عمرو(عمر) بن عبد الله الحضرمي
أحد المشرکین، قتل في سریة عبد الله بن جحش، و هو أول من قتله المسلمون من المشرکین.
قال ابن هشام في السیرة النبویة: «بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم عبد الله بن جحش بن رئاب الأسدي في رجب، مقفله من بدر الأولى، و بعث معه ثمانية رهط من المهاجرين، ليس فيهم من الأنصار أحد، و كتب له كتابا و أمره أن لا ينظر فيه حتى يسير يومين ثم ينظر فيه، فيمضى لما أمره به، و لا يستكره من أصحابه أحدا. و كان أصحاب عبد الله بن جحش من المهاجرين. ثم من بنى عبد شمس بن عبد مناف: أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، و من حلفائهم: عبد الله ابن جحش، و هو أمير القوم، و عكّاشة بن محصن بن حرثان، أحد بنى أسد ابن خزيمة، حليف لهم. و من بنى نوفل بن عبد مناف: عتبة بن غزوان بن جابر، حليف لهم. و من بنى زهرة بن كلاب: سعد بن أبى وقّاص. و من بنى عدىّ بن كعب عامر بن ربيعة، حليف لهم من عنز بن وائل، و واقد بن عبد الله بن عبد مناف بن عرين بن ثعلبة بن يربوع، أحد بنى تميم، حليف لهم، و خالد بن البكير، أحد بنى سعد بن ليث، حليف لهم. و من بنى الحارث بن فهر: سهيل بن بيضاء. فلما سار عبد الله بن جحش يومين فتح الكتاب، فنظر فيه فإذا فيه: إذا نظرت في كتابي هذا فامض حتى تنزل نخلة، بين مكة و الطائف، فترصّد بها قريشا و تعلّم لنا من أخبارهم. فلما نظر عبد الله بن جحش في الكتاب، قال: سمعا و طاعة، ثم قال لأصحابه: قد أمرنى رسول الله صلى الله عليه و سلم أن أمضى إلى نخلة، أرصد بها قريشا، حتى آتيه منهم بخبر، و قد نهاني أن أستكره أحدا منكم. فمن كان منكم يريد الشّهادة و يرغب فيها فلينطلق، و من كره ذلك فليرجع، فأمّا أنا فماض لأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم، فمضى و مضى معه أصحابه، لم يتخلّف عنه منهم أحد. و سلك على الحجاز، حتى إذا كان بمعدن، فوق الفرع، يقال له: بحران، أضلّ سعد بن أبى وقّاص، و عتبة بن غزوان بعيرا لهما، كانا يعتقبانه. فتخلّفا عليه في طلبه. و مضى عبد الله بن جحش و بقيّة أصحابه حتى نزل بنخلة، فمرّت به عير لقريش تحمل زبيبا و أدما، و تجارة من تجارة قريش، فيها عمرو ابن الحضرميّ.
قال ابن هشام: و اسم الحضرميّ: عبد الله بن عبّاد، (و يقال: مالك ابن عبّاد) أحد الصّدف، و اسم الصّدف: عمرو بن مالك، أحد السّكون بن أشرس بن كندة، و يقال: كندىّ.
قال ابن إسحاق: و عثمان بن عبد الله بن المغيرة، و أخوه نوفل بن عبد الله، المخزوميّان، و الحكم بن كيسان، مولى هشام بن المغيرة.
فلما رآهم القوم هابوهم و قد نزلوا قريبا منهم، فأشرف لهم عكاشة بن محصن، و كان قد حلق رأسه، فلما رأوه أمنوا، و قالوا عمّار، لا بأس عليكم منهم. و تشاور القوم فيهم و ذلك في آخر يوم من رجب فقال القوم و الله لئن تركتم القوم هذه اللّيلة ليدخلنّ الحرم، فليمتنعنّ منكم به و لئن قتلتموهم لتقتلنّهم في الشهر الحرام، فتردّد القوم، و هابوا الإقدام عليهم، ثم شجّعوا أنفسهم عليهم، و أجمعوا على قتل من قدروا عليه منهم، و أخذ ما معهم. فرمى واقد بن عبد الله التّميمي عمرو بن الحضرميّ بسهم فقتله، و استأسر عثمان بن عبد الله، و الحكم ابن كيسان، و أفلت القوم نوفل بن عبد الله فأعجزهم. و أقبل عبد الله بن جحش و أصحابه بالعير و بالأسيرين، حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة.
