عمرو بن عوف المزني
عمرو بن عوف بن زيد بن مليحة، و قيل: ملحة بن عمرو بن بكر بن أفرك ابن عثمان بن عمرو بن أدّ بن طابخة بن إلياس بن مضر، أبو عبد الله المزني. كان قديم الإسلام، يقال: إنه قدم مع النبي صلى الله عليه و سلم المدينة، و يقال: إن أوّل مشاهده الخندق. و كان أحد البكاءين في غزوة تبوك، له منزل بالمدينة، و لا يعلم حىّ من العرب لهم مجلس بالمدينة غير مزينة. و هو جد كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف، حديثه عند أولاده.
روى القعنبي، عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: من شهر علينا السلاح فليس منا. و روى إسماعيل بن أبى أويس، عن كثير، عن أبيه، عن جده عمرو المزني قال: كنا مع النبي صلى الله عليه و سلم حين قدم المدينة، فصلى نحو بيت المقدس سبعة عشر شهرا. ... و مات بالمدينة آخر أيام معاوية.[1]
... قال عمرو بن عوف: خط رسول الله صلى الله عليه و سلم، على الخندق يوم الأحزاب، ثم قطع لكل عشرة أربعين ذراعا. قال عمرو بن عوف: كنت أنا و سلمان ، و حذيفة و النعمان بن مقرن المزني، و ستة من الأنصار في أربعين ذراعا. فحفرنا حتى إذا كنا تحت «ذو ناب»، أخرج الله من بطن الخندق صخرة مروة كسرت حديدنا و شقت علينا، فقلنا: يا سلمان، أرق إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم، فأخبره خبر هذه الصخرة، فإما أن نعدل عنها، و إما أن يأمرنا فيها بأمره، فإنا لا نحب أن نجاوز خطه. قال: فرقي سلمان إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم، و هو ضارب عليه قبة تركية، فقال: يا رسول الله خرجت صخرة بيضاء مروة من بطن الخندق، فكسرت حديدنا و شقت علينا حتى ما يحيك فيها قليل و لا كثير، فمرنا فيها بأمرك، فإنا لا نحب أن نجاوز خطك. قال: فهبط رسول الله صلى الله عليه و سلم، مع سلمان الخندق، و التسعة على شفة الخندق، فأخذ رسول الله صلى الله عليه و سلم، المعول من سلمان فضربها ضربة صدعها، و برق منها برق أضاء ما بين لابتيها - يعني المدينة- حتى لكأن مصباحا في جوف بيت مظلم. و كبر رسول الله صلى الله عليه و سلم تكبير فتح، فكبر المسلمون، ثم ضربها رسول الله صلى الله عليه و سلم الثانية و برق منها برق أضاء ما بين لابتيها، حتى لكأن مصباحا في جوف بيت مظلم، فكبر رسول الله صلى الله عليه و سلم، تكبير فتح، و كبر المسلمون، ثم ضربها رسول الله صلى الله عليه و سلم، فكسرها و برق منها برق أضاء ما بين لابتيها حتى لكأن مصباحا في جوف بيت مظلم، و كبر رسول الله صلى الله عليه و سلم تكبير فتح، و كبر المسلمون، و أخذ بيد سلمان و رقي، فقال سلمان: بأبي أنت و أمي يا رسول الله، لقد رأيت شيئا ما رأيت مثله قط. فالتفت رسول الله صلى الله عليه و سلم، إلى القوم، فقال: رأيتم ما يقول سلمان؟ قالوا: نعم يا رسول الله. قال: ضربت ضربتي الأولى فبرق الذي رأيتم، أضاءت لي منها قصور الحيرة و مدائن كسرى، كأنها أنياب الكلاب، و أخبرني جبريل عليه السلام، أن أمتي ظاهرة عليها. ثم ضربت ضربتي الثانية فبرق الذي رأيتم، أضاءت لي منها القصور الحمر من أرض الروم، كأنها أنياب الكلاب، و أخبرني جبريل عليه السلام، أن أمتي ظاهرة عليها ثم ضربت ضربتي الثالثة، فبرق الذي رأيتم، أضاءت لي منها قصور صنعاء كأنها أنياب الكلاب، و أخبرني جبريل عليه السلام أن أمتي ظاهرة عليها، فأبشروا. فاستبشر المسلمون و قالوا: الحمد لله، موعد صدق، وعدنا النصر بعد الحفر. فقال المنافقون: أ لا تعجبون يمنيكم و يعدكم الباطل، و يخبركم أنه يبصر من يثرب قصور الحيرة و مدائن كسرى، و أنها تفتح لكم، و أنتم إنما تحفرون الخندق من الفرق، و لا تستطيعون أن تبرزوا! قال: فنزل القرآن «و إذ يقول المنافقون و الذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله و رسوله إلا غرورا» (الأحزاب:12) ، و أنزل الله تعالى في هذه القصة، قوله: «قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء و تنزع الملك ممن تشاء و تعز من تشاء و تذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شي ء قدير» (آل عمران:26).[2]
المنابع:
أسدالغابة،ج 3،ص756
اسباب نزول القرآن(للواحدي)، ص 103
الكشف و البيان، ج 3، ص 40
[1]أسدالغابة،ج 3،ص756
[2]اسباب نزول القرآن(للواحدي)، ص 103، الكشف و البيان، ج 3، ص 40