الحميم
المجموعات : العناصر الأربعة

الحمیم

الحميم: الماء الحارّ. و الحميم: القرابة، و القريب الّذي تودّه و يودّك، و هو المحمّ أيضا. يقال: فلان محمّ مقرب، تشبيها بالماء الحارّ، لشدّة أواصر المودّة و استحرارها.

جاء الحميم 19 مرّة فی القرآن، 14 آية منها ذمّ و عقوبة في الآخرة للكافرين:

قال تعالی:«أُولئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ »[1] قالوا: حميم ماء حارّ يغلي قد انتهى حرّه، أو انتهى غليانه. و قال الطّبريّ: الحميم في كلام العرب هو الحارّ، و قال بعضهم: و هو الماء الحارّ فيبدو أنّ له إطلاقين إلّا أنّ المناسب لشدّة العذاب هنا و في سائر الآيات هو الأوّل. قال الطّبريّ: إنّما جعل لهؤلاء الّذين وصف صفتهم في هذه الآية شرابا من حميم، لأنّ الحارّ من الماء لا يروّي من عطش، فأخبر أنّهم إذا عطشوا في جهنّم لم يغاثوا بماء يروّيهم، و لكن بما يزيدون به عطشا على ما بهم من العطش.

و قال:« الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ وَ بِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَ السَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ »[2] فجمع بين الأغلال في أعناقهم و بين السّلاسل يجرّونها على الأرض لطولها. او المعنی إذ الأغلال و السّلاسل في أعناقهم. و يبدو أنّ هذا أقرب إلى الذّوق القرآنيّ؛ حيث جمع بين المماثلات الأغلال و السّلاسل و بين يسحبون و يسجرون أي بين السّحب في الماء و السّجر في النّار.

و خمس مرات منها بمعنى الصّديق: و قد سبق وجه المناسبة بين هذا المعنى و بين الماء الحارّ المغليّ، شدّة القرب و الوصل. و هل هذا مجاز، أو توسعة في المعنى حتّى صار حقيقة؟ هذا هو الصّواب عندنا في تحوّل اللّغات من معنى إلى آخر لمناسبة بينهما، فلو كان مجازا ابتداء فهو حقيقة استدامة. قال تعالی:«فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ* وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ »[3] فإنّهم يعترفون بضلالهم في عبادة الأصنام و تسويتهم إيّاها بربّ العالمين، و بأنّ المجرمين قد أضلّوهم، و في نفس الوقت يتمنّون الرّجوع إلى الدّنيا بغية للإيمان مع المؤمنين، و هم يشكون فقد الشّفيع و الصّديق أي صديق يهتمّ بأمرهم قريبا بهم، ليستأنسوا به و يخلصوا به عن النّار.[4]

المنبع:

المعجم فى فقه لغه القرآن و سر بلاغته، ج 14، ص 36

 

[1]الأنعام: 70

[2]المؤمن: 70- 72

[3]الشّعراء: 100- 101

[4]المعجم فى فقه لغه القرآن و سر بلاغته، ج 14، ص 36