الحَبل
المجموعات : الأثاث

الحبل

الأصل في هذه المادّة الحبل ای الرّباط. و الحبل: الرّسن. و الحبل: العهد و الميثاق و الأمان و الوصال، لأنّه يتوصّل به إلى ذلك.

المعنى الحقيقيّ للحبل و هو الرّسن جاء في قصّتين من خصوم الحقّ إحداهما في هذه الأمّة، و هي قصّة أبي لهب و امرأته في عداوة نبيّ الإسلام عليه السّلام، و الأخرى في بني إسرائيل قصّة فرعون و أتباعه في مواجهة موسى عليه السّلام.

قال تعالی:«وَ امْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ»[1] فجاء فیها الحبل نكرة مزيدا في التّحقير و التّخسيس و الإهانة اللّاتي وصفت امرأة أبي لهب بها. فهی لم تشتغل بذلك للحاجة، بل وصفت بذلك لأنّها كانت تحمل في كلّ ليلة رزمة حطب ترميها في طريق النّبيّ عليه السّلام، و الوصف الثّاني لها فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ تجسيما لحالتها الدّنيئة و المضطرّة حين حمل الحطب، و هي أنّ الحبل الّذي كانت تحمل به الحطب على ظهرها يمسّ جيدها بخشونة، و هو موضع القلادة و الزّينة للنّساء، فبدّل موضع الزّينة و الجمال و العزّة و الفرح إلى موضع القبح و العيب و الذّلّة و الحزن.

و قال تعالی: «فَإِذا حِبالُهُمْ وَ عِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى»[2] .

و فی المعنى المجازيّ قال تعالی: «وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ»[3] فأطلق فيها «الحبل» على عرق «الوريد» تشبيها له بالحبل في طوله و اتّصاله.

و قال تعالی: «وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا» قالوا في حبل اللّه: إنّه القرآن، أو الكتاب و السّنّة، أو الإسلام، أو أهل البيت عليهم السّلام، أو العهد و نحوها، و لكلّ شاهد من الكتاب و السّنّة و اللّغة، و الصّواب كما اعترف به بعضهم: إرادة العامّ، و هذه مصاديقه، و أقواها حجّة: الكتاب، و العترة، استنادا إلى حديث الثّقلين الّذي عبّر عنهما ب «حبلين».

و قال: «ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَ حَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَ باؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ»[4] قالوا: حبل من اللّه الإيمان به، و حبل من النّاس عهد من الأمراء بالجزية، لأنّ الخطاب لليهود و قد كرّر (حبل) لاختلاف المعنى. و قيل: هما حبل واحد. لأنّ حبل المؤمنين هو حبل اللّه، فالحبل هنا هو العهد من اللّه و من المسلمين.[5]

المنبع:

المعجم فى فقه لغه القرآن و سر بلاغته، ج 10، ص 746

 

[1]المسد: 4، 5

[2]طه: 66

[3]: 16

[4]آل عمران: 112

[5]المعجم فى فقه لغه القرآن و سر بلاغته، ج 10، ص 746