الرسول الأعظم صلی الله علیه و آله
هو محمّد و أحمد بن عبد اللّه بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصيّ بن كلاب المضريّ، العدنانيّ، القرشيّ، و ينتهي نسبه الشريف إلى إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن عليهما السّلام، و أمّه السيّدة آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب.
كان صلّى اللّه عليه و آله يكنّى بأبي القاسم، و أبي إبراهيم، و أبي الزهراء، و كنيته في التوراة أبو الأرامل.
ألقابه كثيرة منها: الصادق، و الأمين، و المصطفى، و خاتم الأنبياء، و سيّد المرسلين، و الماحي، و الحاشر، و العاقب و غيرها.
هو نبيّ المسلمين، و خاتم الأنبياء و المرسلين، و مؤسّس كيان الأمّة الإسلاميّة، و باني صروح مجدها و حضارتها، و مجمع صفوف العرب المبعثرة، و منسّق شملهم المشتّت، و واضع الأسس الرصينة لحياتهم الاجتماعيّة و الاقتصاديّة و السياسيّة، و منقذ البشريّة من عوالم الجهل و التخلّف و الصعود بهم إلى آفاق المعرفة و الازدهار و التقدّم، و مشعل هداية الأمم إلى معرفة اللّه عزّ و جلّ و توحيده.
ولد صلّى اللّه عليه و آله بمكّة المكرّمة، و قيل: في شعب أبي طالب عند الجمرة الوسطى، و قيل: في شعب بني هاشم يوم الاثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأوّل، و قيل: في الثاني عشر من شهر رمضان، و قيل: فى الثاني من ربيع الأوّل عام الفيل في السنة الثالثة و الخمسين قبل الهجرة، المصادف لسنة 570 ميلاديّة.
توفّي أبوه عبد اللّه و النبيّ صلّى اللّه عليه و آله حمل في بطن أمّه، و قيل: توفّي بعد المولد النبويّ الشريف بشهر واحد، و قيل: توفّي بعد مولده بسنتين.
و لمّا بلغ السادسة أو السابعة من عمره المبارك توفّيت أمّه فأصبح يتيم الأبوين، فتولّى جدّه عبد المطّلب أمر تربيته و نشأته، و كان يحبّه حبّا جمّا، و يكنّ له كلّ الحنان و الإجلال و الإشفاق، فكان لا يأكل طعاما إلّا و النبيّ صلّى اللّه عليه و آله معه.
لمّا بلغ الثامنة من عمره توفّي جدّه عبد المطّلب، فتكفّله عمّه أبو طالب عليه السّلام، فأحسن كفالته و رعايته و إعالته، و كان يقدّمه على أولاده و ذويه، و أخرجه معه في تجارة إلى الشام و هو ابن 9 سنين. كان صلّى اللّه عليه و آله يتمتّع بمزايا و خصال حميدة كاعتقاده الراسخ باللّه سبحانه، و إيمانه بوحدانيّته، و شجاعته الفائقة، و علوّ همّته، و تكامل عقله، بالإضافة إلى صدقه و أمانته و نزاهته، كلّ تلك المؤهّلات و السجايا الشريفة التي انفرد بها جعلت قريش و سائر الأقوام ينظرون إليه نظرة إجلال و إكبار و احترام حتّى لقّبوه بالصادق الأمين.
لمّا بلغ الخامسة و العشرين زوّجه عمّه أبو طالب عليه السّلام من خديجة بنت خويلد التي كانت من أثرى أثرياء وقتها، و عمرها يومئذ أربعون عاما.
كان صلّى اللّه عليه و آله يكثر الذهاب إلى غار حراء- قرب مكّة- لعبادة الواحد الأحد و مناجاته و التضرّع إليه.
و لم يزل على عبادته في غار حراء حتّى بلغ الأربعين من عمره، و في الثامن عشر من شهر رمضان، و قيل: في التاسع عشر منه دقّت ساعة الصفر عند ما قررت السماء إرساله إلى الناس كافّة ليدعوهم إلى الهدى و دين الحقّ، فنزل عليه أمين الرحمن جبرئيل عليه السّلام حاملا إليه رسالة من اللّه العزيز.
