَ لَهَا فِي هَذِهِ اَلْعِيرِ شَيْ‌ءٌ‌ فَصَاعِداً، وَ أَنَّهُ اَلذُّلُّ وَ اَلصَّغَارُ أَنْ يَطْمَعَ‌ مُحَمَّدٌ فِي أَمْوَالِكُمْ‌، وَ يُفَرِّقَ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ مَتْجَرِكُمْ‌ فَأَخْرِجُوا، وَ أَخْرَجَ‌ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ‌ خَمْسَمِائَةِ دِينَارٍ وَ جَهَّزَ بِهَا، وَ أَخْرَجَ‌ سُهَيْلُ بْنُ‌ عَمْرٍو خَمْسَمِائَةٍ‌، وَ مَا بَقِيَ أَحَدٌ مِنْ عُظَمَاءِ‌ قُرَيْشٍ‌ إِلاَّ أَخْرَجُوا مَالاً وَ حَمَلُوا وَ قَوُوا، وَ أَخْرَجُوا عَلَى اَلصَّعْبِ وَ اَلذَّلُولِ مَا يَمْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ‌، كَمَا قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: خَرَجُوا مِنْ دِيٰارِهِمْ‌ بَطَراً وَ رِئٰاءَ اَلنّٰاسِ‌ ، وَ خَرَجَ مَعَهُمُ‌ اَلْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اَلْمُطَّلِبِ‌ وَ نَوْفَلُ بْنُ اَلْحَارِثِ‌ وَ عَقِيلُ‌ بْنُ أَبِي طَالِبٍ‌ وَ أَخْرَجُوا مَعَهُمُ القينان اَلْقِيَانَ‌ يَشْرَبُونَ اَلْخَمْرَ وَ يَضْرِبُونَ بِالدُّفُوفِ‌ وَ خَرَجَ‌ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ فِي ثَلاَثِمِائَةٍ وَ ثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً، فَلَمَّا كَانَ‌ بِقُرْبِ‌ بَدْرٍ عَلَى لَيْلَةٍ مِنْهَا، بَعَثَ‌ بَشِيرَ بْنَ أَبِي الرعبا اَلزَّغْبَا [بن أبي الدعناء] وَ مَجْدَ بْنَ‌ عَمْرٍو يَتَجَسَّسَانِ خَبَرَ اَلْعِيرِ، فَأَتَيَا مَاءَ‌ بَدْرٍ وَ أَنَاخَا رَاحِلَتَيْهِمَا، وَ اِسْتَعْذَبَا مِنَ اَلْمَاءِ‌، وَ سَمِعَا جَارِيَتَيْنِ قَدْ تَشَبَّثَتْ إِحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى، وَ تُطَالِبُهَا بِدِرْهَمٍ كَانَ لَهَا عَلَيْهَا، فَقَالَتْ‌ عِيرُ قُرَيْشٍ‌ نَزَلَتْ أَمْسِ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَ كَذَا، وَ هِيَ تَنْزِلُ غَداً هَاهُنَا، وَ أَنَا أَعْمَلُ لَهُمْ‌ وَ أَقْضِيكَ‌، فَرَجَعَ‌ أَصْحَابُ‌ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ إِلَيْهِ فَأَخْبَرَاهُ بِمَا سَمِعَا، فَأَقْبَلَ‌ أَبُو سُفْيَانَ‌ بِالْعِيرِ، فَلَمَّا شَارَفَ‌ بدر بَدْراً تَقَدَّمَ اَلْعِيرَ، وَ أَقْبَلَ وَحْدَهُ حَتَّى اِنْتَهَى إِلَى مَاءِ‌ بَدْرٍ وَ كَانَ بِهَا رَجُلٌ مِنْ‌ جهينية جُهَيْنَةَ‌ يُقَالُ لَهُ‌ كَسْبٌ اَلْجُهَنِيُّ‌ فَقَالَ لَهُ يَا كَسْبُ‌ هَلْ لَكَ عِلْمٌ‌ بِمُحَمَّدٍ وَ أَصْحَابِهِ قَالَ لاَ، قَالَ وَ اَللاَّتِ‌ وَ اَلْعُزَّى لَئِنْ كَتَمْتَنَا أَمْرَ مُحَمَّدٍ لاَ يَزَالُ‌ قُرَيْشٌ‌ مُعَادِيَةً لَكَ آخِرَ اَلدَّهْرِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ‌ قُرَيْشٍ‌ إِلاَّ وَ لَهُ فِي هَذِهِ اَلْعِيرِ اَلنَّشُّ‌ فَصَاعِداً فَلاَ تَكْتُمْنِي، فَقَالَ وَ اَللَّهِ مَا لِي عِلْمٌ‌ بِمُحَمَّدٍ وَ مَا بَالُ‌ مُحَمَّدٍ وَ أَصْحَابِهِ بِالتُّجَّارِ، إِلاَّ وَ إِنِّي رَأَيْتُ فِي هَذَا اَلْيَوْمِ رَاكِبَيْنِ‌، أَقْبَلاَ وَ اِسْتَعْذَبَا مِنَ اَلْمَاءِ‌، وَ أَنَاخَا رَاحِلَتَيْهِمَا وَ رَجَعَا، فَلاَ أَدْرِي مَنْ هُمَا، فَجَاءَ‌ أَبُو سُفْيَانَ‌ إِلَى مَوْضِعِ مَنَاخِ‌، إِبِلِهِمَا فَفَتَّ أَبْعَارَ اَلْإِبِلِ بِيَدِهِ‌، فَوَجَدَ فِيهَا اَلنَّوَى، فَقَالَ هَذِهِ عَلاَئِفُ‌ يَثْرِبَ‌ هَؤُلاَءِ عُيُونُ‌ مُحَمَّدٍ ، فَرَجَعَ مُسْرِعاً وَ أَمَرَ بِالْعِيرِ، فَأَخَذَ بِهَا نَحْوَ سَاحِلِ اَلْبَحْرِ، وَ تَرَكُوا اَلطَّرِيقَ وَ مَرُّوا مُسْرِعِينَ وَ نَزَلَ‌ جَبْرَئِيلُ‌ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ اَلْعِيرَ قَدْ أَفْلَتَتْ‌، وَ أَنَّ‌ قُرَيْشاً قَدْ أَقْبَلَتْ لِتَمْنَعَ عَنْ عِيرِهَا، وَ أَمَرَهُ‌ بِالْقِتَالِ وَ وَعَدَهُ اَلنَّصْرَ، وَ كَانَ نَازِلاً مَاءَ‌ اَلصَّفْرَاءِ‌ فَأَحَبَّ أَنْ يَبْلُوَ اَلْأَنْصَارَ لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا وَعَدُوهُ أَنْ يَنْصُرُوهُ فِي اَلدَّارِ، فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ اَلْعِيرَ قَدْ جَازَتْ‌، وَ أَنَّ‌ قُرَيْشاً قَدْ أَقْبَلَتْ‌ لِتَمْنَعَ عَنْ عِيرِهَا، وَ أَنَّ اَللَّهَ قَدْ أَمَرَنِي بِمُحَارَبَتِهِمْ‌، فَجَزِعَ‌ أَصْحَابُ‌ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ مِنْ‌ ذَلِكَ‌، وَ خَافُوا خَوْفاً شَدِيداً، فَقَالَ‌ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ أَشِيرُوا عَلَيَّ‌، فَقَامَ‌ اَلْأَوَّلُ‌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ‌ إِنَّهَا قُرَيْشٌ‌ وَ خُيَلاَؤُهَا . مَا آمَنَتْ مُنْذُ كَفَرَتْ وَ لاَ ذَلَّتْ مُنْذُ عَزَّتْ‌، وَ لَمْ تَخْرُجْ عَلَى هَيْئَةِ اَلْحَرْبِ‌، فَقَالَ‌ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ لَهُ اِجْلِسْ فَجَلَسَ‌ قَالَ أَشِيرُوا عَلَيَّ‌، فَقَامَ‌ اَلثَّانِي فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَةِ اَلْأَوَّلِ‌، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اِجْلِسْ فَجَلَسَ‌، ثُمَّ‌ قَامَ‌ اَلْمِقْدَادُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ‌ وَ إِنَّا قَدْ آمَنَّا بِكَ وَ صَدَّقْنَاكَ‌، وَ شَهِدْنَا أَنَّ مَا جِئْتَ بِهِ‌ حَقٌّ مِنْ عِنْدِ اَللَّهِ‌، وَ لَوْ أَمَرْتَنَا أَنْ نَخُوضَ جَمْرَ اَلْغَضَا، وَ شَوْكَ اَلْهِرَاشِ‌ خُضْنَا مَعَكَ‌ وَ لاَ نَقُولُ لَكَ مَا قَالَتْ‌ بَنُو إِسْرَائِيلَ‌ 32لِمُوسَى « فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ‌فَقٰاتِلاٰ إِنّٰا هٰاهُنٰا قٰاعِدُونَ‌ » وَ لَكِنَّا نَقُولُ «اِمْضِ لِأَمْرِ رَبِّكَ فَإِنَّا مَعَكَ مُقَاتِلُونَ‌» فَجَزَاهُ‌ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ خَيْراً، ثُمَّ جَلَسَ ثُمَّ قَالَ أَشِيرُوا عَلَيَّ‌، فَقَامَ‌ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ ، فَقَالَ بِأَبِي أَنْتَ‌ وَ أُمِّي يَا رَسُولَ اَللَّهِ‌ كَأَنَّكَ أَرَدْتَنَا قَالَ نَعَمْ‌، قَالَ فَلَعَلَّكَ خَرَجْتَ عَلَى أَمْرٍ قَدْ أُمِرْتَ‌ بِغَيْرِهِ قَالَ نَعَمْ‌، قَالَ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي يَا رَسُولَ اَللَّهِ‌ إِنَّا قَدْ آمَنَّا بِكَ وَ صَدَّقْنَاكَ‌، وَ شَهِدْنَا أَنَّ مَا جِئْتَ بِهِ حَقٌّ مِنْ عِنْدِ اَللَّهِ‌، فَمُرْنَا بِمَا شِئْتَ وَ خُذْ مِنْ أَمْوَالِنَا مَا شِئْتَ‌، وَ اُتْرُكْ‌ مِنْهُ مَا شِئْتَ‌، وَ اَلَّذِي أَخَذْتَ مِنْهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ اَلَّذِي تَرَكْتَ مِنْهُ‌، وَ اَللَّهِ لَوْ أَمَرْتَنَا أَنْ نَخُوضَ هَذَا اَلْبَحْرَ لَخُضْنَاهُ مَعَكَ‌، فَجَزَاهُ خَيْراً، ثُمَّ قَالَ‌ سَعْدٌ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي يَا رَسُولَ اَللَّهِ‌ وَ اَللَّهِ مَا خُضْتُ هَذَا اَلطَّرِيقَ قَطُّ وَ مَا لِي بِهِ عِلْمٌ‌، وَ قَدْ خَلَّفْنَا بِالْمَدِينَةِ‌ قَوْماً لَيْسَ نَحْنُ بِأَشَدَّ جِهَاداً لَكَ مِنْهُمْ‌، وَ لَوْ عَلِمُوا أَنَّهُ اَلْحَرْبُ لَمَا تَخَلَّفُوا، وَ لَكِنْ نُعِدُّ لَكَ‌ اَلرَّوَاحِلَ وَ نَلْقَى عَدُوَّنَا، فَإِنَّا نَصْبِرُ عِنْدَ اَللِّقَاءِ‌، أَنْجَادٌ فِي اَلْحَرْبِ‌ وَ إِنَّا لَنَرْجُو أَنْ‌ يُقِرَّ اَللَّهُ عَيْنَكَ بِنَا، فَإِنْ يَكُ مَا تُحِبُّ فَهُوَ ذَلِكَ‌، وَ إِنْ يَكُنْ غَيْرَ ذَلِكَ قَعَدْتَ عَلَى رَوَاحِلِكَ‌، فَلَحِقْتَ بِقَوْمِنَا، فَقَالَ‌ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ أَوْ يُحْدِثُ اَللَّهُ غَيْرَ ذَلِكَ‌، كَأَنِّي بِمَصْرَعِ فُلاَنٍ هَاهُنَا وَ بِمَصْرَعِ فُلاَنٍ هَاهُنَا، وَ بِمَصْرَعِ‌ أَبِي جَهْلٍ‌ وَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ‌ وَ شَيْبَةَ‌ بْنِ رَبِيعَةَ‌ وَ منية مُنَبِّهٍ‌ وَ بنية نَبِيهٍ‌ اِبْنَيِ‌ اَلْحَجَّاجِ‌ فَإِنَّ اَللَّهَ قَدْ وَعَدَنِي إِحْدَى اَلطَّائِفَتَيْنِ‌، وَ لَنْ‌ يُخْلِفَ اَللَّهُ اَلْمِيعَادَ، فَنَزَلَ‌ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ‌ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ بِهَذِهِ اَلْآيَةِ‌« كَمٰا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ‌ إِلَى قَوْلِهِ‌ وَ لَوْ كَرِهَ اَلْمُجْرِمُونَ‌ » فَأَمَرَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ بِالرَّحِيلِ‌، حَتَّى نَزَلَ عِشَاءً عَلَى مَاءِ‌ بَدْرٍ وَ هِيَ‌ اَلْعُدْوَةُ اَلشَّامِيَّةُ‌ . وَ أَقْبَلَتْ‌ قُرَيْشٌ‌ فَنَزَلَتْ‌ بِالْعُدْوَةِ اَلْيَمَانِيَّةِ‌ ، وَ بَعَثَتْ عَبِيدَهَا تَسْتَعْذِبُ مِنَ اَلْمَاءِ‌ فَأَخَذَهُمْ‌ أَصْحَابُ‌ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ وَ حَبَسُوهُمْ‌، فَقَالُوا لَهُمْ مَنْ أَنْتُمْ قَالُوا نَحْنُ‌ عَبِيدُ قُرَيْشٍ‌ ، قَالُوا فَأَيْنَ اَلْعِيرُ قَالُوا لاَ عِلْمَ لَنَا بِالْعِيرِ، فَأَقْبَلُوا يَضْرِبُونَهُمْ‌، وَ كَانَ‌ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ يُصَلِّي فَانْفَتَلَ‌ مِنْ صَلاَتِهِ فَقَالَ‌، إِنْ صَدَقُوكُمْ ضَرَبْتُمُوهُمْ‌، وَ إِنْ‌ كَذَبُوكُمْ تَرَكْتُمُوهُمْ عَلَيَّ بِهِمْ‌، فَأَتَوْا بِهِمْ فَقَالَ لَهُمْ مَنْ أَنْتُمْ قَالُوا يَا مُحَمَّدُ نَحْنُ عَبِيدُ قُرَيْشٍ‌ ، قَالَ كَمِ اَلْقَوْمُ قَالُوا لاَ عِلْمَ لَنَا بِعَدَدِهِمْ‌، قَالَ كَمْ يَنْحَرُونَ فِي كُلِّ يَوْمٍ جَزُوراً قَالُوا تِسْعَةً أَوْ عَشَرَةً‌، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ تِسْعُمِائَةٍ أَوْ أَلْفٌ‌، ثُمَّ قَالَ فَمَنْ فِيهِمْ مِنْ‌ بَنِي هَاشِمٍ‌ قَالَ‌ اَلْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اَلْمُطَّلِبِ‌ وَ نَوْفَلُ بْنُ اَلْحَارِثِ‌ وَ عَقِيلُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ‌ ، فَأَمَرَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ بِهِمْ فَحَبَسُوهُمْ‌، وَ بَلَغَ‌ قُرَيْشاً ذَلِكَ فَخَافُوا خَوْفاً شَدِيداً، وَ لَقِيَ‌ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ‌ أَبَا اَلْبَخْتَرِيِّ بْنَ هِشَامِ [بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ اَلْمُطَّلِبِ‌] فَقَالَ لَهُ أَ مَا تَرَى هَذَا اَلْبَغْيَ‌ وَ اَللَّهِ مَا أُبْصِرُ مَوْضِعَ قَدَمَيَّ خَرَجْنَا، لِنَمْنَعَ عِيرَنَا وَ قَدْ أَفْلَتَتْ فَجِئْنَا بَغْياً وَ عُدْوَاناً، وَ اَللَّهِ مَا أَفْلَحَ قَوْمٌ قَطُّ بَغَوْا، وَ لَوَدِدْتُ أَنَّ مَا فِي اَلْعِيرِ مِنْ أَمْوَالِ‌ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ‌ ذَهَبَ كُلُّهُ وَ لَمْ نَسِرْ هَذَا الميسر اَلْمَسِيرَ ، فَقَالَ لَهُ‌ أَبُو اَلْبَخْتَرِيِّ‌ إِنَّكَ سَيِّدٌ مِنْ‌ سَادَاتِ‌ قُرَيْشٍ‌ ، تَحَمَّلِ اَلْعِيرَ اَلَّتِي أَصَابَهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ أَصْحَابُهُ‌ بِنَخْلَةَ‌ [بِنُخَيْلَةَ‌] وَ دَمَ‌ اِبْنِ اَلْحَضْرَمِيِّ‌ فَإِنَّهُ حَلِيفُكَ‌، فَقَالَ‌ عُتْبَةُ‌ أَنْتَ عَلَيَّ بِذَلِكَ‌، وَ مَا عَلَى أَحَدٍ مِنَّا خِلاَفٌ‌، إِلاَّ اِبْنَ حَنْظَلَةَ‌ يَعْنِي أَبَا جَهْلٍ‌ فَسِرْ إِلَيْهِ وَ أَعْلِمْهُ أَنِّي قَدْ تَحَمَّلْتُ‌ اَلْعِيرَ، اَلَّتِي قَدْ أَصَابَهَا مُحَمَّدٌ وَ دَمَ‌ اِبْنِ اَلْحَضْرَمِيِّ‌ . فَقَالَ‌ أَبُو اَلْبَخْتَرِيِّ‌ فَقَصَدْتُ خِبَاءَهُ‌، فَإِذَا هُوَ قَدْ أَخْرَجَ دِرْعاً لَهُ‌، فَقُلْتُ لَهُ إِنَّ‌ أَبَا اَلْوَلِيدِ بَعَثَنِي إِلَيْكَ بِرِسَالَةٍ‌، فَغَضِبَ ثُمَّ قَالَ أَ مَا وَجَدَ عُتْبَةُ‌ رَسُولاً غَيْرَكَ فَقُلْتُ‌ أَمَا وَ اَللَّهِ لَوْ غَيْرُهُ أَرْسَلَنِي مَا جِئْتُ‌، وَ لَكِنَّ‌ أَبَا اَلْوَلِيدِ سَيِّدُ اَلْعَشِيرَةِ‌، فَغَضِبَ أَشَدَّ مِنَ اَلْأُولَى، فَقَالَ تَقُولُ سَيِّدُ اَلْعَشِيرَةِ‌! فَقُلْتُ أَنَا أَقُولُهُ وَ قُرَيْشٌ‌ كُلُّهَا تَقُولُهُ‌، إِنَّهُ‌ قَدْ تَحَمَّلَ اَلْعِيرَ وَ دَمَ‌ اِبْنِ اَلْحَضْرَمِيِّ‌ ، فَقَالَ إِنَّ‌ عُتْبَةَ‌ أَطْوَلُ اَلنَّاسِ لِسَاناً، وَ أَبْلَغُهُمْ فِي اَلْكَلاَمِ وَ يَتَعَصَّبُ‌ لِمُحَمَّدٍ فَإِنَّهُ مِنْ‌ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ‌ وَ اِبْنُهُ مَعَهُ‌، وَ يُرِيدُ أَنْ يُحْذَرَ [يُخْذَلَ‌] بَيْنَ اَلنَّاسِ‌، لاَ وَ اَللاَّتِ‌ وَ اَلْعُزَّى حَتَّى نَقْتَحِمَ عَلَيْهِمْ‌ بِيَثْرِبَ‌ وَ نَأْخُذَهُمْ‌ أُسَارَى فَنُدْخِلَهُمْ‌ مَكَّةَ‌ وَ تَتَسَامَعَ‌ اَلْعَرَبُ‌ بِذَلِكَ‌، وَ لاَ يَكُونَنَّ بَيْنَنَا وَ بَيْنَ مَتْجَرِنَا أَحَدٌ نَكْرَهُهُ‌. وَ بَلَغَ‌ أَصْحَابَ‌ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ كَثْرَةُ‌ قُرَيْشٍ‌ فَفَزِعُوا فَزَعاً شَدِيداً وَ بَكَوْا وَ اِسْتَغَاثُوا فَأَنْزَلَ اَللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ‌ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجٰابَ لَكُمْ‌أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ اَلْمَلاٰئِكَةِ مُرْدِفِينَ‌`وَ مٰا جَعَلَهُ اَللّٰهُ إِلاّٰ بُشْرىٰ‌وَ لِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ‌وَ مَا اَلنَّصْرُ إِلاّٰ مِنْ عِنْدِ اَللّٰهِ إِنَّ اَللّٰهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ‌ فَلَمَّا مَشَى رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ وَ جَنَّهُ اَللَّيْلُ‌ أَلْقَى اَللَّهُ عَلَى أَصْحَابِهِ اَلنُّعَاسَ حَتَّى نَامُوا، وَ أَنْزَلَ اَللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى عَلَيْهِمُ اَلسَّمَاءَ‌ وَ كَانَ نَزَلَ‌ اَلْوَلِيدُ فِي مَوْضِعٍ لاَ يَثْبُتُ فِيهِ اَلْقَدَمُ‌، فَأَنْزَلَ اَللَّهُ عَلَيْهِمُ اَلسَّمَاءَ‌، حَتَّى تَثْبُتَ‌ أَقْدَامُهُمْ عَلَى اَلْأَرْضِ‌، وَ هُوَ قَوْلُ اَللَّهِ تَعَالَى إِذْ يُغَشِّيكُمُ اَلنُّعٰاسَ أَمَنَةً مِنْهُ‌وَ يُنَزِّلُ‌ عَلَيْكُمْ مِنَ اَلسَّمٰاءِ مٰاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ‌وَ يُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ 1اَلشَّيْطٰانِ‌ وَ ذَلِكَ أَنَّ بَعْضَ‌ أَصْحَابِ‌ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ اِحْتَلَمَ‌ وَ لِيَرْبِطَ عَلىٰ قُلُوبِكُمْ وَ يُثَبِّتَ بِهِ اَلْأَقْدٰامَ‌ وَ كَانَ اَلْمَطَرُ عَلَى قُرَيْشٍ‌ مِثْلَ اَلْعَزَالِي وَ كَانَ عَلَى أَصْحَابِ‌ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ رَذَاذاً بِقَدْرِ مَا لَبَّدَ اَلْأَرْضَ‌. وَ خَافَتْ‌ قُرَيْشٌ‌ خَوْفاً شَدِيداً، فَأَقْبَلُوا يَتَحَارَسُونَ يَخَافُونَ اَلْبَيَاتَ‌، فَبَعَثَ‌ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ وَ عَبْدَ اَللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ فَقَالَ اُدْخُلاَ فِي اَلْقَوْمِ‌ وَ أْتِيَانِي بِأَخْبَارِهِمْ‌، فَكَانَا يَجُولاَنِ فِي عَسْكَرِهِمْ‌، لاَ يَرَوْنَ إِلاَّ خَائِفاً ذَعِراً، إِذَا صَهَلَ‌ اَلْفَرَسُ وَثَبَ عَلَى جَحْفَلَتِهِ‌ فَسَمِعُوا مُنَبِّهَ بْنَ اَلْحَجَّاجِ‌ يَقُولُ‌: لاَ يَتْرُكُ اَلْجَزَعُ [اَلْجُوعُ‌] لَنَا مَبِيتاً لاَ بُدَّ أَنْ نَمُوتَ أَوْ نُمِيتَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ اَللَّهِ كَانُوا شَبَاعَى [سباعى] وَ لَكِنَّهُمْ مِنَ اَلْخَوْفِ قَالُوا هَذَا، وَ أَلْقَى اَللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمُ اَلرُّعْبَ كَمَا قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ اَلَّذِينَ كَفَرُوا اَلرُّعْبَ‌ فَلَمَّا أَصْبَحَ‌ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ عَبَّأَ أَصْحَابَهُ‌، وَ كَانَ فِي عَسْكَرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَرَسَانِ‌ فَرَسٌ‌ لِلزُّبَيْرِ بْنِ اَلْعَوَّامِ‌ وَ فَرَسٌ‌ لِلْمِقْدَادِ ، وَ كَانَ فِي عَسْكَرِهِ سَبْعُونَ جَمَلاً يَتَعَاقَبُونَ‌ عَلَيْهَا، فَكَانَ‌ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ وَ مَرْثَدُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ اَلْغَنَوِيُّ‌ وَ عَلِيُّ بْنُ‌ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ‌ عَلَى جَمَلٍ يَتَعَاقَبُونَ عَلَيْهِ‌، وَ اَلْجَمَلُ‌ لِمَرْثَدٍ وَ كَانَ فِي عَسْكَرِ قُرَيْشٍ‌ أَرْبَعُمِائَةِ فَرَسٍ‌. فَعَبَّأَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ أَصْحَابَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ‌، وَ قَالَ غُضُّوا أَبْصَارَكُمْ لاَ تَبْدُوهُمْ‌ بِالْقِتَالِ‌، وَ لاَ يَتَكَلَّمَنَّ أَحَدٌ، فَلَمَّا نَظَرَ قُرَيْشٌ‌ إِلَى قِلَّةِ أَصْحَابِ‌ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ قَالَ‌ أَبُو جَهْلٍ‌ : مَا هُمْ إِلاَّ أَكْلَةُ رَأْسٍ‌، وَ لَوْ بَعَثْنَا إِلَيْهِمْ عَبِيدَنَا، لَأَخَذُوهُمْ أَخْذاً بِالْيَدِ، فَقَالَ‌ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ‌ أَ تَرَى لَهُمْ كَمِيناً وَ مَدَداً فَبَعَثُوا عُمَرَ بْنَ وَهْبٍ اَلْجُمَحِيَّ‌ ، وَ كَانَ فَارِساً شُجَاعاً فَجَالَ بِفَرَسِهِ‌، حَتَّى طَافَ إِلَى مُعَسْكَرِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ ثُمَّ صَعِدَ اَلْوَادِي وَ صَوَّتَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى قُرَيْشٍ‌ ، فَقَالَ مَا لَهُمْ كَمِينٌ وَ لاَ مَدَدٌ، وَ لَكِنَّ نَوَاضِحَ‌ يَثْرِبَ‌ قَدْ حَمَلَتِ اَلْمَوْتَ اَلنَّاقِعَ‌، أَ مَا تَرَوْنَهُمْ خُرْساً لاَ يَتَكَلَّمُونَ‌، يَتَلَمَّظُونَ تَلَمُّظَ اَلْأَفَاعِيِّ‌ مَا لَهُمْ مَلْجَأٌ إِلاَّ سُيُوفُهُمْ‌، وَ مَا أَرَاهُمْ يُوَلُّونَ حَتَّى يُقْتَلُونَ‌، وَ لاَ يُقْتَلُونَ حَتَّى يَقْتُلُونَ‌ بِعَدَدِهِمْ‌، فَارْتَئُوا رَأْيَكُمْ‌، فَقَالَ‌ أَبُو جَهْلٍ‌ كَذَبْتَ وَ جَبُنْتَ‌، وَ اِنْتَفَخَ مَنْخِرُكَ حِينَ‌ نَظَرْتَ إِلَى سُيُوفِ‌ يَثْرِبَ‌ . وَ فَزِعَ‌ أَصْحَابُ‌ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ حِينَ نَظَرُوا إِلَى كَثْرَةِ‌ قُرَيْشٍ‌ وَ قُوَّتِهِمْ‌ فَأَنْزَلَ اَللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ‌ وَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهٰاوَ تَوَكَّلْ عَلَى اَللّٰهِ‌ وَ قَدْ عَلِمَ‌ اَللَّهُ أَنَّهُمْ لاَ يَجْنَحُونَ‌، وَ لاَ يُجِيبُونَ إِلَى اَلسَّلْمِ‌، وَ إِنَّمَا أَرَادَ سُبْحَانَهُ بِذَلِكَ‌، لِيُطَيِّبَ قُلُوبَ‌ أَصْحَابِ‌ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ فَبَعَثَ‌ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ إِلَى قُرَيْشٍ‌ ، فَقَالَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ‌ مَا أَحَدٌ مِنَ‌ اَلْعَرَبِ‌ أَبْغَضَ إِلَيَّ‌، مِمَّنْ بَدَأَ بِكُمْ خَلُّونِي، وَ اَلْعَرَبَ‌ فَإِنْ أَكُ صَادِقاً فَأَنْتُمْ أَعْلَى بِي عَيْناً، وَ إِنْ أَكُ كَاذِباً، كَفَتْكُمْ ذُؤْبَانُ‌ اَلْعَرَبِ‌ أَمْرِي فَارْجِعُوا، فَقَالَ‌ عُتْبَةُ‌ وَ اَللَّهِ‌ مَا أَفْلَحَ قَوْمٌ قَطُّ رَدُّوا هَذَا، ثُمَّ رَكِبَ جَمَلاً لَهُ أَحْمَرَ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ‌ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ يَجُولُ فِي اَلْعَسْكَرِ، وَ يَنْهَى عَنِ اَلْقِتَالِ‌، فَقَالَ إِنْ يَكُنْ عِنْدَ أَحَدٍ خَيْرٌ، فَعِنْدَ صَاحِبِ‌ اَلْجَمَلِ اَلْأَحْمَرِ، فَإِنْ يُطِيعُوهُ يَرْجِعُوا وَ يَرْشُدُوا، فَأَقْبَلَ‌ عُتْبَةُ‌ يَقُولُ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ‌ اِجْتَمِعُوا وَ اِسْتَمِعُوا ثُمَّ خَطَبَهُمْ‌، فَقَالَ يُمْنٌ رَحْبٌ فَرَحْبٌ مَعَ يُمْنٍ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ‌ ! أَطِيعُونِي اَلْيَوْمَ وَ اِعْصُونِيَ اَلدَّهْرَ، وَ اِرْجِعُوا إِلَى مَكَّةَ‌ وَ اِشْرَبُوا اَلْخُمُورَ وَ عَانِقُوا اَلْحُورَ فَإِنَّ‌ مُحَمَّداً لَهُ إِلٌّ‌ وَ ذِمَّةٌ وَ هُوَ اِبْنُ عَمِّكُمْ‌، فَارْجِعُوا وَ لاَ تَنْبِذُوا رَأْيِي، وَ إِنَّمَا تُطَالِبُونَ‌ مُحَمَّداً بِالْعِيرِ، اَلَّتِي أَخَذَهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ بِنُخَيْلَةَ‌ وَ دَمِ‌ اِبْنِ اَلْحَضْرَمِيِّ‌ وَ هُوَ حَلِيفِي وَ عَلَيَّ عَقْلُهُ‌، فَلَمَّا سَمِعَ‌ أَبُو جَهْلٍ‌ ذَلِكَ عاظه غَاظَهُ‌ وَ قَالَ إِنَّ‌ عُتْبَةَ‌ أَطْوَلُ اَلنَّاسِ لِسَاناً وَ أَبْلَغُهُمْ فِي اَلْكَلاَمِ‌، وَ لَئِنْ رَجَعَتْ‌ قُرَيْشٌ‌ بِقَوْلِهِ‌، لَيَكُونَنَّ سَيِّدَ قُرَيْشٍ‌ آخِرَ اَلدَّهْرِ ثُمَّ قَالَ يَا عُتْبَةُ‌ ! نَظَرْتَ إِلَى سُيُوفِ‌ بَنِي عَبْدِ اَلْمُطَّلِبِ‌ وَ جَبُنْتَ وَ اِنْتَفَخَ سَحْرُكَ‌ وَ تَأْمُرُ اَلنَّاسَ بِالرُّجُوعِ‌، وَ قَدْ رَأَيْنَا ثَارَنَا بِأَعْيُنِنَا، فَنَزَلَ‌ عُتْبَةُ‌ عَنْ جَمَلِهِ وَ حَمَلَ عَلَى أَبِي جَهْلٍ‌ وَ كَانَ عَلَى فَرَسٍ فَأَخَذَ بِشَعْرِهِ فَقَالَ اَلنَّاسُ يَقْتُلُهُ‌، فَعَرْقَبَ فَرَسَهُ وَ قَالَ أَ مِثْلِي يَجْبُنُ‌ وَ سَتَعْلَمُ‌ قُرَيْشٌ‌ اَلْيَوْمَ أَيُّنَا أَلْأَمُ وَ أَجْبَنُ‌، وَ أَيُّنَا اَلْمُفْسِدُ لِقَوْمِهِ‌، لاَ يَمْشِي إِلاَّ أَنَا وَ أَنْتَ‌ إِلَى اَلْمَوْتِ عِيَاناً، ثُمَّ قَالَ هَذَا حبائي جَنَايَ‌ وَ خِيَارُهُ فِيهِ‌، وَ كُلُّ جَانٍ يَدُهُ إِلَى فِيهِ [ثُمَّ أَخَذَ بِشَعْرِهِ يَجُرُّهُ‌] فَاجْتَمَعَ اَلنَّاسُ فَقَالُوا يَا أَبَا اَلْوَلِيدِ اَللَّهَ اَللَّهَ لاَ تَفُتَّ فِي أَعْضَادِ اَلنَّاسِ‌ تَنْهَى عَنْ شَيْ‌ءٍ وَ تَكُونُ أَوَّلَهُ‌. فَخَلَّصُوا أَبَا جَهْلٍ‌ مِنْ يَدِهِ‌، فَنَظَرَ عُتْبَةُ‌ إِلَى أَخِيهِ‌ شَيْبَةَ‌ ، وَ نَظَرَ إِلَى اِبْنِهِ‌ اَلْوَلِيدِ ، فَقَالَ قُمْ يَا بُنَيَّ فَقَامَ ثُمَّ لَبِسَ دِرْعَهُ‌، وَ طَلَبُوا لَهُ‌ بَيْضَةً تَسَعُ رَأْسَهُ‌، فَلَمْ يَجِدُوهَا لِعِظَمِ هَامَتِهِ‌، فَاعْتَمَّ بِعِمَامَتَيْنِ‌، ثُمَّ أَخَذَ سَيْفَهُ وَ تَقَدَّمَ‌ هُوَ وَ أَخُوهُ وَ اِبْنُهُ‌، وَ نَادَى يَا مُحَمَّدُ أَخْرِجْ إِلَيْنَا أَكْفَاءَنَا مِنْ‌ قُرَيْشٍ‌ فَبَرَزَ إِلَيْهِ ثَلاَثَةُ‌ نَفَرٍ مِنَ‌ اَلْأَنْصَارِ عَوْدٌ وَ مُعَوِّدٌ وَ عَوْفٌ‌ مِنْ‌ بَنِي عَفْرَاءَ‌ ، فَقَالَ‌ عُتْبَةُ‌ مَنْ أَنْتُمْ اِنْتَسِبُوا لِنَعْرِفَكُمْ فَقَالُوا نَحْنُ‌ بَنُو عَفْرَاءَ‌ أَنْصَارُ اَللَّهِ وَ أَنْصَارُ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ ، قَالُوا اِرْجِعُوا، فَإِنَّا لَسْنَا إِيَّاكُمْ نُرِيدُ، إِنَّمَا نُرِيدُ اَلْأَكْفَاءَ مِنْ‌ قُرَيْشٍ‌ ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ‌ رَسُولُ اَللَّهِ‌ أَنِ اِرْجِعُوا فَرَجَعُوا، وَ كَرِهَ أَنْ يَكُونَ أَوَّلُ اَلْكَرَّةِ‌ بِالْأَنْصَارِ ، فَرَجَعُوا وَ وَقَفُوا مَوْقِفَهُمْ‌، ثُمَّ‌ نَظَرَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ إِلَى عُبَيْدَةَ بْنِ اَلْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اَلْمُطَّلِبِ‌ ، وَ كَانَ لَهُ سَبْعُونَ‌ سَنَةً فَقَالَ لَهُ قُمْ يَا عُبَيْدَةُ‌ ! فَقَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ بِالسَّيْفِ‌، ثُمَّ نَظَرَ إِلَى حَمْزَةَ بْنِ‌ عَبْدِ اَلْمُطَّلِبِ‌ ، فَقَالَ قُمْ يَا عَمِّ‌! ثُمَّ نَظَرَ إِلَى أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ‌ فَقَالَ لَهُ قُمْ يَا عَلِيُّ‌ ! وَ كَانَ أَصْغَرَهُمْ‌، فَقَالَ فَاطْلُبُوا بِحَقِّكُمُ اَلَّذِي جَعَلَهُ اَللَّهُ لَكُمْ‌، قَدْ جَاءَتْ‌ قُرَيْشٌ‌ بِخُيَلاَئِهَا وَ فَخْرِهَا، تُرِيدُ أَنْ تُطْفِئَ نُورَ اَللَّهِ‌ وَ يَأْبَى اَللّٰهُ إِلاّٰ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ‌ ، ثُمَّ قَالَ‌ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ يَا عُبَيْدَةُ‌ عَلَيْكَ‌ بِعُتْبَةَ‌ ، وَ قَالَ‌ لِحَمْزَةَ‌ عَلَيْكَ‌ بِشَيْبَةَ‌ وَ قَالَ‌ لِعَلِيٍّ‌ عَلَيْكَ‌ بِالْوَلِيدِ بْنِ‌ عُتْبَةَ‌ ، فَمَرُّوا حَتَّى اِنْتَهَوْا إِلَى اَلْقَوْمِ‌، فَقَالَ‌ عُتْبَةُ‌ مَنْ أَنْتُمْ اِنْتَسِبُوا لِنَعْرِفَكُمْ‌، فَقَالَ‌ عُبَيْدَةُ : أَنَا عُبَيْدَةُ بْنُ حَارِثِ بْنِ عَبْدِ اَلْمُطَّلِبِ‌ ، فَقَالَ كُفْوٌ كَرِيمٌ فَمَنْ‌ هَذَانِ قَالَ‌ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اَلْمُطَّلِبِ‌ وَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ‌ ، فَقَالَ كُفْوَانِ كَرِيمَانِ‌ لَعَنَ اَللَّهُ مَنْ أَوْقَفَنَا وَ إِيَّاكُمْ هَذَا اَلْمَوْقِفَ‌، فَقَالَ‌ شَيْبَةُ‌ لِحَمْزَةَ‌ مَنْ أَنْتَ فَقَالَ أَنَا حَمْزَةُ‌ بْنُ عَبْدِ اَلْمُطَّلِبِ‌ أَسَدُ اَللَّهِ وَ أَسَدُ رَسُولِهِ‌ ، وَ قَالَ لَهُ‌ شَيْبَةُ‌ لَقَدْ لَقِيتَ أَسَدَ اَلْحَلْفَاءِ‌ فَانْظُرْ كَيْفَ تَكُونُ صَوْلَتُكَ يَا أَسَدَ اَللَّهِ‌! فَحَمَلَ‌ عُبَيْدَةُ‌ عَلَى عُتْبَةَ‌ فَضَرَبَهُ عَلَى رَأْسِهِ‌ ضَرْبَةً فَفَلَقَ هَامَتَهُ‌، وَ ضَرَبَ‌ عُتْبَةُ‌ عُبَيْدَةَ‌ عَلَى سَاقِهِ قَطَعَهَا، وَ سَقَطَا جَمِيعاً، وَ حَمَلَ‌ حَمْزَةُ‌ عَلَى شَيْبَةَ‌ فَتَضَارَبَا بِالسَّيْفَيْنِ حَتَّى اِنْثَلَمَا، وَ كُلُّ وَاحِدٍ يَتَّقِي بِدَرَقَتِهِ‌ . وَ حَمَلَ‌ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ‌ عَلَى اَلْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ‌ فَضَرَبَهُ عَلَى عَاتِقِهِ فَأَخْرَجَ‌ اَلسَّيْفَ مِنْ إِبْطِهِ‌، فَقَالَ‌ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ‌ فَأَخَذَ يَمِينَهُ اَلْمَقْطُوعَةَ بِيَسَارِهِ‌، فَضَرَبَ بِهَا هَامَتِي فَظَنَنْتُ أَنَّ اَلسَّمَاءَ وَقَعَتْ عَلَى اَلْأَرْضِ‌، ثُمَّ اِعْتَنَقَ‌ حَمْزَةُ‌ وَ شَيْبَةُ‌ فَقَالَ‌ اَلْمُسْلِمُونَ‌ يَا عَلِيُّ‌ أَ مَا تَرَى اَلْكَلْبَ قَدْ أَبْهَرَ عَمَّكَ‌، فَحَمَلَ‌ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ‌ ثُمَّ قَالَ يَا عَمِّ طَأْطِئْ رَأْسَكَ‌، وَ كَانَ‌ حَمْزَةُ‌ أَطْوَلَ مِنْ‌ شَيْبَةَ‌ فَأَدْخَلَ‌ حَمْزَةُ‌ رَأْسَهُ فِي صَدْرِهِ‌، فَضَرَبَهُ‌ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ‌ عَلَى رَأْسِهِ فَطَيَّرَ نِصْفَهُ‌، ثُمَّ جَاءَ إِلَى عُتْبَةَ‌ وَ بِهِ رَمَقٌ فَأَجْهَزَ عَلَيْهِ‌، وَ حُمِلَ‌ عُبَيْدَةُ‌ بَيْنَ‌ حَمْزَةَ‌ وَ عَلِيٍّ‌ حَتَّى أَتَيَا بِهِ‌ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ فَنَظَرَ إِلَيْهِ‌ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ وَ اِسْتَعْبَرَ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ‌ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي أَ لَسْتُ شَهِيداً فَقَالَ بَلَى أَنْتَ أَوَّلُ شَهِيدٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي قَالَ أَمَا لَوْ كَانَ عَمُّكَ حَيّاً لَعَلِمَ أَنِّي أَوْلَى بِمَا قَالَ مِنْهُ‌، قَالَ وَ أَيَّ أَعْمَامِي تَعْنِي قَالَ‌ أَبُو طَالِبٍ‌ حَيْثُ يَقُولُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ‌: كَذَبْتُمْ وَ بَيْتِ اَللَّهِ‌ نَبْرَأُ مُحَمَّداً وَ لَمَّا نُطَاعِنْ دُونَهُ وَ نُنَاضِلْ‌ وَ نَنْصُرُهُ حَتَّى نُصَرَّعَ حَوْلَهُ‌ وَ نَذْهَلُ عَنْ أَبْنَائِنَا وَ اَلْحَلاَئِلِ‌ فَقَالَ‌ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ أَ مَا تَرَى اِبْنَهُ‌، كَاللَّيْثِ اَلْعَادِي بَيْنَ يَدَيِ اَللَّهِ وَ رَسُولِهِ‌ وَ اِبْنَهُ‌ اَلْآخَرَ فِي جِهَادِ اَللَّهِ بِأَرْضِ‌ اَلْحَبَشَةِ‌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ‌ أَ سَخِطْتَ عَلَيَّ فِي هَذِهِ اَلْحَالَةِ‌ فَقَالَ مَا سَخِطْتُ عَلَيْكَ‌، وَ لَكِنْ ذَكَرْتُ عَمِّي فَانْقَبَضْتُ لِذَلِكَ‌. وَ قَالَ‌ أَبُو جَهْلٍ‌ لِقُرَيْشٍ‌ لاَ تَعْجَلُوا وَ لاَ تَبْطَرُوا، كَمَا عَجِلَ وَ بَطِرَ أَبْنَاءُ‌ رَبِيعَةَ‌ ، عَلَيْكُمْ‌ بِأَهْلِ‌ يَثْرِبَ‌ فَاجْزُرُوهُمْ جَزْراً، وَ عَلَيْكُمْ‌ بِقُرَيْشٍ‌ فَخُذُوهُمْ أَخْذاً، حَتَّى نُدْخِلَهُمْ‌ مَكَّةَ‌ فَنُعَرِّفَهُمْ ضَلاَلَتَهُمُ اَلَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا، وَ كَانَ فِتْيَةٌ مِنْ‌ قُرَيْشٍ‌ أَسْلَمُوا بِمَكَّةَ‌ فَاحْتَبَسَهُمْ آبَاؤُهُمْ‌، فَخَرَجُوا مَعَ‌ قُرَيْشٍ‌ إِلَى بَدْرٍ وَ هُمْ عَلَى اَلشَّكِّ وَ اَلاِرْتِيَابِ وَ اَلنِّفَاقِ‌ مِنْهُمْ‌ قَيْسُ بْنُ اَلْوَلِيدِ بْنِ اَلْمُغِيرَةِ‌ وَ أَبُو قَيْسِ بْنُ اَلْفَاكِهَةِ‌ وَ اَلْحَارِثُ بْنُ رَبِيعَةَ‌ وَ عَلِيُّ‌ بْنُ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ‌ وَ اَلْعَاصُ بْنُ اَلْمُنْيَةِ‌ ، فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَى قِلَّةِ‌ أَصْحَابِ‌ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ قَالُوا مَسَاكِينٌ هَؤُلاَءِ غَرَّهُمْ دِينُهُمْ‌، فَيُقْتَلُونَ اَلسَّاعَةَ‌، فَأَنْزَلَ اَللَّهُ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ إِذْ يَقُولُ اَلْمُنٰافِقُونَ وَ اَلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ‌غَرَّ هٰؤُلاٰءِ دِينُهُمْ وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اَللّٰهِ‌فَإِنَّ اَللّٰهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ‌ وَ جَاءَ‌ 1إِبْلِيسُ‌ إِلَى قُرَيْشٍ‌ فِي صُورَةِ‌ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكٍ‌ فَقَالَ‌ لَهُمْ أَنَا جَارُكُمْ اِدْفَعُوا إِلَيَّ رَايَتَكُمْ‌، فَدَفَعُوهَا إِلَيْهِ‌، وَ جَاءَ بِشَيَاطِينِهِ يَهُولُ بِهِمْ عَلَى أَصْحَابِ‌ رَسُولِ اَللَّهِ‌ وَ يُخَيِّلُ إِلَيْهِمْ وَ يُفْزِعُهُمْ‌، وَ أَقْبَلَتْ‌ قُرَيْشٌ‌ يَقْدُمُهَا 1إِبْلِيسُ‌ مَعَهُ اَلرَّايَةُ‌ فَنَظَرَ إِلَيْهِ‌ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ ، فَقَالَ غُضُّوا أَبْصَارَكُمْ وَ عَضُّوا عَلَى اَلنَّوَاجِذِ، وَ لاَ تَسُلُّوا سَيْفاً حَتَّى آذَنَ لَكُمْ‌، ثُمَّ رَفَعَ يَدَهُ إِلَى اَلسَّمَاءِ وَ قَالَ «يَا رَبِّ إِنْ تَهْلِكْ هَذِهِ‌ اَلْعِصَابَةُ لَمْ تُعْبَدْ، وَ إِنْ شِئْتَ أَنْ لاَ تُعْبَدَ لاَ تُعْبَدُ» ثُمَّ أَصَابَهُ اَلْغَشْيُ فَسُرِيَ عَنْهُ‌، وَ هُوَ يَسْلُتُ اَلْعَرَقَ عَنْ وَجْهِهِ وَ يَقُولُ‌: هَذَا جَبْرَئِيلُ‌ قَدْ أَتَاكُمْ فِي أَلْفٍ‌ مِنَ اَلْمَلاٰئِكَةِ مُرْدِفِينَ‌ قَالَ فَنَظَرْنَا فَإِذَا بِسَحَابَةٍ سَوْدَاءَ‌، فِيهَا بَرْقٌ لاَئِحٌ قَدْ وَقَعَتْ عَلَى عَسْكَرِ رَسُولِ اَللَّهِ‌ وَ قَائِلٌ يَقُولُ أَقْدِمْ‌ حَيْزُومُ‌ أَقْدِمْ‌ حَيْزُومُ‌ ! وَ سَمِعْنَا قَعْقَعَةَ اَلسِّلاَحِ مِنَ اَلْجَوِّ، وَ نَظَرَ 1إِبْلِيسُ‌ إِلَى جَبْرَئِيلَ‌ فَتَرَاجَعَ وَ رَمَى بِاللِّوَاءِ‌، فَأَخَذَ مُنْيَةُ بْنُ اَلْحَجَّاجِ‌ بِمَجَامِعِ ثَوْبِهِ‌، ثُمَّ‌ قَالَ وَيْلَكَ يَا سُرَاقَةُ‌ تَفُتُّ فِي أَعْضَادِ اَلنَّاسِ‌، فَرَكَلَهُ‌ 1إِبْلِيسُ‌ رَكْلَةً‌ فِي صَدْرِهِ‌، وَ قَالَ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ‌، إِنِّي أَخَافُ اَللَّهَ وَ هُوَ قَوْلُ اَللَّهِ‌ وَ إِذْ زَيَّنَ لَهُمُ‌ 1اَلشَّيْطٰانُ‌ أَعْمٰالَهُمْ‌ وَ قٰالَ لاٰ غٰالِبَ لَكُمُ اَلْيَوْمَ مِنَ اَلنّٰاسِ وَ إِنِّي جٰارٌ لَكُمْ‌فَلَمّٰا تَرٰاءَتِ اَلْفِئَتٰانِ نَكَصَ عَلىٰ عَقِبَيْهِ‌ وَ قٰالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرىٰ مٰا لاٰ تَرَوْنَ‌إِنِّي أَخٰافُ اَللّٰهَ وَ اَللّٰهُ شَدِيدُ اَلْعِقٰابِ‌ ثُمَّ‌ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ‌ وَ لَوْ تَرىٰ إِذْ يَتَوَفَّى اَلَّذِينَ كَفَرُوا اَلْمَلاٰئِكَةُ‌يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ‌ وَ أَدْبٰارَهُمْ‌وَ ذُوقُوا عَذٰابَ اَلْحَرِيقِ‌ . قَالَ وَ حَمَلَ‌ جَبْرَئِيلُ‌ عَلَى 1إِبْلِيسَ‌ فَطَلَبَهُ حَتَّى غَاصَ فِي اَلْبَحْرِ، وَ قَالَ رَبِّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي مِنَ اَلْبَقَاءِ إِلَى يَوْمِ اَلدِّينِ‌، رُوِيَ فِي اَلْخَبَرِ، أَنَّ‌ 1إِبْلِيسَ‌ اِلْتَفَتَ إِلَى جَبْرَئِيلَ‌ وَ هُوَ فِي اَلْهَزِيمَةِ‌، فَقَالَ يَا هَذَا أَ بَدَا لَكُمْ فِيمَا أَعْطَيْتُمُونَا فَقِيلَ‌ لِأَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ‌ أَ تَرَى كَانَ يَخَافُ أَنْ يَقْتُلَهُ فَقَالَ لاَ وَ لَكِنَّهُ كَانَ يَضْرِبُهُ ضَرْباً، يَشِينُهُ مِنْهَا إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ‌ ، وَ أَنْزَلَ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى اَلْمَلاٰئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ‌ فَثَبِّتُوا اَلَّذِينَ آمَنُواسَأُلْقِي فِي قُلُوبِ اَلَّذِينَ كَفَرُوا اَلرُّعْبَ‌فَاضْرِبُوا فَوْقَ اَلْأَعْنٰاقِ‌ وَ اِضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنٰانٍ‌ قَالَ أَطْرَافَ اَلْأَصَابِعِ‌، فَقَدْ جَاءَتْ‌ قُرَيْشٌ‌ بِخُيَلاَئِهَا وَ فَخْرِهَا، تُرِيدُ أَنْ تُطْفِئَ نُورَ اَللَّهِ‌ وَ يَأْبَى اَللّٰهُ إِلاّٰ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ‌ ، وَ خَرَجَ‌ أَبُو جَهْلٍ‌ مِنْ بَيْنِ اَلصَّفَّيْنِ‌، فَقَالَ إِنَّ‌ مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ قَطَعَنَا اَلرَّحِمَ‌، وَ أَتَانَا بِمَا لاَ نَعْرِفُهُ فَأَحِنْهُ‌ اَلْغَدَاةَ‌، فَأَنْزَلَ اَللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ‌ إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جٰاءَكُمُ اَلْفَتْحُ‌وَ إِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ‌ وَ إِنْ تَعُودُوا نَعُدْوَ لَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاًوَ لَوْ كَثُرَتْ وَ أَنَّ اَللّٰهَ مَعَ اَلْمُؤْمِنِينَ‌ ثُمَّ‌ أَخَذَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ كَفّاً مِنْ حَصًى، فَرَمَى بِهِ وُجُوهَ‌ قُرَيْشٍ‌ وَ قَالَ «شَاهَتِ‌ اَلْوُجُوهُ‌» فَبَعَثَ اَللَّهُ رِيَاحاً تُضْرَبُ فِي وُجُوهِ‌ قُرَيْشٍ‌ فَكَانَتِ اَلْهَزِيمَةُ‌، فَقَالَ‌ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ اَللَّهُمَّ لاَ يُفْلِتَنَّ فِرْعَوْنُ هَذِهِ اَلْأُمَّةِ‌ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ‌ فَقُتِلَ مِنْهُمْ‌ سَبْعُونَ‌، وَ أُسِرَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ‌، وَ اِلْتَقَى عَمْرُو بْنُ اَلْجَمُوحِ‌ مَعَ‌ أَبِي جَهْلٍ‌ فَضَرَبَ‌ عَمْرٌو أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ‌ عَلَى فَخِذَيْهِ‌، وَ ضَرَبَ‌ أَبُو جَهْلٍ‌ عَمْراً عَلَى يَدِهِ‌، فَأَبَانَهَا مِنَ‌ اَلْعَضُدِ فَتَعَلَّقَتْ بِجِلْدَةٍ‌، فَاتَّكَأَ عَمْرٌو عَلَى يَدِهِ بِرِجْلِهِ‌، ثُمَّ نَزَا فِي اَلسَّمَاءِ حَتَّى اِنْقَطَعَتِ‌ اَلْجِلْدَةُ وَ رَمَى بِيَدِهِ‌، وَ قَالَ‌ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ اِنْتَهَيْتُ إِلَى أَبِي جَهْلٍ‌ وَ هُوَ يَتَشَحَّطُ فِي دَمِهِ‌، فَقُلْتُ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي أَخْزَاكَ‌، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ‌، إِنَّمَا أَخْزَى اَللَّهُ عَبْدَ بْنَ أُمِّ‌ عَبْدِ اَللَّهِ لِمَنِ اَلدِّينُ وَيْلَكَ‌، قُلْتُ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ‌ وَ إِنِّي قَاتِلُكَ‌، وَ وَضَعْتُ رِجْلِي عَلَى عُنُقِهِ‌ فَقَالَ‌، اِرْتَقَيْتَ مُرْتَقًى صَعْباً يَا رُوَيْعِيَ اَلْغَنَمِ‌، أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ شَيْ‌ءٌ أَشَدَّ مِنْ قَتْلِكَ إِيَّايَ‌ فِي هَذَا اَلْيَوْمِ‌، أَ لاَ تَوَلَّى قَتْلِي رَجُلٌ مِنَ اَلْمُطْمَئِنِّينَ‌، أَوْ رَجُلٌ مِنَ اَلْأَحْلاَفِ‌ فَاقْتَلَعْتُ‌ بَيْضَةً كَانَتْ عَلَى رَأْسِهِ‌، فَقَتَلْتُهُ وَ أَخَذْتُ رَأْسَهُ‌، وَ جِئْتُ بِهِ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ‌ اَلْبُشْرَى، هَذَا رَأْسُ‌ أَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ‌ ، فَسَجَدَ لِلَّهِ شُكْراً، وَ أَسَرَ أَبُو بِشْرٍ اَلْأَنْصَارِيُّ‌ اَلْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ اَلْمُطَّلِبِ‌ وَ عَقِيلَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ‌ وَ جَاءَ بِهِمَا إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ فَقَالَ لَهُ هَلْ أَعَانَكَ عَلَيْهِمَا أَحَدٌ قَالَ نَعَمْ رَجُلٌ عَلَيْهِ ثِيَابٌ‌ بياض بِيضٌ‌ ، فَقَالَ‌ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ ذَاكَ مِنَ اَلْمَلاَئِكَةِ‌، ثُمَّ قَالَ‌ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ لِلْعَبَّاسِ‌ اِفْدِ نَفْسَكَ وَ اِبْنَ أَخِيكَ‌، فَقَالَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ‌ قَدْ كُنْتُ أَسْلَمْتُ‌، وَ لَكِنَّ‌ اَلْقَوْمَ اِسْتَكْرَهُونِي، فَقَالَ‌ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ أَعْلِمْ بِإِسْلاَمِكَ‌، إِنْ يَكُنْ مَا تَذْكُرُ حَقّاً فَإِنَّ اَللَّهَ يَجْزِيكَ عَلَيْهِ‌، وَ أَمَّا ظَاهِرُ أَمْرِكَ فَقَدْ كُنْتَ عَلَيْنَا، ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ يَا عَبَّاسُ‌ إِنَّكُمْ خَاصَمْتُمُ اَللَّهَ فَخَصَمَكُمْ‌، ثُمَّ قَالَ اِفْدِ نَفْسَكَ وَ اِبْنَ أَخِيكَ‌، وَ قَدْ كَانَ‌ اَلْعَبَّاسُ‌ أَخَذَ مَعَهُ أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً مِنْ ذَهَبٍ‌، فَغَنِمَهَا رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ فَلَمَّا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ لِلْعَبَّاسِ‌ اِفْدِ نَفْسَكَ‌، فَقَالَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ‌ اُحْسُبْهَا مِنْ فِدَائِي، فَقَالَ‌ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ لاَ، ذَاكَ‌ أَعْطَانَا اَللَّهُ مِنْكَ‌، فَافْدِ نَفْسَكَ وَ اِبْنَ أَخِيكَ‌، فَقَالَ‌ اَلْعَبَّاسُ‌ فَلَيْسَ لِي مَالٌ غَيْرُ اَلَّذِي ذَهَبَ مِنِّي، قَالَ بَلَى اَلْمَالُ اَلَّذِي خَلَّفْتَهُ عِنْدَ أُمِّ اَلْفَضْلِ‌ بِمَكَّةَ‌ . فَقُلْتَ لَهَا إِنْ حَدَثَ‌ عَلَيَّ حَدَثٌ فَاقْسِمُوهُ بَيْنَكُمْ‌. فَقَالَ مَا تَتْرُكُنِي إِلاَّ وَ أَنَا أَسْأَلُ اَلنَّاسَ بِكَفِّي. فَأَنْزَلَ‌ اَللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ‌ فِي ذَلِكَ‌ يٰا أَيُّهَا اَلنَّبِيُّ‌ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ اَلْأَسْرىٰ‌إِنْ يَعْلَمِ‌ اَللّٰهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراًيُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمّٰا أُخِذَ مِنْكُمْ‌وَ يَغْفِرْ لَكُمْ وَ اَللّٰهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ‌ ثُمَّ قَالَ‌ وَ إِنْ يُرِيدُوا خِيٰانَتَكَ‌ فِي عَلِيٍّ‌ فَقَدْ خٰانُوا اَللّٰهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ‌وَ اَللّٰهُ‌ عَلِيمٌ حَكِيمٌ‌ ثُمَّ قَالَ‌ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ لِعَقِيلٍ‌ قَدْ قَتَلَ اَللَّهُ يَا أَبَا يَزِيدَ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ‌ وَ عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ‌ وَ شَبِيبَ بْنَ رَبِيعَةَ‌ وَ مُنْيَةَ‌ وَ بُنْيَةَ‌ اِبْنَيِ‌ اَلْحَجَّاجِ‌ وَ نَوْفَلَ بْنَ خُوَيْلِدٍ وَ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو وَ اَلنَّضْرَ بْنَ اَلْحَارِثِ بْنِ كَلَدَةَ‌ وَ عُقْبَةَ بْنَ‌ أَبِي مُعَيْطٍ وَ فُلاَناً وَ فُلاَناً، فَقَالَ‌ عَقِيلٌ‌ إِذاً لاَ تُنَازَعُ فِي تِهَامَةَ‌ فَإِنْ كُنْتَ قَدْ أَثْخَنْتَ‌ اَلْقَوْمَ وَ إِلاَّ فَارْكَبْ أَكْتَافَهُمْ‌، فَتَبَسَّمَ‌ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ مِنْ قَوْلِهِ‌. وَ كَانَ اَلْقَتْلَى بِبَدْرٍ سَبْعِينَ وَ اَلْأَسْرَى سَبْعِينَ‌، قَتَلَ مِنْهُمْ‌ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ‌ سَبْعَةً وَ عِشْرِينَ‌، وَ لَمْ يُؤْسِرْ أَحَداً، فَجَمَعُوا اَلْأُسَارَى وَ قَرَنُوهُمْ فِي اَلْجِمَالِ‌، وَ سَاقُوهُمْ عَلَى أَقْدَامِهِمْ وَ جَمَعُوا اَلْغَنَائِمَ‌، وَ قُتِلَ مِنْ‌ أَصْحَابِ‌ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ تِسْعَةُ رِجَالٍ‌، فَمِنْهُمْ‌ سَعْدُ بْنُ خُثَيْمَةَ‌ وَ كَانَ مِنَ اَلنُّقَبَاءِ‌، فَرَحَلَ‌ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ وَ نَزَلَ‌ اَلْأَثِيلَ‌ عِنْدَ غُرُوبِ‌ اَلشَّمْسِ‌، وَ هُوَ مِنْ‌ بَدْرٍ عَلَى سِتَّةِ أَمْيَالٍ‌، فَنَظَرَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ إِلَى عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ وَ اَلنَّضْرِ بْنِ اَلْحَارِثِ بْنِ كَلَدَةَ‌ وَ هُمَا فِي قِرَانٍ وَاحِدٍ، فَقَالَ‌ اَلنَّضْرُ لِعُقْبَةَ‌ يَا عُقْبَةُ‌ أَنَا وَ أَنْتَ‌ مِنَ اَلْمَقْتُولِينَ‌، فَقَالَ‌ عُقْبَةُ‌ مِنْ بَيْنِ‌ قُرَيْشٍ‌ قَالَ نَعَمْ‌، لِأَنَّ‌ مُحَمَّداً قَدْ نَظَرَ إِلَيْنَا نَظْرَةً رَأَيْتُ فِيهَا اَلْقَتْلَ‌، فَقَالَ‌ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ يَا عَلِيُّ‌ عَلَيَّ‌ بِالنَّضْرِ وَ عُقْبَةَ‌ وَ كَانَ‌ اَلنَّضْرُ رَجُلاً جَمِيلاً عَلَيْهِ شَعْرٌ، فَجَاءَ‌ عَلِيٌّ‌ فَأَخَذَ بِشَعْرِهِ فَجَرَّهُ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ فَقَالَ‌ اَلنَّضْرُ يَا مُحَمَّدُ أَسْأَلُكَ بِالرَّحِمِ اَلَّذِي بَيْنِي وَ بَيْنَكَ إِلاَّ أَجْرَيْتَنِي، كَرَجُلٍ مِنْ‌ قُرَيْشٍ‌ إِنْ قَتَلْتَهُمْ قَتَلْتَنِي وَ إِنْ فَادَيْتَهُمْ فَادَيْتَنِي وَ إِنْ أَطْلَقْتَهُمْ أَطْلَقْتَنِي، فَقَالَ‌ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ لاَ رَحِمَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ‌، قَطَعَ اَللَّهُ اَلرَّحِمَ‌ بِالْإِسْلاَمِ‌ قَدِّمْهِ يَا عَلِيُّ‌ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ‌، فَقَالَ‌ عُقْبَةُ‌ يَا مُحَمَّدُ أَ لَمْ‌ تَقُلْ لاَ تُصْبَرُ قُرَيْشٌ‌ أَيْ لاَ يُقْتَلُونَ صَبْراً، قَالَ أَ فَأَنْتَ مِنْ‌ قُرَيْشٍ‌ إِنَّمَا أَنْتَ عِلْجٌ‌ مِنْ‌ أَهْلِ‌ صَفُّورِيَةَ‌ لَأَنْتَ فِي اَلْمِيلاَدِ أَكْبَرُ مِنْ أَبِيكَ‌، اَلَّذِي تُدْعَى لَهُ لَسْتَ مِنْهَا، قَدِّمْهُ‌ يَا عَلِيُّ‌ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ‌، فَقَدَّمَهُ وَ ضَرَبَ عُنُقَهُ‌، فَلَمَّا قَتَلَ‌ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ اَلنَّضْرَ وَ عُقْبَةَ‌ خَافَتِ‌ اَلْأَنْصَارُ أَنْ يَقْتُلَ اَلْأُسَارَى كُلَّهُمْ‌، فَقَامُوا إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ قَدْ قَتَلْنَا سَبْعِينَ وَ أَسَرْنَا سَبْعِينَ‌، وَ هُمْ قَوْمُكَ وَ أُسَارَاكَ هَبْهُمْ‌ لَنَا يَا رَسُولَ اَللَّهِ‌ وَ خُذْ مِنْهُمُ اَلْفِدَاءَ وَ أَطْلِقْهُمْ‌، فَأَنْزَلَ اَللَّهُ عَلَيْهِمْ‌ مٰا كٰانَ لِنَبِيٍّ أَنْ‌ يَكُونَ لَهُ أَسْرىٰ‌حَتّٰى يُثْخِنَ فِي اَلْأَرْضِ‌تُرِيدُونَ عَرَضَ اَلدُّنْيٰاوَ اَللّٰهُ يُرِيدُ اَلْآخِرَةَ‌ وَ اَللّٰهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ‌ لَوْ لاٰ كِتٰابٌ مِنَ اَللّٰهِ سَبَقَ‌لَمَسَّكُمْ فِيمٰا أَخَذْتُمْ عَذٰابٌ عَظِيمٌ‌`فَكُلُوا مِمّٰا غَنِمْتُمْ حَلاٰلاً طَيِّباً فَأَطْلَقَ لَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا اَلْفِدَاءَ وَ يُطْلِقُوهُمْ‌، وَ شَرَطَ أَنَّهُ يُقْتَلُ‌ مِنْهُمْ فِي عَامٍ قَابِلٍ‌، بِعَدَدِ مَنْ يَأْخُذُوا مِنْهُمُ اَلْفِدَاءَ‌، فَرَضُوا مِنْهُ بِذَلِكَ‌، فَلَمَّا كَانَ‌ يَوْمُ‌ أُحُدٍ قُتِلَ مِنْ‌ أَصْحَابِ‌ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ سَبْعُونَ رَجُلاً، فَقَالَ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِهِ‌ يَا رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ مَا هَذَا اَلَّذِي أَصَابَنَا وَ قَدْ كُنْتَ تَعِدُنَا بِالنَّصْرِ! فَأَنْزَلَ اَللَّهُ‌ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهِمْ‌ أَ وَ لَمّٰا أَصٰابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ‌قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهٰا بِبَدْرٍ قَتَلْتُمْ سَبْعِينَ وَ أَسَرْتُمْ‌ سَبْعِينَ‌ قُلْتُمْ أَنّٰى هٰذٰا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ‌ بِمَا اِشْتَرَطْتُمْ‌ .

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب

14 و في تفسير عليّ بن إبراهيم : كان سبب نزول ذلك، أنّ عيرا لقريش خرجت إلى الشّام فيها خزائنهم. فأمر النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله أصحابه بالخروج، ليأخذوها فأخبرهم أنّ اللّه قد وعده إحدى الطّائفتين: إمّا العير، أو قريش إن ظفر بهم. فخرج في ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا. فلمّا قارب بدرا ، كان أبو سفيان في العير. فلمّا بلغه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قد خرج يتعرّض العير، خاف خوفا شديدا و مضى إلى الشّام . فلمّا وافى النّقرة ، اكترى ضمضم بن عمرو الحرّاعي بعشرة دنانير، و أعطاه قلوصا ، و قال له: امض إلى قريش ، و أخبرهم أنّ محمّدا و الصّباة من أهل يثرب قد خرجوا يتعرّضون لعيركم، فأدركوا العير. و أوصاه أن يخرم ناقته و يقطع أذنها حتّى يسيل الدّم، و يشقّ ثوبه من قبل و دبر فإذا دخل مكّة ولّى وجهه إلى ذنب البعير، و صاح بأعلى صوته: يا آل غالب يا آل غالب ، اللّطيمة اللّطيمة، العير العير، أدركوا أدركوا و ما أراكم تدركون، فإنّ محمّدا و الصّباة من أهل يثرب قد خرجوا يتعرّضون لعيركم. فخرج ضمضم يبادر إلى مكّة . و رأت عاتكة بنت عبد المطّلب ، قبل قدوم ضمضم ، في منامها بثلاثة أيّام كأنّ‌ راكبا قد دخل مكّة ينادي: يا آل عذر يا آل فهر ، أغدوا إلى مصارعكم صبح ثالث. ثمّ‌ وافى بحمله على أبي قبيس ، فأخذ حجرا فدهدهه من الجبل، فما ترك دارا من دور قريش إلاّ أصابه منه فلذة. و كأنّ وادي مكّة قد سال من أسفله دما. فانتبهت ذعرة. فأخبرت العبّاس بذلك. فأخبر العبّاس عتبة بن ربيعة . فقال عتبة : هذه مصيبة تحدث في قريش . و فشت الرّؤيا في قريش . فبلغ ذلك أبا جهل ، فقال: ما رأت عاتكة هذه الرّؤيا، و هذه نبيّة ثانية في بني عبد المطّلب ! و اللاّت و العزّى ، لننظرنّ‌ ثلاثة أيّام، فإن كان ما رأت حقّا فهو، كما رأت. و إن كان غير ذلك، لنكتبنّ بيننا كتابا، أنّه ما من أهل بيت من العرب أكذب رجالا و نساء من بني هاشم . فلمّا مضى يوم، قال أبو جهل : هذا يوم قد مضى. فلمّا كان اليوم الثّاني ، قال أبو جهل : هذان يومان قد مضيا. فلمّا كان اليوم الثّالث، وافى ضمضم ينادي في الوادي: يا آل غالب يا آل غالب ، اللّطيمة اللّطيمة، العير العير، أدركوا أدركوا و ما أراكم تدركون، فإنّ محمّدا و الصّباة من أهل يثرب قد خرجوا يتعرّضون لعيركم الّتي فيها خزائنكم. فتصايح النّاس بمكّة ، و تهيّؤوا للخروج. و قام سهيل بن عمرو ، و صفوان بن أميّة ، و أبو البختريّ بن هشام ، و منبّه و نبيه ، ابنا الحجّاج ، و نوفل بن خويلد ، فقالوا : يا معشر قريش ، و اللّه ما أصابكم مصيبة أعظم من هذه. أن يطمع محمّد و الصّباة من أهل يثرب ، أن يتعرّضوا لعيركم الّتي فيها خزائنكم. فو اللّه، ما قرشيّ و لا قرشيّة إلاّ و لهما في هذا العير نشّ‌ فصاعدا. و إنّه للذّل و الصّغار أن يطمع محمّد في أموالكم، فيفرق بينكم و بين متجركم، فاخرجوا. و أخرج صفوان بن أميّة خمسمائة دينار، و جهّز بها. و أخرج سهيل بن عمرو [خمسمائة] و ما بقي أحد من عظماء قريش ، إلاّ أخرجوا مالا و حملوا وقودا . و خرجوا على الصّعب و الذّلول لا يملكون أنفسهم، كما قال اللّه تبارك و تعالى: خَرَجُوا مِنْ‌ دِيٰارِهِمْ بَطَراً وَ رِئٰاءَ اَلنّٰاسِ‌ . و خرج معهم العبّاس بن عبد المطّلب ، و نوفل بن الحارث و عقيل بن أبي طالب . و أخرجوا معهم المغنّيات، يشربون الخمر و يضربون بالدّفوف. و خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا. فلمّا كان بقرب بدر على ليلة منها، بعث بشير بن أبي الرّغباء و محمّد بن عمير يتجسّسان خبر العير. فأتيا ماء بدر ، فأناخا راحلتيهما، و استعذبا من الماء. و سمعا جاريتين، قد تشبّثت إحداهما بالأخرى تطالبها بدرهم كان لها عليها. فقالت: عير قريش نزلت أمس في موضع كذا، و هي تنزل غدا ها هنا و أنا أعمل لهم و أقضيك. فرجعا، فأخبراه بما سمعا. فأقبل أبو سفيان بالعير. فلمّا شارف بدرا ، تقدّم العير و أقبل وحده حتّى انتهى إلى ماء بدر . و كان بها رجل من جهينة يقال له: كسب الجهنيّ‌ . فقال له: يا كسب ، هل لك علم بمحمّد و أصحابه ؟ قال: لا. قال: و اللاّت و العزّى ، لئن كتمتنا أمر محمّد ، لا تزال لك قريش معادية آخر الدّهر. فإنّه ليس أحد من قريش ، إلاّ و له في هذه العير النش فصاعدا. فلا تكتمني. فقال: و اللّه، مالي علم بمحمّد [و ما بال محمّد] و أصحابه بالتّجّار؟ إلاّ أنّي رأيت في هذا اليوم راكبين أقبلا، فاستعذبا من الماء، و أناخا راحلتيهما و رجعا. فلا أدري من هما. فجاء أبو سفيان إلى موضع مناخ إبلهما، ففتّ أبعار الإبل بيده، فوجد فيها النّوى. فقال: هذه علائف يثرب ، هؤلاء و اللّه عيون محمّد . فرجع مسرعا، و أمر بالعير، فأخذ بها نحو ساحل البحر و تركوا الطريق و مرّوا مسرعين. و نزل جبرائيل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله . فأخبره أنّ العير قد أفلتت، و أنّ قريشا قد أقبلت لتمنع عن عيرها. و أمره بالقتال، و وعده النّصر. و كان نازلا ماء بالصّفراء . فأحبّ أن يبلو الأنصار ، لأنّهم إنّما وعدوه أن ينصروه في الدّار. فأخبرهم أنّ‌ العير قد جازت، و أنّ قريشا قد أقبلت لتمنع عن عيرها، و أنّ اللّه قد أمرني بمحاربتهم. فجزع أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من ذلك. و خافوا خوفا شديدا. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله : أشيروا عليّ‌. فقام أبو بكر ، فقال: يا رسول اللّه ، إنّها قريش و خيلاؤها. ما آمنت منذ كفرت، و لا ذلّت منذ عزّت، و لم نخرج على هيئة الحرب. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله له: اجلس. فجلس. فقال: أشيروا عليّ‌. فقام عمر ، فقال مثل مقالة أبي بكر . فقال: اجلس. ثمّ قام المقداد ، فقال: يا رسول اللّه ، إنّها قريش و خيلاؤها. و إنّا قد آمنّا بك، و صدّقناك، و شهدنا أنّ ما جئت به حقّ من عند اللّه. و لو أمرتنا أن نخوض جمر الغضا و شوك الهراس ، لخضنا معك. و لا نقول لك ما قالت بنو إسرائيل 32لموسى : فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقٰاتِلاٰ إِنّٰا هٰاهُنٰا قٰاعِدُونَ‌ . و لكنّا نقول: اذهب أنت و ربّك فقاتلا، إنّا معكما مقاتلون. فجزاه النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله خيرا. ثمّ جلس. ثمّ قال: أشيروا عليّ‌. فقام سعد بن معاذ ، فقال: بأبي أنت و أمّي، يا رسول اللّه ، كأنّك أردتنا؟ قال: نعم. قال: فلعلّك خرجت على أمر قد أمرت بغيره‌؟ [قال: نعم] . قال: بأبي أنت و أمّي، يا رسول اللّه ، إنّنا قد آمنا بك و صدّقناك و شهدنا أنّ ما جئت به حقّ من عند اللّه. فمرنا بما شئت، و خذ من أموالنا ما شئت، و اترك منه ما شئت. و الّذي أخذت منه أحبّ إليّ من الّذي [تركت منه] . و اللّه، لو أمرتنا أن نخوض هذا البحر لخضناه معك. [فجزاه خيرا] . ثمّ قال [ سعد] : بأبي أنت و أمّي، يا رسول اللّه ، [و اللّه] ما خضت هذا الطّريق قطّ و ما لي به علم. و قد خلّفنا بالمدينة قوما، ليس نحن بأشدّ جهادا لك منهم. و لو علموا أنّه الحرب، لما تخلّفوا. و لكن نعدّ لك الرّواحل، و نلقى عدوّنا. فإنّا صبر عند اللّقاء، أنجاد في الحرب. و إنّا لنرجو أن يقرّ اللّه عينيك بنا. فإنّ يك ما تحبّ‌، فهو ذاك. و إن يكن غير ذلك، قعدت على رواحلك فلحقت بقومنا. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أو يحدث اللّه غير ذلك‌؟ كأنّي بمصرع فلان ها هنا، و بمصرع فلان ها هنا، و بمصرع أبي جهل ، و عتبة بن ربيعة ، و شيبة بن ربيعة ، و منبّه و نبيه ، ابني الحجّاج . فإنّ اللّه قد وعدني إحدى الطّائفتين، و لن يخلف اللّه الميعاد. فنزل جبرئيل عليه السّلام على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بهذه الآية كَمٰا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ‌ إلى قوله: وَ لَوْ كَرِهَ اَلْمُجْرِمُونَ‌ . فأمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالرّحيل حتّى نزل عشاء على ماء بدر ، و هي العدوة الشّامية . و أقبلت قريش ، و نزلت بالعدوة اليمانيّة . و بعثت عبيدها تستعذب من الماء، فأخذهم أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و حبسوهم. فقالوا لهم: من أنتم‌؟ قالوا: نحن عبيد قريش . قالوا: فأين العير؟ قالوا: لا علم لنا بالعير. فأقبلوا يضربونهم. و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلي. فانفتل من صلاته فقال: إن صدقوكم، ضربتموهم. و إن كذبوكم، تركتموهم. عليّ بهم. فأتوا بهم. فقال لهم: من أنتم‌؟ قالوا: يا محمّد ، نحن عبيد قريش . قال: كم القوم‌؟ قالوا له: لا علم لنا بعددهم. قال: كم ينحرون في كلّ يوم جزورا. قالوا: تسعة إلى عشرة. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله : القوم تسعمائة إلى ألف. [ثمّ‌] . قال: فمن فيهم من بني هاشم ؟ فقالوا : العباس بن عبد المطّلب ، و نوفل بن الحارث ، و عقيل بن أبي طالب . فأمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بهم فحبسوا . و بلغ قريشا ذلك، فخافوا خوفا شديدا. و لقي عتبة بن ربيعة أبا البختريّ بن هشام ، فقال له: أما ترى هذا البغي، و اللّه، ما أبصر موضع قدمي. خرجنا لنمنع عيرنا و قد أفلتت، فجئنا بغيا و عدوانا. و اللّه، ما أفلح قوم قطّ بغوا. و لوددت أنّ ما في العير من أموال بني عبد مناف ذهب كلّه، و لم نسر هذا المسير. فقال له أبو البختريّ‌ : إنّك سيّد من سادات قريش . [فسر في الناس و] نحمل العير الّتي أصابها محمّد و أصحابه بنخلة، و دم ابن الحضرميّ‌ فإنّه حليفك. فقال عتبة : أنت تشير عليّ بذلك . و ما على أحد منّا خلاف إلاّ ابن الحنظليّة ، يعني: أبا جهل . فسر إليه، و أعلمه أنّي قد تحمّلت العير الّتي [قد] أصابها محمّد بنخلة و دم ابن الحضرميّ‌ . فقال أبو البختري : فقصدت خباءه فإذا هو قد أخرج درعا له. فقلت له: إنّ أبا الوليد بعثني إليك برسالة. فغضب، ثمّ قال: أما وجد عتبة رسولا غيرك‌؟ فقلت: أما، و اللّه، لو غيره أرسلني ما جئت. و لكن أبا الوليد سيّد العشيرة. فغضب [أشدّ من الأولى] غضبة أخرى، فقال: تقول: سيّد العشيرة! فقلت: أنا أقوله، و قريش كلّها تقوله. إنّه قد تحمّل العير و دم ابن الحضرميّ‌ . فقال: إنّ عتبة أطول النّاس لسانا، و أبلغهم في الكلام، و يتعصّب لمحمّد . فإنّه من بني عبد مناف ، و ابنه معه، و يريد أن يخذله بين النّاس. لا، و اللاّت و العزّى ، حتّى نقتحم عليهم بيثرب ، و نأخذهم أسارى. فندخلهم مكّة ، و تتسامع العرب بذلك، و لا يكون بيننا و بين متجرنا أحد نكرهه. و بلغ أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كثرة قريش ، ففزعوا فزعا شديدا و شكوا و بكوا و استغاثوا. فأنزل اللّه على رسوله : إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجٰابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ اَلْمَلاٰئِكَةِ مُرْدِفِينَ‌*`وَ مٰا جَعَلَهُ اَللّٰهُ إِلاّٰ بُشْرىٰ وَ لِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ‌، وَ مَا اَلنَّصْرُ إِلاّٰ مِنْ عِنْدِ اَللّٰهِ‌، إِنَّ اَللّٰهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ‌ . فلمّا أمسى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و جنّه اللّيل، ألقى اللّه على أصحابه النّعاس حتّى ناموا. و أنزل اللّه تبارك و تعالى عليهم السّماء ، و كان نزول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في موضع لا يثبت فيه القدم، فأنزل اللّه عليهم السّماء [و لبّد الأرض] حتى تثبت الأقدام. و هو قول اللّه تبارك و تعالى: إِذْ يُغَشِّيكُمُ اَلنُّعٰاسَ أَمَنَةً‌ مِنْهُ وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ اَلسَّمٰاءِ مٰاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَ يُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ 1اَلشَّيْطٰانِ‌ . و ذلك أنّ‌ بعض أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله احتلم. وَ لِيَرْبِطَ عَلىٰ قُلُوبِكُمْ وَ يُثَبِّتَ بِهِ‌ اَلْأَقْدٰامَ‌ . و كان المطر على قريش ، مثل العزالي . و كان على أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رذاذا بقدر ما يلبّد الأرض. و خافت قريش خوفا شديدا، فأقبلوا يتحارسون يخافون البيات. فبعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عمّار بن ياسر و عبد اللّه بن مسعود ، فقال: ادخلا في القوم و اتياني بأخبارهم. فكانا يجولان في عسكرهم. لا يرون إلاّ خائفا ذعرا، إذا سمعوا سهل الفرس وثبوا على جحفلته. فسمعوا منبّه بن الحجّاج يقول: لا يترك الجوع لنا مبيتا لا بدّ أن نموت أو نميتا. قال: قد و اللّه، كانوا شباعا، و لكنّهم من الخوف قالوا هذا. و ألقى اللّه في قلوبهم الرّعب، كما قال اللّه تعالى: سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ اَلَّذِينَ‌ كَفَرُوا اَلرُّعْبَ‌ . فلمّا أصبح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله . عبّأ أصحابه. و كان في عسكر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فرسان: فرس للزّبير بن العوّام ، و فرس للمقداد بن أسود . و كان في عسكره سبعون جملا يتعاقبون عليها. و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و عليّ‌ بن أبي طالب و مرثد بن أبي مرثد الغنويّ‌ على جمل يتعاقبون عليه، و الجمل لمرثد . و كان في عسكر قريش أربعمائة فرس. فعبّأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أصحابه بين يديه، و قال: غضّوا أبصاركم، و لا تبدأوهم بالقتال، و لا يتكلّمنّ أحد. فلمّا نظرت قريش إلى قلة أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ، قال أبو جهل : ما هم إلاّ أكلة رأس. و لو بعثنا إليهم عبيدنا، لأخذوهم أخذا باليد. فقال عتبة بن ربيعة : أ ترى لهم كمينا و مددا؟ فبعثوا عمرو بن وهب الجمحيّ‌ . و كان فارسا شجاعا. فجال بفرسه حتى طاف على عسكر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله . ثمّ صعد في الوادي، و صوّت. ثمّ رجع إلى قريش ، فقال: ما لهم كمين و لا مدد، و لكن نواضح يثرب قد حملت الموت النّاقع. أما ترونهم خرسا لا يتكلّمون‌؟ يتلمّظون تلمّظ الأفاعي. ما لهم ملجأ إلاّ سيوفهم. و ما أراهم يولّون حتّى يقتلوا ، و لا يقتلون حتّى يقتلوا بعددهم. فارتئوا رأيكم. فقال له أبو جهل : كذبت و جبنت، و انتفخ سحرك حين نظرت إلى سيوف أهل يثرب . و فزع أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حين نظروا إلى كثرة قريش و قوّتهم. فأنزل اللّه على رسوله وَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهٰا وَ تَوَكَّلْ عَلَى اَللّٰهِ‌ . و قد علم اللّه أنّهم لا يجنحون و لا يجيبون إلى السّلم، و إنّما أراد بذلك ليطيّب قلوب أصحاب النّبيّ‌ . فبعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى قريش ، فقال: يا معشر قريش ، ما أحد من العرب أبغض إليّ من أن أبدأ بكم. فخلّوني و العرب . فإن أك صادقا، فأنتم أعلى بي عينا. و إن أك كاذبا، كفتكم ذؤبان العرب أمري. فارجعوا. فقال عتبة : و اللّه، ما أفلح قوم قطّ ردّوا هذا. ثمّ ركب جملا له أحمر. فنظر إليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يجول في العسكر و ينهى عن القتال، فقال: إن يكن عند أحد خير، فعند صاحب الجمل الأحمر. إن يطيعوه، يرشدوا. فأقبل عتبة يقول: يا معشر قريش ، اجتمعوا و اسمعوا . ثمّ خطبهم، فقال: يمن مع رحب، و رحب مع يمن. يا معشر قريش ، أطيعوني اليوم و أعصوني الدّهر. و ارجعوا إلى مكّة ، و اشربوا الخمور و عانقوا الحور. فإنّ محمّدا له إلّ و ذمّة. و هو ابن عمّكم. فارجعوا، و لا تردّوا رأيي. و إنّما تطالبون بالعير الّتي أخذها محمّد بنخلة ، و دم ابن الحضرميّ‌ ، و هو حليفي و عليّ عقله. فلمّا سمع أبو جهل ذلك، غاظه و قال: إنّ عتبة أطول النّاس لسانا، و أبلغهم في الكلام. و لئن رجعت قريش بقوله، ليكوننّ سيّد قريش آخر الدّهر. ثمّ قال: يا عتبة ، نظرت إلى سيوف بني عبد المطّلب و جبنت و انتفخ سحرك و تأمر النّاس بالرّجوع، و قد رأينا [ثأرنا] بأعيننا. فنزل عتبة عن جمله و حمل على أبي جهل ، و كان على فرس، فأخذ بشعره. فقال النّاس: يقتله. فعرقب فرسه و قال: أ مثلي يجبن‌؟ و ستعلم قريش اليوم أيّنا الأم و أجبن ، و أيّنا المفسد لقومه. لا يمشي إلاّ أنا و أنت إلى الموت عيانا. ثمّ قال: هذا جناي و خياره فيه و كلّ جان يده إلى فيه. ثمّ أخذ بشعره يجرّه. فاجتمع إليه النّاس، فقالوا: يا أبا الوليد ، اللّه اللّه، لا تفتّ في أعضاد النّاس. تنهى عن شيء و تكون أوّله. فخلّصوا أبا جهل من يده. فنظر عتبة إلى أخيه شيبه و نظر إلى ابنه الوليد ، فقال: قم، يا بنيّ‌. فقام. ثمّ لبس درعه. و طلبوا له بيضة يتسع رأسه، فلم يجدوها لعظم هامته. فاعتمّ بعمامتين. ثمّ أخذ سيفه، و تقدّم هو و أخوه و ابنه و نادى: يا محمّد ، أخرج إلينا أكفاءنا من قريش . فبرز إليه ثلاثة نفر من الأنصار ، عوذ و معوّذ و عوف من بني عفراء . فقال عتبة : من أنتم‌؟ انتسبوا لنعرفكم. فقالوا: نحن بنو عفراء ، أنصار اللّه و أنصار رسوله . فقالوا: ارجعوا، فإنّا لسنا إيّاكم نريد. إنّما نريد الأكفاء من قريش . فبعث إليهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن ارجعوا، فرجعوا. و كره أن يكون أوّل الكرّة بالأنصار ، فرجعوا و وقفوا موقفهم. ثمّ نظر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى عبيدة بن الحارث بن عبد المطّلب ، و كان له سبعون سنة، فقال له: قم يا عبيدة . فقام بين يديه بالسّيف. ثمّ نظر إلى حمزة بن عبد المطّلب ، فقال له: قم، يا عمّ‌. ثم نظر إلى أمير المؤمنين عليه السّلام فقال له: قم، يا عليّ‌ و كان أصغر القوم فاطلبوا بحقّكم الّذي جعله اللّه لكم. فقد جاءت قريش بخيلائها و فخرها، تريد أن تطفى نور اللّه و يأبى اللّه إلاّ أن يتمّ نوره. ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله : يا عبيدة ، عليك بعتبة . و قال لحمزة : عليك بشيبة . و قال لعليّ‌ : عليك بالوليد بن عتبة . فمرّوا حتى انتهوا إلى القوم. فقال عتبة : من أنتم‌؟ انتسبوا لنعرفكم. فقال [ عبيدة] : أنا عبيدة بن الحارث بن عبد المطّلب . فقال: كفو كريم. فمن هذان‌؟ فقال: حمزة بن عبد المطّلب ، و عليّ بن أبي طالب . فقال: كفوان كريمان. لعن اللّه من أوقفنا و إيّاكم هذا الموقف. فقال شيبة لحمزة : من أنت‌؟ فقال: أنا حمزة بن عبد المطّلب ، أسد اللّه و أسد رسوله . فقال له شيبة : لقد لقيت أسد الحلفاء. فانظر كيف تكون صولتك، يا أسد اللّه. فحمل عبيدة على عتبة ، فضربه على رأسه ضربة فلق هامته. و ضرب عتبة عبيدة على ساقه، فقطعها و سقطا جميعا. و حمل حمزة على شيبة ، فتضاربا بالسّيفين حتى انثلما. و كلّ واحد منهما يتّقي بدرقته. و حمل أمير المؤمنين عليه السّلام على الوليد بن عتبة ، فضربه على حبل عاتقه، فأخرج السّيف من إبطه. فقال عليّ عليه السّلام : فأخذ يمينه المقطوعة بيساره، فضرب بها هامتي، فظننت أنّ السّماء وقعت على الأرض. ثمّ اعتنق حمزة و شيبة ، فقال المسلمون : يا عليّ‌ ، أما ترى الكلب قد بهر عمّك. فحمل إليه عليّ عليه السّلام . ثمّ قال: يا عمّ‌، طأطئ رأسك. و كان حمزة أطول من شيبة . فأدخل حمزة رأسه في صدره، فضربه أمير المؤمنين عليه السّلام على رأسه فطير نصفه. ثمّ جاء إلى عتبة و به رمق، فأجهز عليه. و حمل عبيدة بين حمزة و عليّ‌ حتّى أتيا به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله . فنظر إليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فاستعبر. فقال: يا رسول اللّه ، بأبي أنت و أمّي، أ لست شهيدا؟ قال: بلى، أنت أوّل شهيد من أهل بيتي. فقال: أمّا لو كان عمك حيّا، لعلم أني أولى بما قال منه. قال: و أيّ أعمامي تعني‌؟ قال: أبو طالب ، حيث يقول: كذبتم و بيت اللّه نبرى محمدا و لما نطاعن دونه و نناضل و نسلمه حتى نصرّع حوله و نذهل عن أبنائنا و الحلائل فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله : أما ترى ابنه: كاللّيث العادي بين يدي اللّه و رسوله ، و ابنه الآخر في جهاد اللّه بأرض الحبشة ؟ فقال: يا رسول اللّه ، أسخطت عليّ في هذه الحالة‌؟ فقال: ما سخطت عليك، و لكن ذكرت عمي فانقبضت لذلك. و قال أبو جهل لقريش : لا تعجلوا و لا تبطروا، كما عجل و بطر أبناء ربيعة . عليكم بأهل يثرب ، فاجزروهم جزرا. و عليكم بقريش ، فخذوهم أخذا حتّى ندخلهم مكّة فنعرّفهم ضلالتهم التي كانوا عليها. و كان فئة من قريش أسلموا بمكّة فأجلسهم آباؤهم. فخرجوا مع قريش إلى بدر و هم على الشّكّ و الارتياب و النّفاق، منهم قيس بن الوليد بن المغيرة ، و أبو قيس بن الفاكهة ، و الحارث بن ربيعة ، و عليّ بن أمية بن خلف ، و العاص بن المنبّه . فلمّا نظروا إلى قلة أصحاب محمّد صلى اللّه عليه و آله قالوا: مساكين هؤلاء، نحرهم دينهم فيقتلون الساعة. فأنزل الله على رسوله إِذْ يَقُولُ اَلْمُنٰافِقُونَ وَ اَلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هٰؤُلاٰءِ دِينُهُمْ‌، وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اَللّٰهِ فَإِنَّ اَللّٰهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ‌ . و جاء 1إبليس عليه اللّعنة إلى قريش في صورة سراقة بن مالك ، فقال لهم: «إني جار لكم» ادفعوا إليّ رايتكم. فدفعوها إليه. و جاء بشياطينه يهول بهم على أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و يخيل إليهم و يفزعهم. و أقبلت قريش يقدمها 1إبليس معه الرّاية. فنظر إليه رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله فقال: غضّوا أبصاركم، و عضّوا على النّواجذ، و لا تسلّوا سيفا حتّى آذن لكم. ثمّ رفع يده إلى السّماء، فقال: يا ربّ‌، إن تهلك هذه العصابة لم تعبد. و ان شئت أن لا تعبد، لا تعبد. ثمّ أصابه الغشي، فسرى عنه و هو يسكب العرق عن وجهه و هو يقول: هذا جبرئيل قد أتاكم في ألف من الملائكة مردفين. قال: فنظرنا، فإذا سحابة سوداء فيها برق لائح و قد وقعت على عسكر رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله . و قائل يقول: أقدم حيزوم ، أقدم حيزوم . و سمعنا قعقعة السّلاح من الجوّ. و نظر 1إبليس إلى جبرئيل عليه السّلام فراجع و رمى باللّواء. فأخذ منبه بن الحجاج بمجامع ثوبه، ثمّ قال: ويلك، يا سراقة ، تفتّ في أعضاد النّاس. فركله 1إبليس ركلة في صدره، و قال: إني بريء منكم ، إني أرى ما لا ترون، إني أخاف اللّه. و هو قول اللّه: وَ إِذْ زَيَّنَ لَهُمُ 1اَلشَّيْطٰانُ‌ أَعْمٰالَهُمْ وَ قٰالَ لاٰ غٰالِبَ لَكُمُ اَلْيَوْمَ‌ مِنَ اَلنّٰاسِ وَ إِنِّي جٰارٌ لَكُمْ‌، فَلَمّٰا تَرٰاءَتِ اَلْفِئَتٰانِ نَكَصَ عَلىٰ عَقِبَيْهِ وَ قٰالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ‌ إِنِّي أَرىٰ مٰا لاٰ تَرَوْنَ إِنِّي أَخٰافُ اَللّٰهَ وَ اَللّٰهُ شَدِيدُ اَلْعِقٰابِ‌ . ثمّ قال عزّ و جلّ‌: وَ لَوْ تَرىٰ إِذْ يَتَوَفَّى اَلَّذِينَ كَفَرُوا اَلْمَلاٰئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَ أَدْبٰارَهُمْ وَ ذُوقُوا عَذٰابَ‌ اَلْحَرِيقِ‌ . و حمل جبرئيل على 1إبليس ، فطلبه حتّى غاص في البحر. و قال: ربّ‌، أنجز لي ما وعدتني من البقاء إلى يوم القيامة . روي في خبر: أنّ 1إبليس التفت إلى جبرئيل و هو في الهزيمة، فقال: يا هذا، بدا لكم فيما أعطيتمونا؟ فقيل لأبي عبد اللّه عليه السّلام : أ ترى كان يخاف أن يقتله‌؟ فقال: لا و لكنّه كان يضربه ضربة يشينه منها إلى يوم القيامة . و أنزل الله على نبيّه إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى اَلْمَلاٰئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا اَلَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ اَلَّذِينَ كَفَرُوا اَلرُّعْبَ‌، فَاضْرِبُوا فَوْقَ اَلْأَعْنٰاقِ وَ اِضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ‌ بَنٰانٍ‌ . قال: أطراف الأصابع. فقد جاءت قريش بخيلائها و فخرها تريد أن تطفئ نور اللّه، و يأبى اللّه إلا أن يتمّ نوره. و خرج أبو جهل من بين الصّفين، فقال: اللّهم ، إن محمّدا قطعنا الرّحم و أتانا بما لا نعرفه، فأهنه الغداة. فأنزل اللّه على رسوله إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جٰاءَكُمُ اَلْفَتْحُ‌، وَ إِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ‌، وَ إِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَ لَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَ لَوْ كَثُرَتْ‌، وَ أَنَّ اَللّٰهَ مَعَ اَلْمُؤْمِنِينَ‌ . ثم أخذ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله كفا من حصاة، فرمى به في وجوه قريش و قال: شاهت الوجوه. فبعث اللّه رياحا تضرب في وجوه قريش ، فكانت الهزيمة. ثمّ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله : اللّهم، لا يغلبنّك فرعون هذه الأمة، أبو جهل بن هشام . فقتل منهم سبعين و أسر منهم سبعين. و التقى عمرو بن الجموح مع أبي جهل ، فضرب عمرو أبا جهل على فخذه، و ضرب أبو جهل عمروا على يده فأبانها من العضد فتعلّقت بجلدة. فاتكأ عمرو على يده برجله، ثمّ تراخى في السّماء حتّى انقطعت الجلدة و رمى بيده. و قال عبد اللّٰه بن مسعود : انتهيت إلى أبي جهل و هو يتشحّط بدمه، فقلت: الحمد للّه الّذي أخزاك. فرفع رأسه، فقال: إنّما أخزى اللّه عبد بن أمّ عبد. لمن الدين ، ويلك‌؟ قلت: للّه و للرّسول ، و إنّي قاتلك، و وضعت رجلي على عنقه. فقال: لقد ارتقيت مرتقى صعبا، يا رويعي الغنم. أما إنّه ليس شيء أشدّ من قتلك إيّاي في هذا اليوم. ألاّ تولّي قتلي رجلا من المطلبيين، أو رجلا من الأحلاف‌؟ فانقلعت بيضة كانت على رأسه، فقتلته. و أخذت رأسه و جئت به إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله . فقلت: يا رسول اللّه ، البشرى. هذا رأس أبي جهل بن هشام . فسجد للّه شكرا. و أسر أبو بشير الأنصاريّ‌ العبّاس بن عبد المطّلب و عقيل بن أبي طالب ، و جاء بهما إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله . فقال له: هل أعانك عليهما أحد؟ قال: نعم، رجل عليه ثياب بيض. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ذاك من الملائكة. ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله للعبّاس : أفد نفسك و ابن أخيك. فقال: يا رسول اللّه ، قد كنت أسلمت و لكن القوم استكرهوني. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله : أعلم بإسلامك إن يكن ما تذكر حقّا، فإنّ اللّه يجزيك عليه. فأمّا ظاهر أمرك، فقد كنت علينا. ثمّ قال: يا عبّاس ، إنكم خاصمتم اللّٰه، فخصمكم. ثمّ قال: أفد نفسك و ابن أخيك. و قد كان العبّاس أخذ معه أربعين أوقيّة من ذهب. فغنمها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله . فلمّا قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله للعبّاس : «أفد نفسك» قال: يا رسول اللّٰه ، أحسبها من فدائي. فقال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله : لا، ذاك شيء أعطانا اللّٰه منك. فأفد نفسك و ابن أخيك. فقال العبّاس : ليس لي مال غير الّذي ذهب منّي. قال: بلى، المال الّذي خلّفته عند أمّ الفضل بمكّة . و قلت لها: إن حدث عليّ‌ حدث، فاقسموه بينكم. فقال له: تتركني و أنا أسأل النّاس بكفي. فأنزل اللّٰه على رسوله في ذلك يٰا أَيُّهَا اَلنَّبِيُّ‌ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ اَلْأَسْرىٰ إِنْ‌ يَعْلَمِ اَللّٰهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمّٰا أُخِذَ مِنْكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ وَ اَللّٰهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ‌ . ثمّ‌ قال اللّٰه: وَ إِنْ يُرِيدُوا خِيٰانَتَكَ‌ [في علي] فَقَدْ خٰانُوا اَللّٰهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَ اَللّٰهُ عَلِيمٌ‌ حَكِيمٌ‌ . ثمّ قال رسول اللّٰه لعقيل : قد قتل اللّٰه، يا أبا يزيد ، أبا جهل بن هشام و عتبة بن ربيعة و شيبة بن ربيعة و منبّه و نبيه ، ابني الحجّاج و نوفل بن خويلد . و أسر سهيل بن عمرو و النضر بن الحارث بن كلدة و عقبة بن أبي معيط و فلان و فلان. فقال عقيل : إذا لا تنازعوا في تهامة . فإن كنت قد أثخنت القوم، و إلاّ فاركب أكتافهم. فتبسم رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله من قوله. و كان القتلى ببدر سبعين، و الأسرى سبعين. قتل منهم أمير المؤمنين عليه السّلام سبعة و عشرين، و لم يؤسر أحدا. فجمعوا الأسارى، و قرنوهم في الحبال، و ساقوهم على أقدامهم، و جمعوا الغنائم. و قتل من أصحاب رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله تسعة رجال، فيهم سعد بن خيثمة ، و كان من النّقباء. فرحل رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و نزل الأثيل عند غروب الشّمس، و هو من بدر على ستّة أميال. فنظر رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله إلى عقبة بن أبي معيط و إلى النضر بن الحارث بن كلدة ، و هما في قرآن واحد. فقال النّضر لعقبة : يا عقبة أنا و أنت مقتولان. قال عقبة : من بني قريش ؟ قال: نعم. لأنّ محمّدا صلّى اللّٰه عليه و آله قد نظر إلينا نظرة، رأيت فيها القتل. فقال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله : يا عليّ‌ ، عليّ بالنّضر و عقبة . و كان النّضر رجلا جميلا، عليه شعر. فجاء عليّ عليه السّلام فأخذ بشعره فجرّه إلى رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله . فقال النضر : يا محمد ، أسألك بالرّحم الّذي بيني و بينك إلا أجريتني، كرجل من قريش . إن قتلتهم، قتلتني. و إن فاديتهم، فاديتني. و إن أطلقتهم، أطلقتني. فقال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله : لا رحم بيني و بينك، قطع اللّٰه الرحم بالإسلام . قدّمه، يا عليّ‌ ، فاضرب عنقه. فقال عقبة : يا محمّد ، ألم تقل: لا تصبر قريش ، أي: لا يقتلون صبرا؟ قال: و أنت من قريش ؟ إنّما أنت علج من أهل صفوريّة . لا أنت في الميلاد أكبر من أبيك الّذي تدعى له، ليس منها. قدّمه، يا عليّ‌ ، فاضرب عنقه. فقدّمه، فضرب عنقه. فلمّا قتل رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله النضر و عقبة ، خافت الأنصار أن يقتل الأسارى كلّهم. فقاموا إلى رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و قالوا: يا رسول اللّٰه ، قد قتلنا سبعين و أسرنا سبعين. و هم قومك و أساراك. هبهم لنا، يا رسول اللّٰه ، و خذ منهم الفداء و أطلقهم. فأنزل اللّٰه عليه مٰا كٰانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ‌ أَسْرىٰ حَتّٰى يُثْخِنَ فِي اَلْأَرْضِ‌، تُرِيدُونَ عَرَضَ اَلدُّنْيٰا وَ اَللّٰهُ يُرِيدُ اَلْآخِرَةَ‌، وَ اَللّٰهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ‌*`لَوْ لاٰ كِتٰابٌ مِنَ اَللّٰهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمٰا أَخَذْتُمْ عَذٰابٌ عَظِيمٌ‌*`فَكُلُوا مِمّٰا غَنِمْتُمْ‌ حَلاٰلاً طَيِّباً . فأطلق لهم أن يأخذوا الفداء و يطلقوهم، و شرط أنّه يقتل منهم في عام قابل بعدد من يأخذون منهم الفداء. فرضوا منه بذلك. و تمام الحديث مضى في سورة 3آل عمران .

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب

1,14,6 و في روضة الكافي : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبد اللّٰه عليه السّلام قال: سمعته يقول: في هذه الآية: إنّها نزلت في العبّاس و عقيل و نوفل . و قال: إنّ رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله نهى يوم بدر أن يقتل أحد من بني هاشم . فأسروا. فأرسل عليّا عليه السّلام . فقال: انظر من ها هنا من بني هاشم . قال: فمرّ علي عليه السّلام على عقيل بن أبي طالب ، فحاد عنه. فقال له عقيل : يا ابن أمّ‌، عليّ‌. أما و اللّٰه، لقد رأيت مكاني. قال: فرجع إلى رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و قال: هذا أبو الفضل في يد فلان، و هذا عقيل في يد فلان، و هذا نوفل بن الحارث في يد فلان. فقام رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله حتّى انتهى إلى عقيل ، فقال له: يا أبا يزيد ، قتل أبو جهل . فقال: إذا لا تنازعوا في تهامة . فقال: إن كنتم أثخنتم القوم، و إلاّ فاركبوا أكتافهم. قال: فجيء بالعبّاس ، فقيل له: أفد نفسك و أفد ابني أخيك. فقال: يا محمّد ، تتركني أسأل قريشا في كفي!؟ فقال: أعط ممّا خلّفت عند أمّ الفضل ، و قلت لها: إن أصابني في وجهي هذا شيء، فأنفقيه على ولدك و نفسك. فقال له: يا ابن أخي، من أخبرك بهذا؟ فقال: أتاني به جبرئيل عليه السّلام من عند اللّٰه تعالى. فقال: [ممّا محلوفه] ما علم بهذا أحد إلاّ أنا و هي. و أشهد أنّك رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله . قال: فرجع الأسرى كلّهم مشركين، إلا عبّاس و عقيل و نوفل . و فيهم نزلت هذه الآية قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ اَلْأَسْرىٰ‌ (الآية).

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب

14,5 و قال أبو جعفر الباقر عليه السّلام : كان الفداء يوم بدر عن كلّ رجل من المشركين بأربعين أوقيّة. و الأوقيّة أربعون مثقالا، إلاّ العبّاس فإنّ فداءه مائة أوقيّة. و كان أخذ منه حين أسر عشرون أوقية ذهبا. فقال النبيّ صلّى اللّٰه عليه و آله : ذلك غنيمة، ففاد نفسك و ابني أخيك نوفلا و عقيلا . فقال: أين الذّهب فقال النبيّ صلّى اللّٰه عليه و آله أسلمته إلى أمّ الفضل ، و قلت لها: إن حدث في حدث، فهو لك و للفضل و لعبد اللّٰه ؟ فقال: من أخبرك هذا؟ قال: اللّٰه تعالى. فقال: أشهد أنّك رسول اللّٰه. [و اللّٰه] ما اطّلع على هذا أحد إلاّ اللّٰه تعالى.

تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب

14 و روى عبيدة السّلمانيّ‌ ، عن رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله أنّه قال: لأصحابه يوم بدر في الأسارى: إن شئتم، قتلتموهم. و إن شئتم، فاديتموهم و استشهد منكم بعدّتهم. و كانت الأسارى سبعين. فقالوا: نأخذ الفداء و نتمتع به، و نتقوي به على عدوّنا و يستشهد منّا بعدّتهم. ثمّ قال عبيدة : طلبوا الخيرتين كلتيهما، فقتل منهم يوم أحد سبعون.