أصحاب الرقیم
جاء ذکرهم فی قوله تعالی: «أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَ الرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَبا»[1] . الرقيم أصله من الرقم و هو الكتابة يقال رقمت الكتاب أرقمه فهو فعيل بمعنى مفعول كالجريح و القتيل .[2]
و اختلف فی اصحاب الرقیم من هم؟ و انهم اصحاب الکهف او غیرهم. فمن قائل انهم ثلاثة أشخاص يعبدون اللّه في كهف بالرقيم، و الرقيم: اسم واد شرقيّ الأردن قرب عمّان، و قيل: الرقيم اسم ثان لمدينة أقسيس. و لم يزل أصحاب الرقيم يعبدون اللّه في كهفهم حتى انسدّ عليهم الكهف، و لكنّ اللّه فتح باب الكهف عليهم و أنقذهم من الموت المحتّم؛ جزاء لإيمانهم باللّه و إخلاصهم له. و يقال: إنّ أصحاب الرقيم غير أصحاب الكهف، و قيل: هم أنفسهم، و قيل: الرقيم كتاب مرقوم من شريعة عيسى بن مريم عليه السّلام في لوح من النحاس أو الرصاص أو الحجارة، و قيل: الرقيم لوح فيه أسماء الفتية أصحاب الكهف و قصّتهم.[3]
و روی عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فی قصتهم: خرج ثلاثة نفر يسيحون في الأرض، فبينما هم يعبدون اللّه في كهف في قلّة جبل حين حتّى بدت صخرة من أعلى الجبل حتّى التقمت باب الكهف.
فقال بعضهم لبعض: عباد اللّه، ما ينجيكم ممّا وقعتم إلّا أن تصدقوا اللّه فهلمّ ما عملتم للّه خالصا، فإنّما ابتليتم بالذّنوب.
فقال أحدهم: الّلهمّ، أن كنت تعلم أنّي طلبت امرأة لحسنها و جمالها، فأعطيت فيها مالا ضخما، حتّى إذا قدرت عليها و جلست منها مجلس الرّجل من المرأة ذكرت النّار فقمت عنها فرقا منك، الّلهمّ، فرفع عنّا هذه الصّخرة. فانصدعت، حتّى نظروا إلى الصّدع.
ثم قال الآخر: الّلهمّ، إنّ كنت تعلم أنّي استأجرت قوما يحرثون كلّ رجل منهم بنصف درهم، فلمّا فرغا أعطيتهم أجورهم، فقال أحدهم: قد عملت عمل اثنين، و اللّه، لا آخذ إلّا درهما واحدا. و ترك ماله عندي، فبذرت بذلك النّصف الدّرهم في الأرض فأخرج اللّه من ذلك رزقا، و جاء صاحب النّصف الدّرهم فأراده، فدفعت إليه عشرة آلاف درهم ، فإن كنت تعلم إنّما فعلته مخافة منك فارفع عنّا هذه الصّخرة. فانفرجت عنهم، حتّى نظر بعضهم إلى بعض.
ثمّ أنّ الآخر قال: اللّهمّ، إنّ كنت تعلم أنّ أبي و أمّي كانا نائمين، فأتيتهما بقعب من لبن، فخفت أن أضعه أن تلج فيه هامّة، و كرهت أن أوقظهما من النّوم فيشقّ ذلك عليهما، فلم أزل كذلك حتّى استيقظا و شربا، الّلهمّ، فإن كنت تعلم أنّي فعلت ذلك ابتغاء وجهك فارفع عنا هذه الصّخرة. فانفرجت لهم، حتّى سهل لهم طريقهم. ثمّ قال النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله: من صدق اللّه نجا.[4]
المنابع:
مجمع البيان في تفسير القرآن، ج 6، ص 697
تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج 8، ص 34
أعلام القرآن، 129
[1]الکهف: 9
[2]مجمع البيان في تفسير القرآن، ج 6، ص 697
[3]أعلام القرآن، 129
[4]تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج 8، ص 34