173246 / _2 علي بن إبراهيم: إنّه كان سبب نزولها أنّه لما اشتدت قريش في أذى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و أصحابه الذين آمنوا به بمكّة قبل الهجرة، أمرهم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) أن يخرجوا إلى الحبشة، و أمر جعفر بن أبي طالب أن يخرج معهم، فخرج جعفر، و معه سبعون رجلا من المسلمين، حتى ركبوا البحر. فلما بلغ قريشا خروجهم بعثوا عمرو بن العاص، و عمارة بن الوليد إلى النجاشيّ ليردهم إليهم، و كان عمرو و عمارة متعاديين، فقالت قريش: كيف نبعث رجلين متعاديين؟ فبرئت بنو مخزوم من جناية عمارة و برئت بنو سهم من جناية عمرو بن العاص، فخرج عمارة، و كان حسن الوجه، شابا مترفا، فأخرج عمرو بن العاص أهله معه، فلما ركبوا السفينة شربوا الخمر، فقال عمارة لعمرو بن العاص: قل لأهلك تقبلني. فقال عمرو: أ يجوز هذا، سبحان اللّه؟! فسكت عمارة، فلما انتشى عمرو، و كان على صدر السفينة، دفعه عمارة، و ألقاه في البحر، فتشبث عمرو بصدر السفينة، و أدركوه، فأخرجوه، فوردوا على النجاشيّ، و قد كانوا حملوا إليه هدايا، فقبلها منهم، فقال عمرو بن العاص: أيها الملك، إن قوما منا خالفونا في ديننا، و سبوا آلهتنا، و صاروا إليك، فردهم إلينا. فبعث النجاشيّ إلى جعفر، فجاءه ، فقال: يا جعفر ما يقول هؤلاء؟ فقال جعفر (رضي اللّه عنه): أيها الملك، و ما يقولون؟ قال: يسألون أن أردكم إليهم. قال: أيها الملك، سلهم: أ عبيد نحن لهم؟ فقال عمرو: لا، بل أحرار كرام. قال: فسلهم أ لهم علينا ديون يطالبوننا بها ؟ قال: لا، ما لنا عليكم ديون. قال: فلكم في أعناقنا دماء تطالبوننا بها ؟ قال عمرو: لا. قال: فما تريدون منا؟ آذيتمونا، فخرجنا من بلادكم. فقال عمرو بن العاص: أيها الملك، خالفونا في ديننا، و سبوا آلهتنا، و أفسدوا شبابنا، و فرقوا جماعتنا، فردهم إلينا لنجمع أمرنا. فقال جعفر: نعم أيها الملك، خلقنا اللّه، ثم بعث اللّه فينا نبيّا أمرنا بخلع الأنداد، و ترك الاستقسام بالأزلام، و أمرنا بالصلاة و الزكاة، و حرم الظلم، و الجور، و سفك الدماء بغير حقها، و الزنا، و الربا، و الميتة، و الدم، و لحم الخنزير ، و أمرنا بالعدل، و الإحسان، و إيتاء ذي القربى، و نهى عن الفحشاء، و المنكر، و البغي. فقال النجاشيّ: بهذا بعث اللّه عيسى بن مريم (عليه السلام). ثم قال النجاشيّ: يا جعفر، هل تحفظ ممّا أنزل اللّه على نبيك شيئا؟ قال: نعم. فقرأ عليه سورة مريم، فلما بلغ إلى قوله: وَ هُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ اَلنَّخْلَةِ تُسٰاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا*`فَكُلِي وَ اِشْرَبِي وَ قَرِّي عَيْناً و لما سمع النجاشيّ بهذا بكى بكاء شديدا، و قال: هذا و اللّه هو الحق. فقال عمرو بن العاص: أيها الملك، إنّه مخالف لنا، فرده إلينا، فرفع النجاشيّ يده، فضرب بها وجه عمرو، ثمّ قال: اسكت، و اللّه لئن ذكرته بسوء لأفقدنك نفسك. فقام عمرو بن العاص من عنده، و الدماء تسيل على وجهه، و هو يقول: إن كان هذا كما تقول أيها الملك، فإنا لا نتعرض له. و كانت على رأس النجاشيّ وصيفة له تذب عنه، فنظرت إلى عمارة بن الوليد، و كان فتى جميلا، فأحبته، فلما رجع عمرو بن العاص إلى منزله قال لعمارة: لو راسلت جارية الملك. فراسلها، فأجابته، فقال له عمرو: قل لها تبعث إليك من طيب الملك شيئا. فقال لها، فبعثت إليه، فأخذ عمرو من ذلك الطيب، و كان الذي فعل به عمارة في قلبه، حين ألقاه في البحر، فأدخل الطيب على النجاشيّ، فقال: أيها الملك، إن حرمة الملك عندنا، و طاعته علينا عظيمة، و يلزمنا إذا دخلنا بلاده، و نأمن فيها أن لا نغشه و لا نريبه، و إن صاحبي هذا الذي معي قد راسل إلى حرمتك، و خدعها، و بعثت إليه من طيبك. ثم وضع الطيب بين يديه، فغضب النجاشيّ، و هم بقتل عمارة، ثمّ قال: لا يجوز قتله، فإنهم دخلوا بلادي بأماني . فدعا النجاشيّ السحرة، فقال لهم: اعملوا به شيئا أشدّ عليه من القتل. فأخذوه و نفخوا في إحليله الزئبق، فصار مع الوحش يغدو و يروح، و كان لا يأنس بالناس، فبعثت قريش بعد ذلك إليه، فكمنوا له في موضع حتّى ورد الماء مع الوحش، فأخذوه، فما زال يضطرب في أيديهم و يصيح حتّى مات. و رجع عمرو إلى قريش، و أخبرهم أن جعفرا في أرض الحبشة، في أكرم كرامة. فلم يزل بها حتّى هادن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) قريشا، و صالحهم، و فتح خيبر، فوافى بجميع من معه، و ولد لجعفر بالحبشة من أسماء بنت عميس عبد اللّه بن جعفر، و ولد للنجاشيّ ابن فسماه محمّدا. و كانت أم حبيبة بنت أبي سفيان تحت عبد اللّه ، فكتب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) إلى النجاشيّ يخطب أم حبيبة، فبعث إليها النجاشيّ، فخطبها لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، فأجابته، فزوجها منه، و أصدقها أربع مائة دينار، و ساقها عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، و بعث إليها بثياب و طيب كثير، و جهزها، و بعثها إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، و بعث إليه بمارية القبطية أم إبراهيم، و بعث إليه بثياب و طيب و فرس، و بعث ثلاثين رجلا من القسيسين، فقال لهم: انظروا إلى كلامه، و إلى مقعده، و إلى مطعمه و مشربه، و مصلاه، فلما وافوا المدينة، دعاهم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) إلى الإسلام، و قرأ عليهم القرآن إِذْ قٰالَ اَللّٰهُ يٰا عِيسَى اِبْنَ مَرْيَمَ اُذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَ عَلىٰ وٰالِدَتِكَ إلى قوله: فَقٰالَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هٰذٰا إِلاّٰ سِحْرٌ مُبِينٌ فلما سمعوا ذلك من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) بكوا، و آمنوا، و رجعوا إلى النجاشيّ، فأخبروه خبر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و قرءوا عليه ما قرأ عليهم، فبكى النجاشيّ، و بكى القسيسون، و أسلم النجاشيّ، و لم يظهر للحبشة إسلامه، و خافهم على نفسه، و خرج من بلاد الحبشة إلى النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله)، فلما عبر البحر توفي، فأنزل اللّه على رسوله (صلّى اللّه عليه و آله) لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ اَلنّٰاسِ عَدٰاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا اَلْيَهُودَ إلى قوله: وَ ذٰلِكَ جَزٰاءُ اَلْمُحْسِنِينَ .
