18,13,11368 / _1 قَالَ اَلْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ اَلْعَسْكَرِيُّ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : «لَمَّا قِيلَ لَهُمْ: هُوَ اَلَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مٰا فِي اَلْأَرْضِ جَمِيعاً اَلْآيَةَ، قَالُوا: مَتَى كَانَ هَذَا؟ فَقَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ حِينَ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ اَلَّذِينَ فِي اَلْأَرْضِ [مَعَ 1إِبْلِيسَ ، وَ قَدْ طَرَدُوا عَنْهَا اَلْجِنَّ بَنِي اَلْجَانِّ، وَ خَفَّتِ اَلْعِبَادَةُ] إِنِّي جٰاعِلٌ فِي اَلْأَرْضِ خَلِيفَةً بَدَلاً مِنْكُمْ وَ رَافِعُكُمْ مِنْهَا، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، لِأَنَّ اَلْعِبَادَةَ عِنْدَ رُجُوعِهِمْ إِلَى اَلسَّمَاءِ تَكُونُ أَثْقَلَ عَلَيْهِمْ. قٰالُوا رَبَّنَا أَ تَجْعَلُ فِيهٰا مَنْ يُفْسِدُ فِيهٰا وَ يَسْفِكُ اَلدِّمٰاءَ وَ كَمَا فَعَلَتْهُ اَلْجِنُّ بَنُو اَلْجَانِّ، اَلَّذِينَ قَدْ طَرَدْنَاهُمْ عَنْ هَذِهِ اَلْأَرْضِ وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ نُنَزِّهُكَ عَمَّا لاَ يَلِيقُ بِكَ مِنَ اَلصِّفَاتِ وَ نُقَدِّسُ لَكَ نُطَهِّرُ أَرْضَكَ مِمَّنْ يَعْصِيكَ. قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: إِنِّي أَعْلَمُ مٰا لاٰ تَعْلَمُونَ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اَلصَّلاَحِ اَلْكَائِنِ فِيمَنْ أَجْعَلُهُ بَدَلاً مِنْكُمْ مَا لاَ تَعْلَمُونَ، وَ أَعْلَمُ أَيْضاً أَنَّ فِيكُمْ مَنْ هُوَ كَافِرٌ فِي بَاطِنِهِ لاَ تَعْلَمُونَهُ، وَ هُوَ 1إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اَللَّهُ. ثُمَّ قَالَ: وَ عَلَّمَ 18آدَمَ اَلْأَسْمٰاءَ كُلَّهٰا أَسْمَاءَ أَنْبِيَاءِ اَللَّهِ، وَ أَسْمَاءَ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ ، وَ اَلطَّيِّبِينَ مِنْ آلِهِمَا، وَ أَسْمَاءَ رِجَالٍ مِنْ شِيعَتِهِمْ ، وَ عُتَاةِ أَعْدَائِهِمْ. ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَرَضَ مُحَمَّداً وَ عَلِيّاً وَ اَلْأَئِمَّةَ عَلَى اَلْمَلاٰئِكَةِ ، أَيْ عَرَضَ أَشْبَاحَهُمْ وَ هُمْ أَنْوَارٌ فِي اَلْأَظِلَّةِ فَقٰالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمٰاءِ هٰؤُلاٰءِ إِنْ كُنْتُمْ صٰادِقِينَ أَنَّ جَمِيعَكُمْ تُسَبِّحُونَ وَ تُقَدِّسُونَ، وَ أَنَّ تَرْكَكُمْ هَاهُنَا أَصْلَحُ مِنْ إِيرَادِ مَنْ بَعْدَكُمْ، أَيْ فَكَمَا لَمْ تَعْرِفُوا غَيْبَ مَنْ فِي خِلاَلِكُمْ، فَالْحَرِيُّ أَنْ لاَ تَعْرِفُوا اَلْغَيْبَ إِذَا لَمْ يَكُنْ، كَمَا لاَ تَعْرِفُونَ أَسْمَاءَ أَشْخَاصٍ تَرَوْنَهَا. قَالَتِ اَلْمَلاَئِكَةُ: قٰالُوا سُبْحٰانَكَ لاٰ عِلْمَ لَنٰا إِلاّٰ مٰا عَلَّمْتَنٰا إِنَّكَ أَنْتَ اَلْعَلِيمُ بِكُلِّ شَيْءٍ اَلْحَكِيمُ اَلْمُصِيبُ فِي كُلِّ فِعْلٍ. قَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: يَا 18آدَمُ ، أَنْبِئْ هَؤُلاَءِ اَلْمَلاَئِكَةَ بِأَسْمَائِهِمْ وَ أَسْمَاءِ اَلْأَنْبِيَاءِ وَ اَلْأَئِمَّةِ، فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ فَعَرَفُوهَا، أَخَذَ عَلَيْهِمُ اَلْعَهْدَ وَ اَلْمِيثَاقَ بِالْإِيمَانِ بِهِمْ، وَ اَلتَّفْضِيلِ لَهُمْ. قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى عِنْدَ ذَلِكَ: أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ أَعْلَمُ مٰا تُبْدُونَ وَ مٰا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ وَ مَا كَانَ يَعْتَقِدُهُ 1إِبْلِيسُ مِنَ اَلْإِبَاءِ عَلَى آدَمَ إِنْ أُمِرَ بِطَاعَتِهِ، وَ إِهْلاَكِهِ إِنْ سُلِّطَ عَلَيْهِ، وَ مِنِ اِعْتِقَادِكُمْ أَنَّهُ لاَ أَحَدٌ يَأْتِي بَعْدَكُمْ إِلاَّ وَ أَنْتُمْ أَفْضَلُ مِنْهُ، بَلْ مُحَمَّدٌ وَ آلُهُ اَلطَّيِّبُونَ أَفْضَلُ مِنْكُمْ، اَلَّذِينَ أَنْبَأَكُمْ 18آدَمُ بِأَسْمَائِهِمْ».
6370 / _3 اَلْعَيَّاشِيُّ ، قَالَ: قَالَ هِشَامُ بْنُ سَالِمٍ ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : «مَا عَلِمَ اَلْمَلاَئِكَةُ بِقَوْلِهِمْ: أَ تَجْعَلُ فِيهٰا مَنْ يُفْسِدُ فِيهٰا وَ يَسْفِكُ اَلدِّمٰاءَ لَوْ لاَ أَنَّهُمْ قَدْ كَانُوا رَأَوْا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَ يَسْفِكُ اَلدِّمَاءَ».
18,5,6371 / _4 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) ، قَالَ: «إِنِّي لَأَطُوفُ بِالْبَيْتِ مَعَ أَبِي (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ طُوَالٌ جُعْشُمٌ مُتَعَمِّمٌ بِعِمَامَةٍ، فَقَالَ: اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ ، قَالَ: فَرَدَّ عَلَيْهِ أَبِي . فَقَالَ: أَشْيَاءُ أَرَدْتُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْهَا، مَا بَقِيَ أَحَدٌ يَعْلَمُهَا إِلاَّ رَجُلٌ أَوْ رَجُلاَنِ. قَالَ: فَلَمَّا قَضَى أَبِي اَلطَّوَافَ دَخَلَ اَلْحِجْرَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: هَاهُنَا يَا جَعْفَرُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى اَلرَّجُلِ، فَقَالَ لَهُ أَبِي : كَأَنَّكَ غَرِيبٌ؟ فَقَالَ: أَجَلْ، فَأَخْبِرْنِي عَنْ هَذَا اَلطَّوَافِ كَيْفَ كَانَ؟ وَ لِمَ كَانَ؟ قَالَ: إِنَّ اَللَّهَ لَمَّا قَالَ لِلْمَلاَئِكَةِ: إِنِّي جٰاعِلٌ فِي اَلْأَرْضِ خَلِيفَةً قٰالُوا أَ تَجْعَلُ فِيهٰا مَنْ يُفْسِدُ فِيهٰا إِلَى آخِرِ اَلْآيَةِ، كَانَ ذَلِكَ مَنْ يَعْصِي مِنْهُمْ، فَاحْتَجَبَ عَنْهُمْ سَبْعَ سِنِينَ، فَلاَذُوا بِالْعَرْشِ يَلُوذُونَ يَقُولُونَ: لَبَّيْكَ ذَا اَلْمَعَارِجِ لَبَّيْكَ، حَتَّى تَابَ عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا أَصَابَ 18آدَمَ اَلذَّنْبُ طَافَ بِالْبَيْتِ حَتَّى قَبِلَ اَللَّهُ مِنْهُ. قَالَ: فَقَالَ: صَدَقْتَ، فَعَجِبَ أَبِي مِنْ قَوْلِهِ: صَدَقْتَ. قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ ن وَ اَلْقَلَمِ وَ مٰا يَسْطُرُونَ . قَالَ: نُونُ نَهَرٌ فِي اَلْجَنَّةِ أَشَدُّ بَيَاضاً مِنَ اَللَّبَنِ، قَالَ: فَأَمَرَ اَللَّهُ اَلْقَلَمَ فَجَرَى بِمَا هُوَ كَائِنٌ وَ مَا يَكُونُ، فَهُوَ بَيْنَ يَدَيْهِ مَوْضُوعٌ مَا شَاءَ مِنْهُ زَادَ فِيهِ، وَ مَا شَاءَ نَقَصَ مِنْهُ، وَ مَا شَاءَ كَانَ، وَ مَا لاَ يَشَاءُ لاَ يَكُونُ. قَالَ: صَدَقْتَ، فَعَجِبَ أَبِي مِنْ قَوْلِهِ: صَدَقْتَ. قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِهِ: فِي أَمْوٰالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ مَا هَذَا اَلْحَقُّ اَلْمَعْلُومُ؟ قَالَ: هُوَ اَلشَّيْءُ يُخْرِجُهُ اَلرَّجُلُ مِنْ مَالِهِ لَيْسَ مِنَ اَلزَّكَاةِ، فَيَكُونُ لِلنَّائِبَةِ وَ اَلصِّلَةِ. قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: فَعَجِبَ أَبِي مِنْ قَوْلِهِ: صَدَقْتَ. قَالَ: ثُمَّ قَامَ اَلرَّجُلُ، فَقَالَ أَبِي : عَلَيَّ بِالرَّجُلِ، قَالَ: فَطَلَبْتُهُ فَلَمْ أَجِدْهُ».
18,4373 / _6 عَلِيُّ بْنُ اَلْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : فِي قَوْلِهِ: وَ إِذْ قٰالَ رَبُّكَ لِلْمَلاٰئِكَةِ إِنِّي جٰاعِلٌ فِي اَلْأَرْضِ خَلِيفَةً قٰالُوا أَ تَجْعَلُ فِيهٰا مَنْ يُفْسِدُ فِيهٰا وَ يَسْفِكُ اَلدِّمٰاءَ : «رَدُّوا عَلَى اَللَّهِ فَقَالُوا: أَ تَجْعَلُ فِيهٰا مَنْ يُفْسِدُ فِيهٰا وَ يَسْفِكُ اَلدِّمٰاءَ . وَ إِنَّمَا قَالُوا ذَلِكَ بِخَلْقٍ مَضَى، يَعْنِي اَلْجَانَّ أَبَا اَلْجِنِّ . وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ فَمَنُّوا عَلَى اَللَّهِ بِعِبَادَتِهِمْ إِيَّاهُ فَأَعْرَضَ عَنْهُمْ. ثُمَّ عَلَّمَ 18آدَمَ اَلْأَسْمَاءَ كُلَّهَا، ثُمَّ قَالَ لِلْمَلاَئِكَةِ أَنْبِئُونِي بِأَسْمٰاءِ هٰؤُلاٰءِ قٰالُوا سُبْحٰانَكَ لاٰ عِلْمَ لَنٰا قَالَ يٰا 18آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمٰائِهِمْ فَأَنْبَاَهُمْ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ اُسْجُدُوا 18لِآدَمَ فَسَجَدُوا، وَ قَالُوا فِي سُجُودِهِمْ فِي أَنْفُسِهِمْ: مَا كُنَّا نَظُنُّ أَنْ يَخْلُقَ اَللَّهُ خَلْقاً أَكْرَمَ عَلَيْهِ مِنَّا، نَحْنُ خُزَّانُ اَللَّهِ وَ جِيرَانُهُ، وَ أَقْرَبُ اَلْخَلْقِ إِلَيْهِ. فَلَمَّا رَفَعُوا رُءُوسَهُمْ، قَالَ: اَللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ مِنْ رَدِّكُمْ عَلَيَّ وَ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ: ظَنَنَّا أَنْ لاَ يَخْلُقَ اَللَّهُ خَلْقاً أَكْرَمَ عَلَيْهِ مِنَّا . فَلَمَّا عَرَفَتِ اَلْمَلاَئِكَةُ أَنَّهَا وَقَعَتْ فِي خَطِيئَةٍ لاَذُوا بِالْعَرْشِ، وَ إِنَّهَا كَانَتْ عِصَابَةٌ مِنَ اَلْمَلاَئِكَةِ، وَ هُمُ اَلَّذِينَ كَانُوا حَوْلَ اَلْعَرْشِ، لَمْ يَكُنْ جَمِيعُ اَلْمَلاَئِكَةِ اَلَّذِينَ قَالُوا: مَا ظَنَنَّا أَنْ يَخْلُقَ خَلْقاً أَكْرَمَ عَلَيْهِ مِنَّا، وَ هُمُ اَلَّذِينَ أُمِرُوا بِالسُّجُودِ، فَلاَذُوا بِالْعَرْشِ وَ قَالُوا بِأَيْدِيهِمْ وَ أَشَارَ بِإِصْبَعِهِ يُدِيرُهَا فَهُمْ يَلُوذُونَ حَوْلَ اَلْعَرْشِ إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ . فَلَمَّا أَصَابَ 18آدَمُ اَلْخَطِيئَةَ، جَعَلَ اَللَّهُ هَذَا اَلْبَيْتَ لِمَنْ أَصَابَ مِنْ وُلْدِهِ اَلْخَطِيئَةَ [أَتَاهُ] فَلاَذَ بِهِ مِنْ وُلْدِ آدَمَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) كَمَا لاَذَ أُولَئِكَ بِالْعَرْشِ. فَلَمَّا هَبَطَ آدَمُ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) إِلَى اَلْأَرْضِ طَافَ بِالْبَيْتِ ، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ اَلْمُسْتَجَارِ دَنَا مِنَ اَلْبَيْتِ فَرَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى اَلسَّمَاءِ، فَقَالَ: يَا رَبِّ، اِغْفِرْ لِي. فَنُودِيَ: إِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَكَ، قَالَ: يَا رَبِّ، وَ لِوُلْدِي، قَالَ: فَنُودِيَ: يَا 18آدَمُ ، مَنْ جَاءَنِي مِنْ وُلْدِكَ فَبَاءَ بِذَنْبِهِ بِهَذَا اَلْمَكَانِ، غَفَرْتُ لَهُ».
52,5,6372 / _5 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) يَقُولُ: «كُنْتُ مَعَ أَبِي فِي اَلْحِجْرِ ، فَبَيْنَا هُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَجَلَسَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا اِنْصَرَفَ سَلَّمَ عَلَيْهِ؛ ثُمَّ قَالَ: إِنِّي أَسْأَلُكَ عَنْ ثَلاَثَةِ أَشْيَاءَ، لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ أَنْتَ وَ رَجُلٌ آخَرُ. قَالَ: مَا هِيَ؟ قَالَ: أَخْبِرْنِي أَيَّ شَيْءٍ كَانَ سَبَبُ اَلطَّوَافِ بِهَذَا اَلْبَيْتِ ؟ فَقَالَ: إِنَّ اَللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَمَّا أَمَرَ اَلْمَلاَئِكَةَ أَنْ يَسْجُدُوا 18لِآدَمَ ، رَدَّتِ اَلْمَلاَئِكَةُ فَقَالَتْ: أَ تَجْعَلُ فِيهٰا مَنْ يُفْسِدُ فِيهٰا وَ يَسْفِكُ اَلدِّمٰاءَ وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ قٰالَ إِنِّي أَعْلَمُ مٰا لاٰ تَعْلَمُونَ فَغَضِبَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ سَأَلُوهُ اَلتَّوْبَةَ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَطُوفُوا بِالضُّرَاحِ وَ هُوَ اَلْبَيْتُ اَلْمَعْمُورُ فَمَكَثُوا بِهِ يَطُوفُونَ سَبْعَ سِنِينَ، يَسْتَغْفِرُونَ اَللَّهَ مِمَّا قَالُوا، ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَ رَضِيَ عَنْهُمْ، فَكَانَ هَذَا أَصْلَ اَلطَّوَافِ. ثُمَّ جَعَلَ اَللَّهُ اَلْبَيْتَ اَلْحَرَامَ حِذَاءَ اَلضُّرَاحِ، تَوْبَةً لِمَنْ أَذْنَبَ مِنْ بَنِي آدَمَ وَ طَهُوراً لَهُمْ، فَقَالَ: صَدَقْتَ». ثُمَّ ذَكَرَ اَلْمَسْأَلَتَيْنِ نَحْوَ اَلْحَدِيثِ اَلْأَوَّلِ «ثُمَّ قَالَ اَلرَّجُلُ: صَدَقْتَ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا اَلرَّجُلُ، يَا أَبَتِ؟ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ هَذَا 52اَلْخَضِرُ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) ».
6374 / _7 عَنْ عِيسَى بْنِ حَمْزَةَ ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِأَبِي عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنَّ اَلنَّاسَ يَزْعُمُونَ أَنَّ اَلدُّنْيَا عُمُرُهَا سَبْعَةُ آلاَفِ سَنَةٍ! فَقَالَ: «لَيْسَ كَمَا يَقُولُونَ، إِنَّ اَللَّهَ خَلَقَ لَهَا خَمْسِينَ أَلْفَ عَامٍ؛ فَتَرَكَهَا قَاعاً قَفْرَاءَ خَاوِيَةً عَشَرَةَ آلاَفِ عَامٍ. ثُمَّ بَدَا لِلَّهِ بَدَاءٌ، فَخَلَقَ فِيهَا خَلْقاً لَيْسَ مِنَ اَلْجِنِّ وَ لاَ مِنَ اَلْمَلاَئِكَةِ وَ لاَ مِنَ اَلْإِنْسِ، وَ قَدَّرَ لَهُمْ عَشَرَةَ آلاَفِ عَامٍ، فَلَمَّا قَرُبَتْ آجَالُهُمْ أَفْسَدُوا فِيهَا، فَدَمَّرَ اَللَّهُ عَلَيْهِمْ تَدْمِيراً. ثُمَّ تَرَكَهَا قَاعاً قَفْرَاءَ خَاوِيَةً عَشَرَةَ آلاَفِ عَامٍ. ثُمَّ خَلَقَ فِيهَا اَلْجِنَّ، وَ قَدَّرَ لَهُمْ عَشَرَةَ آلاَفِ عَامٍ، فَلَمَّا قَرُبَتْ آجَالُهُمْ أَفْسَدُوا فِيهَا، وَ سَفَكُوا اَلدِّمَاءَ، وَ هُوَ قَوْلُ اَللَّهِ أَ تَجْعَلُ فِيهٰا مَنْ يُفْسِدُ فِيهٰا وَ يَسْفِكُ اَلدِّمٰاءَ كَمَا سَفَكَتْ بَنُو اَلْجَانِّ، فَأَهْلَكَهُمُ اَللَّهُ. ثُمَّ بَدَا لِلَّهِ فَخَلَقَ 18آدَمَ ، وَ قَدَّرَ لَهُ عَشَرَةَ آلاَفِ عَامٍ، وَ قَدْ مَضَى مِنْ ذَلِكَ سَبْعَةُ آلاَفِ عَامٍ وَ مِائَتَانِ، وَ أَنْتُمْ فِي آخِرِ اَلزَّمَانِ».
5375 / _8 قَالَ: قَالَ زُرَارَةُ : دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) فَقَالَ: «أَيُّ شَيْءٍ عِنْدَكَ مِنْ أَحَادِيثِ اَلشِّيعَةِ »؟ فَقُلْتُ: إِنَّ عِنْدِي مِنْهَا شَيْئاً كَثِيراً، قَدْ هَمَمْتُ أَنْ أُوقِدَ لَهَا نَاراً، ثُمَّ أُحْرِقَهَا. فَقَالَ: «وَارِهَا تَنْسَ مَا أَنْكَرْتَ مِنْهَا». فَخَطَرَ عَلَى بَالِيَ اَلْآدَمِيُّونَ، فَقَالَ لِي: «مَا كَانَ عِلْمُ اَلْمَلاَئِكَةِ حَيْثُ قَالُوا: أَ تَجْعَلُ فِيهٰا مَنْ يُفْسِدُ فِيهٰا وَ يَسْفِكُ اَلدِّمٰاءَ ».
18,6376 / _9 قَالَ: وَ كَانَ يَقُولُ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا اَلْحَدِيثِ: «هُوَ كَسْرٌ عَلَى اَلْقَدَرِيَّةِ ». ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : «إِنَّ 18آدَمَ كَانَ لَهُ فِي اَلسَّمَاءِ خَلِيلٌ مِنَ اَلْمَلاَئِكَةِ، فَلَمَّا هَبَطَ 18آدَمُ مِنَ اَلسَّمَاءِ إِلَى اَلْأَرْضِ اِسْتَوْحَشَ اَلْمَلَكُ، وَ شَكَا إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى وَ سَأَلَهُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ [فَيَهْبِطَ عَلَيْهِ]، فَأَذِنَ لَهُ فَهَبَطَ عَلَيْهِ، فَوَجَدَهُ قَاعِداً فِي قَفْرَةٍ مِنَ اَلْأَرْضِ، فَلَمَّا رَآهُ 18آدَمُ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ وَ صَاحَ صَيْحَةً قَالَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : يَرْوُونَ أَنَّهُ أَسْمَعَ عَامَّةَ اَلْخَلْقِ. فَقَالَ لَهُ اَلْمَلَكُ: يَا 18آدَمُ ، مَا أَرَاكَ إِلاَّ قَدْ عَصَيْتَ رَبَّكَ، وَ حَمَلْتَ عَلَى نَفْسِكَ مَا لاَ تُطِيقُ، أَ تَدْرِي مَا قَالَ اَللَّهُ لَنَا فِيكَ فَرَدَدْنَا عَلَيْهِ؟ قَالَ: لاَ. قَالَ: قَالَ: إِنِّي جٰاعِلٌ فِي اَلْأَرْضِ خَلِيفَةً قُلْنَا: أَ تَجْعَلُ فِيهٰا مَنْ يُفْسِدُ فِيهٰا وَ يَسْفِكُ اَلدِّمٰاءَ فَهُوَ خَلَقَكَ أَنْ تَكُونَ فِي اَلْأَرْضِ، يَسْتَقِيمُ أَنْ تَكُونَ فِي اَلسَّمَاءِ؟!». فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : «وَ اَللَّهُ، [عَزَّى] بِهَا 18آدَمَ ثَلاَثاً».
