معاذ بن جبل
أبو عبد الرحمن معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس بن عائذ بن عدي بن كعب بن عمرو الأنصاري، الخزرجي، السلمي، الجشمي، المدني، و أمه هند بنت سهل بن جهينة.
أحد صحابة رسول الله صلى الله عليه و آله الأجلاء، و كان من فقهائهم.
أسلم و عمره ثماني عشرة سنة، و شهد العقبة مع النبي صلى الله عليه و آله، و شهد بدرا و بقية المشاهد، و شارك جماعة في تكسير آلهة بني سلمة.
آخى النبي صلى الله عليه و آله بينه و بين عبد الله بن مسعود، و قيل: بينه و بين جعفر بن أبي طالب.
اتخذه النبي صلى الله عليه و آله كاتبا من كتابه، و جعله يفتي و يقضي بين الناس، فأرسله سنة 10 ه إلى اليمن و حضرموت ليقضي بين أهلها، و لم يزل بها حتى توفي النبي صلى الله عليه و آله.
كان من الذين جمعوا القرآن في حياة النبي صلى الله عليه و آله.
بعد وفاة النبي صلى الله عليه و آله شارك جماعة في كتابة صحيفة اشترطوا فيها إزالة الإمامة عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام.
أيام حكومة عمر بن الخطاب اشترك في فتوحات بلاد الشام، و لم يزل بها حتى توفي أيام طاعون عمواس سنة 18 ه، و قيل: سنة 17 ه، و عمره يومئذ 38 سنة، و قيل: 33 سنة، و قيل: 34 سنة، و قيل: 28 سنة، و قيل: 36 سنة، و دفن في غور الأردن.
روي عن عبد الرحمن بن غنم الأزدي أنه قال: سمعت معاذا- حين احتضر و ليس معه في البيت غيري- يقول: ويل لي، ويل لي، فقلت له: مم؟ قال: من موالاتي عتيقا و عمر على خليفة رسول الله صلى الله عليه و آله و وصيه علي بن أبي طالب عليه السلام، فقلت: إنك لتهجر فقال: يا بن غنم! هذا رسول الله صلى الله عليه و آله و علي بن أبي طالب عليه السلام يقولان: أبشر بالنار و أصحابك، أ فليس قلتم إن مات رسول الله صلى الله عليه و آله زوينا الخلافة عن علي بن أبي طالب عليه السلام، فلن تصل إليه؟ ثم قال معاذ: فاجتمعت أنا و أبو بكر و عمرو أبو عبيدة و سالم مولى حذيفة، فقلت: متى يا معاذ؟ قال: في حجة الوداع، قلنا: نتظاهر على علي عليه السلام، فلا ينال الخلافة ما حيينا، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه و آله قلت لهم: أكفيكم قومي الأنصار و اكفوني قريشا، ثم قلت: يا معاذ! إنك لتهجر، فألصق خده إلى الأرض، فما زال يدعو بالويل و الثبور حتى مات.
روى عن النبي صلى الله عليه و آله أحاديث، و روى عنه جماعة.
القرآن العظيم و معاذ بن جبل :
كان اليهود يستفتحون على الأوس و الخزرج برسول الله صلى الله عليه و آله قبل مبعثه، فلما بعثه الله كفروا به و جحدوا ما كانوا يقولون فيه، فقال لهم معاذ و بشر بن البراء: يا معشر اليهود! اتقوا الله و أسلموا، فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد صلى الله عليه و آله و نحن أهل شرك، و تخبروننا أنه مبعوث و تصفونه لنا بصفته، فقال رجل من بني النضير: ما جاءنا بشي ء نعرفه، و ما هو بالذي كنا نذكره لكم، فأنزل الله جوابا لليهود الآية 89 من سورة البقرة: «و لما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم و كانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به ...».
في أحد الأيام سأل معاذ و آخرون معه نفرا من أحبار اليهود عن بعض ما في التوراة، فكتموهم إياه و أبوا أن يخبروهم عنه، فنزلت الآية 159 من نفس السورة: «إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات و الهدى ...».
سأل المترجم له و ثعلبة بن غنم النبي صلى الله عليه و آله: ما بال الهلال يبدو دقيقا مثل الخيط ثم يزيد حتى يمتلئ و يستوي، ثم لا يزال ينقص حتى يعود كما بدا، لا يكون على حالة واحدة؟ فنزلت جوابا لهما الآية 189 من السورة نفسها: «يسئلونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس و الحج ...».