176862 / _1 قال عليّ بن إبراهيم: ثم قص اللّه عزّ و جلّ خبر، مريم بنت عمران (عليها السلام)، فقال: وَ اُذْكُرْ فِي اَلْكِتٰابِ مَرْيَمَ إِذِ اِنْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهٰا مَكٰاناً شَرْقِيًّا قال: خرجت إلى النخلة اليابسة فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجٰاباً قال: في محرابها فَأَرْسَلْنٰا إِلَيْهٰا رُوحَنٰا يعني جبرئيل (عليه السلام) فَتَمَثَّلَ لَهٰا بَشَراً سَوِيًّا*`قٰالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمٰنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا يعني إن كنت ممن يتقي اللّه. قال لها جبرئيل (عليه السلام): إِنَّمٰا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاٰماً زَكِيًّا فأنكرت ذلك، لأنّها لم يكن في العادة أن تحمل المرأة من غير فحل، فقالت: أَنّٰى يَكُونُ لِي غُلاٰمٌ وَ لَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَ لَمْ أَكُ بَغِيًّا و لم يعلم جبرئيل (عليه السلام) أيضا كيفية القدرة، فقال لها: كَذٰلِكِ قٰالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَ لِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنّٰاسِ وَ رَحْمَةً مِنّٰا وَ كٰانَ أَمْراً مَقْضِيًّا . قال: فنفخ في جيبها، فحملت بعيسى (عليه السلام) بالليل و وضعته بالغداة، و كان حملها تسع ساعات من النهار، جعل اللّه لها الشهور ساعات، ثمّ ناداها جبرئيل (عليه السلام): وَ هُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ اَلنَّخْلَةِ أي هزي النخلة اليابسة، فهزت، و كان ذلك اليوم سوقا، فاستقبلها الحاكة، و كانت الحياكة أنبل صناعة في ذلك الزمان، فأقبلوا على بغال شهب، فقالت لهم مريم: أين النخلة اليابسة؟ فاستهزءوا بها و زجروها، فقالت لهم: جعل اللّه كسبكم نزرا ، و جعلكم في الناس عارا، ثمّ استقبلها قوم من التجار، فدلوها على النخلة اليابسة، فقالت لهم: جعل اللّه البركة في كسبكم، و أحوج الناس إليكم، فلما بلغت النخلة أخذها المخاض، فوضعت عيسى (عليه السلام)، فلما نظرت إليه: قالت: يٰا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هٰذٰا وَ كُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا ماذا أقول لخالي، و ماذا أقول لبني إسرائيل؟ فَنٰادٰاهٰا عيسى مِنْ تَحْتِهٰا أَلاّٰ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا أي نهرا وَ هُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ اَلنَّخْلَةِ أي حركي النخلة تُسٰاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا أي طيبا، و كانت النخلة قد يبست منذ دهر طويل، فمدت يدها إلى النخلة، فأورقت و أثمرت، و سقط عليها الرطب الطري، فطابت نفسها. فقال لها عيسى؟ قمطيني و سويني، ثمّ افعلي كذا و كذا، فقمطته و سوته، و قال لها عيسى: فَكُلِي وَ اِشْرَبِي وَ قَرِّي عَيْناً فَإِمّٰا تَرَيِنَّ مِنَ اَلْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمٰنِ صَوْماً و صمتا كذا نزلت فَلَنْ أُكَلِّمَ اَلْيَوْمَ إِنْسِيًّا . ففقدوها في المحراب، فخرجوا في طلبها، و خرج خالها زكريا، فأقبلت و هو في صدرها، و أقبلت مؤمنات بني إسرائيل يبزقن في وجهها، فلم تكلمهن حتّى دخلت في محرابها، فجاء إليها بنو إسرائيل و زكريا فقالوا لها: يٰا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا أي عظيما من المناهي يٰا أُخْتَ هٰارُونَ مٰا كٰانَ أَبُوكِ اِمْرَأَ سَوْءٍ وَ مٰا كٰانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا . و معنى قولهم يٰا أُخْتَ هٰارُونَ أن هارون كان رجلا فاسقا زانيا فشبهوها به. من أين هذا البلاء الذي جئتِ به، و العار الذي ألزمتِه لبني إسرائيل؟ فأشارت إلى عيسى (عليه السلام) في المهد، فقالوا لها: كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كٰانَ فِي اَلْمَهْدِ صَبِيًّا !؟ فأنطق اللّه عيسى بن مريم (عليه السلام)، فقال إِنِّي عَبْدُ اَللّٰهِ آتٰانِيَ اَلْكِتٰابَ وَ جَعَلَنِي نَبِيًّا* `وَ جَعَلَنِي مُبٰارَكاً أَيْنَ مٰا كُنْتُ وَ أَوْصٰانِي بِالصَّلاٰةِ وَ اَلزَّكٰاةِ مٰا دُمْتُ حَيًّا*`وَ بَرًّا بِوٰالِدَتِي وَ لَمْ يَجْعَلْنِي جَبّٰاراً شَقِيًّا* `وَ اَلسَّلاٰمُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَ يَوْمَ أَمُوتُ وَ يَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا*`ذٰلِكَ عِيسَى اِبْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ اَلْحَقِّ اَلَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ أي يخاصمون.
66870 / _9 مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ : عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ اَلنَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ ، عَنِ اَلْقَاسِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ ، عَنْ جَرَّاحٍ اَلْمَدَائِنِيِّ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) قَالَ: «إِنَّ اَلصِّيَامَ لَيْسَ مِنَ اَلطَّعَامِ وَ اَلشَّرَابِ وَحْدَهُ ثُمَّ قَالَ قَالَتْ مَرْيَمُ : إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمٰنِ صَوْماً أَيْ صَمْتاً».
56871 / _10 اَلطَّبْرِسِيُّ فِي (اَلْإِحْتِجَاجِ): عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) فِي حَدِيثٍ قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ صَلاَةٍ مَفْرُوضَةٍ تُصَلَّى بِغَيْرِ وُضُوءٍ، وَ عَنْ صَوْمٍ لاَ يَحْجُزُ عَنْ أَكْلٍ وَ لاَ شُرْبٍ؟ قَالَ: «أَمَّا اَلصَّلاَةُ بِغَيْرِ وُضُوءٍ، فَالصَّلاَةُ عَلَى اَلنَّبِيِّ وَ آلِهِ، وَ أَمَّا اَلصَّوْمُ، فَقَوْلُ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمٰنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ اَلْيَوْمَ إِنْسِيًّا*`فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهٰا تَحْمِلُهُ قٰالُوا يٰا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا*`يٰا أُخْتَ هٰارُونَ مٰا كٰانَ أَبُوكِ اِمْرَأَ سَوْءٍ وَ مٰا كٰانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا ».
و أخرج ابن أبى حاتم عن حارثة بن مضرب قال كنت عند ابن مسعود فجاء رجلان فسلم أحدهما و لم يسلم الأخر ثم جلسا فقال القوم ما لصاحبك لم يسلم قال انه نذر صوما لا يكلم اليوم إنسيا فقال عبد الله بئس ما قلت انما كانت تلك المرأة فقالت ذلك ليكون عذرا لها إذا سئلت و كانوا ينكرون ان يكون ولد من غير زوج الا زنا فتكلم و أمر بالمعروف و انه عن المنكر فانه خير لك
أخرج ابن مردويه و ابن المنذر و ابن عساكر عن ابن عباس في قوله إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمٰنِ صَوْماً قال صمتا و أخرج عبد بن حميد عن الشعبي مثله
و أخرج الفريابي و عبد بن حميد و ابن المنذر و ابن أبى حاتم و ابن الأنباري في المصاحف و ابن مردويه عن أنس ابن مالك انه كان يقرأ إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمٰنِ صَوْماً صمتا
و أخرج عبد بن حميد و ابن الأنباري عن ابن عباس رضى الله عنهما انه قرأها إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمٰنِ صَوْماً صمتا و قال ليس الا ان حملت فوضعت
و أخرج ابن أبى حاتم عن ابن زيد في قوله إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمٰنِ صَوْماً قال كان من بنى إسرائيل من إذا اجتهد صام من الكلام كما يصوم من الطعام الا من ذكر الله
و أخرج ابن الأنباري عن الشعبي قال في قراءة أبى بن كعب انى نذرت للرحمن صوما صمتا
2)علىّ بن ابراهيم:سبب نزول اين آيه،اين بود كه وقتى سختگيرى قريش بر رسول خدا صلّى اللّه عليه و آله و ياران وى كه قبل از هجرت در مكه به او ايمان آورده بودند،شدت گرفت،رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله به آنها دستور داد كه مكه را ترك كنند و به حبشه بروند.آن حضرت به جعفر بن ابى طالب فرمان داد كه ايشان را همراهى كند.پس جعفر نيز به همراه هفتاد تن از مردان مسلمانان،آنجا را ترك گفت،تا سوار بر كشتى شوند. هنگامى كه خبر خارج شدن ايشان به قريش رسيد،عمرو بن عاص و عمارة بن وليد را بهسوى نجاشى فرستادند تا آنها را بازگردانند.بين...
