عمّار بن ياسر
المجموعات : الأشخاص

عمّار بن ياسر

هو أبو اليقظان عمّار بن ياسر بن عامر بن مالك بن كنانة بن قيس بن الحصين بن الوذيم بن ثعلبة الكنانيّ، المذحجيّ، العنسيّ، المخزوميّ بالولاء، و أمّه سميّة. صحابيّ جليل القدر، عظيم المنزلة، ثابت الإيمان.

كان من السابقين الأوائل إلى الإسلام، و من الذين عذّبوا في اللّه لإسلامهم، و من الأوائل الذين أظهروا إسلامهم و تجاهروا به.

كان من كبار فقهاء الصحابة و علمائهم، و كان معروفا بالزهد و التقوى و الشجاعة.

هاجر إلى المدينة المنوّرة، و شهد مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بدرا و أحدا و الخندق و بيعة الرضوان، و قيل: هاجر إلى الحبشة.

كان أوّل من بنى مسجدا في الإسلام، و هو مسجد قباء بالمدينة المنوّرة. يعتبر هو و سلمان و أبو ذر و المقداد أركان التشيّع الأربعة في عهد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فكان من أخلص أصحاب و شيعة الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام و المتفانين في ولائه و حبّه أيّام النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و بعده.

استشهد أبوه إبّان الدعوة المحمّديّة تحت التعذيب في سبيل إسلامه، و بعد أن أسلمت أمّه سميّة طعنها أبو جهل بطعنة في قلبها فماتت، فكانت أوّل شهيدة استشهدت في الإسلام.

بعد وفاة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله استمر على ولائه و حبّه للإمام أمير المؤمنين عليه السّلام و أهل بيته عليهم السّلام، فكان من النفر القليل الذين حضروا تشييع جنازة فاطمة الزهراء عليها السّلام و الصلاة عليها و دفنها.

كان من جملة الذين أنكروا على أبي بكر بن أبي قحافة الخلافة.

و لمّا ادّعى مسيلمة الكذّاب النبوّة اشترك في قتاله.

و لمّا تولّى عمر بن الخطّاب الحكومة ولّاه الكوفة: و لم يزل عليها حتّى حكم عثمان ابن عفّان فعزله عنها.

كان عثمان يكنّ له العداوة و البغضاء، و في إحدى المرّات أمر بضربه حتّى غشي عليه.

أمر عثمان غلمانه فمدّوا بيديه و رجليه، ثمّ ضربه برجليه و هما في الخفّين على مذاكيره فأصابه الفتق، و كسر ضلعا من أضلاعه.

وقف إلى جانب الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام أيّام خلافته، و شهد معه الجمل و صفّين، و أبلى فيهما البلاء الحسن.

و مع كبر سنّه في معركة صفّين حارب فلول عساكر معاوية بن أبي سفيان بكلّ بسالة و شجاعة، و لم يزل يطارد أبطالهم حتّى قتله أبو الغادية الغزاريّ و أبو جزء السكسكيّ، ذلك في شهر ربيع الأوّل، و قيل: ربيع الثاني سنة 37 ه، و عمره يومئذ 94 سنة، و قيل: 93 سنة، و قيل: 91 سنة، فتولّى الإمام عليه السّلام دفنه في صفّين في ثيابه و لم يغسله ...

روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله جملة من الأحاديث المعتبرة، و روى عنه جماعة من الصحابة و التابعين.

القرآن الكريم و عمّار بن ياسر:

أما الآيات التي نزلت فيه فهي:

النساء 59 «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ ....»

العنكبوت 2 «أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ»

الزمر 9 «أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَ قائِماً ....»

الملك 22 «أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ»

و كذلك نزلت فيه الآية 69 من سورة آل عمران: وَدَّتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَ ما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَ ما يَشْعُرُونَ. و ذلك عند ما دعا اليهود المترجم له و معاذ بن جبل إلى اليهوديّة.

