عيينة بن حصن(حصین) الفزاري
هو أبو مالك، و قيل: أبو عبد اللّه عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر بن عمرو بن جويّة ابن لوذان بن ثعلبة الغطفانيّ، الفزاريّ، اسمه الحقيقيّ حذيفة، لقّب بعيينة فغلب على اسمه.
صحابيّ من المؤلّفة قلوبهم، و أحد المنافقين المعروفين، و من الجفاة المشهورين.
كان في الجاهليّة سيّد بني فزارة و فارسهم، و كان من الجرّارين، يقود عشرة آلاف.
أسلم قبل فتح مكّة، و قيل: بعد فتحها، و قيل: شهد فتحها و هو مسلم، و شهد واقعتي حنين و الطائف مع المسلمين.
و قبل أن يسلم قاد غطفان في غزوة الخندق على المسلمين، فجاء أبو سفيان بجمع قريش، و عامر بن الطفيل بجمع هوازن، و المترجم له بجمع غطفان، فلعن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله القادة و الأتباع، و قال صلّى اللّه عليه و آله: «أمّا الأتباع فلا تصيب اللعنة مؤمنا، و أمّا القادة فليس فيهم مؤمن و لا نجيب و لا ناج» و كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يسمّيه: «الأحمق المطاع».
و بعده وفاة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ارتدّ و تبع طليحة الأسديّ و قاتل معه، و كان يقول: نبيّ من أسد و غطفان أحبّ إلينا من نبيّ من قريش، و قد مات محمّد صلّى اللّه عليه و آله و طليحة حيّ، و لم يزل يقاتل حتّى ألقوا القبض عليه و أسروه، فحملوه إلى أبي بكر بن أبي قحافة، فكان صبيان المدينة يقولون له و هو أسير: يا عدوّ اللّه! أكفرت بعد إيمانك؟ فيقول: ما آمنت باللّه طرفة عين. و بعد أن أدخلوه على أبي بكر أسلم فأطلق سراحه، و لم يزل بعد أبي بكر حتّى فقد بصره و عمي.
و في أيّام حكومة عمر بن الخطّاب طلب من ابن أخيه الحرّ بن قيس أن يدخله على عمر، فقال الحرّ: أنا أخاف ان تتكلّم بكلام لا ينبغي، فقال عيينة: لا أفعل، فأدخله على عمر، فقال عيينة: يا ابن الخطّاب! و اللّه ما تقسم بالعدل و لا تعطي الجزل، فغضب عمر غضبا شديدا حتّى همّ أن يوقع به.
أدرك حكومة عثمان بن عفّان، و توفّي في أواخر حكومته.
القرآن المجيد و عيينة بن حصن :
و لكثرة نفاقه نزلت فيه الآية 91 من سورة النساء: سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَ يَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّما رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيها ....
جاء مع الأقرع بن حابس إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و طلبوا منه أن يطرد المستضعفين من المؤمنين من مجلسه، أمثال: عمّار بن ياسر و بلال الحبشيّ و المقداد الكنديّ، و قالوا: إنّا من أشراف قومنا، و إنّا نكره أن يرونا معهم، فاطردهم إذا جالسناك، فنزلت الآية 52 من سورة الأنعام: وَ لا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ الْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ....
و نزلت فيه و في أعوانه الآية 101 من سورة التوبة: وَ مِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ ....
في أحد الأيام دخل على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عنده سلمان الفارسيّ و عليه كساء من صوف كان قد عرق فيه، فتأذّى عيينة من رائحة عرق سلمان، فقال للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله: إذا نحن دخلنا عليك فأخرج هذا و اصرفه من عندك، فاذا نحن خرجنا فأدخل من شئت، فأنزل اللّه سبحانه فيه الآية 28 من سورة الكهف: وَ لا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَ اتَّبَعَ هَواهُ وَ كانَ أَمْرُهُ فُرُطاً.
وفد هو و جماعة على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في المدينة، فدخلوا المسجد و نادوا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من وراء حجراته: أن اخرج إلينا يا محمّد، فآذى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ذلك و خرج إليهم، فطلبوا منه المفاخرة، و بعد نقاش طويل أسلموا، فنزلت فيهم الآية 4 من سورة الحجرات: إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ.[1]
المنبع:
أعلام القرآن، ص 756
[1]أعلام القرآن، ص 756