14,5|6663 / _1 اَلشَّيْخُ بِإِسْنَادِهِ عَنِ اَلطَّاطَرِيِّ ، عَنْ وُهَيْبٍ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ ، عَنْ أَحَدِهِمَا (عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ) : فِي قَوْلِهِ: سَيَقُولُ اَلسُّفَهٰاءُ مِنَ اَلنّٰاسِ مٰا وَلاّٰهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ اَلَّتِي كٰانُوا عَلَيْهٰا قُلْ لِلّٰهِ اَلْمَشْرِقُ وَ اَلْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشٰاءُ إِلىٰ صِرٰاطٍ مُسْتَقِيمٍ . فَقُلْتُ لَهُ: أَمَرَهُ اَللَّهُ أَنْ يُصَلِّيَ إِلَى بَيْتِ اَلْمَقْدِسِ ؟ قَالَ: «نَعَمْ، أَ لاَ تَرَى أَنَّ اَللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: وَ مٰا جَعَلْنَا اَلْقِبْلَةَ اَلَّتِي كُنْتَ عَلَيْهٰا إِلاّٰ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ اَلرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلىٰ عَقِبَيْهِ وَ إِنْ كٰانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاّٰ عَلَى اَلَّذِينَ هَدَى اَللّٰهُ وَ مٰا كٰانَ اَللّٰهُ لِيُضِيعَ إِيمٰانَكُمْ إِنَّ اَللّٰهَ بِالنّٰاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ ؟ قَالَ: «إِنَّ بَنِي عَبْدِ اَلْأَشْهَلِ أَتَوْهُمْ وَ هُمْ فِي اَلصَّلاَةِ، وَ قَدْ صَلَّوْا رَكْعَتَيْنِ إِلَى بَيْتِ اَلْمَقْدِسِ ، فَقِيلَ لَهُمْ: إِنَّ نَبِيَّكُمْ قَدْ صُرِفَ إِلَى اَلْكَعْبَةِ ، فَتَحَوَّلَ اَلنِّسَاءُ مَكَانَ اَلرِّجَالِ، وَ اَلرِّجَالُ مَكَانَ اَلنِّسَاءِ، وَ صَلَّوُا اَلرَّكْعَتَيْنِ اَلْبَاقِيَتَيْنِ إِلَى اَلْكَعْبَةِ ، فَصَلَّوْا صَلاَةً وَاحِدَةً إِلَى قِبْلَتَيْنِ، فَلِذَلِكَ سُمِّيَ مَسْجِدُهُمْ مَسْجِدَ اَلْقِبْلَتَيْنِ ».
14,6664 / _2 أَبُو عَلِيٍّ اَلطَّبْرِسِيُّ ؛ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، بِإِسْنَادِهِ عَنِ اَلصَّادِقِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) ، قَالَ: «تَحَوَّلَتِ اَلْقِبْلَةُ إِلَى اَلْكَعْبَةِ بَعْدَ مَا صَلَّى اَلنَّبِيُّ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِمَكَّةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً إِلَى بَيْتِ اَلْمَقْدِسِ ، وَ بَعْدَ مُهَاجَرَتِهِ إِلَى اَلْمَدِينَةِ صَلَّى إِلَى بَيْتِ اَلْمَقْدِسِ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ قَالَ: ثُمَّ وَجَّهَهُ اَللَّهُ إِلَى اَلْكَعْبَةِ ، وَ ذَلِكَ أَنَّ اَلْيَهُودَ كَانُوا يُعَيِّرُونَ رَسُولَ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ، وَ يَقُولُونَ لَهُ: أَنْتَ تَابِعٌ لَنَا، تُصَلِّي إِلَى قِبْلَتِنَا؛ فَاغْتَمَّ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مِنْ ذَلِكَ غَمّاً شَدِيداً، وَ خَرَجَ فِي جَوْفِ اَللَّيْلِ يَنْظُرُ إِلَى آفَاقِ اَلسَّمَاءِ، يَنْتَظِرُ مِنَ اَللَّهِ فِي ذَلِكَ أَمْراً، فَلَمَّا أَصْبَحَ وَ حَضَرَ وَقْتُ صَلاَةِ اَلظُّهْرِ، كَانَ فِي مَسْجِدِ بَنِي سَالِمٍ قَدْ صَلَّى مِنَ اَلظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ، فَنَزَلَ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلُ وَ أَخَذَ بِعَضُدَيْهِ وَ حَوَّلَهُ إِلَى اَلْكَعْبَةِ ، وَ أَنْزَلَ عَلَيْهِ: قَدْ نَرىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي اَلسَّمٰاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضٰاهٰا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ اَلْمَسْجِدِ اَلْحَرٰامِ وَ كَانَ قَدْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ إِلَى بَيْتِ اَلْمَقْدِسِ ، وَ رَكْعَتَيْنِ إِلَى اَلْكَعْبَةِ ، فَقَالَتِ اَلْيَهُودُ وَ اَلسُّفَهَاءُ: مٰا وَلاّٰهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ اَلَّتِي كٰانُوا عَلَيْهٰا ».
