الجُلود
المجموعات : الأعضاء والجوارح

الجلود

الجلد غشاء جسد الحيوان، و الجمع جلود و أجلاد.

جاء الجلود تسع مرّات فی الآیات و هي قسمان: جلود الحيوان و هي نعمة من اللّه للإنسان في الدّنيا، و جلود الإنسان في الباقي و هي قسمان أيضا جلودهم في الدّنيا مدحا و خوفا من اللّه، و السّياق في هاتين مدح، و جلودهم في الآخرة تعذيبا و كلّها ذمّ. فجلود الإنسان فيها غلبت الحيوان، و في جلود الإنسان غلب الذّمّ و العذاب على الرّحمة.

قال تعالی:«وَ اللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَ يَوْمَ إِقامَتِكُمْ وَ مِنْ أَصْوافِها وَ أَوْبارِها وَ أَشْعارِها أَثاثاً وَ مَتاعاً إِلى حِينٍ»[1] اختلفوا في أنّ المراد بالبيوت الخيام الّتي تنسج من أشعارها و أوبارها، أو الّتي تصنع من الأدم و الأنطاع، أو القسمان معا. و التّعميم أولى إلّا أنّ ذيلها قرینة علی ان المراد نفس الجلود.

و قال: «كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لیذوقوا العذاب»[2] فإضافة (جلود) جمعا إليهم باعتبار أنّ لكلّ منهم جلدا، أو باعتبار أنّ لكلّ منهم جلودا حقيقة، لأنّ جلد كلّ إنسان يتبدّل دائما مادام حيّا، فلعلّ الجلود المتبدّلة في الآخرة هي الّتي تبدّلت في الدّنيا، و قد صدرت منها المعاصي و السّيّآت.

هنا في تبديل «الجلود» للعذاب سؤال معروف، و هو أنّ الجلود المبدّلة غير عاصية، فكيف تعذّب! و لهم أجوبة اثنان: أحدهما: أنّ الجلود لا تعذّب و إنّما النّفوس هي الّتي تذوق العذاب، و الجلود بمنزلة الثّياب لها. و ثانيهما: أنّها استعارة عن دوام العذاب و عدم انقطاعه، كما يقال لمن يراد وصفه بالدّوام أي كلّما ظنّوا أنّهم نضجوا و احترقوا و أنهوا إلى الهلاك أعطيناهم قوّة جديدة من الحياة، بحيث ظنّوا أنّهم الآن وجدوا.

لکن أصل السّؤال كما قال الآلوسيّ لا ينبغي أن يصدر عن عاقل فضلا عن فاضل، لأنّ عصيان الجلد و طاعته و تألّمه و تلذّذه غير معقول، لأنّ الإدراك و الشّعور للنّفس و البدن بجميع أعضائه كالآلة للنّفس الحسّاسة. مع أنّ ما احتملناه من أنّ الجلود المتبدّلة في الجحيم هي المتبدّلة في الدّنيا دافع للسّؤال.[3]

المنبع:

المعجم فى فقه لغه القرآن و سر بلاغته، ج 9، ص 72

 

[1]لنّحل: 80

[2]النساء: 56

[3]المعجم فى فقه لغه القرآن و سر بلاغته، ج 9، ص 721