الجمعة
هو أحد أيام الأسبوع. و ضم الميم لغة الحجاز و فتحها لغة تميم و إسكانها لغة عقيل، سمي بذلك لاجتماع الناس فيه.[1]
أسماء السورة
سورة الجمعة.[2]
وجه التسمية
«سورة الجمعة»؛ قد سمّيت هذه السورة بهذا الاسم، لقوله تعالى في الآية التاسعة منها: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّه.[3]
عدد الآيات
هي إحدى عشر آية.[4]
عدد الکلمات
هي مائة و ثمانون كلمة.[5] (الجدير بالذکر أن الأقوال في عدد الکلمات القرآنية مختلفة)
عدد الحروف
هي سبعمائة و عشرون حرفا.[6] (الجدير بالذکر أن الأقوال في عدد الحروف القرآنية مختلفة)
أغراض السورة
الغرض من هذه السورة الحثّ على العمل بالعلم، و توبيخ من لا يعمل بعلمه من المنافقين و اليهود.[7]
المحتوي و الموضوعات
تدور هذه السورة حول محورين أساسيين: الأوّل: هو التوحيد و صفات اللّه و الهدف من بعثة الرّسول و مسألة المعاد. و المحور الثّاني: هو الأثر التربوي لصلاة الجمعة و بعض الخصوصيات المتعلّقة بهذه العبادة العظيمة.
و لكن يمكن أن نجمل الأبحاث التي وردت في هذه السورة المباركة بالنقاط التالية:
1- تسبيح كافّة المخلوقات.
2- الهدف التعليمي و التربوي من بعثة الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.
3- تحذير المؤمنين و تنبيههم من مغبّة الوقوع في الانحراف الذي وقع فيه اليهود فابتعدوا عن جادّة الصواب و الحقّ.
4- إشارة إلى قانون الموت العامّ و الشامل الذي يمثّل المعبر إلى عالم البقاء و الخلود.
5- التأكيد على أداء فريضة صلاة الجمعة، و حثّ المؤمنين على تعطيل العمل و الكسب من أجل المشاركة فيها.[8]
الفضائل، الخواص و ثواب التلاوة
أبي بن كعب عن النبي صلي الله عليه و آله قال: و من قرأ سورة الجمعة أعطي عشر حسنات بعدد من أتى الجمعة و بعدد من لم يأتها في أمصار المسلمين.
منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من الواجب على كل مؤمن إذا كان لنا شيعة أن يقرأ في ليلة الجمعة بالجمعة و سبح اسم ربك و في صلاة الظهر بالجمعة و المنافقين فإذا فعل فكأنما يعمل عمل رسول الله صلي الله عليه و آله و كان ثوابه و جزاؤه على الله الجنة.[9]
محل النزول
سورة الجمعة مدينة.[10]
زمان النزول
نزلت سورة الجمعة بعد سورة الصفّ، و نزلت سورة الصف فيما بين صلح الحديبية و غزوة تبوك، فيكون نزول سورة الجمعة في ذلك التاريخ أيضا.[11]
جوّ النزول
نزلت هذه السورة بعد سورة «الصف» السابقة. و هي تعالج الموضوع الذي عالجته سورة الصف و لكن من جانب آخر، و بأسلوب آخر و بمؤثرات جديدة. إنها تعالج أن تقر في أخلاد الجماعة المسلمة في المدينة أنها هي المختارة أخيرا لحمل أمانة العقيدة الإيمانية؛ و أن هذا فضل من اللّه عليها؛ و أن بعثة الرسول الأخير في الأميين- و هم العرب- منة كبرى تستحق الالتفات و الشكر و تقتضي كذلك تكاليف تنهض بها المجموعة التي استجابت للرسول و احتملت الأمانة؛ و أنها موصولة على الزمان غير مقطوعة و لا منبتة، فقد قدر اللّه أن تنمو هذه البذرة و تمتد. بعد ما نكل بنو إسرائيل عن حمل هذه الأمانة و انقطعت صلتهم بأمانة السماء؛ و أصبحوا يحملون التوراة كالحمار يحمل أسفارا، و لا وظيفة له في إدراكها، و لا مشاركة له في أمرها! تلك هي الحقيقة الرئيسية التي تعالج السورة إقرارها في قلوب المسلمين. من كان منهم في المدينة يومذاك على وجه الخصوص و هم الذين ناط اللّه بهم تحقيق المنهج الإسلامي في صورة واقعة. و من يأتي بعدهم ممن أشارت إليهم السورة، و ضمتهم إلى السلسلة الممتدة على الزمان.
