حفصة بنت عمر
هي حفصة بنت عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزّى بن رباح بن عبد اللّه بن قوط بن رزاح القرشيّة، العدويّة، و أمّها زينب بنت مظعون.
إحدى زوجات النبي صلّى اللّه عليه و آله، و كانت فصيحة تعرف القراءة و الكتابة، حدّثت عن النبي صلّى اللّه عليه و آله بعض الأحاديث، و روى عنها جماعة.
ولدت بمكّة فبل المبعث النبوي الشريف بخمس سنين، و تزوّجت من خنيس بن حذافة السهمي، و هاجرت معه إلى المدينة، و لما توفّي زوجها تزوّجها النبي صلّى اللّه عليه و آله في المدينة في شهر شعبان من السنّة الثالثة للهجرة، و قيل: من السنة الثانية للهجرة، بعد زواجه من عائشة، على صداق قدره أربعمائة درهم، و عمرها يوم تزوّجها النبي صلّى اللّه عليه و آله كان 20 سنة، و لم تلد للنبي صلّى اللّه عليه و آله شيئا.
كانت كثيرة المشاكسة و العناد مع النبي صلّى اللّه عليه و آله، و كانت تفشي أسراره، حتى انتهى بها الأمر بأن طلّقها النبي صلّى اللّه عليه و آله، فلما طلّقت قالت: إذا طلّقنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وجدنا في قومنا أكفاءنا، و بعد مدّة أرجعها النبي صلّى اللّه عليه و آله.
كانت هي و زميلتها عائشة من ألدّ أعداء الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام و أهل بيته.
و في حرب الجمل صمّمت على الذهاب مع عائشة إلى البصرة؛ لتشترك في حرب الإمام عليه السّلام، فمنعها أخوها عبد اللّه بن عمر.
كانت لشدّة بغضها لفاطمة الزهراء عليها السّلام من الزمرة الّذين شهدوا في عهد أبي بكر بأنّهم سمعوا النبي صلّى اللّه عليه و آله يقول: نحن معاشر الأنبياء لا نورّث.
ماتت بالمدينة المنوّرة في شهر جمادى الأولى سنة 41 ه، و قيل: في شهر شعبان سنة 45 ه، و قيل: سنة 47 ه، و قيل: سنة 50 ه، و صلى عليها مروان بن الحكم، و دفنت في البقيع.
القرآن المجيد و حفصة:
لكونها كانت كثيرة الجدال و الشجار مع النبي صلّى اللّه عليه و آله و تطلب منه أشياء مادّية يصعب على النبي صلّى اللّه عليه و آله تنفيذها طلّقها النبي صلّى اللّه عليه و آله، أو قاطعها شهرا، و قيل: أكثر من شهرين، فنزلت فيها و في عائشة الآية 28 من سورة الأحزاب: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَ زِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَ أُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلًا.
و كانت كثيرا ما تسخر و تعيّر- هي و عائشة- بعض نساء النبي صلّى اللّه عليه و آله كأمّ سلمة و صفية بنت حيي، فنزلت فيهما الآية 11 من سورة الحجرات: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَ لا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَ لا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَ لا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ ....
و لما طلّقها النبي صلّى اللّه عليه و آله نزلت الآية 1 من سورة الطلاق: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ....
و في أحد الأيام أسرّها النبي صلّى اللّه عليه و آله حديثا و طلب منها أن لا تفشيه لأحد، و لكنّها في نفس اليوم أخبرت عائشة بذلك الحديث، فنزلت فيها الآية 3 من سورة التحريم: وَ إِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَ أَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَ أَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ.
و نزلت فيها و في عائشة الآية 4 من سورة التحريم: إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَ إِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَ جِبْرِيلُ وَ صالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ...، و ذلك لكثرة إيذائها و عائشة للنبي صلّى اللّه عليه و آله، و إفشاء أسراره، و ايذاء باقي نسائه.
و لكثرة ما صدر منها و من عائشة من أعمال مشينة كانت سببا في إيذاء النبي صلّى اللّه عليه و آله و أهل بيته و نسائه و تحذيرا لهما شبههما الذكر الحكيم بامرأة نوح و امرأة لوط عليه السّلام، فنزلت فيهما الآية 10 من سورة التحريم: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَ امْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللَّهِ شَيْئاً ....[1]
المنبع:
أعلام القرآن، ص 313
[1]أعلام القرآن، ص 313