و شملته الآية 219 من نفس السورة: «يسئلونك عن الخمر و الميسر قل فيهما إثم كبير ...».
و سبب نزولها هو مجي ء معاذ مع نفر من الأنصار إلى النبي صلى الله عليه و آله و قالوا: أفتنا في الخمر و الميسر، فنزلت تلك الآية جوابا لهم.
و شملته كذلك تتمة الآية 219 من نفس السورة: «و يسئلونك ما ذا ينفقون ...».
و الآية 69 من سورة آل عمران: «ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم ...».
و في أحد الأيام افتخر وهب بن يهوذا و مالك بن الضيف اليهوديان على معاذ و جماعة من المسلمين، و قالا: إن ديننا خير مما تدعوننا إليه، و نحن خير و أفضل منكم، فأنزل الله سبحانه ردا عليهم الآية 110 من سورة آل عمران: «كنتم خير أمة أخرجت للناس ...».
و لما كفر اليهود بالنبي صلى الله عليه و آله قال لهم معاذ و آخرون من المسلمين: يا معشر اليهود! اتقوا الله، فو الله إنكم لتعلمون أنه رسول الله، و لقد كنتم تذكرونه لنا قبل مبعثه، و تصفونه لنا بصفته، فقال بعض اليهود: ما قلنا لكم هذا قط، و ما أنزل الله من كتاب بعد موسى عليه السلام، و لا أرسل بشيرا و لا نذيرا بعده، فأنزل الله سبحانه في ذلك الآية 19 من سورة المائدة: «يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة، من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير و لا نذير ...».[1]
المنبع:
أعلام القرآن، ص 914
[1]( 1). الاختصاص، ص 184؛ ارشاد القلوب، ص 391 و 392؛ أسباب النزول، للسيوطي- هامش تفسير الجلالين-، ص 134 و 157؛ أسباب النزول، للقاضي، ص 28؛ أسباب النزول، للواحدي، ص 52 و 64 و 101؛ الاستيعاب- حاشية الاصابة- ج 3، 355- 361؛ اسد الغابة، ج 4، ص 376- 378؛ الاشتقاق، ج 2، ص 466؛ الاصابة، ج 3، ص 426 و 427؛ الأعلام، ج 7، ص 258؛ الأغاني، ج 15، ص 12؛ أيام العرب في الاسلام، ص 130 و 225؛ البدء و التاريخ، ج 5، ص 117-- و 118؛ البداية و النهاية، ج 7، ص 97؛ البرصان و العرجان و العميان و الحولان، ص 34 و 326 و 327؛ بلوغ الارب، ج 1، ص 287 و ج 2، ص 9 و 208 و ج 3، ص 292؛ تاريخ الاسلام،( السيرة النبوية) ص 307 و 308، و( المغازي) ص 125 و 690- 692 و 695، و( عهد الخلفاء الراشدين) ص 167 و 175- 179؛ تاريخ حبيب السير، ج 1، ص 471 و 472؛ و راجع فهرسته؛ تاريخ ابن خلدون، راجع فهرسته؛ تاريخ الخلفاء، ص 147؛ تاريخ الطبري، ج 3، ص 161؛ التاريخ الكبير، للبخاري، ج 7، ص 359 و 360؛ تاريخ گزيده، ص 243؛ تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 76 و 80 و 122 و 141؛ تجريد أسماء الصحابة، ج 2، ص 80؛ تذكرة الحفاظ، ج 1، ص 19 و 22؛ تفسير البحر المحيط، ج 2، ص 61 و راجع مفتاح التفاسير؛ تفسير البيضاوي، ج 1، ص 108 و راجع مفتاح التفاسير؛ تفسير الجلالين، ص 58؛ تفسير أبي السعود، ج 1، ص 203 و راجع مفتاح التفاسير؛ تفسير الطبري، راجع مفتاح التفاسير؛ تفسير