و كان كفّار قريش يطلبون من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أن يطرد المستضعفين من المؤمنين أمثال المترجم له من حوله و من مجلسه، فنزلت الآية 52 من سورة الأنعام: وَ لا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ الْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ....

و كانت قريش تهزأ بأصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و أكثرهم من المستضعفين كالمترجم له، و كانوا يقولون: هؤلاء أصحاب محمّد صلّى اللّه عليه و آله، أ هؤلاء منّ اللّه عليهم من بيننا بالهدى و الحقّ؟ لو كان ما جاء به محمّد خيرا ما سبقنا هؤلاء إليه، و ما خصّهم اللّه به دوننا، فنزلت الآية 53 من سورة الأنعام: وَ كَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَ هؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا ....

أخذه المشركون و عذّبوه، و لم يتركوه حتّى سبّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و ذكر آلهتهم بخير؛ فأطلقوا سراحه، فلمّا رأى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: يا رسول اللّه! ما تركت حتّى نلت منك، و ذكرت آلهتهم بخير، فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «كيف تجد قلبك؟» قال: مطمئنا بالإيمان، فقال صلّى اللّه عليه و آله: «فإن عادوا لك فعد لهم» فنزلت فيه الآية 106 من سورة النحل: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ ....

و نزلت فيه و في الوليد بن المغيرة الآية 61 من سورة القصص: أَ فَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْناهُ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ.

و نزلت فيه و في أبي جهل الكافر الآية 40 من سورة فصّلت: إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا أَ فَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ ....

أمّا الآيات التي شملته فهي:

البقرة 13 «وَ إِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ ....»

البقرة 45 «وَ إِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ»

البقرة 46 «الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ ....»

النساء 69 «فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ ....»

المائدة 87 «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ ....»

الأنعام 51 «وَ أَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌ وَ لا شَفِيعٌ ....»

الأنعام 122 «أَ وَ مَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَ جَعَلْنا لَهُ نُوراً ....»

التوبة 100 «وَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ ....»

الحجر 47 «وَ نَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ»

النحل 41 «وَ الَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا ....»

النحل 110 «ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا ثُمَّ جاهَدُوا وَ صَبَرُوا ....»

الكهف 28 «وَ اصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ الْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ....»

محمّد 2 «وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ آمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ ....»

التين 6 «إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ»

أقوال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام في حقّ عمّار

مرّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بعمّار و أمّه و أبيه و هم يعذّبون بالأبطح في رمضاء مكّة المكرّمة، فقال صلّى اللّه عليه و آله لهم: «صبرا يا آل ياسر، موعدكم الجنّة».

و قال صلّى اللّه عليه و آله: «من عادى عمّارا عاداه اللّه، و من أبغض عمّارا أبغضه اللّه، و تقتله الفئة الباغية».

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للإمام أمير المؤمنين عليه السّلام: «الجنّة تشتاق إليك و إلى عمّار و إلى سلمان و أبي ذرّ».

و في أحد الأيّام استأذن عمّار على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فقال صلّى اللّه عليه و آله: «من هذا؟» فقيل له: عمّار، فقال صلّى اللّه عليه و آله: «مرحبا بالطيّب المطيّب».

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «إنّ عمارا ملئ إيمانا من قرنه إلى قدمه، و اختلط الإيمان بلحمه و دمه».

و قال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «أبشر يا أبا اليقظان، فإنّك أخو عليّ في ديانته، و من أفاضل أهل ولايته، و من المقتولين في محبّته، تقتلك الفئة الباغية، و آخر زادك من الدنيا ضياح من لبن».

و قال الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام: «خلقت الأرض لسبعة، بهم يرزقون و بهم يمطرون و بهم ينصرون: أبو ذرّ، و سلمان، و المقداد، و عمّار، و حذيفة، و عبد اللّه بن مسعود» ثمّ قال عليه السّلام «و أنا إمامهم» و هم الذين شهدوا الصلاة على فاطمة.[1]

المنبع:

أعلام القرآن، ص 715-716

 

[1]أعلام القرآن، ص 715-716