أصحاب الفيل‏

أصحاب الفیل

المراد بأصحاب الفیل أبرهة و اصحابه الذین أرادوا هدم الکعبة فرکبوا الفیل و توجهوا نحو مکة فأهلکهم الله. و نزلت بشأنهم سورة الفیل؛ قال تعالی:«أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ أَ لَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ وَ أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ »[1] . قالوا فی قصتهم:

في غابر الأيام أرسل أبو مكسوم أصحمة النجاشي- ملك الحبشة- قائدين من قوّاده يدعيان: أبرهة بن الصباح الأشرم الحبشي و أرياط على رأس جيش لفتح اليمن، و كان حاكم اليمن يومئذ يدعى: أشحقاني، و قيل: شميفع، و بعد احتلالهما لليمن دبّ الخلاف و النزاع بينهما، ممّا أدى إلى مقتل أرياط. فلما علم النجاشي بمقتله غضب لذلك، و أقسم أن يثأر لأرياط من أبرهة، و لكنّ أبرهة تمكن بدهائه و حكمته أن يسترضي الملك و يستميله إلى نفسه، فولّاه حكومة اليمن.

كان أبرهة مسيحيّا، فأمر ببناء كنيسة ضخمة في صنعاء، و أمر الناس بالحج إليها.

في أحد الأيام قام رجل من بني مالك بن كنانة بالتغوّط في تلك الكنيسة، فلما علم أبرهة بعمل الكناني صمّم على هدم الكعبة؛ انتقاما لكنيسته، و ليجبر العرب على الحج إلى الكنيسة و إقامة شعائرهم فيها بدل الكعبة. و لأجل تنفيذ انتقامه بالنسبة إلى الكعبة أرسل جماعة من المخرّبين إلى مكّة ليفسدوا فيها، فأغاروا عليها، و غنموا أموالا طائلة. بعد تلك الغارة أمر عبد المطلب بن هاشم- جد النبي صلّى اللّه عليه و آله- أهل مكّة بترك مدينتهم و الاختفاء في مغارات جبالها؛ ليتخلّصوا من بطش جنود أبرهة. قدم أبرهة إلى مكّة على رأس جيش و هو يمتطي فيلا ضخما يسير في مقدّمة العساكر، و كان بين صفوفها عدد من الأفيال؛ لارعاب العرب و تخويفهم. فلما دخلت العساكر الغازية مكّة امتنع فيل أبرهة من التقدم نحو الكعبة، و جثى على الأرض، فتوقّف الجيش عن الزحف، و في الأثناء فوجئ أبرهة و جيشه بطيور تحوم عليهم في الجو، و هي تحمل حصيّات في مناقيرها و أرجلها، فأخذت ترميها عليهم كالشهاب الثاقب أو أشدّ منه، فأهلكتهم بأجمعهم، و لم ينج منهم إلّا أبرهة نفسه، فهرب باتّجاه اليمن، و لكن عذاب اللّه لا حقه في الطريق فأهلكه بصورة مفجعة، و قيل: هرب إلى الحبشة، فلما وصل إلى بلاط النجاشي أصيب بعذاب من اللّه فهلك.

و هناك رواية أخرى لسبب هجوم أبرهة على مكة، و هي: أنّ جماعة من قريش خرجوا في تجارة إلى الحبشة، فلما وصلوا إلى ساحل البحر، و كان فيه كنيسة تدعى:

ماسرخشان و قيل: القليس نزلوا عند الكنيسة، و أوقدوا نارا لطهي طعامهم، و بعد أن فرغوا من الطهي و الأكل تركوا النيران على حالها و رحلوا، فأتت النيران على الكنيسة و التهمتها، فلما علم النجاشي بحرق الكنيسة غضب لذلك، و جهّز جيشا يقدمه فيل أو أفيال لهدم الكعبة؛ انتقاما لحرق الكنيسة، و لكن اللّه كان لهم بالمرصاد، فأرسل عليهم الطيور و حصيّاتهم فأبادتهم، و سلمت الكعبة. فأطلق على أبرهة أو النجاشي و عساكرهما أصحاب الفيل، و كانت تلك الحادثة قبل ولادة النبي محمّد صلّى اللّه عليه و آله ب 40 سنة، و قيل: ب 23 سنة، و قيل: حدثت في سنة ولادته صلّى اللّه عليه و آله.[2]

المنبع:

أعلام القرآن، ص 124

 

[1]الفیل: 1 -5

[2]أعلام القرآن، ص 124