الجِنّ
الجنّ خلاف الإنس، و الواحد: جنّيّ، و الجمع: جنان، و الاسم: الجنّة. و الجانّ: الجنّ، و يطلق على الشّيطان و الملك، و على ضرب من الحيّات، و الجمع: جنّان. و لمّا كان السّتر صفة لازمة للجنّ أشتقّ منه سائر المعاني و أكثرهم جعله أصلا لها.
و احتمل بعض المستشرقين أن يكون لفظ «الجنّ» مأخوذا من اللّفظ اللّاتينيّ «جينييس»، و استبعد أن يكون مشتقا من «الاجتنان» أي الاستتار. و احتمل آخرون بقوّة أن يكون لفظ «الجنّة» سريانيّ المنشأ، و جزموا بأنّ العرب أخذوه من اللّفظ الآراميّ. و زعموا أنّ معناه في الشّعر العربيّ القديم: الحديقة و البستان، و في شعر ما بعد ظهور الإسلام: دار النّعيم في الآخرة، و هذا المعنى قد أخذ من اليهود أو النّصارى .
و لا تخلو هذه الأقوال من أن تكون ضربا من الاحتمال أو الاعتساف، فهي لا ترتكز على ركن شديد، فلفظ «الجنّة» مثلا ورد في أغلب اللّغات السّاميّة بمعنى الحديقة، قال آرثر جفري: يحتمل أن يكون تراثا عربيّا أصيلا، من بقايا اللّغة السّاميّة البدائيّة، لأنّه كان متداولا تماما في مناطق اللّغة السّاميّة، فجاء في اللّغة الأكديّة بلفظ «جنّتو»، و في العبريّة «جناه»، و في الآراميّة «جنا» و «جنتا»، و في السّريانيّة «جنتا».
و قد جاء لفظ الجنّ اسم جنس بإزاء الإنس اثنتین و عشرین مرّة، منفردا عن الإنس 8 مرّات خلال قصص سليمان و نبيّنا محمّد عليهما السّلام، معرّفا بلام الجنس أو العهد، و مقارنا بالإنس معرّفا بلام الجنس أيضا في 14 آية. و جاء لفظ الجنّة عشر مرات؛ قال تعالی:« قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً»[1] و قال:«الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ»[2] قالوا المراد بهما شياطين الإنس و الجنّ. و جوّز الزّمخشريّ أن يكون (من) متعلّقا ب (يوسوس) و معناه ابتداء الغاية، أي يوسوس في صدورهم من جهة الجنّ و من جهة الإنس. أو أنّ (من) بيان ل (النّاس) في صُدُورِ النَّاسِ و أنّ اسم (النّاس) يطلق على (الجنّة) كما أطلق عليها (نفر) و (رجال) في سورة الجنّ، و كرّر (النّاس) رعاية للرّويّ. و عليه فهما شي ء واحد، و الوجه الأوّل أولى.[3]
المنبع:
المعجم فى فقه لغه القرآن و سر بلاغته، ج 10، ص 177
[1]الجنّ: 1
[2]النّاس: 5، 6
[3]المعجم فى فقه لغه القرآن و سر بلاغته، ج 10، ص 177