14,11665 / _3 اَلْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ اَلْعَسْكَرِيُّ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لَمَّا كَانَ بِمَكَّةَ أَمَرَهُ أَنْ يَتَوَجَّهَ نَحْوَ بَيْتِ اَلْمَقْدِسِ فِي صَلاَتِهِ، وَ يَجْعَلَ اَلْكَعْبَةَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَهَا إِذَا أَمْكَنَ، وَ إِذَا لَمْ يَكُنْ اِسْتَقْبَلَ بَيْتَ اَلْمَقْدِسِ كَيْفَ كَانَ، فَكَانَ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَفْعَلُ ذَلِكَ طُولَ مُقَامِهِ بِهَا ثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً. فَلَمَّا كَانَ بِالْمَدِينَةِ ، وَ كَانَ مُتَعَبِّداً بِاسْتِقْبَالِ بَيْتِ اَلْمَقْدِسِ اِسْتَقْبَلَهُ وَ اِنْحَرَفَ عَنِ اَلْكَعْبَةِ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْراً، وَ جَعَلَ قَوْمٌ مِنْ مَرَدَةِ اَلْيَهُودِ يَقُولُونَ: وَ اَللَّهِ، مَا دَرَى مُحَمَّدٌ كَيْفَ صَلَّى حَتَّى صَارَ يَتَوَجَّهُ إِلَى قِبْلَتِنَا، وَ يَأْخُذُ فِي صَلاَتِهِ بِهَدْيِنَا وَ نُسُكِنَا؛ فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لَمَّا اِتَّصَلَ بِهِ عَنْهُمْ، وَ كَرِهَ قِبْلَتَهُمْ وَ أَحَبَّ اَلْكَعْبَةَ ، فَجَاءَهُ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) : يَا جَبْرَئِيلُ ، لَوَدِدْتُ لَوْ صَرَفَنِيَ اَللَّهُ عَنْ بَيْتِ اَلْمَقْدِسِ إِلَى اَلْكَعْبَةِ ، فَقَدْ تَأَذَّيْتُ بِمَا يَتَّصِلُ بِي مِنْ قِبَلِ اَلْيَهُودِ مِنْ قِبْلَتِهِمْ. فَقَالَ جَبْرَئِيلُ : فَاسْأَلْ رَبَّكَ أَنْ يُحَوِّلَكَ إِلَيْهَا، فَإِنَّهُ لاَ يَرُدُّكَ عَنْ طَلِبَتِكَ، وَ لاَ يُخَيِّبُكَ مِنْ بُغْيَتِكَ. فَلَمَّا اِسْتَتَمَّ دُعَاءَهُ صَعِدَ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) ، ثُمَّ عَادَ مِنْ سَاعَتِهِ، فَقَالَ: اِقْرَأْ، يَا مُحَمَّدُ : قَدْ نَرىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي اَلسَّمٰاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضٰاهٰا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ اَلْمَسْجِدِ اَلْحَرٰامِ وَ حَيْثُ مٰا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ اَلْآيَاتِ. فَقَالَ اَلْيَهُودُ عِنْدَ ذَلِكَ: مٰا وَلاّٰهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ اَلَّتِي كٰانُوا عَلَيْهٰا . فَأَجَابَهُمُ اَللَّهُ أَحْسَنَ جَوَابٍ، فَقَالَ: قُلْ لِلّٰهِ اَلْمَشْرِقُ وَ اَلْمَغْرِبُ وَ هُوَ يَمْلِكُهُمَا، وَ تَكْلِيفُهُ اَلتَّحَوُّلَ إِلَى جَانِبٍ كَتَحْوِيلِهِ لَكُمْ إِلَى جَانِبٍ آخَرَ يَهْدِي مَنْ يَشٰاءُ إِلىٰ صِرٰاطٍ مُسْتَقِيمٍ هُوَ مُصْلِحُهُمْ وَ مُؤَدِّيهِمْ بِطَاعَتِهِمْ إِلَى جَنَّاتِ اَلنَّعِيمِ . وَ جَاءَ قَوْمٌ مِنَ اَلْيَهُودِ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ ، هَذِهِ اَلْقِبْلَةُ بَيْتُ اَلْمَقْدِسِ قَدْ صَلَّيْتَ إِلَيْهَا أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً ثُمَّ تَرَكْتَهَا اَلْآنَ، أَ فَحَقّاً كَانَ مَا كُنْتَ عَلَيْهِ، فَقَدْ تَرَكْتَهُ إِلَى بَاطِلٍ؟ فَإِنَّ مَا يُخَالِفُ اَلْحَقَّ فَهُوَ بَاطِلٌ، أَوْ كَانَ بَاطِلاً فَقَدْ كُنْتَ عَلَيْهِ طُولَ هَذِهِ اَلْمُدَّةِ؟ فَمَا يَأْمَنَّا أَنْ تَكُونَ اَلْآنَ عَلَى بَاطِلٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) : بَلْ ذَلِكَ كَانَ حَقّاً، وَ هَذَا حَقٌّ، يَقُولُ اَللَّهُ تَعَالَى: قُلْ لِلّٰهِ اَلْمَشْرِقُ وَ اَلْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشٰاءُ إِلىٰ صِرٰاطٍ مُسْتَقِيمٍ إِذَا عَرَفَ صَلاَحَكُمْ يَا أَيُّهَا اَلْعِبَادُ فِي اِسْتِقْبَالِ اَلْمَشْرِقِ أَمَرَكُمْ بِهِ، وَ إِذَا عَرَفَ صَلاَحَكُمْ فِي اِسْتِقْبَالِ اَلْمَغْرِبِ أَمَرَكُمْ بِهِ، وَ إِنْ عَرَفَ صَلاَحَكُمْ فِي غَيْرِهِمَا أَمَرَكُمْ بِهِ، فَلاَ تُنْكِرُوا تَدْبِيرَ اَللَّهِ فِي عِبَادِهِ، وَ قَصْدَهُ إِلَى مَصَالِحِكُمْ. ثُمَّ قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) : لَقَدْ تَرَكْتُمُ اَلْعَمَلَ يَوْمَ اَلسَّبْتِ ، ثُمَّ عَمِلْتُمْ بَعْدَهُ فِي سَائِرِ اَلْأَيَّامِ، وَ تَرَكْتُمُوهُ فِي يَوْمِ اَلسَّبْتِ ، ثُمَّ عَمِلْتُمْ بَعْدَهُ، أَ فَتَرَكْتُمُ اَلْحَقَّ إِلَى اَلْبَاطِلِ، أَوِ اَلْبَاطِلَ إِلَى اَلْحَقِّ؟ أَوِ اَلْبَاطِلَ إِلَى اَلْبَاطِلِ أَوِ اَلْحَقَّ إِلَى اَلْحَقِّ؟ قُولُوا كَيْفَ شِئْتُمْ فَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَ جَوَابُهُ لَكُمْ. قَالُوا: بَلْ تَرْكُ اَلْعَمَلِ فِي اَلسَّبْتِ حَقٌّ، وَ اَلْعَمَلُ بَعْدَهُ حَقٌّ. فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) : فَكَذَلِكَ قِبْلَةُ بَيْتِ اَلْمَقْدِسِ فِي وَقْتِهَا حَقٌّ، ثُمَّ قِبْلَةُ اَلْكَعْبَةِ فِي وَقْتِهَا حَقٌّ. فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ : أَ فَبَدَا لِرَبِّكَ فِيمَا كَانَ أَمَرَكَ بِهِ بِزَعْمِكَ مِنَ اَلصَّلاَةِ إِلَى بَيْتِ اَلْمَقْدِسِ حَتَّى نَقَلَكَ إِلَى اَلْكَعْبَةِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) : مَا بَدَا لَهُ عَنْ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ اَلْعَالِمُ بِالْعَوَاقِبِ، وَ اَلْقَادِرُ عَلَى اَلْمَصَالِحِ، لاَ يَسْتَدْرِكُ عَلَى نَفْسِهِ غَلَطاً، وَ لاَ يَسْتَحْدِثُ لَهُ رَأْياً بِخِلاَفِ اَلْمُتَقَدِّمِ، جَلَّ عَنْ ذَلِكَ، وَ لاَ يَقَعُ أَيْضاً عَلَيْهِ مَانِعٌ يَمْنَعُهُ عَنْ مُرَادِهِ، وَ لَيْسَ يَبْدُو إِلاَّ لِمَنْ كَانَ هَذَا وَصْفَهُ، وَ هُوَ عَزَّ وَ جَلَّ يَتَعَالَى عَنْ هَذِهِ اَلصِّفَاتِ عُلُوّاً كَبِيراً. ثُمَّ قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) : أَيُّهَا اَلْيَهُودُ ، أَخْبِرُونِي عَنِ اَللَّهِ، أَ لَيْسَ يُمْرِضُ ثُمَّ يُصِحُّ، وَ يُصِحُّ ثُمَّ يُمْرِضُ، أَ بَدَا لَهُ فِي ذَلِكَ؟ أَ لَيْسَ يُحْيِي وَ يُمِيتُ ، أَ لَيْسَ يَأْتِي بِاللَّيْلِ فِي أَثَرِ اَلنَّهَارِ، ثُمَّ اَلنَّهَارِ فِي أَثَرِ اَللَّيْلِ، أَ بَدَا لَهُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالُوا: لاَ. قَالَ: فَكَذَلِكَ اَللَّهُ تَعَبَّدَ نَبِيَّهُ مُحَمَّداً بِالصَّلاَةِ إِلَى اَلْكَعْبَةِ بَعْدَ أَنْ كَانَ تَعَبَّدَهُ بِالصَّلاَةِ إِلَى بَيْتِ اَلْمَقْدِسِ ، وَ مَا بَدَا لَهُ فِي اَلْأَوَّلِ، ثُمَّ قَالَ: أَ لَيْسَ اَللَّهُ يَأْتِي بِالشِّتَاءِ فِي أَثَرِ اَلصَّيْفِ، وَ اَلصَّيْفِ فِي أَثَرِ اَلشِّتَاءِ، أَ بَدَا لَهُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؟ قَالُوا: لاَ. قَالَ: فَكَذَلِكَ لَمْ يَبْدُ لَهُ فِي اَلْقِبْلَةِ». قَالَ: «ثُمَّ قَالَ: أَ لَيْسَ قَدْ أَلْزَمَكُمْ أَنْ تَحْتَرِزُوا فِي اَلشِّتَاءِ مِنَ اَلْبَرْدِ بِالثِّيَابِ اَلْغَلِيظَةِ، وَ أَلْزَمَكُمْ فِي اَلصَّيْفِ أَنْ تَحْتَرِزُوا مِنَ اَلْحَرِّ، أَ فَبَدَا لَهُ فِي اَلصَّيْفِ حِينَ أَمَرَكُمْ بِخِلاَفِ مَا أَمَرَكُمْ بِهِ فِي اَلشِّتَاءِ؟ قَالُوا: لاَ. فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) : فَكَذَلِكَ تَعَبَّدَكُمْ فِي وَقْتٍ لِصَلاَحٍ يَعْلَمُهُ بِشَيْءٍ، ثُمَّ بَعْدَهُ فِي وَقْتٍ آخَرَ لِصَلاَحٍ آخَرَ بِشَيْءٍ آخَرَ، فَإِنْ أَطَعْتُمْ فِي اَلْحَالَيْنِ اِسْتَحْقَقْتُمْ ثَوَابَهُ، فَأَنْزَلَ اَللَّهُ: وَ لِلّٰهِ اَلْمَشْرِقُ وَ اَلْمَغْرِبُ فَأَيْنَمٰا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اَللّٰهِ أَيْ إِذَا تَوَجَّهْتُمْ بِأَمْرِهِ فَثَمَّ اَلْوَجْهُ اَلَّذِي تَقْصِدُونَ مِنْهُ اَللَّهَ تَعَالَى، وَ تُؤَمِّلُونَ ثَوَابَهُ. ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) : يَا عِبَادَ اَللَّهِ، أَنْتُمْ كَالْمَرْضَى، وَ اَللَّهُ رَبُّ اَلْعَالَمِينَ كَالطَّبِيبِ، فَصَلاَحُ اَلْمَرْضَى فِيمَا يَعْلَمُهُ اَلطَّبِيبُ وَ يُدَبِّرُهُ بِهِ، لاَ فِيمَا يَشْتَهِيهِ اَلْمَرِيضُ وَ يَقْتَرِحُهُ، أَلاَ فَسَلِّمُوا لِلَّهِ أَمْرَهُ تَكُونُوا مِنَ اَلْفَائِزِينَ». فَقِيلَ: يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ ، فَلِمَ أَمَرَ بِالْقِبْلَةِ اَلْأُولَى؟ فَقَالَ: «لِمَا قَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ مٰا جَعَلْنَا اَلْقِبْلَةَ اَلَّتِي كُنْتَ عَلَيْهٰا وَ هِيَ بَيْتُ اَلْمَقْدِسِ إِلاّٰ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ اَلرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلىٰ عَقِبَيْهِ إِلاَّ لِنَعْلَمَ ذَلِكَ مِنْهُ مَوْجُوداً بَعْدَ أَنْ عَلِمْنَاهُ سَيُوجَدُ، وَ ذَلِكَ أَنَّ هَوَى أَهْلِ مَكَّةَ كَانَ فِي اَلْكَعْبَةِ ، فَأَرَادَ اَللَّهُ أَنْ يُبَيِّنَ مُتَّبِعَ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مِنْ مُخَالِفِهِ بِاتِّبَاعِ اَلْقِبْلَةِ اَلَّتِي كَرِهَهَا، وَ مُحَمَّدٌ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَأْمُرُ بِهَا، وَ لَمَّا كَانَ هَوَى أَهْلِ اَلْمَدِينَةِ فِي بَيْتِ اَلْمَقْدِسِ أَمَرَهُمْ بِمُخَالَفَتِهَا وَ اَلتَّوَجُّهِ إِلَى اَلْكَعْبَةِ ، لِيُبَيِّنَ مَنْ يُوَافِقُ مُحَمَّداً (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي مَا يَكْرَهُهُ، فَهُوَ مُصَدِّقُهُ وَ مُوَافِقُهُ. ثُمَّ قَالَ: وَ إِنْ كٰانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاّٰ عَلَى اَلَّذِينَ هَدَى اَللّٰهُ أَيْ كَانَ اَلتَّوَجُّهُ إِلَى بَيْتِ اَلْمَقْدِسِ فِي ذَلِكَ اَلْوَقْتِ كَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى مَنْ يَهْدِي اَللَّهُ، فَعَرَفَ أَنَّ اَللَّهَ يُتَعَبَّدُ بِخِلاَفِ مَا يُرِيدُهُ اَلْمَرْءُ لِيَبْتَلِيَ طَاعَتَهُ فِي مُخَالَفَةِ هَوَاهُ».
