النضر بن الحارث
هو أبو قائد، و قيل: أبو قتيلة الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي بن كلاب القرشي، العبدري.
من شخصيات قريش و شجعانها في الجاهلية، و ابن خالة النبي صلى الله عليه و آله. لما جاء الإسلام استمر على كفره و شركه بالله، و أصبح من ألد خصوم النبي صلى الله عليه و آله و المسلمين، و أخذ يؤذي النبي صلى الله عليه و آله و يكذبه.
كان مطلعا على كتب الفرس و تواريخهم، و يكثر مخالطة و مجالسة اليهود و النصارى، و كان أول من غنى على العود من العرب بألحان الفرس.
في السنة الثانية من الهجرة اشترك مع المشركين في واقعة بدر الكبرى، و كان حاملا لأحد ألويتهم، فأسره المسلمون، و قدموه بين يدي النبي صلى الله عليه و آله، فأمر الإمام أمير المؤمنين عليه السلام بقتله، فقتله بالأثيل قرب المدينة المنورة.
كان من جملة المتآمرين على اغتيال النبي صلى الله عليه و آله في الليلة التي غادرها و هاجر إلى المدينة، و جعل الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في فراشه.
تولى كتابة الصحيفة التي بموجبها قاطعت قريش بني هاشم، فدعا عليه النبي صلى الله عليه و آله فشلت أصابعه.
القرآن العظيم و النضر بن الحارث :
قال المترجم له و جماعة من الكفار للنبي صلى الله عليه و آله: لن نؤمن بك حتى يأتينا كتاب مكتوب من الله، و مع الكتاب أربعة من الملائكة يشهدون بأنه من الله، و قالوا: لو جعل معك يا محمد ملك يحدث عنك الناس و يرى معك فنزلت: «و لو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين. و قالوا لو لا أنزل عليه ملك و لو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ثم لا ينظرون»[1] .
و في أحد الأيام جاء مع جماعة على شاكلته من المشركين إلى النبي صلى الله عليه و آله و هو يقرأ القرآن، فأخذوا يستمعون إليه، ثم قالوا للمترجم له: ما يقول محمد؟ قال: و الذي جعلها بيته ما أدري ما يقول، إلا أني أرى يحرك شفتيه و يتكلم بشي ء، و ما يقول إلا أساطير الأولين، مثل ما كنت أحدثكم عن القرون الماضية، فنزلت: «و منهم من يستمع إليك و جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه ...»[2] .
جاء يوما إلى النبي صلى الله عليه و آله و قال: يا رسول الله أنت سيد أولاد آدم، و أخوك علي سيد العرب، و ابنتك فاطمة سيدة نساء العالم، و ولداك الحسن و الحسين من شبان الجنة، و عمك حمزة سيد الشهداء، و ابن عمك جعفر له جناحان يطير بهما في الجنة، فأي شي ء لسائر قريش و العرب من المنزلة و الرتبة؟ فقال النبي صلى الله عليه و آله: «أقسم بالله بأن المقامات التي ذكرتها لم أمنحها أنا لهم، بل الله سبحانه منحها لهم» فأعرض المترجم له بوجهه عن النبي صلى الله عليه و آله و قال: إلهي إن كنت أنت المانح لهم تلك المناقب العلية فأنزل علينا حجارة من السماء، أو أنزل علينا عذابا أليما، فنزلت فيه الآية 32 من سورة الأنفال: «و إذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم»[3] .
كانت أكثر تجارته من بلاد فارس، فكان يسمع أخبار الفرس و تواريخهم فيقصها و يرويها لقريش، و يقول لهم: إن محمدا يحدثكم بحديث عاد و ثمود، و أنا أحدثكم بحديث رستم و إسفنديار و أخبار الأكاسرة، فكانوا يستملحون حديثه و يتركون استماع القرآن، فنزلت فيه: «و من الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم و يتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين»[4] .
كان النبي صلى الله عليه و آله إذا جلس و قرأ القرآن، أو حدث الناس و وعظهم، كان المترجم له يجمع الناس خلف النبي صلى الله عليه و آله و يحدثهم بأساطير الفرس و غيرهم، و يقول: أنا أحسن من محمد حديثا، و ما حديثه إلا أساطير الأولين، فنزلت فيه «إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين»[5] .
لما دعا على نفسه و سأل العذاب، فأنزل الله عليه العذاب يوم بدر، فقتله الإمام أمير المؤمنين عليه السلام صبرا، فنزلت فيه: «سأل سائل بعذاب واقع»[6] و [نزلت فیه آیات اخری].[7]
المنبع:
أعلام القرآن، ص 979
[1]الانعام: 7 - 8
[2]الانعام: 25
[3]الانفال: 32
[4]لقمان: 6
[5]القلم: 15
[6]المعارج: 1
[7]أعلام القرآن، ص 979