مارية القبطيّة
هي مارية بنت شمعون القبطيّة، المصريّة، إحدى سراري النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و أمّ ولده إبراهيم.
و كانت متديّنة فاضلة مؤمنة من بنات ملوك مصر، أهداها المقوقس جريح بن مينا ملك مصر و صاحب القبط إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سنة 7 ه.
كانت مسيحيّة فأسلمت، فدخل بها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله سنة 8 ه، و كانت جميلة، و كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يعزّها و يحبّها.
ولدت في قرية حفن من كورة أنصنا. توفّيت في المدينة المنوّرة في المحرّم سنّة 16 ه، و قيل 15 ه، و دفنت في البقيع، و إليها تنسب «مشربة أمّ ابراهيم» في العالية بالمدينة.
عن عائشة بنت أبي بكر قالت: ما غرت على امرأة إلّا دون ما غرت على مارية، و ذلك لأنّها كانت جميلة من النساء جعدة، و أعجب بها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و كان أنزلها أوّل ما قدم بها في بيت الحارثة بن النعمان، فكانت جارتنا، و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عامّة النهار و الليل عندها حتّى فرغنا لها، فجزعت فحوّلها إلى العالية بالمدينة، فكان يختلف إليها هناك، فكان ذلك أشدّ علينا، ثمّ رزق اللّه منها الولد، و حرمناه منه.
القرآن المجيد و مارية القبطيّة:
لمّا ولدت مارية إبراهيم حسدتها عائشة فاتّهمتها و قالت: إنّ لها علاقة غير مشروعة مع مابور القبطيّ الذي أهدي بدوره من قبل المقوقس إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فأوغر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للإمام أمير المؤمنين عليه السّلام التحرّي عن التهمة، فقام الإمام أمير المؤمنين بالتحقيق في الأمر، فثبت لديه بأنّ مابور خصيّ، فأخبر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بذلك. فنزلت في حقّ مارية تنزيها لها من التهمة الآية 11 من سورة النور: إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ...
و بعد أن قذفتها عائشة بالفاحشة كما ذكرناه أعلاه نزلت فيها الآية 23 من سورة النور: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ.
و لنفس السبب السابق نزلت الآية 24 من نفس السورة: يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ.
و للسبب نفسه نزلت فيها الآية 6 من سورة الحجرات: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ.
في أحد الأيّام واقعها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في بيت حفصة بنت عمر، فانزعجت حفصة من ذلك، فطلب منها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أن لا تخبر أحدا بذلك، و أخبرها بأنّه قد ظاهر مارية، فأسرعت حفصة إلى عائشة و أخبرتها بالأمر، فنزلت الآية 1 من سورة التحريم: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ ....
و للسبب نفسه نزلت الآية 3 من نفس السورة: وَ إِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً ...[1]
المنبع:
أعلام القرآن، ص 857
[1]أعلام القرآن، ص 857