55608 / _2 وَ عَنْهُ : عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ ، عَنِ اَلْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ ، عَنِ اَلْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) يَقُولُ: «اَلْعِلْمُ عِلْمَانِ: فَعِلْمٌ عِنْدَ اَللَّهِ مَخْزُونٌ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ أَحَداً مِنْ خَلْقِهِ، وَ عِلْمٌ عَلَّمَهُ مَلاَئِكَتَهُ وَ رُسُلَهُ، فَمَا عَلَّمَهُ مَلاَئِكَتَهُ وَ رُسُلَهُ فَإِنَّهُ سَيَكُونُ، لاَ يُكَذِّبُ نَفْسَهُ وَ لاَ مَلاَئِكَتَهُ وَ لاَ رُسُلَهُ؛ وَ عِلْمٌ عِنْدَهُ مَخْزُونٌ، يُقَدِّمُ مِنْهُ مَا يَشَاءُ، وَ يُؤَخِّرُ مِنْهُ مَا يَشَاءُ، وَ يُثْبِتُ مَا يَشَاءُ».
55625 / _19 عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَي ، عَنْ رِبْعِيٍّ ، عَنِ اَلْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) يَقُولُ: «اَلْعِلْمُ عِلْمَانِ: فَعِلْمٌ عِنْدَ اَللَّهِ مَخْزُونٌ لَمْ يُطْلِعْ عَلَيْهِ أَحَداً مِنْ خَلْقِهِ؛ وَ عِلْمٌ عَلَّمَهُ مَلاَئِكَتَهُ وَ رُسُلَهُ وَ أَنْبِيَاءَهُ، فَمَا عَلَّمَ مَلاَئِكَتَهُ [وَ رُسُلَهُ] فَإِنَّهُ سَيَكُونُ، لاَ يُكَذِّبُ نَفْسَهُ وَ لاَ مَلاَئِكَتَهُ وَ لاَ رُسُلَهُ، عِلْمٌ عِنْدَهُ مَخْزُونٌ، يُقَدِّمُ فِيهِ مَا يَشَاءُ، وَ يُؤَخِّرُ مَا يَشَاءُ، وَ يَمْحُو مَا يَشَاءُ، وَ يُثْبِتُ مَا يَشَاءُ».
66131 / _2 وَ عَنْهُ ، قَالَ: حَدَّثَنَا، مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ ، قَالَ: حَدَّثَنِي، اَلْحُسَيْنُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِمَا) وَ أَنَا عِنْدَهُ، فَقَالَ: يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ ، إِنَّ اَللّٰهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ اَلْإِحْسٰانِ وَ إِيتٰاءِ ذِي اَلْقُرْبىٰ وَ يَنْهىٰ عَنِ اَلْفَحْشٰاءِ وَ اَلْمُنْكَرِ وَ اَلْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ وَ قَوْلُهُ: أَمَرَ أَلاّٰ تَعْبُدُوا إِلاّٰ إِيّٰاهُ ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ، لَيْسَ لِلَّهِ فِي عِبَادِهِ أَمْرٌ إِلاَّ اَلْعَدْلُ وَ اَلْإِحْسَانُ، فَالدُّعَاءُ مِنَ اَللَّهِ عَامٌّ، وَ اَلْهُدَى خَاصُّ، مِثْلُ قَوْلِهِ: وَ يَهْدِي مَنْ يَشٰاءُ إِلىٰ صِرٰاطٍ مُسْتَقِيمٍ » .
312 قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: وَ ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ لَمَّا كَانَ بِمَكَّةَ أَمَرَهُ اَللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَتَوَجَّهَ نَحْوَ بَيْتِ اَلْمَقْدِسِ فِي صَلاَتِهِ، وَ يَجْعَلَ اَلْكَعْبَةَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَهَا إِذَا أَمْكَنَ، وَ إِذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ اِسْتَقْبَلَ بَيْتَ اَلْمَقْدِسِ كَيْفَ كَانَ. وَ كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَفْعَلُ ذَلِكَ طُولَ مُقَامِهِ بِهَا ثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً. فَلَمَّا كَانَ بِالْمَدِينَةِ ، وَ كَانَ مُتَعَبِّداً بِاسْتِقْبَالِ بَيْتِ اَلْمَقْدِسِ اِسْتَقْبَلَهُ وَ اِنْحَرَفَ عَنِ اَلْكَعْبَةِ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْراً، وَ جَعَلَ قَوْمٌ مِنْ مَرَدَةِ اَلْيَهُودِ يَقُولُونَ: وَ اَللَّهِ مَا دَرَى مُحَمَّدٌ كَيْفَ صَلَّى حَتَّى صَارَ يَتَوَجَّهُ إِلَى قِبْلَتِنَا، وَ يَأْخُذَ فِي صَلاَتِهِ بِهَدْيِنَا وَ نُسُكِنَا. فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لَمَّا اِتَّصَلَ بِهِ عَنْهُمْ، وَ كَرِهَ قِبْلَتَهُمْ وَ أَحَبَّ اَلْكَعْبَةَ فَجَاءَهُ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : يَا جَبْرَئِيلُ لَوَدِدْتُ لَوْ صَرَفَنِيَ اَللَّهُ عَنْ بَيْتِ اَلْمَقْدِسِ إِلَى اَلْكَعْبَةِ ، فَقَدْ تَأَذَّيْتُ بِمَا يَتَّصِلُ بِي مِنْ قِبَلِ اَلْيَهُودِ مِنْ قِبْلَتِهِمْ. فَقَالَ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : فَاسْأَلْ رَبَّكَ أَنْ يُحَوِّلَكَ إِلَيْهَا فَإِنَّهُ لاَ يَرُدُّكَ عَنْ طَلِبَتِكَ، وَ لاَ يُخَيِّبُكَ عَنْ بُغْيَتِكَ. فَلَمَّا اِسْتَتَمَّ دُعَاءَهُ صَعِدَ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ ثُمَّ عَادَ مِنْ سَاعَتِهِ فَقَالَ: اِقْرَأْ يَا مُحَمَّدُ : « قَدْ نَرىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي اَلسَّمٰاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضٰاهٰا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ اَلْمَسْجِدِ اَلْحَرٰامِ وَ حَيْثُ مٰا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ » اَلْآيَاتِ. فَقَالَتِ اَلْيَهُودُ عِنْدَ ذَلِكَ:« مٰا وَلاّٰهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ اَلَّتِي كٰانُوا عَلَيْهٰا » فَأَجَابَهُمُ اَللَّهُ أَحْسَنَ جَوَابٍ فَقَالَ:« قُلْ لِلّٰهِ اَلْمَشْرِقُ وَ اَلْمَغْرِبُ » وَ هُوَ يَمْلِكُهُمَا وَ تَكْلِيفُهُ اَلتَّحَوُّلَ إِلَى جَانِبٍ كَتَحْوِيلِهِ لَكُمْ إِلَى جَانِبٍ آخَرَ« يَهْدِي مَنْ يَشٰاءُ إِلىٰ صِرٰاطٍ مُسْتَقِيمٍ » وَ هُوَ مَصْلَحَتُهُمْ، وَ تُؤَدِّيهِمْ طَاعَتُهُمْ إِلَى جَنَّاتِ اَلنَّعِيمِ. [قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ :] وَ جَاءَ قَوْمٌ مِنَ اَلْيَهُودِ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ هَذِهِ اَلْقِبْلَةُ بَيْتُ اَلْمَقْدِسِ قَدْ صَلَّيْتَ إِلَيْهَا أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً ثُمَّ تَرَكْتَهَا اَلْآنَ أَ فَحَقّاً كَانَ مَا كُنْتَ عَلَيْهِ فَقَدْ تَرَكْتَهُ إِلَى بَاطِلٍ، فَإِنَّ مَا يُخَالِفُ اَلْحَقَّ فَهُوَ بَاطِلٌ. أَوْ بَاطِلاً كَانَ ذَلِكَ فَقَدْ كُنْتَ عَلَيْهِ طُولَ هَذِهِ اَلْمُدَّةِ، فَمَا يُؤْمِنُنَا أَنْ تَكُونَ [إلى] اَلْآنَ عَلَى بَاطِلٍ فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : بَلْ ذَلِكَ كَانَ حَقّاً، وَ هَذَا حَقٌّ، يَقُولُ اَللَّهُ: « قُلْ لِلّٰهِ اَلْمَشْرِقُ وَ اَلْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشٰاءُ إِلىٰ صِرٰاطٍ مُسْتَقِيمٍ » إِذَا عَرَفَ صَلاَحَكُمْ يَا أَيُّهَا اَلْعِبَادُ فِي اِسْتِقْبَالِ اَلْمَشْرِقِ أَمَرَكُمْ بِهِ، وَ إِذَا عَرَفَ صَلاَحَكُمْ فِي اِسْتِقْبَالِ اَلْمَغْرِبِ أَمَرَكُمْ بِهِ، وَ إِنْ عَرَفَ صَلاَحَكُمْ فِي غَيْرِهِمَا أَمَرَكُمْ بِهِ فَلاَ تُنْكِرُوا تَدْبِيرَ اَللَّهِ تَعَالَى فِي عِبَادِهِ وَ قَصْدَهُ إِلَى مَصَالِحِكُمْ . ثُمَّ قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لَقَدْ تَرَكْتُمُ اَلْعَمَلَ يَوْمَ اَلسَّبْتِ ، ثُمَّ عَمِلْتُمْ بَعْدَهُ مِنْ سَائِرِ اَلْأَيَّامِ، ثُمَّ تَرَكْتُمُوهُ فِي اَلسَّبْتِ ، ثُمَّ عَمِلْتُمْ بَعْدَهُ، أَ فَتَرَكْتُمُ اَلْحَقَّ إِلَى اَلْبَاطِلِ أَوِ اَلْبَاطِلَ إِلَى حَقٍّ أَوِ اَلْبَاطِلَ إِلَى بَاطِلٍ أَوِ اَلْحَقَّ إِلَى حَقٍّ قُولُوا كَيْفَ شِئْتُمْ فَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَ جَوَابُهُ لَكُمْ. قَالُوا: بَلْ تَرْكُ اَلْعَمَلِ فِي اَلسَّبْتِ حَقٌّ وَ اَلْعَمَلُ بَعْدَهُ حَقٌّ. فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : فَكَذَلِكَ قِبْلَةُ بَيْتِ اَلْمَقْدِسِ فِي وَقْتِهِ حَقٌّ، ثُمَّ قِبْلَةُ اَلْكَعْبَةِ فِي وَقْتِهِ حَقٌّ. فَقَالُوا لَهُ: يَا مُحَمَّدُ أَ فَبَدَا لِرَبِّكَ فِيمَا كَانَ أَمَرَكَ بِهِ بِزَعْمِكَ مِنَ اَلصَّلاَةِ إِلَى بَيْتِ اَلْمَقْدِسِ حِينَ نَقَلَكَ إِلَى اَلْكَعْبَةِ فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَا بَدَا لَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ اَلْعَالِمُ بِالْعَوَاقِبِ، وَ اَلْقَادِرُ عَلَى اَلْمَصَالِحِ، لاَ يَسْتَدْرِكُ عَلَى نَفْسِهِ غَلَطاً، وَ لاَ يَسْتَحْدِثُ رَأْياً بِخِلاَفِ اَلْمُتَقَدِّمِ، جَلَّ عَنْ ذَلِكَ، وَ لاَ يَقَعُ أَيْضاً عَلَيْهِ مَانِعٌ يَمْنَعُهُ مِنْ مُرَادِهِ، وَ لَيْسَ يَبْدُو إِلاَّ لِمَنْ كَانَ هَذَا وَصْفَهُ وَ هُوَ عَزَّ وَ جَلَّ يَتَعَالَى عَنْ هَذِهِ اَلصِّفَاتِ عُلُوّاً كَبِيراً. ثُمَّ قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَيُّهَا اَلْيَهُودُ أَخْبِرُونِي عَنِ اَللَّهِ، أَ لَيْسَ يُمْرِضُ ثُمَّ يُصِحُّ، وَ يُصِحُّ ثُمَّ يُمْرِضُ أَ بَدَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَ لَيْسَ يُحْيِي وَ يُمِيتُ أَ بَدَا لَهُ أَ لَيْسَ يَأْتِي بِاللَّيْلِ فِي أَثَرِ اَلنَّهَارِ، وَ اَلنَّهَارِ فِي أَثَرِ اَللَّيْلِ أَ بَدَا لَهُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا: لاَ. قَالَ: فَكَذَلِكَ اَللَّهُ تَعَالَى تَعَبَّدَ نَبِيَّهُ مُحَمَّداً بِالصَّلاَةِ إِلَى اَلْكَعْبَةِ بَعْدَ أَنْ [كَانَ] تَعَبَّدَهُ بِالصَّلاَةِ إِلَى بَيْتِ اَلْمَقْدِسِ ، وَ مَا بَدَا لَهُ فِي اَلْأَوَّلِ. ثُمَّ قَالَ: أَ لَيْسَ اَللَّهُ يَأْتِي بِالشِّتَاءِ فِي أَثَرِ اَلصَّيْفِ، وَ اَلصَّيْفِ فِي أَثَرِ اَلشِّتَاءِ أَ بَدَا لَهُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ قَالُوا: لاَ. قَالَ: فَكَذَلِكَ لَمْ يَبْدُ لَهُ فِي اَلْقِبْلَةِ. قَالَ، ثُمَّ قَالَ: أَ لَيْسَ قَدْ أَلْزَمَكُمْ فِي اَلشِّتَاءِ أَنْ تَحْتَرِزُوا مِنَ اَلْبَرْدِ بِالثِّيَابِ اَلْغَلِيظَةِ وَ أَلْزَمَكُمْ فِي اَلصَّيْفِ أَنْ تَحْتَرِزُوا مِنَ اَلْحَرِّ أَ فَبَدَا لَهُ فِي اَلصَّيْفِ حَتَّى أَمَرَكُمْ بِخِلاَفِ مَا كَانَ أَمَرَكُمْ بِهِ فِي اَلشِّتَاءِ قَالُوا: لاَ. فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : فَكَذَلِكُمُ اَللَّهُ تَعَالَى تَعَبَّدَكُمْ فِي وَقْتٍ لِصَلاَحٍ يَعْلَمُهُ بِشَيْءٍ ثُمَّ بَعْدَهُ فِي وَقْتٍ آخَرَ لِصَلاَحٍ آخَرَ يَعْلَمُهُ بِشَيْءٍ آخَرَ، فَإِذَا أَطَعْتُمُ اَللَّهَ فِي اَلْحَالَيْنِ اِسْتَحْقَقْتُمْ ثَوَابَهُ. وَ أَنْزَلَ اَللَّهُ:« وَ لِلّٰهِ اَلْمَشْرِقُ وَ اَلْمَغْرِبُ فَأَيْنَمٰا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اَللّٰهِ » . أَيْ إِذَا تَوَجَّهْتُمْ بِأَمْرِهِ، فَثَمَّ اَلْوَجْهُ اَلَّذِي تَقْصِدُونَ مِنْهُ اَللَّهَ وَ تَأْمُلُونَ ثَوَابَهُ. ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : يَا عِبَادَ اَللَّهِ أَنْتُمْ كَالْمَرِيضِ وَ اَللَّهُ رَبُّ اَلْعَالَمِينَ كَالطَّبِيبِ فَصَلاَحُ اَلْمَرِيضِ فِيمَا يَعْلَمُهُ اَلطَّبِيبُ وَ يُدَبِّرُهُ بِهِ، لاَ فِيمَا يَشْتَهِيهِ اَلْمَرِيضُ وَ يَقْتَرِحُهُ أَلاَ فَسَلِّمُوا لِلَّهِ أَمْرَهُ تَكُونُوا مِنَ اَلْفَائِزِينَ. فَقِيلَ: يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، فَلِمَ أَمَرَ بِالْقِبْلَةِ اَلْأُولَى فَقَالَ: لَمَّا قَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: « وَ مٰا جَعَلْنَا اَلْقِبْلَةَ اَلَّتِي كُنْتَ عَلَيْهٰا » وَ هِيَ بَيْتُ اَلْمَقْدِسِ « إِلاّٰ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ اَلرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلىٰ عَقِبَيْهِ » إِلاَّ لِنَعْلَمَ ذَلِكَ [مِنْهُ] مَوْجُوداً بَعْدَ أَنْ عَلِمْنَاهُ سَيُوجَدُ. وَ ذَلِكَ أَنَّ هَوَى أَهْلِ مَكَّةَ كَانَ فِي اَلْكَعْبَةِ ، فَأَرَادَ اَللَّهُ أَنْ يُبَيِّنَ مُتَّبِعَ مُحَمَّدٍ مِنْ مُخَالِفِهِ بِاتِّبَاعِ اَلْقِبْلَةِ اَلَّتِي كَرِهَهَا، وَ مُحَمَّدٌ يَأْمُرُ بِهَا، وَ لَمَّا كَانَ هَوَى أَهْلِ اَلْمَدِينَةِ فِي بَيْتِ اَلْمَقْدِسِ ، أَمَرَهُمْ بِمُخَالَفَتِهَا وَ اَلتَّوَجُّهِ إِلَى اَلْكَعْبَةِ لِيَتَبَيَّنَ مَنْ يُوَافِقُ مُحَمَّداً فِيمَا يَكْرَهُهُ، فَهُوَ مُصَدِّقُهُ وَ مُوَافِقُهُ. ثُمَّ قَالَ:« وَ إِنْ كٰانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاّٰ عَلَى اَلَّذِينَ هَدَى اَللّٰهُ » أَيْ كَانَ اَلتَّوَجُّهُ إِلَى بَيْتِ اَلْمَقْدِسِ فِي ذَلِكَ اَلْوَقْتِ كَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى مَنْ يَهْدِي اَللَّهُ، فَعَرَفَ أَنَّ اَللَّهَ يَتَعَبَّدُ بِخِلاَفِ مَا يُرِيدُهُ اَلْمَرْءُ لِيَبْتَلِيَ طَاعَتَهُ فِي مُخَالَفَةِ هَوَاهُ . .
