مسجد الضرار
أتی جماعة من المنافقين إلى النّبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم و طلبوا منه أن يسمح لهم ببناء مسجد في حي بني سليم- قرب مسجد قبا- حتى يصلي فيه العاجزون و المرضى و الشيوخ، و كذلك ليصلي فيه جماعة من الناس الذين لا يستطيعون أن يحضروا مسجد قبا في الأيّام الممطرة، و يؤدوا فرائضهم الإسلامية، و كان ذلك في الوقت الذي كان فيه النّبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم عازما على التوجه إلى تبوك. فأذن لهم النّبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم، إلّا أنّهم لم يكتفوا بذلك، بل طلبوا منه أن يصلي فيه، فأخبرهم بأنّه عازم على السفر الآن، و عند عودته بإذن اللّه فسوف يأتي مسجدهم و يصلي فيه.
فلمّا رجع النّبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم من تبوك حضروا عنده و طلبوا منه الحضور في مسجدهم و الصلاة فيه، و أن يدعوا اللّه لهم بالبركة، و كان النّبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم لم يدخل بعد أبواب المدينة، فنزل الوحي و تلا عليه هذه الآيات: « وَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَ كُفْراً وَ تَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ إِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَ لَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنا إِلاَّ الْحُسْنى وَ اللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ * لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ * أَ فَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللَّهِ وَ رِضْوانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ». (التوبة: الآيات 107 الى 110)
و كشف الستار عن الأعمال هؤلاء، فأمر النّبي بحرق المسجد المذكور، و بهدم بقاياه، و أن يجعل مكانه محلا لرمي القاذورات و الأوساخ.[1]
المنبع:
الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج 6، ص 215
[1]الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج 6، ص 215