1,4381 / _14 اِبْنُ شَاذَانَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ ، عَنْ أَبِيهِ (عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ) : قَالَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : «مَنْ لَمْ يَقُلْ إِنِّي رَابِعُ اَلْخُلَفَاءِ اَلْأَرْبَعَةِ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اَللَّهِ».
13,1,5386 / _5 وَ عَنْهُ ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي اَلْمِقْدَامِ ، عَنْ ثَابِتٍ اَلْحَذَّاءِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ آبَائِهِ ، عَنْ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ) قَالَ: «إِنَّ اَللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَرَادَ أَنْ يَخْلُقَ خَلْقاً بِيَدِهِ، وَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا مَضَى مِنَ اَلْجِنِّ وَ اَلنَّسْنَاسِ فِي اَلْأَرْضِ سَبْعَةُ آلاَفِ سَنَةٍ، وَ كَانَ مِنْ شَأْنِهِ خَلْقُ آدَمَ، فَكَشَطَ عَنْ أَطْبَاقِ اَلسَّمَاوَاتِ وَ قَالَ لِلْمَلاَئِكَةِ: اُنْظُرُوا إِلَى أَهْلِ اَلْأَرْضِ مِنْ خَلْقِي مِنَ اَلْجِنِّ وَ اَلنَّسْنَاسِ، فَلَمَّا رَأَوْا مَا يَعْمَلُونَ فِيهَا مِنَ اَلْمَعَاصِي وَ سَفْكِ اَلدِّمَاءِ وَ اَلْفَسَادِ فِي اَلْأَرْضِ بِغَيْرِ اَلْحَقِّ، عَظُمَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَ غَضِبُوا وَ تَأَسَّفُوا عَلَى أَهْلِ اَلْأَرْضِ وَ لَمْ يَمْلِكُوا غَضَبَهُمْ. قَالُوا: رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ اَلْعَزِيزُ اَلْقَادِرُ اَلْجَبَّارُ اَلْقَاهِرُ اَلْعَظِيمُ اَلشَّأْنِ، وَ هَذَا خَلْقُكَ اَلضَّعِيفُ اَلذَّلِيلُ يَتَقَلَّبُونَ فِي قَبْضَتِكَ وَ يَعِيشُونَ بِرِزْقِكَ وَ يَسْتَمْتِعُونَ بِعَافِيَتِكَ، وَ هُمْ يَعْصُونَكَ بِمِثْلِ هَذِهِ اَلذُّنُوبِ اَلْعِظَامِ، لاَ تَأْسَفُ عَلَيْهِمْ وَ لاَ تَغْضَبُ وَ لاَ تَنْتَقِمُ لِنَفْسِكَ لَمَّا تَسْمَعُ مِنْهُمْ وَ تَرَى، وَ قَدْ عَظُمَ ذَلِكَ عَلَيْنَا وَ أَكْبَرْنَاهُ فِيكَ!». قَالَ: «فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ مِنَ اَلْمَلاَئِكَةِ، قَالَ: إِنِّي جٰاعِلٌ فِي اَلْأَرْضِ خَلِيفَةً يَكُونُ حُجَّةً لِي فِي أَرْضِي عَلَى خَلْقِي. فَقَالَتِ اَلْمَلاَئِكَةُ: سُبْحَانَكَ أَ تَجْعَلُ فِيهٰا مَنْ يُفْسِدُ فِيهٰا كَمَا فَسَدَ بَنُو اَلْجَانِّ، وَ يَسْفِكُونَ اَلدِّمَاءَ كَمَا سَفَكَ بَنُو اَلْجَانِّ، وَ يَتَحَاسَدُونَ وَ يَتَبَاغَضُونَ، فَاجْعَلْ ذَلِكَ اَلْخَلِيفَةَ مِنَّا، فَإِنَّا لاَ نَتَحَاسَدُ وَ لاَ نَتَبَاغَضُ وَ لاَ نَسْفِكُ اَلدِّمَاءَ، وَ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ. قَالَ جَلَّ وَ عَزَّ: إِنِّي أَعْلَمُ مٰا لاٰ تَعْلَمُونَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْلُقَ خَلْقاً بِيَدِي، وَ أَجْعَلَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ أَنْبِيَاءَ وَ مُرْسَلِينَ وَ عِبَاداً صَالِحِينَ وَ أَئِمَّةً مُهْتَدِينَ، وَ أَجْعَلَهُمْ خُلَفَاءَ عَلَى خَلْقِي فِي أَرْضِي، يَنْهَوْنَهُمْ عَنْ مَعْصِيَتِي، وَ يُنْذِرُونَهُمْ مِنْ عَذَابِي، وَ يَهْدُونَهُمْ إِلَى طَاعَتِي، وَ يَسْلُكُونَ بِهِمْ طَرِيقَ سَبِيلِي، وَ أَجْعَلَهُمْ لِي حُجَّةً، وَ عَلَيْهِمْ عُذْراً وَ نُذْراً، وَ أُبِينَ اَلنَّسْنَاسَ عَنْ أَرْضِي ، وَ أُطَهِّرَهَا مِنْهُمْ، وَ أَنْقُلَ مَرَدَةَ اَلْجِنِّ اَلْعُصَاةَ عَنْ بَرِيَّتِي وَ خَلْقِي وَ خِيَرَتِي، وَ أُسْكِنَهُمْ فِي اَلْهَوَاءِ وَ فِي أَقْطَارِ اَلْأَرْضِ، وَ لاَ يُجَاوِرُونَ نَسْلَ خَلْقِي، وَ أَجْعَلَ بَيْنَ اَلْجِنِّ وَ بَيْنَ خَلْقِي حِجَاباً، فَلاَ يَرَى نَسْلُ خَلْقِي اَلْجِنَّ، وَ لاَ يُجَالِسُونَهُمْ، وَ لاَ يُخَالِطُونَهُمْ، فَمَنْ عَصَانِي مِنْ نَسْلِ خَلْقِيَ اَلَّذِينَ اِصْطَفَيْتُهُمْ، أَسْكَنْتُهُمْ مَسَاكِنَ اَلْعُصَاةِ، وَ أَوْرَدَتْهُمْ مَوَارِدَهُمْ وَ لاَ أُبَالِي». قَالَ: «فَقَالَتِ اَلْمَلاَئِكَةُ: يَا رَبَّنَا، اِفْعَلْ مَا شِئْتَ لاٰ عِلْمَ لَنٰا إِلاّٰ مٰا عَلَّمْتَنٰا إِنَّكَ أَنْتَ اَلْعَلِيمُ اَلْحَكِيمُ ». قَالَ: «فَبَاعَدَهُمُ اَللَّهُ مِنَ اَلْعَرْشِ [مَسِيرَةَ] خَمْسِمِائَةِ عَامٍ قَالَ: فَلاَذُوا بِالْعَرْشِ وَ أَشَارُوا بِالْأَصَابِعِ، فَنَظَرَ اَلرَّبُّ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِمْ وَ نَزَلَتِ اَلرَّحْمَةُ فَوَضَعَ لَهُمُ اَلْبَيْتَ اَلْمَعْمُورَ ، فَقَالَ: طُوفُوا بِهِ وَ دَعُوا اَلْعَرْشَ فَإِنَّهُ لِي رِضًا، فَطَافُوا بِهِ وَ هُوَ اَلْبَيْتُ اَلَّذِي يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ لاَ يَعُودُونَ إِلَيْهِ أَبَداً فَوَضَعَ اَللَّهُ اَلْبَيْتَ اَلْمَعْمُورَ تَوْبَةً لِأَهْلِ اَلسَّمَاءِ، وَ وَضَعَ اَلْكَعْبَةَ تَوْبَةً لِأَهْلِ اَلْأَرْضِ. فَقَالَ اَللَّهُ تَبَارَ//ذكَ وَ تَعَالَى: إِنِّي خٰالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصٰالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ*`فَإِذٰا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سٰاجِدِينَ قَالَ وَ كَانَ ذَلِكَ مِنَ اَللَّهِ تَقْدِمَةً فِي 18آدَمَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُ، وَ اِحْتِجَاجاً مِنْهُ عَلَيْهِمْ». قَالَ: «فَاغْتَرَفَ رَبُّنَا عَزَّ وَ جَلَّ غُرْفَةً بِيَمِينِهِ مِنَ اَلْمَاءِ اَلْعَذْبِ اَلْفُرَاتِ وَ كِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ فَصَلْصَلَهَا فِي كَفِّهِ حَتَّى جَمَدَتْ، فَقَالَ لَهَا: مِنْكَ أَخْلُقُ اَلنَّبِيِّينَ وَ اَلْمُرْسَلِينَ، وَ عِبَادِيَ اَلصَّالِحِينَ، وَ اَلْأَئِمَّةَ اَلْمُهْتَدِينَ، وَ اَلدُّعَاةَ إِلَى اَلْجَنَّةِ وَ أَتْبَاعَهُمْ إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ وَ لاَ أُبَالِي، وَ لاَ أُسْأَلُ عَمَّا أَفْعَلُ وَ هُمْ يُسْأَلُونَ. ثُمَّ اِغْتَرَفَ غُرْفَةً أُخْرَى مِنَ اَلْمَاءِ اَلْمَالِحِ اَلْأُجَاجِ، فَصَلْصَلَهَا فِي كَفِّهِ فَجَمَدَتْ، فَقَالَ لَهَا: مِنْكَ أَخْلُقُ اَلْجَبَّارِينَ، وَ اَلْفَرَاعِنَةَ وَ اَلْعُتَاةَ وَ إِخْوَانَ اَلشَّيَاطِينِ، وَ اَلدُّعَاةَ إِلَى اَلنَّارِ إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ وَ أَشْيَاعَهُمْ وَ لاَ أُبَالِي، وَ لاَ أُسْأَلُ عَمَّا أَفْعَلُ وَ هُمْ يُسْأَلُونَ». قَالَ: «وَ شَرَطَ اَلْبَدَاءَ فِيهِمْ ، وَ لَمْ يَشْتَرِطْ فِي أَصْحَابِ اَلْيَمِينِ؛ ثُمَّ خَلَطَ اَلْمَاءَيْنِ جَمِيعاً فِي كَفِّهِ فَصَلْصَلَهُمَا، ثُمَّ كَفَأَهُمَا قُدَّامَ عَرْشِهِ وَ هُمَا سُلاَلَةٌ مِنَ اَلطِّينِ. ثُمَّ أَمَرَ اَللَّهُ اَلْمَلاَئِكَةَ اَلْأَرْبَعَةَ: اَلشَّمَالَ ، وَ اَلْجَنُوبَ ، وَ اَلصَّبَا ، وَ اَلدَّبُورَ أَنْ يَجُولُوا عَلَى هَذِهِ اَلسُّلاَلَةِ اَلطِّينِ فَأَبْرَءُوهَا وَ أَنْشَئُوهَا، ثُمَّ جَزَّءُوهَا وَ فَصَّلُوهَا، وَ أَجْرَوْا فِيهَا اَلطَّبَائِعَ اَلْأَرْبَعَةَ: اَلرِّيحَ، وَ اَلدَّمَ، وَ اَلْمِرَّةَ، وَ اَلْبَلْغَمَ، فَجَالَتِ اَلْمَلاَئِكَةُ عَلَيْهَا، وَ هِيَ اَلشَّمَالُ ، وَ اَلْجَنُوبُ ، وَ اَلصَّبَا ، وَ اَلدَّبُورُ ، وَ أَجْرَوْا فِيهَا اَلطَّبَائِعَ اَلْأَرْبَعَةَ: اَلرِّيحُ فِي اَلطَّبَائِعِ اَلْأَرْبَعَةِ مِنَ اَلْبَدَنِ مِنْ نَاحِيَةِ اَلشَّمَالِ ، وَ اَلْبَلْغَمُ فِي اَلطَّبَائِعِ اَلْأَرْبَعَةِ مِنْ نَاحِيَةِ اَلصَّبَا ، وَ اَلْمِرَّةُ فِي اَلطَّبَائِعِ اَلْأَرْبَعَةِ مِنْ نَاحِيَةِ اَلدَّبُورِ ، وَ اَلدَّمُ فِي اَلطَّبَائِعِ اَلْأَرْبَعَةِ مِنْ نَاحِيَةِ اَلْجَنُوبِ ». قَالَ: «فَاسْتَقَلَّتِ اَلنَّسَمَةُ وَ كَمَلَ اَلْبَدَنُ، فَلَزِمَهُ مِنْ نَاحِيَةِ اَلرِّيحِ: حُبُّ اَلنِّسَاءِ، وَ طُولُ اَلْأَمَلِ، وَ اَلْحِرْصُ؛ وَ لَزِمَهُ مِنْ نَاحِيَةِ اَلْبَلْغَمِ: حُبُّ اَلطَّعَامِ، وَ اَلشَّرَابِ، وَ اَلْبِرِّ وَ اَلْحِلْمِ، وَ اَلرِّفْقِ؛ وَ لَزِمَهُ مِنْ نَاحِيَةِ اَلْمِرَّةِ : اَلْغَضَبُ، وَ اَلسَّفَهُ، وَ اَلشَّيْطَنَةُ، وَ اَلتَّجَبُّرُ، وَ اَلتَّمَرُّدُ، وَ اَلْعَجَلَةُ؛ وَ لَزِمَهُ مِنْ نَاحِيَةِ اَلدَّمِ: اَلْفَسَادُ، وَ اَللَّذَّاتُ، وَ رُكُوبُ اَلْمَحَارِمِ، وَ اَلشَّهَوَاتُ». قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : «وَجَدْنَا هَذَا فِي كِتَابِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) .