1) على بن ابراهيم مىگويد:در ادامه،خداوند ماجراى مريم دختر عمران عليها السّلام را برايمان حكايت كرده است و مىفرمايد: «وَ اُذْكُرْ فِي اَلْكِتٰابِ مَرْيَمَ إِذِ اِنْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهٰا مَكٰاناً شَرْقِيًّا» على بن ابراهيم مىگويد:مريم به سمت درخت خرماى خشكى رفت و «فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجٰاباً» و او در محرابش بود كه «فَأَرْسَلْنٰا إِلَيْهٰا رُوحَنٰا» يعنى جبرئيل عليه السّلام را بهسوى او فرستاديم و «فَتَمَثَّلَ لَهٰا بَشَراً سَوِيًّا* قٰالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمٰنِ مِنْكَ إِنْ...
9)محمد بن يعقوب از برخى از ياران ما،از احمد بن محمد،از حسين بن سعيد،از نضر بن سويد،از قاسم بن سليمان،از جرّاح مدائنى،از امام جعفر صادق عليه السّلام روايت مىكند كه ايشان فرمودند:همانا روزه تنها در مورد غذاها و نوشيدنىها نيست،سپس فرمود:چرا كه مريم گفت: «إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمٰنِ صَوْماً» و منظور از آن سكوت است3.
10)طبرسى در كتاب احتجاج از ابى بصير روايت مىكند كه از امام باقر عليه السّلام پرسيده است:مرا از نماز فريضه كه بدون وضو ادا مىشود،و از روزهاى كه انسان را از خوردن و نوشيدن بازنمىدارد،باخبر ساز؟آن حضرت فرمودند:اما نماز بدون وضو،نمازى[صلواتى]است كه بر محمد و آلش صلوات اللّه عليهم اجمعين فرستاده مىشود و در مورد اينگونه روزه،اين آيه بيانگر آن است: إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمٰنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ اَلْيَوْمَ إِنْسِيًّا* فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهٰا تَحْمِلُهُ قٰالُوا يٰا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ...
لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ اَلنّٰاسِ عَدٰاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا اَلْيَهُودَ وَ اَلَّذِينَ أَشْرَكُوا وَ لَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا اَلَّذِينَ قٰالُوا إِنّٰا نَصٰارىٰ علت نزول آيه اين بود كه هنگامى كه قريش بر اذيت و آزار رسول خدا صلّى اللّه عليه و آله و ياران آن حضرت كه ايمان آورده بودند شدت بخشيدند و آن در مكه و قبل از هجرت به مدينه بود،حضرت به اصحابش فرمودند كه به سرزمين حبشه هجرت كنند.
على بن ابراهيم مىگويد:آنگاه خداوند جريان مريم عليها السّلام را نقل مىكند: وَ اُذْكُرْ فِي اَلْكِتٰابِ مَرْيَمَ إِذِ اِنْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهٰا مَكٰاناً شَرْقِيًّا مىفرمايد:به نزد درخت خرماى خشكى رفت. فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجٰاباً فَأَرْسَلْنٰا إِلَيْهٰا رُوحَنٰا فَتَمَثَّلَ لَهٰا بَشَراً سَوِيًّا(17) قٰالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمٰنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا(18) قٰالَ إِنَّمٰا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاٰماً زَكِيًّا(19) قٰالَتْ أَنّٰى يَكُونُ لِي غُلاٰمٌ وَ لَمْ...
14 القمّيّ : كان سبب نزولها أنّه لما اشتدت قريش في أذى رسول اللّٰه صلىّ اللّٰه
عليه و آله و سلم و أصحابه الذين آمنُوا بمكّة قبل الهجرة أمرهم رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم أن يخرجوا الى الحبشة و أمر جعفر بن أبي طالب أن يخرج معهم فخرج جعفر و معه سبعون رجلاً من المسلمين حتّىٰ ركبوا البحر فلما بلغ قريشاً خروجهم بعثوا عمرو بن العاص و عمارة بن الوليد الى النجاشيّ ليردهم إليهم و كان عمرو و عمارة متعاديين فقالت قريش كيف نبعث رجلين متعاديين فبرأت بنو مخزوم من جناية عمارة و برأت بنو سهم من جناية عمرو بن العاص فخرج عمارة و كان حسن الوجه شاباً مترفاً فأخرج عمرو بن العاص أهله معه فلما ركبوا السفينة شربوا الخمر فقال عمارة لعمرو بن العاص قل لأهلك تقبلني فقال عمرو أ يجوز هٰذا سبحان اللّٰه فسكت عمارة فلما انتشٰى عمرو و كان على صدر السفينة فدفعه عمارة و ألقاه في البحر فتشبث عمرو بصدر السفينة و أدركوه و أخرجوه فوردوا على النجاشيّ و قد كانوا حملوا إليه هدايا فقبلها منهم فقال عمرو بن العاص أيّها الملك إن قوماً خالفونا في ديننا و سبّوا آلهتنا و صاروا إليك فردّهم إلينا فبعث النجاشيّ إلى جعفر فجاءه فقال يا جعفر ما يقول هٰؤلاء فقال جعفر أيّها الملك و ما يقولون قال يسألون أن أردّكم إليهم.
قال أيّها الملك سلهم أ عبيد نحن لهم؟ فقال عمرو لا بل أحرار كرام.
قال فسلهم أ لهم علينا ديون يطالبوننا بها؟ فقال لا ما لنا عليكم ديون.
قال فلكم في أعناقنا دماء تطالبونها؟ فقال عمرو : لا قال: فما تريدون منا؟ آذيتمونا فخرجنا من بلادكم؟ فقال عمرو بن العاص : أيّها الملك خالفونا في ديننا و سبّوا آلهتنا و أفسدُوا شباننا و فرقوا جماعتنا فردّهم إلينا لنجمع أمرنا فقال جعفر نعم أيها الملك خالفناهم بعث اللّٰه فينا نبيّاً أمر بخلع الأنداد و ترك الاِستقسام بالأزلام و أمرنا بالصّلوٰة و الزّكوٰة و حرم الظلم و الجور و سفك الدماء بغير حقها و الزّناءِ و الرّباءِ و الميتة و الدم و لحم الخنزير و أمرنا بالعدل و الإِحسان و إيتاء ذي القربىٰ و ينهىٰ عن الفحشاء و المنكر و البغي فقال النجاشيّ بهذا بعث اللّٰه 44عيسٰى بن مريم عليه السلام ثمّ قال النجاشيّ يا جعفر هل تحفظ ممّا أنزل اللّٰه علىٰ نبيّك شيئاً قال نعم فقرأ عليه 19سورة مريم عليها السلام فلما بلغ قوله وَ هُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ اَلنَّخْلَةِ تُسٰاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا `فَكُلِي وَ اِشْرَبِي وَ قَرِّي عَيْناً .
