الخَمر
المجموعات : الأطعمة والأشربة

الخَمر

أصل الخمر: ستر الشي ء. و الْخَمْرُ سمّيت لكونها خَامِرَةً لمقرّ العقل، و هو عند بعض الناس اسم لكلّ مسكر. و عند بعضهم اسم للمتخذ من العنب و التمر، لما روی فی ذلک و منهم من جعلها اسما لغير المطبوخ، ثم كميّة الطّبخ التي تسقط عنه اسم الخمر مختلف فيها.[1]

أمّا في الاصطلاح الشرعي فيأتي الخمر بمعنى كلّ مايع مسكر، سواء أخذ من العنب أو الزبيب أو التمر أو شي ء آخر، بالرّغم من أنّ الوارد في اللّغة أسماء مختلفة لكلّ واحد من أنواع المشروبات الكحوليّة.[2]

و الخمر مما حرّم تدریجا فی الآیات القرآنیة لانه لم يزل الناس بقريحتهم الحيوانية يميلون إلى لذائذ الشهوة فيشبع بينهم الأعمال الشهوانية أسرع من شيوع الحق و الحقيقة، و انعقدت العادات على تناولها و شق تركها و الجري على نواميس السعادة الإنسانية، و لذلك أن الله سبحانه شرع فيهم ما شرع من الأحكام على سبيل التدريج، و كلفهم بالرفق و الإمهال.

فقد أخذ في تحريم الخمر بالتدريج فنزل قوله تعالى: «قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ وَ الْإِثْمَ وَ الْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ»[3] و الآية مكية حرم فيها الإثم صريحا، و في الخمر إثم غير أنه لم يبين أن الإثم ما هو و أن في الخمر إثما كبيرا. و لعل ذلك إنما كان نوعا من الإرفاق و التسهيل لما في السكوت عن البيان من الإغماض كما يشعر به أيضا قوله تعالى: «وَ مِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَ الْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَ رِزْقاً حَسَناً»[4] و الآية أيضا مكية، و كان الناس لم يكونوا متنبهين بما فيه من الحرمة الكبيرة حتى نزلت قوله تعالى: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَ أَنْتُمْ سُكارى »[5] و الآية مدنية و هي تمنع الناس بعض المنع عن الشرب و السكر في أفضل الحالات و في أفضل الأماكن و هي الصلاة في المسجد. ثم نزل قوله تعالى: «يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَ الْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَ مَنافِعُ لِلنَّاسِ وَ إِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما»[6] و هذه الآية بعد آية النساء كما مر بيانه و تشتمل الآية على التحريم لدلالتها القطعية على الإثم في الخمر و کذا آية الأعراف المكية الصريحة في تحريم الإثم.[7]

أضرار المشروبات الكحولية:

أثر الكحول في العمر: قال عالم مشهور من الغربیّین: الشباب في سنّ العشرين الذين يتوقّع أن تطول أعمارهم إلى خمسين عاما، لا يعمّرون بسبب معاقرة الخمرة أكثر من خمسة و ثلاثين عاما.

أثر الكحول على النسل: 35 بالمائة من عوارض الإدمان الحادّة تنتقل إلى الوليد إذا كان أبوه حين انعقاد النطفة سكرانا، و إن كان الوالدان سكرانين فترتفع نسبة هذه العوارض إلى مائة في المائة.

أثر الكحول في الأخلاق: العاطفة العائلية في الشخص المدمن تضعف، و يقلّ انشداده بزوجته و أبنائه، حتّى يحدث أن يقدم المدمن على قتل أبنائه بيده.

أضرار الكحول الاجتماعية: تؤثر فی الجرائم الاجتماعية و الجرائم الجنسية المرتبطة بالمدمنين.

الأضرار الاقتصادية للمشروبات الكحوليّة: أحد علماء النفس المشهورين يقول: من المؤسف أنّ الحكومات تحسب ما تدر عليها المشروبات الكحولية من ضرائب، و لا تحسب الميزانية الضخمة التي تنفق لترميم مفاسد هذه المشروبات. فلو حسبت الحكومات الأضرار الناتجة من المشروبات الكحولية، مثل زيادة الأمراض الروحية و إهدار الوقت و الاصطدامات الناتجة عن السكر و فساد الجيل و انتشار روح التقاعس و التحلّل و التخلّف الثقافي و المشاكل التي تواجه رجال الشرطة و دور الحضانة المخصّصة لرعاية أبناء المخمورين و ما تحتاجه جرائم المخمورين من مستشفيات و أجهزة قضائيّة و سجون و غيرها من الخسائر و الأضرار الناتجة عن تعاطي الخمور و قارنت هذه الخسائر بما تحصل عليه من ضرائب على هذه المشروبات لوجدت أنّ الأرباح تكاد تكون تافهة أمام الخسائر.[8]

فمضراته الطبية و آثاره السيئة في المعدة و الأمعاء و الكبد و الرئة و سلسلة الأعصاب و الشرايين و القلب و الحواس كالباصرة و الذائقة. و مضراته الخلقية: تشوية الخلق و تأديته الإنسان إلى الفحش، و الإضرار و الجنايات، و القتل، و إفشاء السر، و هتك الحرمات، و إبطال جميع القوانين و النواميس الإنسانية التي بنيت عليها أساس سعادة الحياة، و خاصة ناموس العفة في الأعراض و النفوس و الأموال، فلا عاصم من سكران لا يدري ما يقول و لا يشعر بما يفعل، و قل ما يتفق جناية من هذه الجنايات التي قد ملأت الدنيا و نغصت عيشة الإنسان إلا و للخمر فيها صنع مستقيما أو غير مستقيم. و مضرته في الإدراك و سلبه العقل و تصرفه الغير المنتظم في أفكار الإنسان و تغييره مجرى الإدراك حين السكر و بعد الصحو مما لا ينكره منكر و ذلك أعظم ما فيه من الإثم و الفساد، و منه ينشأ جميع المفاسد الآخر.

و الشريعة الإسلامية وضعت أساس أحكامها على التحفظ على العقل السليم، و نهت عن الفعل المبطل لعمل العقل أشد النهي و لو لم يكن لهذه المحجة البيضاء و الشريعة الغراء إلا البناء على العقل و المنع عما يفسده من اتباع الهوى لكفاها فخرا.[9]

المنابع:

الميزان في تفسير القرآن، ج 2، ص: 193

مفردات ألفاظ القرآن، ص 299

الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج 2، ص 113

 

[1]مفردات ألفاظ القرآن، ص 299

[2]الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج 2، ص 113

[3]الأعراف: 33

[4]النحل: 67

[5]النساء: 43

[6]البقرة: 219

[7]الميزان في تفسير القرآن، ج 2، ص 193

[8]الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج 2، ص 113

[9]الميزان في تفسير القرآن، ج 2، ص 193