هاجر
كانت هاجر من القبط من قرية أمام الفرمى قريب من فسطاط مصر. و كانت لفرعون من الفراعنة جبار عات من القبط. و هو الذي عرض لسارة امرأة إبراهيم فصرع. و يقال: بل ذهب يتناول يدها فيبست يده إلى صدره. فقال: ادعي الله أن يذهب عني ما أصابني و لا أهيجك. فدعت الله له فأطلق يده و سري عنه و أفاق. و دعا بهاجر. و كانت آمن خدمة عنده. فوهبها لسارة و كساها كساء. فوهبت سارة هاجر لإبراهيم علیه السلام فوطئها فولدت له إسماعيل. و هو أكبر ولده. كان اسمه إشمويل فأعرب.[1]
قال إبراهيم خليل الرحمن حين أسكن إسماعيل و أمه هاجر بمکة هذا القول: «رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ ».(ابراهیم:37)
... عن ابن عباس ، قال: إن أول من سعى بين الصفا و المروة لأم إسماعيل؛ و إن أول ما أحدث نساء العرب جر الذيول لمن أم إسماعيل. قال: لما فرت من سارة، أرخت من ذيلها لتعفي أثرها، فجاء بها إبراهيم و معها إسماعيل حتى انتهى بهما إلى موضع البيت، فوضعهما ثم رجع، فاتبعته، فقالت: إلى أي شي ء تكلنا؟ إلى طعام تكلنا؟ إلى شراب تكلنا؟ فجعل لايرد عليها شيئا، فقالت: الله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت: إذن لا يضيعنا. قال: فرجعت و مضى حتى إذا استوى على ثنية كداء، أقبل على الوادي فدعا، فقال: «رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَ ارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ » قال: و مع الإنسانة شنة فيها ماء فنفد الماء فعطشت و انقطع لبنها، فعطش الصبي، فنظرت أي الجبال أدنى من الأرض، فصعدت بالصفا، فتسمعت هل تسمع صوتا أو ترى أنيسا؛ فلم تسمع، فانحدرت، فلما أتت على الوادي سعت و ما تريد السعي، كالإنسان المجهود الذي يسعى و ما يريد السعي، فنظرت أي الجبال أدنى من الأرض، فصعدت المروة فتسمعت هل تسمع صوتا، أو ترى أنيسا؛ فسمعت صوتا، فقالت كالإنسان الذي يكذب سمعه: صه حتى استيقنت، فقالت: قد أسمعتني صوتك فأغثني، فقد هلكت و هلك من معي فجاء الملك فجاء بها حتى انتهى بها إلى موضع زمزم، فضرب بقدمه ففارت عينا، فعجلت الإنسانة فجعلت في شنتها، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: رحم الله أم إسماعيل لولا أنها عجلت لكانت زمزم عينا معينا. و قال لها الملك: لا تخافي الظمأ على أهل هذا البلد، فإنما هي عين لشرب ضيفان الله. و قال: إن أبا هذا الغلام سيجي ء، فيبنيان لله بيتا هذا موضعه. قال: و مرت رفقة من جرهم تريد الشام، فرأوا الطير على الجبل، فقالوا: إن هذا الطير لعائف على ماء، فهل علمتم بهذا الوادي من ماء؟ فقالوا: لا. فأشرفوا فإذا هم بالإنسانة، فأتوها فطلبوا إليها أن ينزلوا معها، فأذنت لهم. قال: و أتى عليها ما يأتي على هؤلاء الناس من الموت، فماتت، و تزوج إسماعيل امرأة منهم..[2]
المنابع:
الطبقات الكبرى، ج 1، ص41
جامع البيان فى تفسير القرآن، ج 13، ص 152
[1]الطبقات الكبرى، ج 1، ص41
[2]جامع البيان فى تفسير القرآن، ج 13، ص 152