عقيل بن أبي طالب
عقيل بن أبي طالب بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصيّ بن كلاب القرشيّ، الهاشميّ، المكّيّ، و أمّه فاطمة بنت أسد بن هاشم.
و كان أسن بني أبي طالب بعد طالب .. و كان أسن من عقيل بعشر سنين و كان عقيل أسن من جعفر بعشر سنين و كان جعفر أسن من علي بعشر سنين.
صحابيّ جليل، و من أشراف و وجوه بني هاشم في الجاهليّة و الإسلام، و ابن عمّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و أحد إخوة الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام.
عرف بفصاحة اللسان و سرعة الجواب المسكت للخصم، و كان من أعلم الناس بالنسب و أيّام العرب، و كان يكثر من ذكر مثالب قريش، فعادوه و نسبوا إليه تهما كثيرة.
كان من جملة حكّام و قضاة قريش في الجاهليّة، و كان حسن المحاورة لطيف الطبع، كاتبا.
أسلم قبل صلح الحديبية، و هاجر في السنة الثامنة من الهجرة إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في المدينة، و شهد غزوة مؤتة و حنين و ثبت فيهما.
اشترك في واقعة بدر مع المشركين مكرها، فأسره عبيد المقرن، و أسر عمّه العبّاس بن عبد المطّلب، فافتدى العبّاس نفسه و عقيل فأطلق سراحهما.
قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في حقّه: «إنّي أحبّك يا عقيل حبّين: حبّا لك و حبّا لحبّ أبي طالب عليه السّلام لك، و إنّ ولدك لمقتول في محبّة ابني الحسين عليه السّلام، فتدمع عليه عيون المؤمنين، و تصلّي عليه الملائكة المقرّبون ... إلى آخر الحديث، و في هذه الرواية يشير النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى ولده مسلم عليه السّلام الذي أرسله الإمام الحسين بن عليّ عليهما السّلام إلى الكوفة في سفارة إلى أهلها الذين طلبوا من الإمام عليه السّلام التوجّه إليهم؛ لإنقاذهم من شرور يزيد بن معاوية و عمّاله، فقتله عبيد اللّه بن زياد في الكوفة.
و في أيّام حكومة عمر بن الخطّاب كان من جملة الذين كتبوا ديوانا باسم ديوان العساكر الإسلاميّة على ترتيب الأنساب.
و في عهد الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام كان يتوقّع من الإمام بأن يغدق عليه الأموال و المنح، و لكنّ الإمام عليه السّلام كان يعامله معاملة سائر المسلمين في العطاء و المنح، و لمّا كان يلحّ على الإمام عليه السّلام فى ذلك فكان يجيبه قائلا: «أ تأمرني أن أدفع إليك أموال المسلمين و قد ائتمنوني عليها؟» و قصّة الحديدة المكواة التي قرّبها الإمام عليه السّلام إليه أشهر من أن تذكر.
فلما رأى التزام الإمام عليه السّلام بالحقّ و المساواة بين الرعيّة تخلّف عنه، و قصد معاوية بن أبي سفيان طمعا في عطائه و برّه، فلمّا دخل على معاوية قال له: لو لا علمك بأنّي خير لك من أخيك عليّ عليه السّلام لما أقمت عندنا، فقال عقيل: أخي خير لي في ديني، و أنت خير لي في دنياي، و قد آثرت دنياي.
و في أحد الأيّام قال له معاوية: يا أبا يزيد كيف تركت عليّا و أصحابه؟ فقال عقيل: كأنّهم أصحاب محمّد صلّى اللّه عليه و آله إلّا أنّي لم أر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فيهم، و كأنّك و أصحابك أبو سفيان و أصحابه إلّا أنّي لم أر أبا سفيان فيكم.
طلب منه معاوية أن يلعن الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام على المنبر، فصعد عقيل المنبر و قال: أيّها الناس إنّ أمير المؤمنين معاوية أمرني أن ألعن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام فالعنوه، فعليه لعنة اللّه و الملائكة و الناس أجمعين، ثمّ نزل عن المنبر.
فقال له معاوية: يا أبا يزيد من لعنت؟ قال عقيل: و اللّه ما ازددت حرفا و لا نقصت آخر، و الكلام إلى نيّة المتكلّم.
و دخل يوما على معاوية و قد كفّ بصره، فأجلسه معاوية على سريره و قال: أنتم معشر بني هاشم تصابون في أبصاركم، فقال عقيل: و أنتم معشر بني أميّة تصابون في بصائركم.
روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أحاديث، و روى عنه جماعة.
و لم يزل حتى كفّ بصره، فتوفّي بالمدينة، و قيل: بالشام في خلافة معاوية بن أبي سفيان، و قيل: عاش إلى سنة 50 ه، و قيل: توفّي سنة 60 ه، و قيل: كانت وفاته في أوّل خلافة يزيد بن معاوية و قبل واقعة الحرّة، و دفن في البقيع.
القرآن الكريم و عقيل بن أبي طالب :
يوم واقعة بدر الكبرى أصدر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمرا بعدم قتل أحد من بني هاشم المتواجدين في عسكر الكفر، و بعدم إلقاء القبض عليهم و أسرهم، فكان المترجم له من جملة من أسروه، فشملته الآية 70 من سورة الأنفال: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً ....[1]
المنبع:
أعلام القرآن، ص 673
الطبقات الكبرى،ج 4،ص31
[1]أعلام القرآن، ص 673، الطبقات الكبرى،ج 4،ص31