الملکوت
المَلَكُوت : ملك الله، [و مَلَكُوتُ الله: سلطانه ].[1] المَلَكُوت: العزة و السلطان و المملكة. و يقال الجبروت فوق المَلَكُوت ، كما أن المَلَكُوت فوق المُلْك، و الواو و التاء فيه زائدتان. و له مَلَكُوتُ العراق أي مُلْكُها.[2]
جاء لفظة الملکوت اربع مرات فی القران الکریم قال تعالی: «وَ كَذلِكَ نُري إِبْراهيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنين »[3] .
قال العلامة الطباطبائی: الملكوت هو المُلك بمعنى السلطنة و الحكم، و يفيد مبالغة في معناه[4] . و المعنى الذي يستعمله فيه القرآن هو المعنى اللغوي بعينه من غير تفاوت كسائر الألفاظ المستعملة في كلامه تعالى غير أن المصداق غير المصداق و ذلك أن الملك و الملكوت و هو نوع من السلطنة إنما هو فيما عندنا معنى افتراضي اعتباري بعثنا إلى اعتباره الحاجة الاجتماعية إلى نظم الأعمال و الأفراد نظما يؤدي إلى الأمن و العدل و القوة الاجتماعيات و هو في نفسه يقبل النقل و الهبة و الغصب و التغلب كما لا نزال نشاهد ذلك في المجتمعات الإنسانية. و هذا المعنى على أنه وضعي اعتباري و إن أمكن تصويره في مورده تعالى من جهة أن الحكم الحق في المجتمع البشري لله سبحانه لكن تحليل معنى هذا الملك الوضعي يكشف عن ثبوت ذلك في الحقائق ثبوتا غير قابل للزوال و الانتقال كما أن الواحد منا يملك نفسه بمعنى أنه هو الحاكم المسلط المتصرف في سمعه و بصره و سائر قواه و أفعاله... و لا شك أن هذا المعنى بعينه موجود لله سبحانه الذي إليه تكوين الأعيان و تدبير النظام فلا غنى لمخلوق عن الخالق عز اسمه لا في نفسه و لا في توابع نفسه من قوى و أفعال، و لا استقلال له لا منفردا و لا في حال اجتماعه مع سائر أجزاء الكون و ارتباط قوى العالم و امتزاج بعضها ببعض امتزاجا يكون هذا النظام العام المشاهد... فكون وجود الأشياء منه و انتساب الأشياء بوجودها و واقعيتها إليه تعالى هو الملاك في تحقق ملكه و هو بمعنى ملكه الذي لا يشاركه فيه غيره و لا يزول عنه إلى غيره و لا يقبل نقلا و لا تفويضا يغني عنه تعالى و ينصب غيره مقامه. و هذا هو الذي يفسر به معنى الملكوت في قوله: «إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون، فسبحان الذي بيده ملكوت كل شي ء»:[5] فالآية تبين أن ملكوت كل شي ء هو كلمة كن الذي يقوله الحق سبحانه له، و قوله فعله، و هو إيجاده له. فقد تبين أن الملكوت هو وجود الأشياء من جهة انتسابها إلى الله سبحانه و قيامها به، و هذا أمر لا يقبل الشركة و يختص به سبحانه وحده.[6]
و قال فی موضع آخر: المراد بالملكوت الجهة التالية له تعالى من وجهي وجود الأشياء[7] و هو كونه عن أمره تعالى بكلمة كن و بعبارة أخرى وجوده عن إيجاده تعالى[8] و بالملك الجهة التالية للخلق أو الأعم الشامل للوجهين.[9] فكون ملكوت كل شي ء بيده كناية استعارية عن اختصاص إيجاد كل ما يصدق عليه الشي ء به تعالى.[10] و جعل الملكوت بيده تعالى للدلالة على أنه متسلط عليها لا نصيب فيها لغيره.[11]
المنابع:
كتاب العين، ج 5، ص 380
مجمع البحرين، ج 3، ص 98
الميزان في تفسير القرآن، ج 7، ص 172
[1]كتاب العين، ج 5، ص 380
[2]مجمع البحرين، ج 3، ص 98
[3]الانعام: 75
[4]الميزان في تفسير القرآن، ج 15، ص 60
[5]یس: 83
[6]الميزان في تفسير القرآن، ج 7، ص 172
[7]الميزان في تفسير القرآن، ج 17، ص 117
[8]الميزان في تفسير القرآن، ج 15، ص 60
[9]الميزان في تفسير القرآن، ج 17، ص 117
[10]الميزان في تفسير القرآن، ج 15، ص 60
[11]الميزان في تفسير القرآن، ج 17، ص 117