أخذ صلّى اللّه عليه و آله يخبر بنبوّته من يطمئن إليه من أهل بيته، فكان أوّل من أعلمه بذلك ابن عمّه الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، فأسرع إلى الإيمان به و تصديقه، ثمّ آمنت به زوجته السيّدة خديجة عليها السّلام، ثمّ تتابع الناس على الإيمان به و تصديقه و اعتناق شريعته. و ما مرّت الأيّام و الليالي حتّى تكاثر عدد المسلمين، فأعلن على رءوس الأشهاد عن رسالته، و دعا الناس إلى توحيد اللّه عزّ اسمه و نبوّته، و طلب منهم نبذ الشرك و عبادة الأوثان و غيرها من العادات و التقاليد الجاهليّة، و حثّهم على ترك ما يغاير العقل و المنطق.
و بمرور الأيّام علم الناس بأنّ شريعته هدفها الوحيد هو إنقاذهم من الجهالة و الضلالة، و إيصالهم إلى ما هو خيرهم و صلاحهم في دنياهم و آخرتهم.
أخذ صلّى اللّه عليه و آله يحارب الظلم بكلّ صنوفه و أشكاله، كتسلّط الأغنياء على رقاب الفقراء، و رزوح الضعفاء تحت سطوة الأقوياء و المستكبرين، و دفن البنات أحياء تحت التراب، و حرّم الربا و شرب الخمر و المسكرات، و حرّم الزنى و القمار و غيرها من التصرّفات و العادات البذيئة و اللاأخلاقيّة.
أعلن صلّى اللّه عليه و آله عن مفاهيم و أسس جديدة للناس من الأوامر و النواهي القيّمة و المفاهيم الخيّرة التي تسعد الإنسان في كلّ زمان و مكان، و لكنّ قريشا و غيرهم من الكفّار و المشركين وقفوا في وجه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و خالفوه، و حاربوه بكلّ ما كانوا يملكون من حول و قوّة؛ لأنّ ما جاء به النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من شرائع و تقاليد كانت تصطدم مع تقاليدهم و سننهم الهوجاء التي نشئوا عليها، فاتّفقوا و تحزّبوا على إيذائه و مخاصمته و من آمن به و صدّقه من الناس، فكان المحامي و المدافع عنه في هذه الفترة العصيبة من دعوته عمّه أبا طالب عليه السّلام و ابن عمّه الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام.
و ما استمرّت الأيّام و الليالي حتّى توفّي أبو طالب عليه السّلام، و بموته فقد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أكبر ناصر و سند لدعوته، فانتهزت قريش و سائر المشركين فرصة موت أبي طالب عليه السّلام فأخذوا يحيكون المؤامرات للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله و المسلمين و يستعملون شتى وسائل الإيذاء و التعذيب و التنكيل بالمسلمين، فأمره اللّه سنة 622 م بترك مكّة و الهجرة إلى المدينة لكي يتخلّص من أذى و شرور الكفّار و المشركين.
و بعد هجرته إلى المدينة واصلت فلول الكفر ملاحقته و إعلان الحرب عليه، فعند ذاك قرّر إعلان الحرب عليهم و غزوهم في عقر دارهم، و إليك جدولا بما قام به النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من حروب و غزوات ضد أعداء اللّه:
في السابع عشر، و قيل: في التاسع عشر من شهر رمضان من السنة الثانية للهجرة وقعت معركة بدر الكبرى.
و في شهر شوّال من نفس السنة، و قيل: في صفر سنة 3 ه حدثت غزوة بني القينقاع.
و في شهر شوّال من سنة 2 ه، و قيل: في المحرم من سنة 3 ه وقعت غزوة الكدر.
و في السابع من شوّال، و قيل: في النصف منه سنة 3 ه كانت غزوة أحد.
و في سنة 3 ه حدثت غزوة حمراء الأسد.
و في شهر صفر سنة 4 ه وقعت غزوة الرجيع.
و في السنة 4 ه، و قيل: في المحرم سنة 5 ه حدثت غزوة ذات الرقاع.
و فى شهر شعبان سنة 4 ه كانت غزوة بدر الصغرى أو بدر الثانية أو غزوة السويق.
و في شهر شوّال سنة 5 ه حدثت غزوة الخندق أو غزوة الأحزاب.
و في السنة 7 ه كانت غزوة بني قريظة.
و في السنة 6 ه و في شهر جمادى الأولى وقعت غزوة بني لحيان.
و في نفس السنة المذكورة وقعت كذلك غزوة ذي قرد.
و في شهر شعبان سنة 6 ه كانت غزوة بني المصطلق.
