أصحاب الجنة(القصة)

أصحاب الجنّة (القصة)

الجنَّة: كلّ بستان ذي شجر يستر بأشجاره الأرض.[1] و أصحاب الجنة هم إخوان کان لهم بستان فی قریة صروان[2] بأرض یمن فلما أرادوا أن یقطفوا ثمارها و یمنعوا المساکین منها أخذتها صاعقة فأحرقتها و صاروا بذلک نادمین.

قال تعالی: «إِنَّا بلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ (17) وَ لا يَسْتَثْنُونَ (18) فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَ هُمْ نائِمُونَ (19) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (20) فَتَنادَوْا مُصْبِحِينَ (21) أَنِ اغْدُوا عَلى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ (22) فَانْطَلَقُوا وَ هُمْ يَتَخافَتُونَ (23) أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ (24) وَ غَدَوْا عَلى حَرْدٍ قادِرِينَ (25) فَلَمَّا رَأَوْها قالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ (26) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (27) قالَ أَوْسَطُهُمْ أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْ لا تُسَبِّحُونَ (28) قالُوا سُبْحانَ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ (29) فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ (30) قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا طاغِينَ (31) عَسى رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا خَيْراً مِنْها إِنَّا إِلى رَبِّنا راغبون(32)»[3]

قصّة أصحاب الجنّة كنموذج لذوي المال الذين غرقوا في أنانيتهم، فأصابهم الغرور، و تخلّوا عن القيم الإنسانية الخيّرة، و أعماهم حبّ المال عن كثير من الفضائل .. فالآيات الكريمة تذكر لنا قصّة مجموعة من الأغنياء كانت لهم جنّة (بستان مثمر) إلّا أنّهم فقدوها فجأة، و ذلك لعتوّهم و غرورهم و كبرهم على فقراء زمانهم. و يبدو أنّها قصّة معروفة في ذلك الزمان بين الناس، و لهذا السبب استشهد بها القرآن الكريم.

لقد تعدّدت الرّوايات في مكان هذه الجنّة، فقيل: إنّها في أرض اليمن بالقرب من صنعاء، و قيل: هي في الحبشة، و هناك قول بأنّها في أرض الشام، و ذهب آخرون إلى أنّها في الطائف إلّا أنّ المشهور أنّها كانت في أرض اليمن.

و موضوع القصّة هو: أنّ شيخا مؤمنا طاعنا في السنّ كان له بستان عامر، يأخذ من ثمره كفايته و يوزّع ما فضل من ثمرته للفقراء و المعوزين، و قد ورثه أولاده بعد وفاته، و قالوا: نحن أحقّ بحصاد ثمار هذا البستان، لأنّ لنا عيالا و أولادا كثيرين، و لا طاقة لنا باتّباع نفس الأسلوب الذي كان أبونا عليه .. و لهذا فقد صمّموا على أن يستأثروا بثمار البستان جميعا، و يحرموا المحتاجين من أي عطاء منها، فلقد تحرّكوا في الصباح الباكر على أمل أن يقطفوا محصولهم الكثير، و يستأثروا به بعيدا عن أنظار الفقراء و المحتاجين، و لا يسمحوا لأي أحد من الفقراء بمشاركتهم في هذه النعمة الإلهية الوافرة، غافلين عن تقدير اللّه. فإذا بصاعقة مهلكة تصيب جنّتهم في ظلمة الليل فتحوّلها إلى رماد، في وقت كان أصحاب الجنّة يغطّون في نوم عميق.[4]

المنابع:

مفردات ألفاظ القرآن، ص 203

الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج 18، ص 536

 

[1]مفردات ألفاظ القرآن، ص 203

[2]مجمع البیان، ج 10، ص 505

[3]القلم: 17 - 32

[4]الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج 18، ص 536