و في الوقت ذاته تعالج السورة بعض الحالات الواقعة في تلك الجماعة الأولى؛ في أثناء عملية البناء النفسي العسيرة المتطاولة الدقيقة. و تخلصها من الجواذب المعوّقة من الحرص و الرغبة العاجلة في الربح و موروثات البيئة و العرف. و بخاصة حب المال و أسبابه الملهية عن الأمانة الكبرى و الاستعداد النفسي لها. و تشير إلى حادث معين. حيث كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يخطبهم في المسجد للجمعة حين حضرت قافلة من قوافلهم التجارية؛ فما إن أعلن نبأ قدومها حتى انفض المستمعون منصرفين إلى التجارة و اللهو الذي كانت القافلة تحاط به على عادة الجاهلية من ضرب بالدفوف و حداء و هيصة! و تركوا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قائما. فيما عدا اثني عشر من الراسخين فيهم أبو بكر و عمر بقوا يستمعون! كما تذكر الروايات، التي قد لا تكون دقيقة من حيث العدد، و لكنها ثابتة من حيث وقوع هذه الحركة من عدد من الحاضرين اقتضى التنبيه إليها في القرآن الكريم. و هي حادثة تكشف بذاتها عن مدى الجهد الذي بذل في تربية تلك الجماعة الأولى حتى انتهت إلى ما انتهت إليه؛ و حتى صارت ذلك النموذج الفريد في تاريخ الإسلام و في تاريخ البشرية جميعا. و تلهمنا الصبر على مشقة بناء النفوس في أي جيل من الأجيال، لتكوين الجماعة المسلمة التي تنهض بحمل أمانة هذه العقيدة، و تحاول تحقيقها في عالم الواقع كما حققتها الجماعة الأولى.
و في السورة مباهلة مع اليهود، بدعوتهم إلى تمني الموت للمبطلين من الفريقين و ذلك ردا على دعواهم أنهم أولياء اللّه من دون الناس و أنهم شعب اللّه المختار و أن بعثة الرسول في غيرهم لا تكون! كما كانوا يدعون! مع جزم القرآن بأنهم لن يقبلوا هذه المباهلة التي دعوا إليها فنكلوا عنها لشعورهم ببطلان دعواهم. و تعقب السورة على هذا بتقرير حقيقة الموت الذي يفرون منه و أنه ملاقيهم مهما فروا و أنهم مردودون إلى عالم الغيب و الشهادة فمنبئهم بما كانوا يعملون .. و هو تقرير لا يخص اليهود وحدهم إنما يلقيه القرآن و يدعه يفعل فعله في نفوس المؤمنين كذلك. فهذه الحقيقة لا بد أن تستقر في نفوس حملة أمانة اللّه في الأرض، لينهضوا بتكاليفها و هم يعرفون الطريق! هذا هو اتجاه السورة، و هو قريب من اتجاه سورة الصف قبلها مع تميز كل منهما بالجانب الذي تعالجه، و بالأسلوب الذي تأخذ القلوب به و الظلال التي تلقيها هذه و تلك في الاتجاه الواحد العام.[12]
الترتيب في المصحف
هذه السورة هي السورة «الثانية و الستون» من القرآن بترتيب المصحف.
الترتيب حسب النزول
هذه السورة هي السورة «التاسعة بعد المائة» من القرآن حسب النزول و نزلت بعد التحريم.[13] (الجدير بالذکر أن الأقوال في ترتيب السور القرآنية حسب النزول مختلفة)
العلاقة مع السورة السابقة
لما ختم الله سبحانه سورة الصف بالترغيب في عبادته و الدعاء إليها و ذكر تأييد المؤمنين بالنصر و الظهور على الأعداء افتتح هذه السورة ببيان قدرته على ذلك و على جميع الأشياء.[14]
الخصوصية
هذه السورة من المفصلات.[15] قال ابن قتيبة: .. و أمّا المفصّل فهو ما يلي المثاني من قصار السّور، و إنما سمّيت مفصّلا لقصرها و كثرة الفصول فيها بسطر: بسم الله الرّحمن الرّحيم. قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم أعطيت السبع الطول مكان التوراة و أعطيت المثاني مكان الزبور و أعطيت المئين مكان الإنجيل و فضلت بالمفصَّل. [16]
و هي أيضاً من الممتحنات. [17] و من المسبحات.[18]
و ذکر فيها صلاة الجمعة و بعض أحکامها.
و قد ورد في الروايات التأكيد الكثير على قراءة سورة الجمعة و المنافقون في صلاة الجمعة، و قد ورد في بعض الروايات أن لا تترك قراءتها ما أمكن، و مع أنّ العدول في القراءة عن سورة «التوحيد» و «قل يا أيّها الكافرون» إلى سور اخرى غير جائز، إلّا أنّ هذه المسألة مستثناة في صلاة الجمعة، فيجوز العدول عنهما إلى سورة «الجمعة» و «المنافقون» بل عدّ ذلك مستحبّا.[19]
[1]مجمع البحرين، ج3، ص 349
[2]التحرير و التنوير، ج28، ص 184
[3]الموسوعة القرآنية، خصائص السور، ج9، ص 257
[4]الكشف و البيان، ج9، ص 305
[5]نفس المصدر
[6]نفس المصدر
[7]الموسوعة القرآنية، خصائص السور، ج9، ص 257
[8]الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج18، ص 311
[9]مجمع البيان في تفسير القرآن، ج10، ص 427
[10]نفس المصدر
[11]الموسوعة القرآنية، خصائص السور، ج9، ص 257
[12]فى ظلال القرآن، ج6، ص 3562-3563
[13]التمهيد في علوم القرآن، ج1، ص 136
[14]مجمع البيان في تفسير القرآن، ج10، ص 428
[15]التمهيد في علوم القرآن، ج 1، ص 313
[16]جامع البيان فى تفسير القرآن، ج1، ص 34
[17]التمهيد في علوم القرآن، ج 1، ص 313
[18]نفس المصدر، ج5، ص 294
[19]الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج18، ص 313