و في المحرم سنة 7 ه حدثت واقعة خيبر.
و في السنة 7 ه وقعت كذلك غزوة وادي القرى.
و في السنة 8 ه حدثت غزوة غالب بن عبد اللّه الليثيّ.
و كذلك في السنة 8 ه كانت غزوة ذات السلاسل.
و في شهر جمادي الأولى من سنة 8 ه حدثت غزوة مؤتة.
و في العشرين من شهر رمضان سنة 8 ه جاء نصر اللّه على يد نبيّه، ففتح المسلمون مدينة مكّة المكرّمة.
و في شهر شوّال من سنة 8 ه كانت واقعة حنين.
و في شهر شوّال من سنة 9 ه حدثت معركة تبوك.
و في شهر ربيع الآخر من سنة 9 ه وقعت غزوة طىّ.
و في السنة 10 ه فتحت بلاد اليمن على يد الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام.
كان ذلك سردا لما قام به النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من حروب و غزوات.
في شهر ذي الحجّة من السنة 10 ه حجّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حجّة الوداع، و كانت آخر حجّة حجّها، و في تلك الحجّة و عند غدير خمّ جمع المسلمين و ألقى عليهم خطبة غرّاء، وضع فيها النقاط على الحروف، فعيّن للمسلمين من بعده خليفته و وصيّه، ألا و هو الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام بقوله: «من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللّهمّ وال من والاه و عاد من عاداه ...» إلى آخر كلامه.
و لم يمكث طويلا بعد حجّة الوداع حتّى مرض مرضه الذي توفّي فيه في المدينة المنوّرة يوم الاثنين الثامن و العشرين من شهر صفر، و قيل في الثاني عشر من شهر ربيع الأول سنة 11 ه، و دفن فيها، و مرقده الشريف أقدس ضريح لدى مسلمي العالم.
و بوفاته فقدت الإنسانيّة أشرف و أنبل مصلح و منقذ لها من براثن الشرك و الجهل و العبوديّة و العمى، و برحيله إلى الملكوت الأعلى خسرت البشريّة أشجع الناس طرّا، و أعظمهم بلاغة و فصاحة.
أنجب من زوجته الأولى السيّدة خديجة بنت خويلد: القاسم و عبد اللّه و زينب، و رقيّة و أمّ كلثوم و سيّدة نساء العالمين من الأوّلين و الآخرين فاطمة الزهراء عليها السّلام.
و بعد وفاة خديجة تزوّج بعدد من النساء لم ينجبن إلّا زوجته مارية بنت شمعون القبطيّة أمّ ولده إبراهيم.
توفّي جميع أولاده في حياته إلّا ابنته فاطمة الزهراء عليها السّلام، و التي زوّجها بأمر من اللّه إلى عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، فولدت للإمام عليه السّلام الحسن و الحسين و زينب و أمّ كلثوم و محسّنا الذي أسقطته عند هجوم الظالمين على دارها.
انحصرت نسبة كلّ منتسب إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بالإمامين الحسن و الحسين عليهما السّلام. أمّا معاجز النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فكثيرة يصعب حصرها، منها: القرآن المجيد الذي أعجز الخلق من أن يأتوا بآية منه. و إرواؤه الكثيرين من الماء القليل، و إخباره بالكائنات قبل تواجدها، و تحويله الماء المالح إلى ماء عذب، و إطعامه الخلق الكثير من الطعام القليل، و غير ذلك من المعاجز الباهرة و الكرامات الفائقة.
و من الأعمال المهمّة التي قام بها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إرساله الرسائل و الكتب إلى الملوك و الرؤساء الذين عاصروه يدعوهم فيها إلى الدين الإسلاميّ الحنيف، منها: رسالة إلى كسرى ملك فارس، و رسالة إلى قيصر ملك الروم، و رسالة إلى النجاشيّ ملك الحبشة، و أخرى إلى المقوقس ملك مصر، و رسالة إلى الحارث الغسّانيّ ملك الشام و غيرها.[1]
نزل فیه عدد کثیر من الآیات القرآنیة و سمیت سورة باسمه الشریف. قال تعالی: «ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَ لكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَ خاتَمَ النَّبِيِّينَ وَ كانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَليما»[2] .
المنبع:
أعلام القرآن، ص 868
[1]أعلام القرآن، ص 868
[2]الاحزاب: 40