النفس المطمئنة
المجموعات : الأعضاء والجوارح

النفس المطمئنّة

النَّفْس : الرُّوح.[1] و النفس المطمئنة مرتبة من مراتب النفس التي توصل الإنسان بعد التصفية و التهذيب الكامل الى ان يسيطر على غرائزه و يروضها.

يقسم علماء النفس و الأخلاق النفس «و هي الإحساسات و الغرائز و العواطف الانسانية» الى ثلاثة مراحل، و قد أشار إليها القرآن المجيد:

«النفس الامارة» و هي النفس التي تأمر الإنسان بالذنب و تجره الى كل جانب، و لذا سموها «امارة» و في هذه المرحلة لا يكون العقل و الايمان قد بلغا مرحلة من القدرة ليكبحا جماحها، بل في كثير من المواقع يستسلمان للنفس الامارة، و إذا تصارعت النفس الامارة مع العقل في هذه المرحلة فإنها ستهزمه و تطرحه أرضا. و هذه المرحلة هي التي أشير إليها في الآية: «وَ ما أُبَرِّئُ نَفْسي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ ما رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحيم » [2] و جرت على لسان امراة العزيز بمصر، و جميع شقاء الإنسان أساسه النفس الامارة بالسوء.

«النفس اللوامة» و هي التي ترتقي بالإنسان بعد التعلم و التربية و المجاهدة، و في هذه المرحلة ربما يخطئ الإنسان نتيجة طغيان الغرائز، لكن سرعان ما يندم و تلومه هذه النفس، و يصمم على تجاوز هذا الخطأ و التعويض عنه، و يغسل قلبه و روحه بماء التوبة.و بعبارة اخرى: في المواجهة بين النفس و العقل، قد ينتصر العقل أحيانا و قد تنتصر النفس، الا ان النتيجة و الكفة الراجحة هي للعقل و الايمان. و من اجل الوصول الى هذه المرحلة لا بد من الجهاد الأكبر، و التمرين الكافي، و التربية في مدرسة الأستاذ، و الاستلهام من كلام الله و سنن الأنبياء و الائمة عليهم السلام. و هذه المرحلة هي التي اقسم الله بها في سورة القيامة قسما يدل على عظمتها: «لا أقسم بيوم القيامة و لا أقسم بالنفس اللوامة».

«النفس المطمئنة» و هي المرحلة التي توصل الإنسان بعد التصفية و التهذيب الكامل الى ان يسيطر على غرائزه و يروضها فلا تجد القدرة للمواجهة مع العقل و الايمان، لان العقل و الايمان بلغا درجة من القوة بحيث لا تقف امامهما الغرائز الحيوانية. و هذه هي مرحلة الاطمئنان و السكينة، الاطمئنان الذي يحكم المحيطات و البحار حيث لا يظهر عليها الانهزام امام اشد الأعاصير. و هذا هو مقام الأنبياء و الأولياء و اتباعهم الصادقين، أولئك الذين تدارسوا الايمان و التقوى في مدرسة رجال الله، و هذبوا أنفسهم سنين طوالا، و واصلوا الجهاد الأكبر الى آخر مرحلة. و إليهم و الى أمثالهم يشير القرآن الكريم في سورة الفجر: «يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي و ادخلي جنتي» .[3]

المنابع:

مفردات ألفاظ القرآن، ص 818

الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج 7، ص 233

 

[1]مفردات ألفاظ القرآن، ص 818

[2]یوسف: 53

[3]الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج 7، ص 233