أصحاب الأخدود
الأخدود: يعني الخندق أو الحفرة المستطيلة في الأرض.
اختلف العلماء و المؤرخون في أصحاب الأخدود، فمنهم من قال: إنّ أصحاب الأخدود هم جماعة من الرجال و النساء، آمنوا باللّه و وحدوه، و أبوا الرضوخ للكفّار و المشركين، فألقوا بهم في خندق من النار، و كانوا يتلذّذون و النار تحرق المؤمنين، و لكنّ اللّه جعل تلك النار عليهم بردا و سلاما كما كانت مع إبراهيم الخليل عليه السّلام.
و هناك رواية بأنّ يوسف بن شرحبيل اليهوديّ و الملقب بذي نؤاس- ملك اليمن- حاصر مدينة نجران اليمنيّة ثم احتلها، و أجبر أهلها المسيحيين على اعتناق اليهوديّة و ترك المسيحيّة، و أمر بإلقاء من يرفض ذلك في خندق من النار و إحراقهم، و كان عددهم عشرين ألفا، فعرفوا بأصحاب الأخدود.
و قيل: أصحاب الأخدود هم أتباع النبي دانيال عليه السّلام، و كانوا يرزحون تحت سطوة ملك جبار أمرهم بالسجود أمام تمثال نبوخذنصّر، فلما رفضوا ذلك ألقى بهم في أتون النار، و لكنّ اللّه حوّل تلك النار عليهم بردا و سلاما، و توجّهت تلك النار نحو ذلك الملك و زمرته فأحرقتهم.
و يقال: إنّ اللّه بعث نبيا حبشيّا إلى الأحباش لهدايتهم، فقابلوه بالعنف و السخريّة، و كذّبوه و حاربوه، ثم حفروا له خندقا و ملئوها نارا، ثم ألقوه و من آمن به فيه، فسمّوا بأصحاب الأخدود.
و هناك رواية تقول: إنّ أحد ملوك المجوس سكر في أحد الأيام فواقع أمّه و أخته، فلما أفاق من سكرته ندم على ما اقترفه، فأعلن لرعيته بأنّ ما أقدم عليه مع أمّه و أخته عمل مشروع و مستساغ، فعارضه الكثيرون، فأمر بقتل معارضيه و رميهم في أخاديد من نار حفرها لهم.
و يقال: إنّ المؤمنين أصحاب الأخدود، و الّذين رمي بهم في خنادق من نارهم ثلاث جماعات: جماعة في اليمن، أخرى في الشام، و ثالثة في بلاد فارس.
و هناك قصص و روايات كثيرة تدور حول أصحاب الأخدود.لم أتوصل إلى الحقبة الزمنية الدقيقة الّتي عاش فيها أصحاب الأخدود، و لكن على الأكثر كانوا يعيشون حوالي القرن السابع قبل ميلاد السيّد المسيح عليه السّلام، و هناك قبر في كورة من كور الشام يقال: به إنّه قبر النبيّ الّذي عاصر أصحاب الأخدود.
و فیهم نزلت الآیات :« قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ، النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ، إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ، وَ هُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ، وَ ما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ، الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ شَهِيد»[1] .[2]
المنبع:
أعلام القرآن، ص 114
[1]البروج: 4 - 9
[2]أعلام القرآن، ص 114