52,32,14,1,84431 / _34 وَ عَنْهُ ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو اَلْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ (رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ اَلنَّسَوِيُّ ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ ، قَالَ: حَدَّثَنَا اَلْفُضَيْلُ اَلْبَلْخِيُّ ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ اَلْبَلْخِيُّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى اَلرِّضَا (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ)، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ آبَائِهِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ)، قَالَ: «بَيْنَمَا أَنَا أَمْشِي مَعَ اَلنَّبِيِّ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي بَعْضِ طُرُقَاتِ اَلْمَدِينَةِ إِذْ لَقِيَنَا شَيْخٌ طَوِيلٌ، كَثُّ اَللِّحْيَةِ، بَعِيدٌ مَا بَيْنَ اَلْمَنْكِبَيْنِ، فَسَلَّمَ عَلَى اَلنَّبِيِّ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ رَحَّبَ بِهِ، ثُمَّ اِلْتَفَتَ إِلَيَّ، فَقَالَ: اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ، يَا رَابِعَ اَلْخُلَفَاءِ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ، أَ لَيْسَ كَذَلِكَ هُوَ، يَا رَسُولَ اَللَّهِ ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) : بَلَى، ثُمَّ مَضَى. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ ، مَا هَذَا اَلَّذِي قَالَ لِي هَذَا اَلشَّيْخُ، وَ تَصْدِيقُكَ لَهُ؟ قَالَ: أَنْتَ كَذَلِكَ، وَ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ، إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ : إِنِّي جٰاعِلٌ فِي اَلْأَرْضِ خَلِيفَةً وَ اَلْخَلِيفَةُ اَلْمَجْعُولُ فِيهَا 18آدَمُ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) وَ هُوَ اَلْأَوَّلُ. وَ قَالَ: يٰا 36دٰاوُدُ إِنّٰا جَعَلْنٰاكَ خَلِيفَةً فِي اَلْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ اَلنّٰاسِ بِالْحَقِّ فَهُوَ اَلثَّانِي. وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ حِكَايَةً عَنْ 32مُوسَى حِينَ قَالَ 33لِهَارُونَ (عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ): اُخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَ أَصْلِحْ فَهُوَ 33هَارُونُ إِذِ اِسْتَخْلَفَهُ 32مُوسَى (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) فِي قَوْمِهِ، وَ هُوَ اَلثَّالِثُ. وَ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: وَ أَذٰانٌ مِنَ اَللّٰهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى اَلنّٰاسِ يَوْمَ اَلْحَجِّ اَلْأَكْبَرِ فَكُنْتَ أَنْتَ اَلْمُؤَذِّنَ عَنِ اَللَّهِ وَ عَنْ رَسُولِهِ ، وَ أَنْتَ وَصِيِّي وَ وَزِيرِي، وَ قَاضِي دَيْنِي، وَ اَلْمُؤَدِّي عَنِّي، وَ أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ 33هَارُونَ مِنْ 32مُوسَى إِلاَّ أَنَّهُ لاَ نَبِيَّ بَعْدِي، فَأَنْتَ رَابِعُ اَلْخُلَفَاءِ، كَمَا سَلَّمَ عَلَيْكَ اَلشَّيْخُ، أَ وَ لاَ تَدْرِي مَنْ هُوَ؟ قُلْتُ: لاَ، قَالَ: ذَاكَ أَخُوكَ 52اَلْخَضِرُ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) ، فَاعْلَمْ».
65843 / _7 وَ عَنْهُ: قَالَ أَبُو بَصِيرٍ: أَخْبِرْنِي كَيْفَ كَانَ خُرُوجُ آدَمَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) مِنَ اَلْجَنَّةِ؟ فَقَالَ اَلصَّادِقُ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ): «لَمَّا تَزَوَّجَ آدَمُ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) بِحَوَّاءَ أَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ: يَا آدَمُ، أَنِ اُذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ، فَإِنِّي جَعَلْتُكَ بَدِيعَ فِطْرَتِي، وَ سَوَّيْتُكَ بَشَراً عَلَى مَشِيئَتِي، وَ نَفَخْتُ فِيكَ مِنْ رُوحِي، وَ أَسْجَدْتُ لَكَ مَلاَئِكَتِي، وَ حَمَلْتُكَ عَلَى أَكْتَافِهِمْ، وَ جَعَلْتُكَ خَطِيبَهُمْ، وَ أَطْلَقْتُ لِسَانَكَ بِجَمِيعِ اَللُّغَاتِ، وَ جَعَلْتُ ذَلِكَ كُلَّهُ شَرَفاً لَكَ وَ فَخْراً، وَ هَذَا إِبْلِيسُ اَللَّعِينُ قَدْ أَبْلَسْتُهُ وَ لَعَنْتُهُ حِينَ أَبَى أَنْ يَسْجُدَ لَكَ وَ قَدْ خَلَقْتُكَ كَرَامَةً لِأَمَتِي، وَ خَلَقْتُ أَمَتِي نِعْمَةً لَكَ، وَ مَا نِعْمَةٌ أَكْرَمَ مِنْ زَوْجَةٍ صَالِحَةٍ، تَسُرُّكَ إِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهَا، وَ قَدْ بَنَيْتُ لَكُمَا دَارَ اَلْحَيَوَانِ مِنْ قَبْلِ أَنْ أَخْلُقَكُمَا بِأَلْفِ عَامٍ، عَلَى أَنْ تَدْخُلاَهَا بِعَهْدِي وَ أَمَانَتِي. وَ كَانَ اَللَّهُ تَعَالَى عَرَضَ هَذِهِ اَلْأَمَانَةَ عَلَى اَلسَّمَاوَاتِ وَ اَلْأَرَضِينَ، وَ عَلَى اَلْمَلاَئِكَةِ جَمِيعاً، وَ هِيَ أَنْ تُكَافِئُوا عَلَى اَلْإِحْسَانِ، وَ تَعْدِلُوا عَنِ اَلْإِسَاءَةِ. فَأَبَوْا عَنْ قَبُولِهَا، فَعَرَضَهَا عَلَى آدَمَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ)، فَتَقَبَّلَهَا، فَتَعَجَّبَتِ اَلْمَلاَئِكَةُ مِنْ جُرْأَةِ آدَمَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) فِي قَبُولِ اَلْأَمَانَةِ، يَقُولُ اَللَّهُ تَعَالَى: إِنّٰا عَرَضْنَا اَلْأَمٰانَةَ عَلَى اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ اَلْجِبٰالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهٰا وَ أَشْفَقْنَ مِنْهٰا وَ حَمَلَهَا اَلْإِنْسٰانُ إِنَّهُ كٰانَ ظَلُوماً جَهُولاً وَ مَا كَانَ بَيْنَ أَنْ قَبِلَ اَلْأَمَانَةَ آدَمُ وَ بَيْنَ أَنْ عَصَى رَبَّهُ إِلاَّ كَمَا بَيْنَ اَلظُّهْرِ وَ اَلْعَصْرِ، ثُمَّ مَثَّلَ اَللَّهُ تَعَالَى لِآدَمَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) وَ لِحَوَّاءَ، اَللَّعِينَ إِبْلِيسَ، حَتَّى نَظَرَ إِلَى سَمَاجَتِهِ ، فَقِيلَ لَهُ: هٰذٰا عَدُوٌّ لَكَ وَ لِزَوْجِكَ فَلاٰ يُخْرِجَنَّكُمٰا مِنَ اَلْجَنَّةِ فَتَشْقىٰ ثُمَّ نَادَاهُ اَلرَّبُّ: إِنَّ مِنْ عَهْدِي إِلَيْكُمَا أَنْ تَدْخُلاَ اَلْجَنَّةَ، وَ تَأْكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا، وَ لاَ تَقَرَبَا هَذِهِ اَلشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ اَلظَّالِمِينَ، فَقَبِلاَ هَذَا اَلْعَهْدَ كُلَّهُ، فَقَالَ: يَا آدَمُ، أَنْتَ عِنْدِي أَكْرَمُ مِنْ مَلاَئِكَتِي إِذَا أَطَعْتَنِي وَ رَعَيْتَ عَهْدِي، وَ لَمْ تَكُنْ جَبَّاراً كَفُوراً. وَ فِي كُلِّ ذَلِكَ يَقْبَلُ اَلْأَمَانَةَ وَ اَلْعَهْدَ، وَ لاَ يَسْأَلُ رَبَّهُ اَلتَّوْفِيقَ وَ اَلْعِصْمَةَ، وَ شَهِدَ اَلْمَلاَئِكَةُ عَلَيْهِ. ثُمَّ مَكَثَ آدَمُ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) وَ حَوَّاءُ مُكَلَّلِينَ مُتَوَّجِينَ مُكَرَّمِينَ لَمَّا دَخَلاَ اَلْجَنَّةَ حَتَّى كَانَا فِي وَسَطِ جَنَّاتِ عَدْنٍ، نَظَرَ آدَمُ وَ إِذَا هُوَ بِسَرِيرٍ مِنْ جَوْهَرٍ، لَهُ سَبْعُمِائَةِ قَائِمَةٍ مِنْ أَنْوَاعِ اَلْجَوَاهِرِ، وَ لَهُ سُرَادِقَاتٌ كَثِيرَةٌ، وَ عَلَى ذَلِكَ اَلسَّرِيرِ فُرُشٌ مِنَ اَلسُّنْدُسِ وَ اَلْإِسْتَبْرَقِ، وَ بَيْنَ اَلْفِرَاشَيْنِ كُثْبَانٌ مِنَ اَلْمِسْكِ وَ اَلْكَافُورِ وَ اَلْعَنْبَرِ، وَ عَلَى اَلسَّرِيرِ أَرْبَعُ قِبَابٍ: فِيهِ اَلرِّضْوَانُ وَ اَلْغُفْرَانُ وَ اَلْخُلْدُ وَ اَلْكَرَمُ، فَنَادَاهُ اَلسَّرِيرُ: إِلَيَّ يَا آدَمُ، فَلَكَ خُلِقْتُ، وَ لَكَ زُيِّنْتُ. فَنَزَلَ آدَمُ عَنْ فَرَسِهِ، وَ حَوَّاءُ عَنْ نَاقَتِهَا، وَ جَلَسَا عَلَى اَلسَّرِيرِ بَعْدَ أَنْ طَافَا عَلَى جَمِيعِ نَوَاحِي اَلْجَنَّةِ، ثُمَّ قُدِّمَ لَهُمَا مِنْ عِنَبِ اَلْجَنَّةِ وَ فَوَاكِهِهَا فَأَكَلاَ مِنْهَا، ثُمَّ تَحَوَّلاَ إِلَى قُبَّةِ اَلْكَرَمِ، وَ هِيَ أَزْيَنُ اَلْقِبَابِ، وَ عَنْ يَمِينِ اَلسَّرِيرِ يَوْمَئِذٍ جَبَلٌ مِنْ مِسْكٍ، وَ عَنْ يَسَارِهِ جَبَلٌ مِنْ عَنْبَرٍ، وَ شَجَرَةُ طُوبَى قَدْ أَظَلَّتْ عَلَى اَلسَّرِيرِ، فَأَحَبَّ آدَمُ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) أَنْ يَدْنُوَ مِنْ حَوَّاءَ، فَأَسْبَلَتِ اَلْقِبَابُ سُتُورَهَا، وَ اِنْظَمَّتِ اَلْأَبْوَابُ، وَ تَغَشَّاهَا وَ كَانَ مَعَهَا كَأَهْلِ اَلْجَنَّةِ فِي اَلْجَنَّةِ خَمْسَمِائَةِ عَامٍ مِنْ أَعْوَامِ اَلدُّنْيَا فِي أَتَمِّ اَلسُّرُورِ وَ أَنْعَمِ اَلْأَحْوَالِ. وَ كَانَ آدَمُ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) يَنْزِلُ عَنِ اَلسَّرِيرِ، وَ يَمْشِي فِي مَنَابِرِ اَلْجَنَّةِ، وَ حَوَّاءُ خَلْفَهُ تَسْحَبُ سُنْدُسَهَا، وَ كُلَّمَا تَقَدَّمَا مِنْ قَصْرٍ نُثِرَتْ عَلَيْهِمَا مِنْ ثِمَارِ اَلْجَنَّةِ حَتَّى يَرْجِعَا إِلَى اَلسَّرِيرِ، وَ إِبْلِيسُ (لَعَنَهُ اَللَّهُ) خَائِفٌ لِمَا جَرَى عَلَيْهِ مِنْ طَعْنِهِمْ لَهُ بِالْحِرَابِ وَ رَجْمِهِمْ إِيَّاهُ، وَ صَارَ مُخْتَفِياً عَنْ آدَمَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) وَ حَوَّاءَ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ وَ إِذَا هُوَ بِصَوْتٍ عَالٍ: يَا أَهْلَ اَلسَّمَاوَاتِ، قَدْ سَكَنَ آدَمُ وَ حَوَّاءُ اَلْجَنَّةَ بِالْعَهْدِ وَ اَلْمِيثَاقِ، وَ أَبَحْتُ لَهُمَا جَمِيعَ مَا فِي اَلْجَنَّةِ إِلاَّ شَجَرَةَ اَلْخُلْدِ، فَإِنْ قَرِبَاهَا وَ أَكَلاَ مِنْهَا كَانَا مِنَ اَلظَّالِمِينَ». قَالَ: «فَلَمَّا سَمِعَ إِبْلِيسُ اَللَّعِينُ ذَلِكَ فَرِحَ فَرَحاً شَدِيداً، وَ قَالَ: لَأُخْرِجَنَّهُمَا مِنَ اَلْجَنَّةِ. ثُمَّ أَتَى مُسْتَخْفِياً فِي طُرُقِ اَلسَّمَاوَاتِ. حَتَّى وَقَعَ عَلَى بَابِ اَلْجَنَّةِ، وَ إِذَا بِالطَّاوُسِ وَ قَدْ خَرَجَ مِنَ اَلْجَنَّةِ، وَ لَهُ جَنَاحَانِ، إِذَا نَشَرَ أَحَدَهُمَا غَطَّى بِهِ سِدْرَةَ اَلْمُنْتَهَى، وَ لَهُ ذَنَبٌ مِنْ زُمُرُّدَةٍ صَفْرَاءَ، وَ هُوَ مِنَ اَلْجَوَاهِرِ، وَ عَلَى كُلِّ جَوْهَرٍ مِنْهُ رِيشَةٌ بَيْضَاءُ، وَ هُوَ أَطْيَبُ طُيُورِ اَلْجَنَّةِ صَوْتاً وَ تَغْرِيداً، وَ أَحْسَنُهَا أَلْحَاناً بِالتَّسْبِيحِ وَ اَلثَّنَاءِ لِلَّهِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ، وَ كَانَ يَخْرُجُ فِي وَقْتٍ وَ يَمُرُّ صَفْحَ اَلسَّمَاوَاتِ اَلسَّبْعِ، يَخْطِرُ فِي مَشْيِهِ، وَ يُرَجِّعُ فِي تَسْبِيحِهِ، فَيَعْجَبُ جَمِيعُ اَلْمَلاَئِكَةِ مِنْ حُسْنِ صُورَتِهِ وَ تَسْبِيحِهِ، فَيَرْجِعُ إِلَى اَلْجَنَّةِ. فَلَمَّا رَآهُ إِبْلِيسُ دَعَا بِهِ بِكَلاَمٍ لَيِّنٍ، وَ قَالَ: أَيُّهَا اَلطَّائِرُ اَلْعَجِيبُ اَلْخِلْقَةِ، حَسَنُ اَلْأَلْوَانِ، طَيِّبُ اَلصَّوْتِ، أَيُّ طَائِرٍ أَنْتَ مِنْ طُيُورِ اَلْجَنَّةِ؟ قَالَ: أَنَا طَاوُسُ اَلْجَنَّةِ، وَ لَكِنْ مَا لَكَ أَيُّهَا اَلشَّخْصُ مَذْعُورٌ، كَأَنَّكَ تَخَافُ طَالِباً يَطْلُبُكَ؟ فَقَالَ إِبْلِيسُ: أَنَا مَلَكٌ مِنْ مَلاَئِكَةِ اَلصَّفِيحِ اَلْأَعْلَى، مَعَ اَلْمَلاَئِكَةِ اَلْكَرُوبِيِّينَ اَلَّذِينَ لاَ يَفْتُرُونَ عَنِ اَلتَّسْبِيحِ سَاعَةً وَ لاَ طَرْفَةَ عَيْنٍ، جِئْتُ أَنْظُرُ إِلَى اَلْجَنَّةِ وَ إِلَى مَا أَعَدَّ اَللَّهُ لِأَهْلِهَا فِيهَا، فَهَلْ لَكَ أَنْ تُدْخِلَنِي اَلْجَنَّةَ وَ أُعَلِّمَكَ ثَلاَثَ كَلِمَاتٍ، مَنْ قَالَهُنَّ لاَ يَهْرَمُ وَ لاَ يَسْقُمُ وَ لاَ يَمُوتُ؟ فَقَالَ اَلطَّاوُسُ: وَيْحَكَ أَيُّهَا اَلشَّخْصُ أَهْلُ اَلْجَنَّةِ يَمُوتُونَ؟ قَالَ إِبْلِيسُ: نَعَمْ، يَمُوتُونَ وَ يَهْرَمُونَ وَ يَسْقُمُونَ إِلاَّ مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ هَذِهِ اَلْكَلِمَاتُ. وَ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ، فَوَثِقَ بِهِ اَلطَّاوُسُ وَ لَمْ يَظُنَّ أَنَّ أَحَداً يَحْلِفُ بِاللَّهِ كَاذِباً، فَقَالَ: أَيُّهَا اَلشَّخْصُ، مَا أَحْوَجَنِي إِلَى هَذِهِ اَلْكَلِمَاتِ، غَيْرَ أَنِّي أَخَافُ أَنَّ رِضْوَانَ خَازِنَ اَلْجِنَانِ يَسْتَخْبِرُنِي عَنْكَ، لَكِنْ أَبْعَثُ إِلَيْكَ بِالْحَيَّةِ، فَإِنَّهَا سَيِّدَةُ دَوَابِّ اَلْجَنَّةِ». قَالَ: «وَ دَخَلَ اَلطَّاوُسُ اَلْجَنَّةَ، وَ ذَكَرَ لِلْحَيَّةِ جَمِيعَ ذَلِكَ فَقَالَتْ: وَ مَا أَحْوَجَنِي وَ إِيَّاكَ إِلَى هَذِهِ اَلْكَلِمَاتِ. قَالَ اَلطَّاوُسُ: قَدْ ضَمِنْتُ لَهُ أَنْ أَبْعَثَ بِكِ إِلَيْهِ، فَانْطَلِقِي إِلَيْهِ سَرِيعاً قَبْلَ أَنْ يَسْبِقَكِ سِوَاكِ، فَكَانَتِ اَلْحَيَّةُ يَوْمَئِذٍ عَلَى صُورَةِ اَلْجَمَلِ، وَ لَهَا قَوَائِمُ، وَ لَهَا زَغَبٌ مِثْلُ اَلْعَبْقَرِيِّ مَا بَيْنَ أَسْوَدَ وَ أَبْيَضَ وَ أَحْمَرَ وَ أَخْضَرَ وَ أَصْفَرَ، وَ لَهَا رَائِحَةٌ كَرَائِحَةِ اَلْمِسْكِ اَلْمُشَابِ بِالْعَنْبَرِ، وَ كَانَ مَسْكَنُهَا فِي جَنَّةِ اَلْمَأْوَى، وَ مَبْرَكُهَا عَلَى سَاحِلِ نَهْرِ اَلْكَوْثَرِ، وَ كَلاَمُهَا اَلتَّسْبِيحَ وَ اَلثَّنَاءَ لِلَّهِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ، وَ قَدْ خَلَقَهَا اَللَّهُ تَعَالَى قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) بِمِائَةِ عَامٍ، وَ كَانَتْ تَأْنَسُ بِحَوَّاءَ وَ آدَمَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) وَ تُخْبِرُهُمَا بِكُلِّ شَجَرَةٍ فِي اَلْجَنَّةِ. فَخَرَجَتِ اَلْحَيَّةُ مُسْرِعَةً مِنْ بَابِ اَلْجَنَّةِ فَرَأَتْ إِبْلِيسَ لَعَنَهُ اَللَّهُ عَلَى مَا وَصَفَهُ اَلطَّاوُسُ، فَتَقَدَّمَ إِلَيْهَا إِبْلِيسُ بِالْكَلاَمِ اَلطَّيِّبِ، وَ قَالَ لَهَا مِثْلَ مَا قَالَ لِلطَّاوُسِ، فَقَالَتِ اَلْحَيَّةُ: وَ كَيْفَ أُدْخِلُكَ وَ لاَ يَحِلُّ لَكَ رُكُوبِي؟ فَقَالَ لَهَا إِبْلِيسُ: إِنِّي أَرَى بَيْنَ نَابَيْكِ فُرْجَةً وَاسِعَةً، وَ اِعْلَمِي أَنَّهَا تَسَعُنِي، وَ اِجْعَلِينِي فِيهَا وَ أَدْخِلِينِي اَلْجَنَّةَ حَتَّى أُعَلِّمَكِ هَذِهِ اَلْكَلِمَاتِ اَلثَّلاَثَ. فَقَالَتِ اَلْحَيَّةُ: إِذَا حَمَلْتُكَ فِي فَمِي، فَكَيْفَ أَتَكَلَّمُ إِذَا كَلَّمَنِي رِضْوَانُ؟ فَقَالَ لَهَا اَللَّعِينُ: لاَ عَلَيْكِ، فَإِنَّ مَعِي أَسْمَاءَ رَبِّي، إِذَا قُلْتُهَا لاَ يَنْطِقُ بِي وَ لاَ بِكِ أَحَدٌ مِنَ اَلْمَلاَئِكَةِ. فَدَخَلَتْ وَ اَلْمَلاَئِكَةُ سَاهُونَ عَنْ مُحَاوَرَتِهِمَا، غَيْرَ أَنَّ حَوَّاءَ كَانَتْ قَدِ اِفْتَقَدَتِ اَلْحَيَّةَ فَلَمْ تَجِدْهَا، وَ كَانَتْ مُؤْتَلِفَةً بِهَا لِحُسْنِ حَدِيثِهَا، وَ اَلْحَيَّةُ مَعَ إِبْلِيسَ يَحْلِفُ لَهَا وَ يُخَادِعُهَا قَالَ وَ لَمْ يَزَلْ إِبْلِيسُ يَحْلِفُ لَهَا وَ يَخْدَعُهَا، حَتَّى وَثِقَتْ بِهِ وَ فَتَحَتْ فَاهَا، فَوَثَبَ إِبْلِيسُ وَ قَعَدَ بَيْنَ أَنْيَابِهَا، وَ خَرَجَ مِنْهُ رِيحٌ فَصَارَ نَابُهَا سَمّاً إِلَى آخِرِ اَلْأَبَدِ قَالَ فَضَمَّتْهُ اَلْحَيَّةُ وَ دَخَلَتِ اَلْجَنَّةَ، وَ لَمْ يُكَلِّمْهَا رِضْوَانُ لِلْقَدَرِ وَ اَلْقَضَاءِ اَلسَّابِقِ بِعِلْمِ اَلرَّحْمَنِ، حَتَّى إِذَا تَوَسَّطَتِ اَلْحَيَّةُ اَلْجَنَّةَ، قَالَتْ لَهُ: اُخْرُجْ مِنْ فَمِي وَ عَجِّلْ قَبْلَ أَنْ يَفْطُنَ بِكَ رِضْوَانُ. قَالَ إِبْلِيسُ: لاَ تَعْجَلِي، فَإِنَّمَا حَاجَتِي فِي اَلْجَنَّةِ آدَمُ وَ حَوَّاءُ، فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُكَلِّمَهُمَا مِنْ فِيكِ، فَإِنْ فَعَلْتِ ذَلِكِ عَلَّمْتُكِ اَلْكَلِمَاتِ اَلثَّلاَثَ. فَقَالَتِ اَلْحَيَّةُ: هَاتِيكَ قُبَّةُ حَوَّاءَ فَاخْرُجْ إِلَيْهَا وَ كَلِّمْهَا. قَالَ: لاَ أُكَلِّمُهَا إِلاَّ مِنْ فِيكِ، فَحَمَلَتْهُ اَلْحَيَّةُ إِلَى قُبَّةِ حَوَّاءَ، فَقَالَ إِبْلِيسُ مِنْ فَمِ اَلْحَيَّةِ: يَا حَوَّاءُ، يَا زِينَةَ اَلْجَنَّةِ، أَ لَسْتِ تَعْلَمِينَ أَنِّي مَعَكِ فِي اَلْجَنَّةِ، وَ أَنِّي أُحَدِّثُكِ وَ أُخْبِرُكِ بِكُلِّ مَا فِي اَلْجَنَّةِ، وَ أَنِّي صَادِقَةٌ فِي كُلِّ مَا أُحَدِّثُكِ بِهِ؟ فَقَالَتْ حَوَّاءُ: نَعَمْ، وَ مَا عَرَفْتُكِ إِلاَّ بِصِدْقِ اَلْحَدِيثِ. قَالَ إِبْلِيسُ: يَا حَوَّاءُ، أَخْبِرِينِي مَا اَلَّذِي أُحِلَّ لَكُمَا فِي اَلْجَنَّةِ، وَ حُرِّمَ عَلَيْكُمَا؟ فَأَخْبَرَتْهُ بِمَا نَهَاهُمَا عَنْهُ. فَقَالَ إِبْلِيسُ: وَ لِمَاذَا نَهَاكُمَا رَبَّكُمَا عَنْ شَجَرَةِ اَلْخُلْدِ؟ قَالَتْ: لاَ عِلْمَ لِي بِذَلِكَ. قَالَ إِبْلِيسُ: أَنَا أَعْلَمُ، إِنَّمَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا لِأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَفْعَلَ بِكُمَا مِثْلَ مَا فَعَلَ بِذَلِكِ اَلْعَبْدِ اَلَّذِي مَأْوَاهُ تَحْتَ اَلشَّجَرَةِ، اَلَّذِي أَدْخَلَهُ قَبْلَ دُخُولِكُمَا بِأَلْفِ عَامٍ». قَالَ: «فَوَثَبَتْ حَوَّاءُ مِنْ سَرِيرِهَا لِتَنْظُرَ ذَلِكَ اَلْعَبْدَ، فَخَرَجَ إِبْلِيسُ مِنْ فَمِ اَلْحَيَّةِ كَالْبَرْقِ اَلْخَاطِفِ، حَتَّى قَعَدَ تَحْتَ اَلشَّجَرَةِ، فَأَقْبَلَتْ حَوَّاءُ فَرَأَتْهُ، فَلَمَّا قَرُبَتْ مِنْهُ، نَادَتْهُ: أَيُّهَا اَلشَّخْصُ، مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اَللَّهِ تَعَالَى، وَ أَنَا فِي هَذِهِ اَلْجَنَّةِ مُنْذُ أَلْفِ عَامٍ، خَلَقَنِي كَمَا خَلَقَكُمَا بِيَدِهِ، وَ نَفَخَ فِيَّ رُوحَهُ، وَ أَسْجَدَ لِي مَلاَئِكَتَهُ وَ أَسْكَنَنِي جَنَّتَهُ، وَ نَهَانِي عَنْ أَكْلِ هَذِهِ اَلشَّجَرَةِ، فَكُنْتُ لاَ آكُلُ مِنْهَا حَتَّى نَصَحَنِي بَعْضُ اَلْمَلاَئِكَةِ، وَ قَالَ لِي: كُلْ مِنْهَا، فَإِنَّ مَنْ أَكَلَ مِنْهَا كَانَ مُخَلَّداً فِي اَلْجَنَّةِ أَبَداً؛ وَ حَلَفَ لِي أَنَّهُ لَمِنَ اَلنَّاصِحِينَ، فَوَثِقْتُ بِيَمِينِهِ وَ أَكَلْتُ مِنْهَا، فَأَنَا فِي اَلْجَنَّةِ إِلَى يَوْمِي هَذَا كَمَا تَرَيْنَ، وَ قَدْ أَمِنْتُ مِنَ اَلْهَرَمِ وَ اَلسَّقَمِ وَ اَلْمَوْتِ وَ اَلْخُرُوجِ مِنَ اَلْجَنَّةِ. فَقَالَ لَهَا إِبْلِيسُ بَعْدَ مَا حَكَى لَهَا: وَ اَللَّهِ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ اَلشَّجَرَةِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ اَلْخَالِدِينَ. فَنَادَاهَا: يَا حَوَّاءُ، كُلِي مِنْهَا، فَإِنَّهَا أَطْيَبُ مَا أَكَلْتِ مِنْ ثِمَارِ اَلْجَنَّةِ، فَأَسْرِعِي إِلَيْهَا وَ اِسْبِقِي زَوْجَكِ، فَإِنَّ مَنْ سَبَقَ كَانَ لَهُ اَلْفَضْلُ عَلَى صَاحِبِهِ، أَ مَا تَنْظُرِينَ إِلَيَّ كَيْفَ آكُلُ مِنْهَا؟ هَذَا وَ اَلْحَيَّةُ وَاقِفَةٌ تَسْمَعُ مَا يَقُولُ إِبْلِيسُ (لَعَنَهُ اَللَّهُ) لِحَوَّاءَ، فَالْتَفَتَتْ حَوَّاءُ لِلْحَيَّةِ، وَ قَالَتْ: أَنْتِ مَعِي مُنْذُ أَدْخَلَنِيَ اَللَّهُ اَلْجَنَّةَ، وَ لَمْ تُخْبِرِينِي بِهَذَا اَلْكَلاَمِ؟! وَ سَكَتَتِ اَلْحَيَّةُ، وَ لَمْ تَدْرِ مَا يَقُولُ إِبْلِيسُ اَللَّعِينُ فِي جَوَابِ حَوَّاءَ ، وَ رَغِبَتْ عَنِ اَلْكَلاَمِ، وَ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِهَا اَلَّذِي قَدْ ضَمِنَ لَهَا إِبْلِيسُ أَنْ يُعَلِّمَهَا اَلثَّلاَثَ كَلِمَاتٍ. فَأَقْبَلَتْ حَوَّاءُ إِلَى آدَمَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ)، وَ كَانَتْ مَسْرُورَةً بِقَوْلِ اَلْحَيَّةِ لَهَا، وَ مَقَالَةِ إِبْلِيسَ تَحْتَ اَلشَّجَرَةِ، وَ أَخْبَرَتْهُ بِخَبَرِ اَلْحَيَّةِ وَ اَلشَّخْصِ وَ قَدْ حَلَفَ لَهُمَا نُصْحاً، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ قٰاسَمَهُمٰا إِنِّي لَكُمٰا لَمِنَ اَلنّٰاصِحِينَ وَ قَرُبَ اَلْقَدَرُ اَلْمَقْدُورُ وَ اَلْقَضَاءُ اَلْمُبْرَمُ، وَ خُرُوجُهُمْ مِنَ اَلْجَنَّةِ، وَ هُوَ اَلْأَمْرُ اَلْمَحْتُومُ، فَرَكِنَا جَمِيعاً إِلَى قَوْلِ إِبْلِيسَ اَللَّعِينِ وَ قَسَمِهِ فَتَقَدَّمَتْ حَوَّاءُ إِلَى تِلْكَ اَلشَّجَرَةِ، وَ لَهَا أَغْصَانٌ لاَ تُحْصَى، وَ عَلَى اَلْأَغْصَانِ سَنَابِلُ، كُلُّ حَبَّةٍ مِنْهَا مِثْلُ اَلْقُلَّةِ، وَ لَهَا رَائِحَةٌ كَالْمِسْكِ اَلْأَذْفَرِ، أَشَدُّ بَيَاضاً مِنَ اَللَّبَنِ، وَ أَحْلَى مِنَ اَلْعَسَلِ، فَأَخَذَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ مِنْ سَبْعَةِ أَغْصَانٍ، فَقَالَ اَللَّعِينُ: كُلِي مِنْهَا يَا حَوَّاءُ، يَا زِينَةَ اَلْجَنَّةِ. فَأَكَلَتْ وَاحِدَةً، وَ اِدَّخَرَتْ لَهَا وَاحِدَةً، وَ جَاءَتْ بِخَمْسٍ مِنْهَا إِلَى آدَمَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ)، وَ لَمْ يَكُنْ لِآدَمَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) فِي ذَلِكَ أَمْرٌ وَ لاَ نَهْيٌ، بَلْ كَانَ ذَلِكَ فِي سَابِقِ عِلْمِ اَللَّهِ تَعَالَى حِينَ اِفْتَخَرَتِ اَلسَّمَاءُ عَلَى اَلْأَرْضِ، وَ شَكَتِ اَلْأَرْضُ إِلَى رَبِّهَا، وَ قَالَ: يَا أَرْضُ اُسْكُنِي. وَ قَالَ لِلْمَلاَئِكَةِ: إِنِّي جٰاعِلٌ فِي اَلْأَرْضِ خَلِيفَةً . فَتَنَاوَلَ آدَمُ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) مِنَ اَلسَّنَابِلِ سُنْبُلَةً وَاحِدَةً مِنْ يَدِهَا، وَ قَدْ نَسِيَ اَلْعَهْدَ اَلْمَأْخُوذَ عَلَيْهِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَنَسِيَ وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ، أَيْ جَزْماً قَالَ فَذَاقَ آدَمُ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) مِنَ اَلشَّجَرَةِ كَمَا ذَاقَتْ حَوَّاءُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَلَمّٰا ذٰاقَا اَلشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمٰا سَوْآتُهُمٰا .