فلما سمع النجاشيّ بهذا بكىٰ بكاءً شديداً و قال: هٰذا و اللّٰه هُو الحق فقال عمرو بن العاص أيها الملك إنّ هذا مخالف لنا فردّه إلينا فرفع النجاشيّ يده فضرب بها وجه عمرو ثمّ قال اسكت و اللّٰه لأن ذكرته بسُوءِ لأفقدنّك نفسك فقام عمرو بن العاص من عنده و الدماء تسيل على وجهه و هو يقول إن كان هذا كما تقول أيّها الملك فانّا لا نتعرّض له و كانت علىٰ رأس النجاشيّ وصيفةً له تذب عنه فنظرت إلىٰ عمارة بن الوليد و كان فتىً جميلاً فأحبّته فلما رجع عمرو بن العاص الى منزله قال لعمارة لو راسلت جارية الملك فراسلها فأجابته فقال عمرو قل لها تبعث إليك من طيب الملك شيئاً فقال لها فبعثت اليه فأخذ عمرو من ذٰلك الطّيب و كان الذي فعل به عمارة في قلبه حين ألقاه في البحر فأدخل الطّيب على النجاشيّ فقال: أيها الملك إن حرمة الملك عندنا و طاعته علينا و ما يلزمنا إذا دخلنا بلاده و نأمن فيه ان لا نغشه و لا نريبه و ان صاحبي هٰذا الذي معي قد راسَل حرمتك و خدعها و بعثت إليه من طيبك ثمّ وضع الطّيب بين يديه فغضب النجاشيّ و هم بقتل عمارة ثمّ قال لا يجوز قتله فإنهم دخلوا في بلادي بأمان فدعا النجاشيّ السّحرة فقال لهم اعملوا به شيئاً أشدّ به من القتل فأخذوه و نفخوا في إحليله الزيبق فصار مع الوحش يغدو و يروح و كان لا يأنس بالناس.
فبعثت قريش بعد ذٰلك فكمنوا له في موضع حتّىٰ ورد الماء مع الوحش فأخذوه فما زال يضطرب في أيديهم و يصيح حتّىٰ مات و رجع عمرو الى قريش فأخبرهم أن جعفراً في أرض الحبشة في أكرم كرامة و لم يزل بها حتّىٰ هادن رسول اللّٰه صلىّ اللّٰه عليه و آله و سلم قريشاً و صالحهم و فتح خيبر فوافىٰ بجميع من معه و ولد لجعفر بالحبشة من أسماء بنت عميس عبد اللّٰه بن جعفر و ولد للنجاشيّ ابن فسماه النجاشيّ محمّداً و كانت أم حبيب
بنت أبي سفيان تحب عبد اللّٰه فكتب رسول اللّٰه صلىّ اللّٰه عليه و آله و سلم الى النجاشيّ يخطب أم حبيب فبعث إليها النجاشيّ فخطبها لرسُول اللّٰه صلىّ اللّٰه عليه و آله و سلم فأجابته فخطبها فزوّجها منه و أصدقها أربعمائة دينار و ساقها عن رسول اللّٰه صلىّ اللّٰه عليه و آله و سلم و بعث إليها بثياب و طيب كثير و جهزها و بعثها إلى رسول اللّٰه صلىّ اللّٰه عليه و آله و سلم و بعث إليه بمارية القبطية أمّ إبراهيم و بعث إليه بثياب و طيب و فرس و بعث ثلاثين رجلاً من القسيسين فقال لهم انظروا الى كلامه و الى مقعده و مشربه و مصلاه فلما وافوا المدينة دعاهم رسول اللّٰه صلىّ اللّٰه عليه و آله و سلم إلى الإِسلام و قرء عليهمُ القرآن و إِذْ قٰالَ اَللّٰهُ يٰا 44عِيسَى اِبْنَ مَرْيَمَ اُذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَ عَلىٰ وٰالِدَتِكَ إلى قوله فَقٰالَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هٰذٰا إِلاّٰ سِحْرٌ مُبِينٌ فلما سمعوا ذٰلك من رسول اللّٰه صلىّ اللّٰه عليه و آله و سلم بكوا و آمنوا و رجعُوا الى النجاشيّ و أخبروه خبر رسول اللّٰه صلىّ اللّٰه عليه و آله و سلم و قرءوا عليه ما قرأ عليهم فبكىٰ النجاشيّ و بكىٰ القسّيسون و أسلم النجاشيّ و لم يظهر للحبشة إسلامه و خافهم على نفسه و خرج من بلاد الحبشة يريدُ النّبي صلىّ اللّٰه عليه و آله و سلم فلّما عبر البحر توفى فأنزل اللّٰه على رسوله لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ اَلنّٰاسِ عَدٰاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا اَلْيَهُودَ إلى قوله وَ ذٰلِكَ جَزٰاءُ اَلْمُحْسِنِينَ .
16 القمّيّ: و قال لها عيسى (عليه السلام) فَكُلِي وَ اِشْرَبِي وَ قَرِّي عَيْناً فَإِمّٰا تَرَيِنَّ مِنَ اَلْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمٰنِ صَوْماً و صمتاً كذا نزلت.
6 و في الكافي عن الصادق عليه السلام : انّ الصيام ليس من الطعام و الشراب وحده ثمّ قال قالت مريم إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمٰنِ صَوْماً أي صمتاً فإذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم و غضوا أبصاركم الحديث .
قَوْلُهُ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ اَلنّٰاسِ عَدٰاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا اَلْيَهُودَ وَ اَلَّذِينَ أَشْرَكُوا وَ لَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا اَلَّذِينَ قٰالُوا إِنّٰا نَصٰارىٰ فَإِنَّهُ كَانَ سَبَبُ نُزُولِهَا، أَنَّهُ لَمَّا اِشْتَدَّتْ قُرَيْشٌ فِي أَذَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ أَصْحَابِهِ اَلَّذِينَ آمَنُوا بِهِ بِمَكَّةَ قَبْلَ اَلْهِجْرَةِ أَمَرَهُمْ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنْ يَخْرُجُوا إِلَى اَلْحَبَشَةِ ، وَ أَمَرَ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهُمْ، فَخَرَجَ جَعْفَرٌ وَ مَعَهُ سَبْعُونَ رَجُلاً مِنَ اَلْمُسْلِمِينَ حَتَّى رَكِبُوا اَلْبَحْرَ، فَلَمَّا بَلَغَ قُرَيْشَ خُرُوجُهُمْ، بَعَثُوا عَمْرَو بْنَ اَلْعَاصِ وَ عُمَارَةَ بْنَ اَلْوَلِيدِ إِلَى اَلنَّجَاشِيِّ لِيَرُدُّوهُمْ إِلَيْهِمْ، وَ كَانَ عَمْرٌو وَ عُمَارَةُ مُتَعَادِيَيْنِ، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ كَيْفَ نَبْعَثُ رَجُلَيْنِ مُتَعَادِيَيْنِ، فَبَرِئَتْ بَنُو مَخْزُومٍ مِنْ جِنَايَةِ عُمَارَةَ وَ بَرِئَتْ بَنُو سَهْمٍ مِنْ جِنَايَةِ عَمْرِو بْنِ اَلْعَاصِ ، فَخَرَجَ عُمَارَةُ وَ كَانَ حَسَنَ اَلْوَجْهِ شَابّاً مُتْرِفاً، فَأَخْرَجَ عَمْرُو بْنُ اَلْعَاصِ أَهْلَهُ مَعَهُ، فَلَمَّا رَكِبُوا اَلسَّفِينَةَ شَرِبُوا اَلْخَمْرَ، فَقَالَ عُمَارَةُ لِعَمْرِو بْنِ اَلْعَاصِ ، قُلْ لِأَهْلِكَ تُقَبِّلُنِي، فَقَالَ عَمْرٌو أَ يَجُوزُ هَذَا سُبْحَانَ اَللَّهِ فَسَكَتَ عُمَارَةُ فَلَمَّا اِنْتَشَى عَمْرٌو وَ كَانَ عَلَى صَدْرِ اَلسَّفِينَةِ، دَفَعَهُ عُمَارَةُ وَ أَلْقَاهُ فِي اَلْبَحْرِ، فَتَشَبَّثَ عَمْرٌو بِصَدْرِ اَلسَّفِينَةِ، وَ أَدْرَكُوهُ فَأَخْرَجُوهُ، فَوَرَدُوا عَلَى اَلنَّجَاشِيِّ وَ قَدْ كَانُوا حَمَلُوا إِلَيْهِ هَدَايَا فَقَبِلَهَا مِنْهُمْ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ اَلْعَاصِ أَيُّهَا اَلْمَلِكُ، إِنَّ قَوْماً مِنَّا خَالَفُونَا فِي دِينِنَا وَ سَبُّوا آلِهَتَنَا، وَ صَارُوا إِلَيْكَ فَرُدَّهُمْ إِلَيْنَا، فَبَعَثَ اَلنَّجَاشِيُّ إِلَى جَعْفَرٍ فَجَاءُوا بِهِ، فَقَالَ يَا جَعْفَرُ مَا يَقُولُ هَؤُلاَءِ فَقَالَ جَعْفَرٌ أَيُّهَا اَلْمَلِكُ وَ مَا يَقُولُونَ قَالَ يَسْأَلُونَ أَنْ أَرُدَّكُمْ إِلَيْهِمْ، قَالَ أَيُّهَا اَلْمَلِكُ سَلْهُمْ أَ عَبِيدٌ نَحْنُ لَهُمْ فَقَالَ عَمْرٌو لاَ بَلْ أَحْرَارٌ كِرَامٌ، قَالَ فَسَلْهُمْ أَ لَهُمْ عَلَيْنَا دُيُونٌ يُطَالِبُونَنَا بِهَا قَالَ لاَ مَا لَنَا عَلَيْكُمْ دُيُونٌ، قَالَ فَلَكُمْ فِي أَعْنَاقِنَا دِمَاءٌ تُطَالِبُونَنَا بِهَا قَالَ عَمْرٌو لاَ، قَالَ فَمَا تُرِيدُونَ مِنَّا آذَيْتُمُونَا فَخَرَجْنَا مِنْ بِلاَدِكُمْ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ اَلْعَاصِ أَيُّهَا اَلْمَلِكُ، خَالَفُونَا فِي دِينِنَا وَ سَبُّوا آلِهَتَنَا، وَ أَفْسَدُوا شَبَابَنَا وَ فَرَّقُوا جَمَاعَتَنَا، فَرُدَّهُمْ إِلَيْنَا لِنَجْمَعَ أَمْرَنَا، فَقَالَ جَعْفَرٌ نَعَمْ أَيُّهَا اَلْمَلِكُ خَالَفْنَاهُمْ، بِأَنَّهُ بَعَثَ اَللَّهُ فِينَا نَبِيّاً أَمَرَ بِخَلْعِ اَلْأَنْدَادِ، وَ تَرْكِ اَلاِسْتِقْسَامِ بِالْأَزْلاَمِ، وَ أَمَرَنَا بِالصَّلاَةِ وَ اَلزَّكَاةِ، وَ حَرَّمَ اَلظُّلْمَ وَ اَلْجَوْرَ، وَ سَفْكَ اَلدِّمَاءِ بِغَيْرِ حَقِّهَا وَ اَلزِّنَا وَ اَلرِّبَا وَ اَلْمَيْتَةِ وَ اَلدَّمِ، وَ أَمَرَنَا بِالْعَدْلِ وَ اَلْإِحْسٰانِ وَ إِيتٰاءِ ذِي اَلْقُرْبىٰ وَ يَنْهىٰ عَنِ اَلْفَحْشٰاءِ وَ اَلْمُنْكَرِ وَ اَلْبَغْيِ ، فَقَالَ اَلنَّجَاشِيُّ بِهَذَا بَعَثَ اَللَّهُ 44عِيسَى اِبْنَ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ ، ثُمَّ قَالَ اَلنَّجَاشِيُّ يَا جَعْفَرُ هَلْ تَحْفَظُ مِمَّا أَنْزَلَ اَللَّهُ عَلَى نَبِيِّكَ شَيْئاً قَالَ نَعَمْ فَقَرَأَ عَلَيْهِ 19سُورَةَ مَرْيَمَ فَلَمَّا بَلَغَ إِلَى قَوْلِهِ« وَ هُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ اَلنَّخْلَةِ تُسٰاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا `فَكُلِي وَ اِشْرَبِي وَ قَرِّي عَيْناً » فَلَمَّا سَمِعَ اَلنَّجَاشِيُّ بِهَذَا بَكَى بُكَاءً شَدِيداً، وَ قَالَ هَذَا وَ اَللَّهِ هُوَ اَلْحَقُّ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ اَلْعَاصِ أَيُّهَا اَلْمَلِكُ، إِنَّ هَذَا مُخَالِفُنَا فَرُدَّهُ إِلَيْنَا، فَرَفَعَ اَلنَّجَاشِيُّ يَدَهُ فَضَرَبَ بِهَا وَجْهَ عَمْرٍو ثُمَّ قَالَ اُسْكُتْ، وَ اَللَّهِ يَا هَذَا لَئِنْ ذَكَرْتَهُ بِسُوءٍ لَأَفْقِدَنَّكَ نَفْسَكَ، فَقَامَ عَمْرُو بْنُ اَلْعَاصِ مِنْ عِنْدِهِ، وَ اَلدِّمَاءُ تَسِيلُ عَلَى وَجْهِهِ وَ هُوَ يَقُولُ، إِنْ كَانَ هَذَا كَمَا تَقُولُ أَيُّهَا اَلْمَلِكُ فَإِنَّا لاَ نَتَعَرَّضُ لَهُ، وَ كَانَتْ عَلَى رَأْسِ اَلنَّجَاشِيِّ وَصِيفَةٌ لَهُ تَذُبُّ عَنْهُ، فَنَظَرَتْ إِلَى عُمَارَةَ بْنِ اَلْوَلِيدِ وَ كَانَ فَتًى جَمِيلاً فَأَحَبَّتْهُ فَلَمَّا رَجَعَ عَمْرُو بْنُ اَلْعَاصِ إِلَى مَنْزِلِهِ، قَالَ لِعُمَارَةَ لَوْ رَاسَلْتَ جَارِيَةَ اَلْمَلِكِ، فَرَاسَلَهَا فَأَجَابَتْهُ، فَقَالَ عَمْرٌو قُلْ لَهَا تَبْعَثُ إِلَيْكَ مِنْ طِيبِ اَلْمَلِكِ شَيْئاً، فَقَالَ لَهَا فَبَعَثَتْ إِلَيْهِ فَأَخَذَ عَمْرٌو مِنْ ذَلِكَ اَلطِّيبِ، وَ كَانَ اَلَّذِي فَعَلَ بِهِ عُمَارَةُ فِي قَلْبِهِ حِينَ أَلْقَاهُ فِي اَلْبَحْرِ فَأَدْخَلَ اَلطِّيبَ عَلَى اَلنَّجَاشِيِّ ، فَقَالَ أَيُّهَا اَلْمَلِكُ، إِنَّ حُرْمَةَ اَلْمَلِكِ عِنْدَنَا وَ طَاعَتَهُ عَلَيْنَا وَ مَا يُكْرِمُنَا إِذَا دَخَلْنَا بِلاَدَهُ، وَ نَأْمَنُ فِيهِ أَنْ لاَ نَغُشَّهُ وَ لاَ نُرِيبَهُ، وَ إِنَّ صَاحِبِي هَذَا اَلَّذِي مَعِي قَدْ أَرْسَلَ إِلَى حُرْمَتِكَ، وَ خَدَعَهَا وَ بَعَثَتْ إِلَيْهِ مِنْ طِيبِكَ، ثُمَّ وَضَعَ اَلطِّيبَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَغَضِبَ اَلنَّجَاشِيُّ وَ هَمَّ بِقَتْلِ عُمَارَةَ ثُمَّ قَالَ لاَ يَجُوزُ قَتْلُهُ فَإِنَّهُمْ دَخَلُوا بِلاَدِي فَأَمَانٌ لَهُمْ، فَدَعَا اَلنَّجَاشِيُّ اَلسَّحَرَةَ، فَقَالَ لَهُمُ اِعْمَلُوا بِهِ شَيْئاً أَشَدَّ عَلَيْهِ مِنَ اَلْقَتْلِ، فَأَخَذُوهُ وَ نَفَخُوا فِي إِحْلِيلِهِ اَلزِّئْبَقَ، فَصَارَ مَعَ اَلْوَحْشِ يَغْدُو وَ يَرُوحُ، وَ كَانَ لاَ يَأْنَسُ بِالنَّاسِ، فَبَعَثَتْ قُرَيْشٌ بَعْدَ ذَلِكَ، فَكَمَنُوا لَهُ فِي مَوْضِعٍ حَتَّى وَرَدَ اَلْمَاءَ مَعَ اَلْوَحْشِ فَأَخَذُوهُ، فَمَا زَالَ يَضْطَرِبُ فِي أَيْدِيهِمْ وَ يَصِيحُ حَتَّى مَاتَ، وَ رَجَعَ عَمْرٌو إِلَى قُرَيْشٍ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ جعفر جَعْفَراً فِي أَرْضِ اَلْحَبَشَةِ فِي أَكْرَمِ كَرَامَةٍ فَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى هَادَنَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قُرَيْشاً وَ صَالَحَهُمْ وَ فَتَحَ خَيْبَرَ فَوَافَى بِجَمِيعِ مَنْ مَعَهُ، وَ وُلِدَ لِجَعْفَرٍ بِالْحَبَشَةِ مِنْ أَسْمَاءِ بِنْتِ عُمَيْسٍ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، وَ وُلِدَ لِلنَّجَاشِيِّ اِبْنٌ فَسَمَّاهُ مُحَمَّداً ، وَ كَانَتْ أُمُّ حبيب حَبِيبَةَ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ تَحْتَ عَبْدِ اَللَّهِ فَكَتَبَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِلَى اَلنَّجَاشِيِّ يَخْطُبُ أُمَّ حبيب حَبِيبَةَ ، فَبَعَثَ إِلَيْهَا اَلنَّجَاشِيُّ فَخَطَبَهَا لِرَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَأَجَابَتْهُ، فَزَوَّجَهَا مِنْهُ وَ أَصْدَقَهَا أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ، وَ سَاقَهَا عَنْ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ، وَ بَعَثَ إِلَيْهَا بِثِيَابٍ وَ طِيبٍ كَثِيرٍ، وَ جَهَّزَهَا وَ بَعَثَهَا إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ، وَ بَعَثَ إِلَيْهِ بِمَارِيَةَ اَلْقِبْطِيَّةِ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ ، وَ بَعَثَ إِلَيْهِ بِثِيَابٍ وَ طِيبٍ وَ فَرَسٍ، وَ بَعَثَ ثَلاَثِينَ رَجُلاً مِنَ اَلْقِسِّيسِينَ، فَقَالَ لَهُمْ اُنْظُرُوا إِلَى كَلاَمِهِ وَ إِلَى مَقْعَدِهِ وَ مَشْرَبِهِ وَ مُصَلاَّهُ، فَلَمَّا وَافَوُا اَلْمَدِينَةَ دَعَاهُمْ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِلَى اَلْإِسْلاَمِ وَ قَرَأَ عَلَيْهِمُ اَلْقُرْآنَ « إِذْ قٰالَ اَللّٰهُ يٰا 44عِيسَى اِبْنَ مَرْيَمَ اُذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَ عَلىٰ وٰالِدَتِكَ إِلَى قَوْلِهِ فَقٰالَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هٰذٰا إِلاّٰ سِحْرٌ مُبِينٌ » فَلَمَّا سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بَكَوْا وَ آمَنُوا، وَ رَجَعُوا إِلَى اَلنَّجَاشِيِّ فَأَخْبَرُوهُ خَبَرَ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ قَرَءُوا عَلَيْهِ مَا قَرَأَ عَلَيْهِمْ، فَبَكَى اَلنَّجَاشِيُّ وَ بَكَى اَلْقِسِّيسُونَ، وَ أَسْلَمَ اَلنَّجَاشِيُّ وَ لَمْ يُظْهِرْ لِلْحَبَشَةِ إِسْلاَمَهُ، وَ خَافَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ وَ خَرَجَ مِنْ بِلاَدِ اَلْحَبَشَةِ إِلَى اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَلَمَّا عَبَرَ اَلْبَحْرَ تُوُفِّيَ فَأَنْزَلَ اَللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ اَلنّٰاسِ عَدٰاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا اَلْيَهُودَ إِلَى قَوْلِهِ وَ ذٰلِكَ جَزٰاءُ اَلْمُحْسِنِينَ » .
44,16 وَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: ثُمَّ قَصَّ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ خَبَرَ مَرْيَمَ عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ فَقَالَ: «وَ اُذْكُرْ فِي اَلْكِتٰابِ مَرْيَمَ إِذِ اِنْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهٰا مَكٰاناً شَرْقِيًّا» قَالَ: خَرَجَتْ إِلَى اَلنَّخْلَةِ اَلْيَابِسَةِ «فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجٰاباً» قَالَ فِي مِحْرَابِهَا «فَأَرْسَلْنٰا إِلَيْهٰا رُوحَنٰا» يَعْنِي جَبْرَئِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ «فَتَمَثَّلَ لَهٰا بَشَراً سَوِيًّا `قٰالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمٰنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا» يَعْنِي إِنْ كُنْتَ مَنْ يَتَّقِي اَللَّهَ «قٰالَ» لَهَا جَبْرَئِيلُ «إِنَّمٰا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاٰماً زَكِيًّا» فَأَنْكَرَتْ ذَلِكَ لِأَنَّهَا لَمْ يَكُنْ فِي اَلْعَادَةِ أَنْ تَحْمِلَ اَلْمَرْأَةُ مِنْ غَيْرِ فَحْلٍ فَقَالَتْ «أَنّٰى يَكُونُ لِي غُلاٰمٌ وَ لَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَ لَمْ أَكُ بَغِيًّا» وَ لَمْ يَعْلَمْ جَبْرَئِيلُ أَيْضاً كَيْفِيَّةَ اَلْقُدْرَةِ فَقَالَ لَهَا «كَذٰلِكِ قٰالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَ لِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنّٰاسِ وَ رَحْمَةً مِنّٰا وَ كٰانَ أَمْراً مَقْضِيًّا» قَالَ فَنَفَخَ فِي جَيْبِهَا فَحَمَلَتْ 44بِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِاللَّيْلِ فَوَضَعَتْهُ بِالْغَدَاةِ وَ كَانَ حَمْلُهَا تِسْعَ سَاعَاتٍ مِنَ اَلنَّهَارِ جَعَلَ اَللَّهُ لَهَا اَلشُّهُورَ سَاعَاتٍ ثُمَّ نَادَاهَا جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ «وَ هُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ اَلنَّخْلَةِ» أَيْ هُزِّي اَلنَّخْلَةَ اَلْيَابِسَةَ فَهَزَّتْ، وَ كَانَ ذَلِكَ اَلْيَوْمَ سُوقٌ فَاسْتَقْبَلَهَا اَلْحَاكَةُ وَ كَانَتِ اَلْحِيَاكَةُ أَنْبَلَ صِنَاعَةٍ فِي ذَلِكَ اَلزَّمَانِ فَأَقْبَلُوا عَلَى بِغَالٍ شُهْبٍ فَقَالَتْ لَهُمْ مَرْيَمُ أَيْنَ اَلنَّخْلَةُ اَلْيَابِسَةُ فَاسَتَهْزَءُوا بِهَا وَ زَجَرُوهَا فَقَالَتْ لَهُمْ جَعَلَ اَللَّهُ كَسْبَكُمْ بَوْراً وَ جَعَلَكُمْ فِي اَلنَّاسِ عَاراً ثُمَّ اِسْتَقْبَلَهَا قَوْمٌ مِنَ اَلتُّجَّارِ فَدَلُّوهَا عَلَى اَلنَّخْلَةِ اَلْيَابِسَةِ فَقَالَتْ لَهُمْ مَرْيَمُ جَعَلَ اَللَّهُ اَلْبَرَكَةَ فِي كَسْبِكُمْ وَ أَحْوَجَ اَلنَّاسَ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا بَلَغَتِ اَلنَّخْلَةَ أَخَذَهَا اَلْمَخَاضُ فَوَضَعَتْ 44بِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَلَمَّا نَظَرَتْ إِلَيْهِ «قٰالَتْ يٰا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هٰذٰا وَ كُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا» مَا ذَا أَقُولُ لِخَالِي وَ مَا ذَا أَقُولُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ «فَنٰادٰاهٰا» 44عِيسَى «مِنْ تَحْتِهٰا أَلاّٰ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا» أَيْ نَهَراً «وَ هُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ اَلنَّخْلَةِ» أَيْ حَرِّكِي اَلنَّخْلَةَ «تُسٰاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا» أَيْ طَيِّباً وَ كَانَتِ اَلنَّخْلَةُ قَدْ يَبِسَتْ مُنْذُ دَهْرٍ طَوِيلٍ، فَمَدَّتْ يَدَهَا إِلَى اَلنَّخْلَةِ فَأَوْرَقَتْ وَ أَثْمَرَتْ وَ سَقَطَ عَلَيْهَا اَلرُّطَبُ اَلطَّرِيُّ فَطَابَتْ نَفْسُهَا فَقَالَ لَهَا 44عِيسَى قَمِّطِينِي وَ سَوِّينِي ثُمَّ اِفْعَلِي كَذَا وَ كَذَا فَقَمَّطَتْهُ وَ سَوَّتْهُ وَ قَالَ لَهَا 44عِيسَى «فَكُلِي وَ اِشْرَبِي وَ قَرِّي عَيْناً فَإِمّٰا تَرَيِنَّ مِنَ اَلْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمٰنِ صَوْماً» وَ صَمْتاً كَذَا نَزَلَتْ «فَلَنْ أُكَلِّمَ اَلْيَوْمَ إِنْسِيًّا» فَفَقَدُوهَا فِي اَلْمِحْرَابِ فَخَرَجُوا فِي طَلَبِهَا وَ خَرَجَ خَالُهَا 42زَكَرِيَّا فَأَقْبَلَتْ وَ هُوَ فِي صَدْرِهَا وَ أَقْبَلْنَ مُؤْمِنَاتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَبْزُقْنَ فِي وَجْهِهَا فَلَمْ تُكَلِّمْهُنَّ حَتَّى دَخَلَتْ فِي مِحْرَابِهَا فَجَاءَ إِلَيْهَا بَنُو إِسْرَائِيلَ وَ 42زَكَرِيَّا فَقَالُوا لَهَا «يٰا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا» أَيْ عَظِيماً مِنَ اَلْمَنَاهِي «يٰا أُخْتَ هٰارُونَ مٰا كٰانَ أَبُوكِ اِمْرَأَ سَوْءٍ وَ مٰا كٰانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا» وَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ: يَا أُخْتَ هَارُونَ أَنَّ هَارُونَ كَانَ رَجُلاً فَاسِقاً زَانِياً فَشَبَّهُوهَا بِهِ مِنْ أَيْنَ هَذَا اَلْبَلاَءُ اَلَّذِي جِئْتِ بِهِ وَ اَلْعَارُ اَلَّذِي أَلْزَمْتِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ، فَأَشَارَتْ إِلَى 44عِيسَى فِي اَلْمَهْدِ فَقَالُوا لَهَا «كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كٰانَ فِي اَلْمَهْدِ صَبِيًّا» فَأَنْطَقَ اَللَّهُ 44عِيسَى اِبْنَ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالَ: «إِنِّي عَبْدُ اَللّٰهِ آتٰانِيَ اَلْكِتٰابَ وَ جَعَلَنِي نَبِيًّا» إِلَى قَوْلِهِ «ذٰلِكَ 44عِيسَى اِبْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ اَلْحَقِّ اَلَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ» أَيْ يُخَاصِمُونَ.
5 في كتاب الخصال ، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السّلام قال: في حديث طويل يذكر فيه الأغسال في شهر رمضان: و ليلة إحدى و عشرين، و هي اللّيلة الّتي مات فيها أوصياء الأنبياء ، و فيها رفع عيسى [بن مريم] عليه السّلام.
14 في تفسير عليّ بن إبراهيم : [كان سبب نزولها] أنّه لمّا اشتدّت قريش في أذى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أصحابه الّذين آمنوا به بمكّة قبل الهجرة ، أمرهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يخرجوا إلى الحبشة . و أمر جعفر بن أبي طالب أن يخرج معهم. فخرج جعفر و معه سبعون رجلا من المسلمين ، حتّى ركبوا البحر. فلمّا بلغ قريشا خروجهم، بعثوا عمرو بن العاص و عمارة بن الوليد إلى النّجاشي ليردّهم إليهم. و كان عمرو و عمارة متعاديين، فقالت قريش : كيف نبعث رجلين متعاديين؟ فبرئت بنو مخزوم من جناية عمارة و برئت بنو سهم من جناية عمرو بن العاص . فخرج عمارة و كان حسن الوجه شابّا مترفا، فأخرج عمرو بن العاص أهله معه. فلمّا ركبوا السّفينة، شربوا الخمر. فقال عمارة لعمرو بن العاص : قل لأهلك تقبّلني. فقال عمرو : أ يجوز هذا، سبحان اللّه؟ فسكت عمارة . فلمّا انتشى عمرو و كان على صدر السّفينة دفعه عمارة و ألقاه في البحر. فتشبّث عمرو بصدر السّفينة، و أدركوه فأخرجوه. فوردوا على النّجاشيّ ، و قد كانوا حملوا إليه هدايا، فقبلها منهم. فقال عمرو بن العاص : أيّها الملك، إنّ قوما منّا خالفونا في ديننا و سبّوا آلهتنا و صاروا إليك، فردّهم إلينا. فبعث النّجاشي إلى جعفر فجاءه ، فقال: يا جعفر ، ما يقول هؤلاء؟ فقال جعفر : أيّها الملك، و ما يقولون؟ قال: يسألون أن أردّكم إليهم. قال: أيّها الملك، سلهم، أ عبيد نحن لهم؟ فقال: عمرو : لا، بل أحرار كرام. فقال: فسلهم، ألهم علينا ديون يطالبوننا بها؟ فقال: لا، ما لنا عليكم ديون. قال: فلكم في أعناقنا دماء تطالبوننا بها؟ فقال عمرو : لا. قال: فما تريدون منّا؟ آذيتمونا فخرجنا من بلادكم. فقال عمرو بن العاص : أيّها الملك، خالفونا في ديننا و سبّوا آلهتنا و أفسدوا شبابنا و فرّقوا جماعتنا، فردّهم إلينا لنجمع أمرنا. فقال جعفر : نعم أيّها الملك، خالفناهم. بعث اللّه فينا نبيّا ، أمر بخلع الأنداد و ترك الاستقسام بالأزلام، و أمرنا بالصّلاة و الزّكاة، و حرّم الظّلم و الجور و سفك الدّماء بغير حقّها و الزّنا و الرّبا و الميتة و الدّم [و لحم الخنزير،] و أمرنا بالعدل و الإحسان و إيتاء ذي القربى، و ينهى عن الفحشاء و المنكر و البغي. فقال النّجاشيّ : بهذا بعث اللّه 44عيسى بن مريم . ثمّ قال النّجاشيّ : يا جعفر ، هل تحفظ ممّا أنزل اللّه على نبيّك شيئا؟ قال: نعم. فقرأ عليه 19سورة مريم ، فلمّا بلغ قوله: وَ هُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ اَلنَّخْلَةِ تُسٰاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا `فَكُلِي وَ اِشْرَبِي وَ قَرِّي عَيْناً. فلمّا سمع النّجاشيّ بهذا، بكى بكاء شديدا و قال: هذا و اللّه هو الحقّ. فقال عمرو بن العاص : أيّها الملك، إنّ هذا مخالف لنا ، فردّه إلينا. فرفع النّجاشيّ يده فضرب بها وجه عمرو ، ثمّ قال: اسكت، و اللّه لئن ذكرته بسوء لأفقدنك نفسك. فقام عمرو بن العاص من عنده و الدّماء تسيل على وجهه، و هو يقول: إن كان هذا كما تقول أيّها الملك، فإنّا لا نتعرّض له. و كانت على رأس النّجاشيّ و صيفة له، تذبّ عنه. فنظرت إلى عمارة بن الوليد و كان فتى جميلا فأحبّته. فلمّا رجع عمرو بن العاص إلى منزله، قال لعمارة : لو راسلت جارية الملك. فراسلها، فأجابته. فقال عمرو : قل لها تبعث إليك من طيب الملك شيئا. فقال لها، فبعثت إليه. فأخذ عمرو من ذلك الطّيب و كان الّذي فعل به عمارة في قلبه حين ألقاه في البحر فأدخل الطّيب على النّجاشيّ ، فقال: أيّها الملك، إنّ حرمة الملك عندنا، و طاعته علينا. و ما يكرمنا إذ دخلناه بلاده و نأمن فيه، أن لا نغشّه و لا