الحور العین
الأصل في هذه المادّة: الحور، أي الرّجوع عن الشّي ء و إلى الشّي ء؛ و منه: الحور، أي شدّة سواد المقلة في شدّة بياضها في شدّة بياض الجسد، لأنّ البياض يحدق بالسّواد و يرجع عنه، و هي حوراء: بيّنة الحور، و عين حوراء، و الجمع: حور. و الحوراء: البيضاء، و الجمع: حور، و الحور العين: البيض الواسعات العيون.
ذهب أغلب المستشرقين إلى أنّ الحور جمع: الحوراء، أي البيضاء لفظ فارسيّ، دخل العربيّة بواسطة الآراميّة، و هو في اللّغة الفهلويّة «هوروست » أو «خوروست »، أي الجمال. و زعم «سيل» أنّ القرآن أخذ فكرة «الحور العين» من المجوسيّة، وردّه «دوزيّ» بأنّ القرآن أقدم بكثير من النّصّ الّذي استند إليه «سيل»، و على ذلك تنعكس الحجّة، أي أنّ المجوس قد استقوا هذه الفكرة من القرآن .
و من الجدير بالذّكر هنا أنّ العرب في صدر الإسلام كانوا يلمّون بمعنى «الحور العين» إلماما تامّا، لأنّه ورد في الشّعر الجاهليّ كثيرا. و من الشّعراء الجاهليّين الّذين ذكروه في أشعارهم: عبيد الأبرص، و عديّ بن زيد، و قعنب و غيرهم.
قال تعالی:« وَ حُورٌ عِينٌ كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ»[1] . فالحور: جمع حوراء، و هي البيضاء، و العين: جمع عيناء، و هي الواسعة العين. و قيل في الحور أيضا: السّود، و السّود في بياض، و كأنّ القول الأخير جمع بين البيض و السّود، و كذا قول بعض المفسّرين: الشّديدات سواد العيون، الشّديدات بياضها، أو الشّديدات بياض الوجوه. و قيل: هنّ اللّاتي يحار فيهنّ الطّرف، و هو قول مجاهد، جعله من (ح ي ر) خلافا للسّماع. و اختلف المفسّرون أيضا فيهنّ؛ أهنّ من نساء الجنّة، أم من نساء الدّنيا؟ و هو أمر لا طائل تحته.[2]
المنبع:
المعجم فى فقه لغه القرآن و سر بلاغته، ج 14، ص 245
[1]الواقعة: 22- 23
[2]المعجم فى فقه لغه القرآن و سر بلاغته، ج 14، ص 245