عباس بن مرداس
عبّاس بن مرداس بن أبى عامر بن جارية بن عبد بن عبس بن رفاعة بن الحارث ابن حبي بن الحارث بن بهثة بن سليم بن منصور السلمىّ، و قيل في نسبه غير ذلك. يكنى أبا الهيثم، و قيل: أبو الفضل.
أسلم قبل فتح مكة بيسير، و كان أبوه مرداس شريكا و مصافيا لحرب بن أمية، فقتلتهما الجن جميعا، و خبرهما معروف، و ذكروا أن ثلاثة نفر ذهبوا على وجوههم، فهاموا فلم يوجدوا، و لم يسمع لهم بأثر: طالب بن أبى طالب، و سنان بن حارثة المري، و مرداس.
و كان العبّاس من المؤلفة قلوبهم، و ممن حسن إسلامه منهم، و قدم على رسول الله صلى الله عليه و سلم في ثلاثمائة راكب من قومه، فأسلموا و أسلم قومه، و لما أعطاه رسول الله صلى الله عليه و سلم مع المؤلفة قلوبهم، و هم: الأقرع بن حابس، و عيينة بن حصن و غيرهما من غنائم حنين مائة من الإبل، و نقص طائفة من المائة، منهم عباس بن مرداس، فقال عباس:
أ تجعل نهبي و نهب العبيد بين عيينة و الأقرع
فما كان حصن و لا حابس يفوقان مرداس في مجمع
و ما كنت دون امرئ منهما و من تضع اليوم لا يرفع
و قد كنت في القوم ذا تدرأ فلم أعط شيئا و لم أمنع
فصالا أفائل أعطيتها عديد قوائمها الأربع
و كانت نهابا تلافيتها بكرّى على المهر في الأجرع
و إيقاظي القوم أن يرقدوا إذا هجع القوم لم أهجع
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: اذهبوا فاقطعوا عنى لسانه. فأعطوه حتى رضى، و قيل: أتمها له مائة.
و كان شاعرا محسنا، و شجاعا مشهورا. قال عبد الملك بن مروان: أشجع الناس في شعره عباس بن مرداس حيث يقول:
أقاتل في الكتيبة لا أبالى أ فيها كان حتفي أم سواها
و كان العباس بن مرداس ممن حرّم الخمر في الجاهلية، فإنه قيل له: أ لا تأخذ من الشراب فإنه يزيد في قوتك و جراءتك؟ قال: لا أصبح سيّد قومي و أمسى سفيهها، لا و الله لا يدخل جوفي شي ء يحول بيني و بين عقلي أبدا. و كان ممن حرمها أيضا في الجاهلية: أبو بكر الصديق، و عثمان بن مظعون، و عثمان بن عفان، و عبد الرحمن بن عوف- و فيه نظر- و قيس بن عاصم. و حرّمها قبل هؤلاء: عبد المطلب بن هاشم، و عبد الله بن جدعان. و يقال: أول من حرمها على نفسه في الجاهلية عامر بن الظرب العدوانيّ. و قيل: بل عفيف بن معديكرب العبديّ. [1]
قیل - في أحد الأقوال - نزلت الآیة 11 من سورة الحجّ «و من الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به و إن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا و الآخرة ذلك هو الخسران المبين»... في بعض من المؤلفة قلوبهم منهم عيينة بن بدر و الأقرع بن حابس و العباس بن مرداس، قال بعضهم لبعض ندخل في دين محمد فإن أصبنا خيرا عرفنا أنه حق، و إن أصبنا غير ذلك عرفنا أنه باطل .[2]
و كان عباس بن مرداس ينزل بالبادية بناحية البصرة، و قيل: إنه قدم دمشق و ابتنى بها دارا.[3]
المنبع:
أسدالغابة، ج 3، ص64
التفسير الكبير، ج 23، ص 208
[1]أسدالغابة، ج 3، ص64
[2]التفسير الكبير، ج 23، ص 208
[3]أسدالغابة، ج 3، ص64