نريبه. و إنّ صاحبي هذا الّذي معي قد راسل حرمتك و خدعها، و بعثت إليه من طيبك. ثمّ وضع الطّيب بين يديه. فغضب النّجاشيّ ، و همّ بقتل عمارة . ثمّ قال: لا يجوز قتله، فإنّهم دخلوا بلادي بأمان . فدعا النّجاشي السّحرة فقال لهم: اعملوا به شيئا أشدّ عليه من القتل. فأخذوه و نفخوا في إحليله الزّئبق، فصار مع الوحوش يغدو و يروح. و كان لا يأنس بالنّاس. فبعثت قريش بعد ذلك، فكمنوا له في موضع حتّى ورد الماء مع الوحش فأخذوه. فما زال يضطرب في أيديهم و يصيح، حتّى مات. و رجع عمرو إلى قريش ، فأخبرهم أنّ جعفر في أرض الحبشة في أكرم كرامة. فلم يزل بها حتّى هادن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قريشا و صالحهم، و فتح خيبر ، فوافى بجميع من معه. و ولد لجعفر بالحبشة من أسماء بنت عميس عبد اللّه بن جعفر . و ولد للنّجاشي ابن، فسمّاه النّجاشيّ محمّدا . و كانت أمّ حبيبة بنت أبي سفيان تحت عبد اللّه ، فكتب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى النّجاشي يخطب أمّ حبيب. فبعث إليها النّجاشيّ فخطبها لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فأجابته. فزوّجها منه، و أصدقها أربعمائة دينار، و ساقها عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و بعث إليها بثياب و طيب كثير، و جهّزها، و بعثها إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و بعث إليها بمارية القبطيّة ، أمّ إبراهيم . و بعث إليه بثياب و طيب و فرس. و بعث ثلاثين رجلا من القسّيسين فقال لهم: انظروا إلى كلامه، و إلى مقعده و مشربه و مصلاه. فلمّا وافوا المدينة ، دعاهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى الإسلام . و قرأ عليهم القرآن و إذ قال اللّه : يٰا 44عِيسَى اِبْنَ مَرْيَمَ اُذْكُرْ نِعْمَتِي [التي أنعمت] عَلَيْكَ وَ عَلىٰ وٰالِدَتِكَ إلى قوله فَقٰالَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هٰذٰا إِلاّٰ سِحْرٌ مُبِينٌ فلمّا سمعوا ذلك من رسول اللّه بكوا، و آمنوا. و رجعوا إلى النّجاشيّ ، فأخبروه خبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قرأوا عليه ما قرأ عليهم، فبكى النّجاشيّ و بكى القسّيسون. و أسلم النّجاشيّ ، و لم يظهر للحبشة إسلامه و خافهم على نفسه. و خرج من بلاد الحبشة يريد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فلمّا عبر البحر، توفّي. فأنزل اللّه على رسوله لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ اَلنّٰاسِ عَدٰاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا اَلْيَهُودَ إلى قوله: وَ ذٰلِكَ جَزٰاءُ اَلْمُحْسِنِينَ..
5 و في تهذيب الأحكام : عليّ بن الحسن، عن محمّد بن عبد اللّه بن زرارة، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان الأحمر، عن كثير النوّا، عن أبي جعفر عليه السّلام أنّه قال: و قد ذكر يوم عاشوراء: و هذا اليوم الّذي ولد فيه عيسى بن مريم عليه السّلام. و الحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة .
8 و في من لا يحضره الفقيه : و روى الحسن بن عليّ الوشّاء ، عن الرّضا عليه السّلام قال: ليلة خمس و عشرين من ذي القعدة ولد فيها 24إبراهيم عليه السّلام . و ولد فيها 44عيسى بن مريم عليه السّلام . و الحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة .
1 و في كتاب الخصال فيما علّم أمير المؤمنين عليه السّلام أصحابه من الأربعمائة باب ممّا يصلح للمسلم في دينه و دنياه: ما تأكل الحامل من شيء، و لا تتداوى به، أفضل من الرّطب. قال اللّه تعالى لمريم: وَ هُزِّي إِلَيْكِ (الآية).
5 و في كتاب المناقب لابن شهر آشوب : عبد اللّه بن كثير قال: نزل أبو جعفر عليه السّلام بواد، فضرب خباءه فيه. ثمّ خرج يمشي [حتّى انتهى] إلى نخلة يابسة، فحمد اللّه عندها. ثمّ تكلّم بكلام لم أسمع بمثله. ثمّ قال: أيّتها النّخلة، أطعمينا ممّا جعل اللّه فيك. فتساقطت رطبا أحمر و أصفر. فأكل و معه أبو أميّة الأنصاريّ . فقال: يا أبا أميّة ، هذه الآية فينا كالآية في مريم أن هزّي إليك، تساقط رطبا جنيّا.
6 و في بصائر الدّرجات : [حدّثنا موسى بن الحسن ، عن أحمد بن الحسين ، عن أحمد بن إبراهيم ، عن عبد اللّه بن بكير ، عن عمر بن بويه] ، عن سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام . قال: و كان أبو عبد اللّه البلخيّ معه. فانتهى إلى نخلة خاوية فقال: أيّتها النّخلة السّامعة الطّيّبة المطيعة لربّها، أطعمينا ممّا جعل اللّه فيك. قال: فتساقط علينا رطب مختلف ألوانه. فأكلنا حتّى تضلّعنا . فقال: البلخي : جعلت فداك، سنّة فيكم كسنّة مريم عليها السّلام.
2,6 الهيثم النّهديّ ، عن إسماعيل بن مهران [عن عبد اللّه بن الكنّاسيّ ] ، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: خرج الحسن بن عليّ بن أبي طالب في بعض عمره و معه رجل من ولد الزّبير كان يقول بإمامته. قال 14 : فنزلوا في منزل في تلك المنازل تحت نخل يابس قد يبس من العطش. قال: ففرش للحسن تحت نخلة، و للزّبيريّ بحذائه تحت نخلة أخرى. قال: فقال الزّبيريّ و رفع رأسه: لو كان في هذا النّخل رطب، لأكلنا منه. فقال له الحسن عليه السّلام: و إنّك لتشتهي الرّطب؟ قال: نعم. فرفع الحسن عليه السّلام يده إلى السّماء، و دعا بكلام لم يفهمه الزّبيريّ. فاخضرّت النّخلة، ثمّ صارت إلى حالها، فأورقت و حملت رطبا. قال: فقال له الجمّال الّذي اكتروا منه: سحر و اللّه! فقال له الحسن عليه السّلام: ويلك! ليس بسحر، و لكن دعوة ابن نبيّ مجاب. قال: فصعدوا إلى النّخلة حتّى يصرموا ما كان فيها. فأكفاهم.
6 و في من لا يحضره الفقيه : و روى أبو بصير ، عن الصّادق عليه السّلام أنّه قال: إنّ الصّوم ليس من الطّعام و الشّراب وحده. إنّ مريم قالت: إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمٰنِ صَوْماً ، أي: صمتا. فاحفظوا ألسنتكم. و غضّوا أبصاركم. و لا تحاسدوا و لا تنازعوا . فإنّ الحسد يأكل الإيمان، كما تأكل النّار الحطب.