سعد بن معاذ الأنصاري
سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج بن النّبيت، و هو عمرو بن مالك بن الأوس الأنصاري الأشهلي، يكنى أبا عمرو. و أمّه كبشة بنت رافع، لها صحبة، أسلم بالمدينة بين العقبة الأولى و الثانية، على يدي مصعب بن عمير، و شهد بدر، و أحدا، و الخندق، و رمى يوم الخندق بسهم فعاش شهرا ثم انتقض جرحه فمات منه.
و الّذي رماه بالسهم حبّان بن العرقة، و قال: خذها و أنا ابن العرقة، فقال رسول الله صلّى الله عليه و سلم: عرق الله وجهه في النار. و العرقة هي قلابة بنت سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص، و هذا حبان ابنها هو ابن عبد مناف بن منقذ بن عمرو بن معيص بن عامر بن لؤيّ.
و قيل: إن العرقة تكنى أم فاطمة، و إنما قيل لها العرقة لطيب ريحها، و كان رسول الله صلّى الله عليه و سلم قد أمر بضرب فسطاط في المسجد لسعد بن معاذ، و كان يعوده في كل يوم حتى توفى سنة خمس من الهجرة، و كان موته بد الخندق بشهر، و بعد قريظة بليال، كذلك رواه سعد بن إبراهيم، عن عامر بن سعد بن أبى وقاص، عن أبيه، و روى الليث بن سعد عن أبى الزبير، عن جابر، قال: رمى يوم الأحزاب سعد بن معاذ، فقطعوا أكحله، فحسمه رسول الله صلّى الله عليه و سلم، فانتفخت يده و نزفه الدم، فلما رأى ذلك قال: اللَّهمّ لا تخرج نفسي حتى تقرّ عيني في بنى قريظة، فاستمسك عرقه، فما قطر قطرة حتى نزل بنو قريظة على حكمه، و كان حكمه فيهم أن تقتل رجالهم، و تسبى نساؤهم و ذريتهم، فيستعين بها المسلمون، فقال رسول الله صلّى الله عليه و سلم: أصبت حكم الله فيهم، و كانوا أربعمائة، فلما فرغ من قتلهم انفتق عرقه فمات.
و روى من حديث سعد بن أبى وقاص، عن النبي صلّى الله عليه و سلم أنه قال: لقد نزل من الملائكة في جنازة سعد بن معاذ سبعون ألفا ما وطئوا الأرض قبل. و روى من حديث أنس بن مالك قال: لما حملنا جنازة سعد بن معاذ قال المنافقون: ما أخفّ جنازته، و كان رجلا طوالا ضخما! فقال رسول الله صلّى الله عليه و سلم: إن الملائكة حملته. و روى إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق، عن يحيى بن عبّاد، عن أبيه، عن عائشة، قالت: كان في بنى عبد الأشهل ثلاثة لم يكن بعد النبي صلّى الله عليه و سلم أحد من المسلمين أفضل منهم: سعد بن معاذ، و أسيد بن حضير، و عبّاد بن بشر. و قال رسول الله صلّى الله عليه و سلم: اهتز العرش لموت سعد بن معاذ، و روى عرش الرحمن، و هو حديث روى من وجوه عدة كثيرة متواترة، رواها جماعة من الصحابة.
و قال رسول الله صلّى الله عليه و سلم في حلة رآها تشترى لمنديل من مناديل سعد بن معاذ في الجنة خير منها. و هو حديث ثابت أيضا.
و قال له صلّى الله عليه و سلم إذ حكم في بنى قريظة بقتل المقاتلة و سبى الذرية: لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سماوات: و قال صلّى الله عليه و سلم: لو نجا أحد من ضغطة القبر لنجا منها سعد بن معاذ. حدثنا خلف بن قاسم، حدثنا الحسن بن رشيق، حدثنا أبو قرّة محمد ابن حميد، حدثنا سعيد بن تليد، حدثنا محمد بن فضالة، عن أبى طاهر عبد الملك ابن محمد بن أبى بكر، عن عمه عبد الله بن أبى بكر، قال: مات سعد بن معاذ من جرح أصابه يوم الخندق شهيدا. قال: و بلغني أنّ جبرئيل عليه السلام نزل في جنازته معتجرا بعمامة من إستبرق، و قال: يا نبي الله، من هذا الّذي فتحت له أبواب السماء، و اهتز له العرش؟ فخرج رسول الله صلّى الله عليه و سلم يجرّ ثوبه، فوجد سعدا قد قبض..[1]
المنبع:
الاستيعاب،ج 2،ص603
[1]الاستيعاب،ج 2،ص603