177706 / _13 ابن شهر آشوب: عن تفسيري أبي عبيدة، و عليّ بن حرب الطائي، قال عبد اللّه بن مسعود: الخلفاء أربعة: آدم: إِنِّي جٰاعِلٌ فِي اَلْأَرْضِ خَلِيفَةً و داود: يٰا دٰاوُدُ إِنّٰا جَعَلْنٰاكَ خَلِيفَةً فِي اَلْأَرْضِ يعني بيت المقدس، و هارون، و قال موسى: اُخْلُفْنِي فِي قَوْمِي ، و علي (عليه السلام): وَعَدَ اَللّٰهُ اَلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا اَلصّٰالِحٰاتِ يعني عليا (عليه السلام) لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي اَلْأَرْضِ . و قوله: كَمَا اِسْتَخْلَفَ اَلَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ آدم و داود و هارون، وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ اَلَّذِي اِرْتَضىٰ لَهُمْ يعني الإسلام، وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يعني أهل مكّة، يَعْبُدُونَنِي لاٰ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَ مَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذٰلِكَ بولاية عليّ بن أبي طالب، فَأُولٰئِكَ هُمُ اَلْفٰاسِقُونَ يعني العاصين لله و لرسوله.
1 وَ قَالَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : «مَنْ لَمْ يَقُلْ إِنِّي رَابِعُ اَلْخُلَفَاءِ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اَللَّهِ».
89751 / _1 اِبْنُ بَابَوَيْهِ : بِإِسْنَادِهِ، عَنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ بَشَّارٍ ، عَنْ أَبِي اَلْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى اَلرِّضَا (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) ، قَالَ: سَأَلْتُهُ: أَ يَعْلَمُ اَللَّهُ اَلشَّيْءَ اَلَّذِي لَمْ يَكُنْ أَنْ لَوْ كَانَ كَيْفَ كَانَ يَكُونُ؟ فَقَالَ: «إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى هُوَ اَلْعَالِمُ بِالْأَشْيَاءِ قَبْلَ كَوْنِ اَلْأَشْيَاءِ، قَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنّٰا كُنّٰا نَسْتَنْسِخُ مٰا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ، وَ قَالَ لِأَهْلِ اَلنَّارِ : وَ لَوْ رُدُّوا لَعٰادُوا لِمٰا نُهُوا عَنْهُ وَ إِنَّهُمْ لَكٰاذِبُونَ ، فَقَدْ عَلِمَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَّهُ لَوْ رَدَّهُمْ لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ، وَ قَالَ لِلْمَلاَئِكَةِ لَمَّا قَالَتْ: أَ تَجْعَلُ فِيهٰا مَنْ يُفْسِدُ فِيهٰا وَ يَسْفِكُ اَلدِّمٰاءَ وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ قٰالَ إِنِّي أَعْلَمُ مٰا لاٰ تَعْلَمُونَ ، فَلَمْ يَزَلِ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عِلْمَهُ سَابِقاً لِلْأَشْيَاءِ قَدِيماً قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهَا، تَبَارَكَ اَللَّهُ رَبُّنَا وَ تَعَالَى عُلُوّاً كَبِيراً، خَلَقَ اَلْأَشْيَاءَ وَ عِلْمُهُ بِهَا سَابِقٌ لَهَا كَمَا شَاءَ، كَذَلِكَ اَللَّهُ لَمْ يَزَلْ رَبّاً عَالِماً سَمِيعاً بَصِيراً».
18,13,11100 قَالَ اَلْإِمَامُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ : لَمَّا قِيلَ لَهُمْ« هُوَ اَلَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مٰا فِي اَلْأَرْضِ جَمِيعاً » اَلْآيَةَ، قَالُوا: مَتَى كَانَ هَذَا فَقَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ حِينَ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ اَلَّذِينَ كَانُوا فِي اَلْأَرْضِ مَعَ 1إِبْلِيسَ وَ قَدْ طَرَدُوا عَنْهَا اَلْجِنَّ بَنِي اَلْجَانِّ ، وَ خَفَّتِ اَلْعِبَادَةُ: « إِنِّي جٰاعِلٌ فِي اَلْأَرْضِ خَلِيفَةً » بَدَلاً مِنْكُمْ وَ رَافِعُكُمْ مِنْهَا فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ لِأَنَّ اَلْعِبَادَةَ عِنْدَ رُجُوعِهِمْ إِلَى اَلسَّمَاءِ تَكُونُ أَثْقَلَ عَلَيْهِمْ. فَ « قٰالُوا » رَبَّنَا « أَ تَجْعَلُ فِيهٰا مَنْ يُفْسِدُ فِيهٰا وَ يَسْفِكُ اَلدِّمٰاءَ » كَمَا فَعَلَتْهُ اَلْجِنُّ بَنُو اَلْجَانِّ اَلَّذِينَ قَدْ طَرَدْنَاهُمْ عَنْ هَذِهِ اَلْأَرْضِ « وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ » نُنَزِّهُكَ عَمَّا لاَ يَلِيقُ بِكَ مِنَ اَلصِّفَاتِ « وَ نُقَدِّسُ لَكَ » نُطَهِّرُ أَرْضَكَ مِمَّنْ يَعْصِيكَ. قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: « إِنِّي أَعْلَمُ مٰا لاٰ تَعْلَمُونَ » إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اَلصَّلاَحِ اَلْكَائِنِ فِيمَنْ أَجْعَلُهُ بَدَلاً مِنْكُمْ مَا لاَ تَعْلَمُونَ. وَ أَعْلَمُ أَيْضاً أَنَّ فِيكُمْ مَنْ هُوَ كَافِرٌ فِي بَاطِنِهِ [مَا] لاَ تَعْلَمُونَهُ وَ هُوَ 1إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اَللَّهُ ثُمَّ قَالَ: « وَ عَلَّمَ 18آدَمَ اَلْأَسْمٰاءَ كُلَّهٰا » أَسْمَاءَ أَنْبِيَاءِ اَللَّهِ، وَ أَسْمَاءَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ ، وَ اَلطَّيِّبِينَ مِنْ آلِهِمَا، وَ أَسْمَاءِ خِيَارِ شِيعَتِهِمْ وَ عُتَاةِ أَعْدَائِهِمْ « ثُمَّ عَرَضَهُمْ » عَرَضَ مُحَمَّداً وَ عَلِيّاً وَ اَلْأَئِمَّةَ « عَلَى اَلْمَلاٰئِكَةِ » أَيْ عَرَضَ أَشْبَاحَهُمْ وَ هُمْ أَنْوَارٌ فِي اَلْأَظِلَّةِ. « فَقٰالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمٰاءِ هٰؤُلاٰءِ إِنْ كُنْتُمْ صٰادِقِينَ » إِنَّ جَمِيعَكُمْ تُسَبِّحُونَ وَ تُقَدِّسُونَ وَ إِنَّ تَرْكَكُمْ هَاهُنَا أَصْلَحُ مِنْ إِيرَادِ مَنْ بَعْدَكُمْ أَيْ فَكَمَا لَمْ تَعْرِفُوا غَيْبَ مَنْ [فِي] خِلاَلِكُمْ فَالْحَرِيُّ أَنْ لاَ تَعْرِفُوا اَلْغَيْبَ اَلَّذِي لَمْ يَكُنْ، كَمَا لاَ تَعْرِفُونَ أَسْمَاءَ أَشْخَاصٍ تَرَوْنَهَا. قَالَتِ اَلْمَلاَئِكَةُ: « سُبْحٰانَكَ لاٰ عِلْمَ لَنٰا إِلاّٰ مٰا عَلَّمْتَنٰا إِنَّكَ أَنْتَ اَلْعَلِيمُ اَلْحَكِيمُ » [اَلْعَلِيمُ] بِكُلِّ شَيْءٍ، اَلْحَكِيمُ اَلْمُصِيبُ فِي كُلِّ فِعْلٍ. « قٰالَ » اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: « يٰا 18آدَمُ » أَنْبِئْ هَؤُلاَءِ اَلْمَلاَئِكَةَ بِأَسْمَائِهِمْ: أَسْمَاءِ اَلْأَنْبِيَاءِ وَ اَلْأَئِمَّةِ « فَلَمّٰا أَنْبَأَهُمْ » فَعَرَفُوهَا أَخَذَ عَلَيْهِمُ اَلْعَهْدَ، وَ اَلْمِيثَاقَ بِالْإِيمَانِ بِهِمْ، وَ اَلتَّفْضِيلِ لَهُمْ. قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى عِنْدَ ذَلِكَ: « أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ اَلْأَرْضِ » سِرَّهُمَا « وَ أَعْلَمُ مٰا تُبْدُونَ وَ مٰا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ » [وَ] مَا كَانَ يَعْتَقِدُهُ 1إِبْلِيسُ مِنَ اَلْإِبَاءِ عَلَى 18آدَمَ إِنْ أُمِرَ بِطَاعَتِهِ، وَ إِهْلاَكِهِ إِنْ سُلِّطَ عَلَيْهِ. وَ مِنِ اِعْتِقَادِكُمْ أَنَّهُ لاَ أَحَدٌ يَأْتِي بَعْدَكُمْ إِلاَّ وَ أَنْتُمْ أَفْضَلُ مِنْهُ. بَلْ مُحَمَّدٌ وَ آلُهُ اَلطَّيِّبُونَ أَفْضَلُ مِنْكُمُ، اَلَّذِينَ أَنْبَأَكُمْ 18آدَمُ بِأَسْمَائِهِمْ .