العسكري عليه السلام، ص 17؛ تفسير أبي الفتوح الرازي، ج 1، ص 305 و راجع مفتاح التفاسير؛ تفسير الفخر الرازي، ج 5، ص 131 و راجع فهرسته؛ تفسير فرات الكوفي، ص 547 و 585؛ تفسير ابن كثير، راجع مفتاح التفاسير؛ تفسير الماوردي، ج 1، ص 249؛ تقريب التهذيب، ج 2، ص 255؛ تنقيح المقال، ج 3، ص 220 و 221؛ تنوير المقباس، ص 26؛ تهذيب الأسماء و اللغات، ج 2، ص 98- 100؛ تهذيب التهذيب، ج 10، ص 169 و 170؛ تهذيب سير أعلام النبلاء، ج 1، ص 44 و 45؛ تهذيب الكمال، ج 3، ص 1337؛ التوحيد، ص 28؛ توضيح الاشتباه، ص 283؛ الثقات، ج 3، ص 368 و 369؛ ثمار القلوب، ص 68 و 547؛ جامع الرواة، ج 2، ص 235؛ الجامع لأحكام القرآن، راجع فهرسته؛ الجرح و التعديل، ج 8، ص 244 و 245؛ جمهرة أنساب العرب، ص 342 و 358؛ حلية الأولياء، ج 1، ص 228- 244؛ الحيوان، ج 4، ص 287 و ج 6، ص 220؛ الخصال، ص 363؛ خلاصة تذهيب الكمال، ص 379؛ الدر المنثور، ج 1، ص 203؛ و راجع مفتاح التفاسير؛ دول الاسلام، ص 8؛ ربيع الأبرار، راجع فهرسته؛ رجال البرقي، ص 66؛ رجال الطوسي، ص 27 و 59؛ الروض المعطار، ص 176 و 256 و 415 و 436 و 536؛ سفينة البحار، ج 2، ص 287 و 288؛ سير أعلام النبلاء، ج 1، ص 443- 461؛ السيرة النبوية، لابن اسحاق، ص 298؛ السيرة النبوية، لابن هشام، ج 2، ص 106 و 107 و 196 و 200 و 212 و 356 و 357 و ج 4، ص 143 و 236 و 237؛ شذرات الذهب، ج 1، ص 29 و 30 و 63؛ شفاء الغرام، ج 1، ص 251 و 253؛ صبح الأعشى، راجع فهرسته؛ صفوة الصفوة، ج 1، ص 489- 502؛ طبقات خليفة بن خياط، ص 103 و 303؛-- طبقات الفقهاء، للشيرازي، ص 26 و 27؛ طبقات القراء، ج 2، ص 301؛ الطبقات الكبرى، لابن سعد، ج 3، ص 583- 590؛ العبر، ج 1، ص 17؛ العقد الفريد، راجع فهرسته، فرهنگ معين، ج 6، ص 1993؛ الكامل في التاريخ، ج 2، ص 272 و 558؛ و راجع فهرسته؛ الكامل، للمبرد، ج 3، ص 154؛ كتاب سليم بن قيس، ص 222 و 223؛ الكشاف، ج 1، ص 234 و 260 و راجع مفتاح التفاسير؛ كشف الأسرار، راجع فهرسته؛ كنز العمال، ج 13، ص 583؛ الكنى و الأسماء، ج 1، ص 80؛ لسان العرب، راجع فهرسته؛ لغت نامه دهخدا، ج 45، ص 660؛ مجمع البيان، ج 2، ص 508؛ مجمع الرجال، ج 6، ص 96؛ مجمع الزوائد، ج 9، ص 310؛ مجمل التواريخ و القصص، ص 172 و 252 و 460؛ المحبر، ص 72 و 126 و 286 و 304؛ المختصر، لابن كثير، ج 1، ص 311؛ المخلاة، ص 128 و 382؛ مرآة الجنان، ج 1، ص 73 و 74؛ مسالك الأبصار، ج 1، ص 217؛ مشاهير علماء الأمصار، ص 50؛ المعارف، ص 146 و 147؛ معجم البلدان، ج 4، ص 158؛ معجم رجال الحديث، ج 18، ص 183 و 184؛ المغازي، راجع فهرسته؛ منتهى الارب، ج 3، ص 892؛ منهج المقال، ص 335؛ نقد الرجال، ص 346؛ نمونه بينات، ص 60 و 139؛ نهاية الارب في فنون الأدب، ج 19، ص 355- 358؛ نهاية الارب في معرفة أنساب العرب، ص 46؛ وقايع السنين و الأعوام، ص 77.