بخت نصّر
هو نبوخت نصّر، و قيل: بخت نصّر، و قيل: بخت النصّر بن كامجار بن كيانبة بن كيقباذ، و قيل: هو ابن سنحاريب بن كيحسرى، و يسمّيه الفرس بختريشه، أو بخت نرسي بن كيو بن كودرز، و قيل: اسم أبيه فلسر، أو نبوبول سر، و يسمّيه العبريّون نبوكدنصّر، و اسمه بالسريانيّة نبوخذنصّر. من أعظم و أشهر ملوك الدولة الكلدانيّة ببابل في العراق، و مؤسّس الإمبراطوريّة الكلدانيّة. كفر باللّه و اعتنق المجوسيّة، ثمّ ادّعى الألوهيّة و أمر الناس بعبادته.عرف بالظلم و الجور و سفك الدماء، و حبّه للعمران و البناء. كان لقيطا مجهول الأب و الأمّ، عثروا عليه و هو طفل عند صنم يدعى نصّر، فسمّوه بخت نصّر، أي ابن الصنم نصّر. قيل: إنّه كان من العجم من ولد كودرز، و قيل: كان ابن عمّ لهراسب ملك بلاد فارس.كان من نعومة أظفاره يعرف بالشجاعة و القوّة، و كان أصلع أعرج.عيّنه الملك لهراسب بن كشتاسب ملك الفرس أميرا و قائدا لجيوشه، ثمّ اتّخذه وزيرا. تصدّر للحكم من سنة 604 قبل الميلاد إلى سنة 562 قبل الميلاد، و في سنة 612 قبل الميلاد تزوّج من ابنة «هووخشتر» ملك الماديّين. بين سنتي 597 قبل الميلاد و 587 قبل الميلاد، أمره لهراسب بأن يقود حملة على فلسطين و يحتلّها، و يقال: إنّ الذي أمره باحتلال فلسطين هو الملك بهمن ملك بلاد فارس، حيث ملّكه على بابل، و أمره بالمسير إلى فلسطين و الشام، فتوجّه على رأس جيش ضخم يربو على الخمسين ألفا، فاحتلّ أورشليم، و أمر بتخريبها و إحراق التوراة، و ألقى بالجيف في المسجد الأقصى، و قتل سبعين ألفا من الإسرائيليّين، و سبى ذراريهم، و صادر أموالهم، و أسر خلقا كثيرا منهم بلغوا سبعين ألفا، حملهم إلى بابل، فبقوا في بابل 100 سنة تستعبدهم المجوس، و كان بين الأسرى «يوياخين بن يوياقيم» ملك بني إسرائيل. بعد تلك المجازر هرب كثير من الإسرائيليّين إلى مصر، و فلتوا من قبضته، فكتب في سنة 605 قبل الميلاد كتابا إلى فرعون مصر يقول فيه: إنّ عبيدا لي هربوا إلى مصر فأرسلهم إليّ و إلّا غزوتك، فكتب إليه فرعون: ما هم بعبيدك و لكنّهم أحرار، فغزاه نبوخت نصّر و تغلّب عليه في معركة «قرقميش» و قتل فرعون، و سبى المصريّين، ثمّ انطلق نحو بلاد المغرب في شمال إفريقية و احتلّها، ثمّ عاد إلى بابل و معه سبي كثير و أموال طائلة.
ظلّ بيت المقدس تحت سيطرته 40 سنة، و لم يزل يعذّب بني إسرائيل حتّى تزوّج امرأة منهم كانت تدعى ملحات بنت سلتائيل أخت زربابل، فطلبت منه أن يردّ قومها إلى فلسطين، فأرجعهم.
لمّا رجع الإسرائيليّون إلى فلسطين ملّكوا عليهم زربابل، و في أيّامه مسخ اللّه المترجم له بهيمة أنثى، و طال شعره، و صارت أظافيره كمخالب سباع الطيور.
و يقال في أواخر أيّامه أصابه الجنون، و تصوّر نفسه بقرة، فسكن البساتين و المزارع، فكانت زوجته «نيتوكريس» تدير دفّة الحكم و شئونه.
و يقال: إنّ اللّه تاب عليه قبل موته فأحياه بشرا، ثمّ مات بعد أن عمّر أكثر من 550 سنة، و قيل: 300 سنة، و بعد أن ملك 187 سنة، و قيل: 45 سنة.
و عن الإمام الصادق عليه السّلام قال: ملك الأرض كلّها أربعة: مؤمنان و كافران، فأمّا المؤمنان: سليمان بن داود عليهما السّلام و ذو القرنين، و أمّا الكافران: نمرود و بخت نصّر.
بني على مرتفعات بابل بساتين و حدائق و جنائن معلّقة كانت من عجائب الدنيا من حيث الهندسة و الفنّ و البناء، و حفر الأنهار و الترع في بابل لسقي مزارعها و حدائقها. و بعد هلاكه سنة 551 قبل الميلاد تولّى الحكم من بعده ابنه «أو لمرودخ».
القرآن العظيم و نبوخت نصّر:
لمّا غزا المترجم له بلاد فلسطين، و خرّب بيت المقدس، و أعانه على ذلك الروم فقاموا بحرق التوراة، و ألقوا بالجيف في المسجد الأقصى، و منعوا الناس من أداء مراسم عباداتهم، أنزل اللّه تعالى فيه و من تبعه الآية: «وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَ سَعى فِي خَرابِها ...» (البقرة/114)
و بعد أن عاث بنو إسرائيل في الأرض الفساد و طغوا و قتلوا الأنبياء أرسل اللّه إليهم المترجم له، فدمّرهم و أهلكهم و أراهم الذلّ و الهول، فأشارت الآية إليه بقولها: «بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَ كانَ وَعْداً مَفْعُولًا» (الإسراء/5).[1]
المنبع:
أعلام القرآن، ص969-968
[1]أعلام القرآن، ص969-968