العاص بن وائل
هو العاص بن وائل بن هشام، و قيل: هاشم بن سعيد بن سهم بن عمرو القرشيّ، السهمي، و أمّه سلمى من بني بلي، و هو أبو عمرو بن العاص المعروف.
من زعماء و شخصيّات قريش في الجاهليّة، و أحد حكام العرب فيها، و قائد بني سهم في حرب الفجار، و كان كافرا مشركا باللّه و ثنيّا، بيطارا يعالج الخيل.
أدرك الإسلام و رأى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و صار من أشدّ خصوم النبي صلّى اللّه عليه و آله و المسلمين، و من أكثر المشركين استهزاء بالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله و بالعقيدة الإسلاميّة.
كان من الذين يغمزون الناس، و يستحقرون الفقراء، و يستخفّون بهم، و على رأس الذين يؤذون النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و يعذّبون المسلمين، و وقف في وجه النبي صلّى اللّه عليه و آله؛ ليمنعه من أداء رسالته.
و لم يزل يقف حجر عثرة أمام النبي صلّى اللّه عليه و آله حتّى هلك بالأبواء بين مكّة و المدينة على أثر سقوطه من ظهر حماره في أحد شعاب مكّة، و ذلك في السنة الأولى من هجرة النبي صلّى اللّه عليه و آله، و قيل: هلك غير مأسوف عليه قبل الهجرة بثلاث سنوات، و هو ابن 85 سنة.
جاء مع جماعة على شاكلته من الكفّار و المستهزئين إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله، و قالوا: يا محمد لو جعل معك ملك يحدّث الناس و يرى معك؟ فنزلت فيه و فيهم «وَ قالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَ لَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ...»[1]
و جاء يوما مع جماعة إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سألوه عن قيام الساعة، فنزلت فيهم: «يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي ...»[2]
كان المستهزءون بالنبي صلّى اللّه عليه و آله و المسلمين أربعة اشخاص و العاص خامسهم، نزلت فيهم: «إنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ»[3] .
و طلب هو و جماعة من المشركين من النبي صلّى اللّه عليه و آله أن يفجر لهم أنهارا و عيونا لكي يؤمنوا برسالته، فنزلت فيهم: «وَ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً»[4] .
استأجر رجلا ليعمل عنده، و بعد أن أتمّ العمل امتنع عن دفع أجوره قائلا: نحن أحق بالجنّة من محمّد صلّى اللّه عليه و آله، فسوف أعطيك أجورك في الجنّة، فنزلت فيه «تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا»[5] .
كان للخبّاب بن الأرت عليه دين فتقاضاه، فقال العاص: لا و اللّه لا أسدد لك حتّى تكفر بمحمّد صلّى اللّه عليه و آله، فقال الخبّاب: لا و اللّه لا أكفر بمحمّد صلّى اللّه عليه و آله حيّا و لا ميّتا و لا حين تبعث، قال العاص مستهزئا: فإنّي اذا متّ بعثت؟ قال الخبّاب: نعم، قال العاص: إذا بعثت جئتني و سيكون لي مال و ولد فأعطيك، و قال: إنّكم تزعمون أنّكم تبعثون، و أنّ في الجنّة ذهبا و فضّة و حريرا فأنا أقضيك، فنزلت فيه الآيات الآية 77 – 79 من سورة مريم.
و جاء يوما إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و معه عظمة بالية، فقال: أرجع الحياة إلى هذه العظمة، فنزلت فيه «وَ ضَرَبَ لَنا مَثَلًا وَ نَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَ هِيَ رَمِيمٌ»[6]
و لكثرة كفره و تكبّره على الناس لا سيما الضعفاء و الأيتام منهم نزلت فيه الآيات الثلاث من سورة الماعون.
لما توفّي القاسم ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال المترجم له: إنّ محمدا صلّى اللّه عليه و آله أبتر، لا يعيش له ولد ذكر. و كان يقول: دعوا محمّدا صلّى اللّه عليه و آله فإنّه رجل أبتر، لا عقب له، لو هلك انقطع ذكره و استرحتم منه. و كان إذا التقى بالنبي صلّى اللّه عليه و آله، يقول له: إنّي لأشنؤك و إنّك لأبتر في الرجال، فنزلت فيه «إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ»[7] .
و نزلت فیه و جماعة من المشرکین سورة الکافرون.[8]
المنبع:
أعلام القرآن، ص 560
[1]الانعام: 8
[2]الاعراف: 187
[3]الحجر: 95
[4]الاسراء: 90
[5]مریم: 63
[6]یس: 78
[7]الکوثر: 3
[8]أعلام القرآن، ص 560