الإنسان
الانسان من الناس اسم جنس يقع على الذكر و الأنثى و الواحد و الجمع، و اختلف في اشتقاقه مع اتفاقهم على زيادة النون الأخيرة.[1] قيل: سمّي بذلك لأنه خلق خلقة لا قوام له إلا بإنس بعضهم ببعض، و لهذا قيل: الإنسان مدنيّ بالطبع، من حيث لا قوام لبعضهم إلا ببعض، و لا يمكنه أن يقوم بجميع أسبابه، و قيل: سمّي بذلك لأنه يأنس بكلّ ما يألفه و قيل: هو افعلان، و أصله إنسيان، سمّي بذلك لأنه عهد اللّه إليه فنسي.[2]
أسماء السورة
سورة هل أتى على الإنسان، سورة الإنسان، سورة الدهر، سورة الأمشاج، سورة الأبرار. [3]
وجه التسمية
«سورة الإنسان»؛ سمّيت هذه السورة بهذا الاسم، لقوله تعالى في أوّلها: هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً.[4]
«سورة الأمشاج»؛ سميت به لوقوع لفظ الأمشاج فيها و لم يقع في غيرها من القرآن.[5]
«سورة الأبرار»؛ تسمى «سورة الأبرار»، لأن فيها ذكر نعيم الأبرار و ذكرهم بهذا اللفظ.[6]
«سورة هل أتى على الإنسان»؛ سمّيت هذه السورة بهذا الاسم لافتتاحها بها.
«سورة الدهر»؛ سمّيت هذه السورة بهذا الاسم لقوله حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ. [7]
عدد الآيات
هي إحدى و ثلاثون آية.[8]
عدد الکلمات
هي مائتان و أربعون كلمة.[9] (الجدير بالذکر أن الاقوال في عدد الکلمات القرآنية مختلفة)
عدد الحروف
هي ألف و أربع مائة و خمسون حرفا.[10] (الجدير بالذکر أن الاقوال في عدد الحروف القرآنية مختلفة)
أغراض السورة
الغرض من هذه السورة بيان أثر الشرائع في رفعة الإنسان. و قد اقتضى هذا أن يجري سياقها في شيء من الترغيب و الترهيب.[11]
المحتوي و الموضوعات
هذه السورة رغم قصرها، فانّ لها محتويات عميقة و متنوعة و جامعة، و يمكن بنظرة واحدة تقسيمها إلى خمسة أقسام:
القسم الأوّل: يتحدث عن إيجاد الإنسان و خلقه من نطفة أمشاج (مختلطة)، و كذلك عن هدايته و حرية إرادته.
القسم الثّاني: يدور الحديث فيه عن جزاء الأبرار و الصالحين، و سبب النزول الخاص بأهل البيت عليهم السّلام.
القسم الثّالث: تكرار الحديث عن دلائل استحقاق الصالحين لذلك الثواب في عبارات قصيرة و مؤثرة.
القسم الرّابع: يشير إلى أهمية القرآن و سبيل إجراء أحكامه و منهج تربية النفس الشاق.
القسم الخامس: جاء الحديث فيه عن حاكمية المشيئة الإلهية (مع حاكمية الإنسان).[12]
الفضائل، الخواص و ثواب التلاوة
أبي بن كعب عن النبي صلي الله عليه و آله قال: و من قرأ سورة (هل أتى) كان جزاؤه على الله جنة و حريرا.
