الجبل
الجبل معروف، و الجمع أجبل و أجبال و جبال، و قد لوحظ في جميع مشتقات هذه المادّة الغلظة و الخشونة، و هما من أظهر أوصاف الجبل.
جاء لفظ الجبل مفردا ست مرّات فی القرآن الکریم قال تعالی:«وَ إِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَ ظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَ اذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ »[1] هذه بشأن موسى و بني إسرائيل إذ رفع اللّه الجبل فوق بني إسرائيل كأنّه ظلّة، و سياقها العلوّ و الرّفعة، و التّعريف فيها للعهد و التّكبير و التّهويل.
و قال:«قالَ سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ قالَ لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَ حالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ»[2] هذه بشأن ابن نوح و سياقها العلوّ، و التّنكير فيها للتّسوية و الإبهام، دون التّكبير و التّهويل.
و قال:«وَ لَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً أَ فَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً»[3] هذه بشأن القرآن الكريم، أنّه لو أنزله اللّه على جبل لكان خاشعا، و لو سيّرت به الجبال، أو قطّعت به الأرض، أو كلّم به الموتى لكان القرآن مستعدّا لها و سياقها الصّلابة، و التّعريف و الجمع فيها و هي خاصّة بالقرآن للتّعميم و الإطلاق، أي لا فرق بينها في تأثّرها بالقرآن لو أنزل عليها.
يلاحظ أنّ الجبل مفردا و جمعا رمز للشّدّة و الصّلابة، و للعلوّ و الرّفعة، أو للثّقل و العظمة. و هذه الآيات تحاكي قداسة الجبل و علاقته بالأنبياء إنذارا و تهديدا، و بالقرآن تعظيما و تبجيلا.[4]
المنبع:
المعجم فى فقه لغه القرآن و سر بلاغته، ج 8، ص 907
[1]الأعراف: 171
[2]هود: 43
[3]الرّعد: 31
[4]المعجم فى فقه لغه القرآن و سر بلاغته، ج 8، ص 907