و قد ذكر بعض آل عبد الله بن جحش: أن عبد الله قال لأصحابه: إن لرسول الله صلى الله عليه و سلم مما غنمتا الخمس و ذلك قبل أن يفرض الله تعالى الخمس من المغانم فعزل لرسول الله صلى الله عليه و سلم خمس العير، و قسّم سائرها بين أصحابه.
قال ابن إسحاق: فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة، قال: ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام. فوقّف العير و الأسيرين. و أبى أن يأخذ من ذلك شيئا، فلما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم سقط في أيدي القوم، و ظنّوا أنهم قد هلكوا، و عنّفهم إخوانهم من المسلمين فيما صنعوا. و قالت قريش قد استحلّ محمد و أصحابه الشهر الحرام، و سفكوا فيه الدم، و أخذوا فيه الأموال، و أسروا فيه الرجال، فقال من يردّ عليهم من المسلمين، ممّن كان بمكة: إنما أصابوا ما أصابوا في شعبان.
و قالت يهود - تفاءل بذلك على رسول الله صلى الله عليه و سلم- عمرو بن الحضرميّ قتله واقد بن عبد الله، عمرو، عمرت الحرب، و الحضرميّ، حضرت الحرب، و واقد بن عبد الله، وقدت الحرب. فجعل الله ذلك عليهم لا لهم.
فلما أكثر الناس في ذلك أنزل الله على رسوله صلى الله عليه و سلم: «يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ، قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ، وَ صَدٌّ عَنْ سَبِيلِ الله وَ كُفْرٌ به، وَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ، وَ إِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ الله» (البقرة:217) أي إن كنتم قتلتم في الشهر الحرام فقد صدّوكم عن سبيل الله مع الكفر به، و عن المسجد الحرام، و إخراجكم منه و أنتم أهله، أكبر عند الله من قتل من قتلتم منهم «وَ الْفِتْنَةُ أَكْبَرُ من الْقَتْلِ» (البقرة:217) أي قد كانوا يفتنون المسلم في دينه، حتى يردوه إلى الكفر بعد إيمانه، فذلك أكبر عند الله من القتل «وَ لا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا» (البقرة:217): أي ثم هم مقيمون على أخبث ذلك و أعظمه، غير تائبين و لا نازعين. فلما نزل القرآن بهذا من الأمر، و فرّج الله تعالى عن المسلمين ما كانوا فيه من الشّفق قبض رسول الله صلى الله عليه و سلم العير و الأسيرين، و بعثت إليه قريش في فداء عثمان بن عبد الله و الحكم ابن كيسان، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: لا نفديكموها حتّى يقدم صاحبانا يعنى سعد بن أبى وقاص، و عتبة بن غزوان فانّا نخشاكم عليهما، فان تقتلوهما، نقتل صاحبيكم. فقدم سعد و عتبة، فأفداهما رسول الله صلى الله عليه و سلم منهم.
فأما الحكم بن كيسان فأسلم فحسن إسلامه، و أقام عند رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى قتل يوم بئر معونة شهيدا. و أما عثمان بن عبد الله فلحق بمكّة، فمات بها كافرا....
قال ابن هشام: و هي أوّل غنيمة غنمها المسلمون. و عمرو بن الحضرميّ أوّل من قتله المسلمون، و عثمان بن عبد الله، و الحكم بن كيسان أوّل من أسر المسلمون».[1]
المنبع:
السيرةالنبوية،ج 1،ص601 -603
[1]السيرةالنبوية،ج 1،ص601 -603