الریح
المجموعات : العناصر الأربعة

الریح

الريح : الهواء إذا تحرك. و قيل: الهواء المسخّر بين السماء و الأرض. و قيل: نَسيم الهواء. أنثى، الجمع: أرواح و رِياح و أرياح . و الرِّيحة: طائفة من الريح. و سميت الرِّيح رِيحا لأن الغالب عليها فى هبوبها المجى ءُ بالرواح و الراحة، و انقطاع هبوبها يكسب الكرب و الغمّ و الأذى.[1]

قال الراغب: الرِّيحُ فيما قيل الهواء المتحرّك. و عامّة المواضع الّتي ذكر اللّه تعالى فيها إرسال الرّيح بلفظ الواحد فعبارة عن العذاب، و كلّ موضع ذكر فيه بلفظ الجمع فعبارة عن الرّحمة، فمن الرِّيحِ: «إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً»[2] و قال في الجمع: «وَ أَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ »[3] . و قد يستعار الرّيح للغلبة في قوله: «وَ أَطيعُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ لا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَ تَذْهَبَ ريحُكُمْ وَ اصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرين »[4] .[5]

الریاح من آیات الله و تصحب بشائر کثیرة:

فهي تمضي سابقة للغيث في حركتها، فتجمع القطع المتفرقة من الغيوم و تربط بينها و تؤلفها و تحملها إلى الأرض اليابسة العطشى، و تغطي صفحة السماء، و مع تغير درجة حرارة الجو تهي ء المطر للنزول من هذه الغيوم.

و لعلّ أهمية قدوم الرياح المبشرات لأهل المدن المتنعمة ليست جليّة واضحة إلّا أن أهل الصحاري اليابسة الظمأى إلى المطر، ما إن تتحرك الرياح مصحوبة بالسحاب التي هطلت في نقطة أخرى و النسيم يحمل رائحة الطلّ و الرطوبة منها، حتى يلمع و ميض الأمل في قلوبهم فالرياح تبدل حرارة الجو و برودته الشديدة إلى «الاعتدال».

و الرياح تستهلك العفونة في الفضاء الكبير و تصفي الهواء.

و الرياح تخفف من وطء حرارة الشمس على الأوراق و النباتات، و تمنع من احتراقها بحرارة الشمس.

كما أنّ الرياح تنقل غاز الأوكسجين المتولد من النباتات و أوراق الشجر إلى الإنسان، و تهب غاز ثاني أوكسيد الكاربون الخارج مع زفير الإنسان و تنفسه إلى النباتات أيضا.

و هي كذلك تؤدي وظيفة أخرى، فقد أرسلها اللّه لواقح تنقل معها لقاح الأزهار الذكور للإناث.

و الرياح تحرك الطواحين الهوائية و تصفي البيادر.

و الرياح تنقل البذور من المناطق التي قد تجمعت فيها و تنثرها و تبسطها على الصحراء، كأنّها فلاح مشفق، فتغدو خضراء ممرعة بعد أن كانت يبابا.

و الرياح تنقل السفن مع مسافريها و أثقالهم إلى نقاط مختلفة. و حتى في هذا العصر الذي حلت الوسائل الحديثة «الماكنات» مكان الرياح، فما تزال الرياح ذات أثر بالنسبة للسفن في اتجاهاتها المخالفة لها أو الموافقة لها سرعة و بطأ أجل، أنّ الرياح مبشرات من جهات شتى.

فالریاح وسيلة لتكاثر النعم العديدة في مجال الزراعة و التدجين، و هي وسيلة للحمل و النقل أيضا، و أخيرا فهي سبب للازدهار التجاري. و الطريف هنا أن جميع هذه البركات منشؤها الحركة، الحركة في ذرات الهواء في الفضاء الجوي لكن لا يعرف قدر أية نعمة حتى تسلب عن الإنسان فيعرفها حينذاك. فما لم تتوقف هذه الرياح و النسائم، فلا يعرف الإنسان ما ذا يحلّ به من بلاء؟ فتوقف الهواء يجعل الحياة في أفضل الحقول كالحياة في أشد المطامير و السجون ظلمة و على العكس فلو أن نسيما عليلا هب في خلايا السجون الانفرادية لجعلها كالفضاء الرحب «المفتوح»، و عادة فإنّ واحدا من أساليب التعذيب في السجون هو سدّ منافذ الهواء. حتى أنّ الهواء لو توقف في المحيطات و هدأت الأمواج، لأصبحت حياة الحيوانات البحرية مهددة بالخطر على أثر قلّة الأوكسجين، و يتحول البحر حينذاك إلى مستنقع متعفن موحش.[6]

المنابع:

مفردات ألفاظ القرآن، ص 369

الإفصاح فى فقه اللغة، ج 1، ص 128

الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج 12، ص 557

 

[1]الإفصاح فى فقه اللغة، ج 1، ص 128

[2]القمر: 19

[3]الحجر: 22

[4]الانفال: 46

[5]مفردات ألفاظ القرآن، ص 369

[6]الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج 12، ص 557