و أخرج ابن جرير عن الضحاك قال كل شي في القرآن جَعَلَ فهو خلق
و أخرج الحاكم و صححه عن ابن عباس قال لقد أخرج الله آدم من الجنة قبل ان يدخلها قال الله إِنِّي جٰاعِلٌ فِي اَلْأَرْضِ خَلِيفَةً قٰالُوا أَ تَجْعَلُ فِيهٰا مَنْ يُفْسِدُ فِيهٰا وَ يَسْفِكُ اَلدِّمٰاءَ و قد كان فيها قبل ان يخلق بألفي عام الجن بنو الجان ففسدوا في الأرض و سفكوا الدماء فلما أفسدوا في الأرض بعث عليهم جنودا من الملائكة فضربوهم حتى ألحقوهم بجزائر البحور فلما قال الله إِنِّي جٰاعِلٌ فِي اَلْأَرْضِ خَلِيفَةً قٰالُوا أَ تَجْعَلُ فِيهٰا مَنْ يُفْسِدُ فِيهٰا وَ يَسْفِكُ اَلدِّمٰاءَ كما فعل أولئك الجان ف قٰالَ الله إِنِّي أَعْلَمُ مٰا لاٰ تَعْلَمُونَ و أخرج ابن أبى حاتم عن ابن عمر مثله
و أخرج وكيع و عبد الرزاق و عبد بن حميد و ابن المنذر و ابن عساكر عن ابن عباس قال ان الله أخرج آدم من الجنة قبل ان يخلقه ثم قرأ إِنِّي جٰاعِلٌ فِي اَلْأَرْضِ خَلِيفَةً
و أخرج ابن جرير و ابن أبى حاتم و أبو الشيخ في العظمة عن أبى العالية قال ان الله خلق الملائكة يوم الأربعاء و خلق الجن يوم الخميس و خلق آدم يوم الجمعة فكفر قوم من الجن فكانت الملائكة تهبط إليهم في الأرض فتقاتلهم فكانت الدماء و كان الفساد في الأرض فمن ثم قالوا أَ تَجْعَلُ فِيهٰا مَنْ يُفْسِدُ فِيهٰا وَ يَسْفِكُ اَلدِّمٰاءَ
و أخرج ابن جرير عن ابن زيد قال لما خلق الله النار ذعرت منها الملائكة ذعرا شديدا و قالوا ربنا لما خلقت هذه قال لمن عصاني من خلقي و لم يكن لله خلق يومئذ الا الملائكة قالوا يا رب و يأتي علينا دهر نعصيك فيه قال لا انى أريد ان أخلق في الأرض خلقا و اجعل فيها خليفة يسفكون الدماء و يفسدون في الأرض قالوا أَ تَجْعَلُ فِيهٰا مَنْ يُفْسِدُ فِيهٰا فاجعلنا نحن فيها ف نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ قٰالَ إِنِّي أَعْلَمُ مٰا لاٰ تَعْلَمُونَ
و أخرج ابن جرير و ابن عساكر عن ابن مسعود و ناس من الصحابة لما فرغ الله من خلق ما أحب استوى على العرش فجعل إبليس على ملك سماء الدنيا و كان من قبيلة من الملائكة يقال لهم الجن و انما سموا الجن لأنهم خزائن الجنة و كان إبليس مع ملكه خازنا فوقع في صدره كبر و قال ما أعطاني الله هذا الا لمزيد أو لمزية لي فاطلع الله على ذلك منه فقال للملائكة إِنِّي جٰاعِلٌ فِي اَلْأَرْضِ خَلِيفَةً قٰالُوا ربنا أَ تَجْعَلُ فِيهٰا مَنْ يُفْسِدُ فِيهٰا وَ يَسْفِكُ اَلدِّمٰاءَ قٰالَ إِنِّي أَعْلَمُ مٰا لاٰ تَعْلَمُونَ
و أخرج عبد بن حميد و ابن أبى حاتم عن ابن عباس في قوله وَ إِذْ قٰالَ رَبُّكَ لِلْمَلاٰئِكَةِ الآية قال ان الله قال للملائكة إِنِّي خٰالِقٌ بَشَراً و انهم متحاسدون فيقتل بعضهم بعضا و يفسدون في الأرض فلذلك قٰالُوا أَ تَجْعَلُ فِيهٰا مَنْ يُفْسِدُ فِيهٰا قال و كان إبليس أميرا على ملائكة سماء الدنيا فاستكبروهم بالمعصية و طغى فعلم الله ذلك منه فذلك قوله إِنِّي أَعْلَمُ مٰا لاٰ تَعْلَمُونَ و ان في نفس إبليس بغيا
و أخرج عبد بن حميد و ابن جرير عن قتادة في قوله أَ تَجْعَلُ فِيهٰا مَنْ يُفْسِدُ فِيهٰا وَ يَسْفِكُ اَلدِّمٰاءَ قال قد علمت الملائكة و علم الله انه لا شي أكره عند الله من سفك الدماء و الفساد في الأرض
و أخرج ابن المنذر و ابن بطة في أماليه عن ابن عباس قال إياكم و الرأى فان الله تعالى رد الرأى على الملائكة و ذلك ان الله تعالى قال إِنِّي جٰاعِلٌ فِي اَلْأَرْضِ خَلِيفَةً قالت الملائكة أَ تَجْعَلُ فِيهٰا مَنْ يُفْسِدُ فِيهٰا ... قٰالَ إِنِّي أَعْلَمُ مٰا لاٰ تَعْلَمُونَ
و أخرج ابن جرير عن ابن عباس قال كان إبليس من حي من أحياء الملائكة يقال لهم الجن خلقوا مِنْ نٰارِ اَلسَّمُومِ من بين الملائكة و كان اسمه الحارث فكان خازنا من خزان الجنة و خلقت الملائكة كلهم من نور غير هذا الحي و خلقت الجن مِنْ مٰارِجٍ مِنْ نٰارٍ و هو لسان النار الذي يكون في طرفها إذا التهبت فأول من سكن الأرض الجن فأفسدوا فيها و سفكوا الدماء و قتلوا بعضهم بعضا فبعث الله إليهم إبليس في جند من الملائكة فقتلهم حتى ألحقهم بجزائر البحور و أطراف الجبال فلما فعل إبليس ذلك اغتر بنفسه و قال قد صنعت شيا لم يصنعه أحد فاطلع الله على ذلك من قلبه و لم تطلع عليه الملائكة فقال الله للملائكة إِنِّي جٰاعِلٌ فِي اَلْأَرْضِ خَلِيفَةً فقالت الملائكة أَ تَجْعَلُ فِيهٰا مَنْ يُفْسِدُ فِيهٰا وَ يَسْفِكُ اَلدِّمٰاءَ كما أفسدت الجن قٰالَ إِنِّي أَعْلَمُ مٰا لاٰ تَعْلَمُونَ يقول انى قد اطلعت من قلب إبليس على ما لم تطلعوا عليه من كبره و اغتراره ثم أمر بتربة آدم فرفعت فخلق الله آدم عليه السلام مِنْ طِينٍ لاٰزِبٍ و اللازب اللزج الطيب مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ منتن و انما كان حما مسنونا بعد التراب فخلق منه آدم بيده فمكث أربعين ليلة جسدا ملقى فكان إبليس يأتيه يضربه برجله فيصلصل فيصوت ثم يدخل من فيه و يخرج من دبره و يدخل من دبره و يخرج من فيه ثم يقول لست شيأ و لشيء ما خلقت و لئن سلطت عليك لاهلكنك و لئن سلطت على لأعصينك فلما نفخ الله فيه من روحه أتت النفخة من قبل رأسه فجعل لا يجرى شي منها في جسده الا صار لحما و دما فلما انتهت النفخة إلى سرته نظر إلى جسده فأعجبه ما رأى من جسده فذهب لينهض فلم يقدر فهو قول الله خُلِقَ اَلْإِنْسٰانُ مِنْ عَجَلٍ فلما تمت النفخة في جسده عطس فقال اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ اَلْعٰالَمِينَ بالهام من الله فقال الله له يرحمك الله يا آدم ثم قال للملائكة الذين كانوا مع إبليس خاصة دون الملائكة الذين في السموات اُسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاّٰ إِبْلِيسَ أَبىٰ وَ اِسْتَكْبَرَ لما حدث في نفسه من الكبر فقال لا أسجد له و أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ و أكبر سنا و أقوى خلقا فابلسه الله و آيسه من الخير كله و جعله شيطانا رجيما
14و أخرج أحمد و عبد بن حميد في مسنده و ابن أبى الدنيا في كتاب العقوبات و ابن حبان في صحيحه و البيهقي في الشعب عن عبد الله بن عمر انه سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول ان آدم لما أهبطه الله إلى الأرض قالت الملائكة أى رب أَ تَجْعَلُ فِيهٰا مَنْ يُفْسِدُ فِيهٰا وَ يَسْفِكُ اَلدِّمٰاءَ وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ قٰالَ إِنِّي أَعْلَمُ مٰا لاٰ تَعْلَمُونَ قالوا ربنا نحن أطوع لك من بنى آدم قال الله للملائكة هلموا ملكين من الملائكة حتى نهبطهما إلى الأرض فننظر كيف يعملان فقالوا ربنا هاروت و ماروت قال فاهبطا إلى الأرض فتمثلت لهما الزهرة امرأة من أحسن البشر فجاءتهما فسألاها نفسها فقالت لا و الله حتى تتكلما بهذه الكلمة من الاشراك قالا و الله لا نشرك بالله أبدا فذهبت عنهما ثم رجعت بصبى تحمله فسألاها نفسها فقالت لا و الله حتى تقتلا هذا الصبى قالا لا و الله لا نقتله أبدا فذهبت ثم رجعت بقدح من خمر فسألاها نفسها فقالت لا و الله حتى تشربا هذا الخمر فشربا فسكرا فوقعا عليها و قتلا الصبى فلما أفاقا قالت المرأة و الله ما تركتما شيأ ابيتماه على الا قد فعلتماه حين سكرتما فخيرا عند ذلك بين عذاب الدنيا و الاخرة فاختارا عذاب الدنيا
14و أخرج ابن سعد في طبقاته و أحمد و عبد بن حميد و أبو داود و الترمذي و صححه و الحكيم في نوادر الأصول و ابن جرير و ابن المنذر و أبو الشيخ في العظمة و الحاكم و صححه و ابن مردويه و البيهقي في الأسماء و الصفات عن أبى موسى الأشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ان الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض جاء منهم الأحمر و الأبيض و الأسود و بين ذلك و السهل و الحزن و الخبيث و الطيب