14أخرج ابن سعد و ابن أبى شيبة و عبد بن حميد و البخاري و مسلم و أبو داود في ناسخه و الترمذي و النسائي و ابن جرير و ابن حبان و البيهقي في سننه عن البراء بن عازب ان النبي صلى الله عليه و سلم كان أول ما قدم المدينة نزل على أخواله من الأنصار و أنه صلى إلى بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهرا و كان يعجبه أن تكون قبلته إلى البيت و انه أول صلاة صلاها صلاة العصر و صلي معه قوم فخرج رجل ممن كان صلى معه فمر على أهل المسجد و هم راكعون فقال أشهد بالله لقد صليت مع النبي صلى الله عليه و سلم قبل الكعبة فداروا كما هم قبل البيت ثم أنكروا ذلك و كان الذي مات على القبلة قبل أن تحول قبل البيت رجالا و قتلوا فلم ندر ما نقول فيهم فانزل الله وَ مٰا كٰانَ اَللّٰهُ لِيُضِيعَ إِيمٰانَكُمْ إِنَّ اَللّٰهَ بِالنّٰاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ
14و أخرج ابن إسحاق و عبد بن حميد و ابن أبى حاتم عن البراء قال كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلى نحو بيت المقدس و يكثر النظر إلى السماء ينتظر أمر الله فانزل الله قَدْ نَرىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي اَلسَّمٰاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضٰاهٰا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ اَلْمَسْجِدِ اَلْحَرٰامِ فقال رجال من المسلمين وددنا لو علمنا من مات منا قبل ان نصرف إلى القبلة و كيف بصلاتنا نحو بيت المقدس فانزل الله وَ مٰا كٰانَ اَللّٰهُ لِيُضِيعَ إِيمٰانَكُمْ و قال السفهاء من الناس و هم أهل الكتاب مٰا وَلاّٰهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ اَلَّتِي كٰانُوا عَلَيْهٰا فانزل الله سَيَقُولُ اَلسُّفَهٰاءُ مِنَ اَلنّٰاسِ إلى آخر الآية
14و أخرج الترمذي و النسائي و ابن المنذر و ابن أبى حاتم و الدارقطني و البيهقي عن البراء قال كان رسول الله صلى الله عليه و سلم قد صلى نحو بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهرا و كان يحب أن يصلى نحو الكعبة فكان يرفع رأسه إلى السماء فانزل الله قَدْ نَرىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ الآية فوجه نحو الكعبة و قال اَلسُّفَهٰاءُ مِنَ اَلنّٰاسِ وهم اليهود مٰا وَلاّٰهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ اَلَّتِي كٰانُوا عَلَيْهٰا فانزل الله قُلْ لِلّٰهِ اَلْمَشْرِقُ وَ اَلْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشٰاءُ إِلىٰ صِرٰاطٍ مُسْتَقِيمٍ
14و أخرج ابن جرير و ابن المنذر و ابن أبى حاتم و النحاس في ناسخه و البيهقي عن ابن عباس قال ان أول ما نسخ في القرآن القبلة و ذلك ان رسول الله صلى الله عليه و سلم لما هاجر إلى المدينة و كان أكثر أهلها اليهود أمره الله ان يستقبل بيت المقدس ففرحت اليهود فاستقبلها رسول الله صلى الله عليه و سلم بضعة عشر شهرا و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يحب قبلة ابراهيم و كان يدعو الله و ينظر إلى السماء فانزل الله قَدْ نَرىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ إلى قوله فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ يعنى نحوه فارتاب من ذلك اليهود و قالوا مٰا وَلاّٰهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ اَلَّتِي كٰانُوا عَلَيْهٰا فانزل الله قُلْ لِلّٰهِ اَلْمَشْرِقُ وَ اَلْمَغْرِبُ و قال فَأَيْنَمٰا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اَللّٰهِ
14و أخرج ابن أبى شيبة و أبو داود في ناسخه و النحاس و البيهقي في سننه عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه و سلم كان يصلى و هو بمكة نحو بيت المقدس و الكعبة بين يديه و بعد ما تحول إلى المدينة ستة عشر شهرا ثم صرفه الله إلى الكعبة
و أخرج أبو داود في ناسخه عن ابن عباس قال أول ما نسخ من القرآن القبلة و ذلك ان محمدا كان يستقبل صخرة بيت المقدس و هي قبلة اليهود فاستقبلها سبعة عشر شهرا ليؤمنوا به و ليتبعوه و ليدعوا بذلك الأميين من العرب فقال الله وَ لِلّٰهِ اَلْمَشْرِقُ وَ اَلْمَغْرِبُ فَأَيْنَمٰا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اَللّٰهِ و قال قَدْ نَرىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ الآية و أخرج ابن جرير عن عكرمة مرسلا
14و أخرج ابن اسحق و ابن جرير و ابن أبى حاتم و البيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال صرفت القبلة عن الشام إلى الكعبة في رجب على رأس سبعة عشر شهرا من مقدم رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة فاتى رسول الله صلى الله عليه و سلم رفاعة بن قيس و قردم بن عمرو و كعب بن الأشرف و نافع بن أبى نافع و الحجاج بن عمرو حليف كعب بن الأشرف و الربيع بن أبى الحقيق و كنانة بن أبى الحقيق فقالوا له يا محمد ما ولاك عن قبلتك التي كنت عليها و أنت تزعم انك على ملة ابراهيم و دينه ارجع إلى قبلتك التي كنت عليها نتبعك و نصدقك و انما يريدون فتنته عن دينه فانزل الله سَيَقُولُ اَلسُّفَهٰاءُ مِنَ اَلنّٰاسِ إلى قوله إِلاّٰ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ اَلرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلىٰ عَقِبَيْهِ أى ابتلاء و اختبارا وَ إِنْ كٰانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاّٰ عَلَى اَلَّذِينَ هَدَى اَللّٰهُ أى ثبت الله وَ مٰا كٰانَ اَللّٰهُ لِيُضِيعَ إِيمٰانَكُمْ يقول صلاتكم بالقبلة الاولى و تصديقكم نبيكم و اتباعكم إياه إلى القبلة الآخرة أى ليعطينكم أجرهما جميعا إِنَّ اَللّٰهَ بِالنّٰاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ إلى قوله فَلاٰ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ
و أخرج وكيع و عبد ابن حميد و أبو داود في ناسخه و النسائي و ابن جرير و ابن المنذر و ابن أبى حاتم عن البراء في قوله سَيَقُولُ اَلسُّفَهٰاءُ مِنَ اَلنّٰاسِ قال اليهود
و أخرج أبو داود في ناسخه من طريق مجاهد عن ابن عباس قال أول آية نسخت من القرآن القبلة ثم الصلاة الاولى
14و أخرج الطبراني عن ابن عباس قال صلى النبي صلى الله عليه و سلم و من معه نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا ثم حولت القبلة بعد
14و أخرج البيهقي في الدلائل عن الزهري قال صرفت القبلة نحو المسجد الحرام في رجب على رأس ستة عشر شهرا من مخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم من مكة و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقلب وجهه في السماء و هو يصلى نحو بيت المقدس فانزل الله حين وجهه إلى البيت الحرام سَيَقُولُ اَلسُّفَهٰاءُ مِنَ اَلنّٰاسِ و ما بعدها من الآيات فأنشأت اليهود تقول قد اشتاق الرجل إلى بلده و بيت أبيه و ما لهم حتى تركوا قبلتهم يصلون مرة وجها و مرة وجها آخر و قال رجال من الصحابة فكيف بمن مات منا و هو يصلى قبل بيت المقدس و فرح المشركون و قالوا ان محمدا قد التبس عليه أمره و يوشك ان يكون على دينكم فانزل الله في ذلك هؤلاء الآيات
14و أخرج ابن جرير عن السدى قال لما وجه النبي صلى الله عليه و سلم قبل المسجد الحرام اختلف الناس فيها فكانوا أصنافا فقال المنافقون ما بالهم كانوا على قبلة زمانا ثم تركوها و توجهوا غيرها و قال المسلمون ليت شعرنا عن إخواننا الذين ماتوا و هم يصلون قبل بيت المقدس هل يقبل الله منا و منهم أم لا و قال اليهود ان محمدا اشتاق إلى بلد أبيه و مولده و لو ثبت على قبلتنا لكنا نرجو ان يكون هو صاحبنا الذي ننتظر و قال المشركون من أهل مكة تحير على محمد دينه فتوجه بقبلته إليكم و علم أنكم كنتم أهدى منه و يوشك ان يدخل في دينكم فانزل الله في المنافقين سَيَقُولُ اَلسُّفَهٰاءُ مِنَ اَلنّٰاسِ إلى قوله إِلاّٰ عَلَى اَلَّذِينَ هَدَى اَللّٰهُ و أنزل في الآخرين الآيات بعدها
14و أخرج أبو داود في ناسخه عن أبى العالية ان رسول الله صلى الله عليه و سلم نظر نحو بيت المقدس فقال لجبريل وددت ان الله صرفني عن قبلة اليهود إلى غيرها فقال له جبريل انما أنا عبد مثلك و لا أملك لك شيأ الا ما أمرت فادع ربك رسله فجعل رسول الله صلى الله عليه و سلم يديم النظر إلى السماء رجاء ان يأتيه جبريل بالذي سأل فانزل الله قَدْ نَرىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي اَلسَّمٰاءِ يقول انك تديم النظر إلى السماء للذي سألت فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ اَلْمَسْجِدِ اَلْحَرٰامِ يقول فحول وجهك في الصلاة نحو المسجد الحرام وَ حَيْثُ مٰا كُنْتُمْ يعنى من الأرض فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ في الصلاة شَطْرَهُ نحو الكعبة
14و أخرج مالك و أبو داود في ناسخه و ابن جرير و البيهقي في الدلائل عن سعيد بن المسيب ان رسول الله صلى الله عليه و سلم صلى بعد ان قدم المدينة ستة عشر شهرا نحو بيت المقدس ثم تحولت القبلة إلى الكعبة قبل بدر بشهرين
14و أخرج ابن عدى و البيهقي في السنن و الدلائل من طريق سعيد بن المسيب قال سمعت سعد بن أبى وقاص يقول صلى رسول الله صلى الله عليه و سلم بعد ما قدم المدينة ستة عشر شهرا نحو بيت المقدس ثم حول بعد ذلك قبل المسجد الحرام قبل بدر بشهرين
14و أخرج أبو داود في ناسخه عن سعيد بن عبد العزيز ان النبي صلى الله عليه و سلم صلى نحو بيت المقدس من شهر ربيع الأول إلى جمادى الآخرة
14و أخرج ابن جرير عن سعد بن المسيب ان الأنصار صلت للقبلة الاولى قبل قدوم النبي صلى الله عليه و سلم المدينة بثلاث حجج و ان النبي صلى الله عليه و سلم صلى للقبلة الاولى بعد قدومه المدينة ستة عشر شهرا
14و أخرج ابن جرير عن معاذ بن جبل ان النبي صلى الله عليه و سلم قدم المدينة فصلى نحو بيت المقدس ثلاثة عشر شهرا
و اخرج ابن سعد و ابن أبى شيبة عن عمارة بن أوس الأنصاري قال صلينا احدى صلاتي العشى فقام رجل على باب المسجد و نحن في الصلاة فنادى ان الصلاة قد وجبت نحو الكعبة فحول أو انحرف امامنا نحو الكعبة و النساء و الصبيان
14و اخرج ابن أبى شيبة و البزار عن أنس ابن مالك قال جاءنا منادى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال ان القبلة قد حولت إلى بيت الله الحرام و قد صلى الامام ركعتين فاستداروا فصلوا الركعتين الباقيتين نحو الكعبة
14و أخرج البراز و ابن جرير عن أنس قال صلى النبي صلى الله عليه و سلم نحو بيت المقدس تسعة أشهر أو عشرة أشهر فبينما هو قائم يصلى الظهر بالمدينة و قد صلى ركعتين نحو بيت المقدس انصرف بوجهه إلى الكعبة فقال السفهاء مٰا وَلاّٰهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ اَلَّتِي كٰانُوا عَلَيْهٰا
و أخرج البخاري عن أنس قال لم يبق ممن صلى للقبلتين غيرى
14و أخرج أبو داود في ناسخه و أبو يعلى و البيهقي في سننه عن أنس أن النبي صلى الله عليه و سلم و أصحابه كانوا يصلون نحو بيت المقدس فلما نزلت هذه الآية فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ اَلْمَسْجِدِ اَلْحَرٰامِ مر رجل من بنى سلمة فناداهم وهم ركوع في صلاة الفجر نحو بيت المقدس الا ان القبلة قد حولت إلى الكعبة مرتين فمالوا كما هم ركوع إلى الكعبة