الإسكندرية
المجموعات : الأمکنة

الإسکندریة

قال أهل السير: إنّ الإسكندر بن فيلفوس الرومي قتل كثيرا من الملوك و قهرهم، و وطئ البلدان إلى أقصى الصين و بنى السدّ و فعل الأفاعيل، و مات و عمره اثنتان و ثلاثون سنة و سبعة أشهر، لم يسترح في شي ء منها. قالوا بنى الإسكندر ثلاث عشرة مدينة و سمّاها كلها باسمه ثم تغيرت أساميها بعده، و صار لكل واحدة منها اسم جديد و جميعها ليس فيها ما يعرف الآن بهذا الاسم إلا الإسكندرية العظمى التي بمصر، و اختلفوا في أول من أنشأها:

فذهب قوم إلى أنها إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد. و قد روي عن النبي، صلى الله عليه و سلم، أنّه قال: خير مسالحكم الإسكندرية.

و يقال: إنّ الإسكندر و الفرما أخوان، بنى كلّ واحد منهما مدينة بأرض مصر و سمّاها باسمه.

و ذكر آخرون أنّ الذي بناها هو الإسكندر الأوّل ذو القرنين الرومي، و اسمه أشك بن سلوكوس، و ليس هو الإسكندر بن فيلفوس، و أن الإسكندر الأول هو الذي جال الأرض و بلغ الظّلمات و هو صاحب موسى و الخضر، عليهما السلام، و هو الذي بنى السّدّ، و هو الذي لما بلغ إلى موضع لا ينفذه أحد صوّر فرسا من نحاس و عليه فارس من نحاس ممسك يسرى يديه على عنان الفرس و قد مدّ يمناه و فيها مكتوب: ليس ورائي مذهب. و زعموا أنّ بينه و بين الإسكندر الأخير صاحب دارا المستولي على أرض فارس و صاحب أرسطاطاليس الحكيم الذي زعموا أنّه عاش اثنتين و ثلاثين سنة دهر طويل و أنّ الأوّل كان مؤمنا كما قص الله عنه في كتابه و عمّر عمرا طويلا و ملك الأرض، و أما الأخير فكان يرى رأي الفلاسفة و يذهب إلى قدم العالم كما هو رأي أستاذه أرسطاطاليس، و قتل دارا و لم يتعدّ ملكه الروم و فارس.

و ذكر محمد بن إسحاق أنّ يعمر بن شدّاد بن عاد بن عوض ابن إرم بن سام بن نوح، عليه السلام، هو الذي أنشأ الإسكندرية.

و قال ابن عفير: ان أول من بنى الإسكندرية جبير المؤتفكي و كان قد سخّر بها سبعين ألف بنّاء و سبعين ألف مخندق و سبعين ألف مقنطر فعمّرها في مائتي سنة.

و لأهل مصر إفراط في وصف الإسكندرية و قد أثبتها علماؤهم و دوّنوها في الكتب.

فتحت الإسكندرية سنة عشرين من الهجرة في أيام عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، على يد عمرو بن العاص بعد قتال و ممانعة، فلما قتل عمر و ولي عثمان، رضي الله عنه، ولّى مصر جميعها عبد الله بن سعد بن أبي سرح أخاه من الرضاع، فطمع أهل الإسكندرية و نقضوا، فقيل لعثمان: ليس لها إلا عمرو بن العاص فإن هيبته في قلوب أهل مصر قوية. فأنفذه عثمان ففتحها ثانية عنوة و سلمها إلى عبد الله بن سعد بن أبي سرح و خرج من مصر، فما رجع إليها إلا في أيام معاوية.[1]

قیل ان المراد بمصر فی قوله تعالی:«وَ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَ أَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً وَ اجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً»[2] الإِسكندرية.[3]

و اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: « أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ »[4] فقال بعضهم: عنيت به الإسكندرية. [5]

المنابع:

جامع البيان فى تفسير القرآن، ج 30، ص 112

معجم البلدان،ج 1،ص 184

 

[1]معجم البلدان،ج 1،ص 184

[2]یونس: 87

[3]جامع البيان فى تفسير القرآن، ج 11، ص 108

[4]الفجر: 7

[5]جامع البيان فى تفسير القرآن، ج 30، ص 112