و قال أبو جعفر عليه السلام: من قرأ سورة هل أتى في كل غداة خميس زوجه الله من الحور العين مائة عذراء و أربعة آلاف ثيب و كان مع محمد صلي الله عليه و آله.[13]
محل النزول
اختلفوا فيها فقيل مكية كلها و قيل مدنية كلها عن مجاهد و قتادة و قيل إنها مدنية إلا قوله «وَ لا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً» فإنه مكي عن الحسن و عكرمة و الكلبي و قيل إن قوله «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا» إلى آخر السورة مكي و الباقي مدني.[14]
زمان النزول
نزلت سورة الإنسان بعد سورة الرحمن، و كان نزول سورة الرحمن فيما بين صلح الحديبية و غزوة تبوك، فيكون نزول سورة الإنسان في ذلك التاريخ أيضا.[15]
جوّ النزول
هناك أقوال في أوساط المفسّرين حول مدنية هذه السورة أو مكيّتها، فالمفسّرون و منهم علماء الشيعة أجمعوا على أنّ السورة بتمامها أو على الأقل ما جاء في صدرها و التي تتحدث عن الأبرار و الأعمال الصالحة هي مدنية.[16]
قد روى الخاص و العام أن الآيات من هذه السورة و هي قوله «إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ» إلى قوله «وَ كانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً» نزلت في علي و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السلام و جارية لهم تسمى فضة و هو المروي عن ابن عباس و مجاهد و أبي صالح. جملتها أنهم قالوا مرض الحسن و الحسين عليهما السلام فعادهما جدهما صلي الله عليه و آله و وجوه العرب و قالوا يا أبا الحسن لو نذرت على ولديك نذرا فنذر صوم ثلاثة أيام إن شفاهما الله سبحانه و نذرت فاطمة عليها السلام كذلك و كذلك فضة فبرءا و ليس عندهم شيء فاستقرض علي عليه السلام ثلاثة أصوع من شعير من يهودي و روي أنه أخذها ليغزل له صوفا و جاء به إلى فاطمة عليها السلام فطحنت صاعا منها فاختبزته و صلى علي المغرب و قربته إليهم فأتاهم مسكين يدعو لهم و سألهم فأعطوه و لم يذوقوا إلا الماء فلما كان اليوم الثاني أخذت صاعا فطحنته و خبزته و قدمته إلى علي عليه السلام فإذا يتيم في الباب يستطعم فأعطوه و لم يذوقوا إلا الماء فلما كان اليوم الثالث عمدت إلى الباقي فطحنته و اختبزته و قدمته إلى علي عليه السلام فإذا أسير بالباب يستطعم فأعطوه و لم يذوقوا إلا الماء فلما كان اليوم الرابع و قد قضوا نذورهم أتى علي عليه السلام و معه الحسن و الحسين عليهما السلام إلى النبي صلي الله عليه و آله و بهما ضعف فبكى رسول الله صلي الله عليه و آله و نزل جبرائيل عليه السلام بسورة هل أتى.[17]
الترتيب في المصحف
هذه السورة هي السورة «السادسة و السبعون» من القرآن بترتيب المصحف.
الترتيب حسب النزول
هذه السورة هي السورة «الثامنة و التسعون» من القرآن حسب النزول و نزلت بعد الرحمن.[18] (الجدير بالذکر أن الأقوال في ترتيب السور القرآنية حسب النزول مختلفة)
العلاقة مع السورة السابقة
ختم الله سبحانه يوم القيامة بأن دل على صحة البعث بخلق الإنسان من نطفة و افتتح هذه السورة بمثل ذلك.[19]
الخصوصية
هذه السورة هي سورة أهل البيت عليهم الصلاة و السلام[20] إذ نزلت في شأنهم و منزلتهم الجليلة.
و هي من المفصلات.[21] قال ابن قتيبة: .. و أمّا المفصّل فهو ما يلي المثاني من قصار السّور، و إنما سمّيت مفصّلا لقصرها و كثرة الفصول فيها بسطر: بسم الله الرّحمن الرّحيم. قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم أعطيت السبع الطول مكان التوراة و أعطيت المثاني مكان الزبور و أعطيت المئين مكان الإنجيل و فضلت بالمفصَّل. [22]
[1]مجمع البحرين، ج4، ص47
[2]مفردات ألفاظ القرآن، ص94
[3]التحرير و التنوير، ج29، ص 343
[4]الموسوعة القرآنية، خصائص السور، ج10، ص 281
[5]التحرير و التنوير، ج29، ص 343
[6]نفس المصدر
[7]بصائر ذوى التمييز فى لطائف الكتاب العزيز، ج1، ص 493
[8]الكشف و البيان، ج10، ص93
[9]نفس المصدر
[10]نفس المصدر
[11]الموسوعة القرآنية، خصائص السور، ج10، ص 281
[12]الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج19، ص 239
[13]مجمع البيان في تفسير القرآن، ج10، ص 608
[14]نفس المصدر
[15]الموسوعة القرآنية، خصائص السور، ج10، ص 281
[16]الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج19، ص 240
[17]مجمع البيان في تفسير القرآن، ج10، ص 612
[18]التمهيد في علوم القرآن، ج1، ص 136
[19]مجمع البيان في تفسير القرآن، ج10، ص 608
[20]تفسير سورة هل أتى، ج2، ص 275
[21]التمهيد في علوم القرآن، ج 1، ص 313
[22]جامع البيان فى تفسير القرآن، ج1، ص 34