بنو هارون

بنو هارون

قبیلة من الیهود.

کان سبب نزول هذه الآیة «يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر- من الذين قالوا آمنا بأفواههم و لم تؤمن قلوبهم » (المائدة:41) أنه كان في المدينة بطنان من اليهود من بني هارون و هم النضير و قريظة و كانت قريظة سبعمائة و النضير ألفا و كانت النضير أكثر مالا و أحسن حالا من قريظة و كانوا حلفاء لعبد الله بن أبي، فكان إذا وقع بين قريظة و النضير قتل و كان القاتل من بني النضير قالوا لبني قريظة لا نرضى أن يكون قتيل منا بقتيل منكم فجرى بينهم في ذلك مخاطبات كثيرة حتى كادوا أن يقتتلوا حتى رضيت قريظة و كتبوا بينهم كتابا على أنه أي رجل من اليهود من النضير قتل رجلا من بني قريظة أن يجنيه و يحمم، و التجنية أن يقعد على جمل و يولى وجهه إلى ذنب الجمل و يلطخ بالحمأة و يدفع نصف الدية، و أيما رجل من بني قريظة قتل رجلا من بني النضير أن يدفع إليه دية كاملة و يقتل به، فلما هاجر رسول الله إلى المدينة و دخلت الأوس و الخزرج في الإسلام ضعف أمر اليهود فقتل رجل من بني قريظة رجلا من بني النضير فبعثوا إليهم بنو النضير ابعثوا إلينا بدية المقتول و بالقاتل حتى نقتله، فقالت قريظة ليس هذا حكم التوراة و إنما هو شي ء غلبتمونا عليه فإما الدية و إما القتل و إلا فهذا محمد بيننا و بينكم فهلموا لنتحاكم إليه، فمشت بنوالنضير إلى عبد الله بن أبي و قالوا سل محمدا أن لا ينقض شرطنا في هذا الحكم الذي بيننا و بين بني قريظة في القتل، فقال عبد الله بن أبي ابعثوا معي رجلا يسمع كلامي و كلامه فإن حكم لكم بما تريدون و إلا فلا ترضوا به، فبعثوا معه رجلا فجاء إلى رسول الله فقال له يا رسول الله إن هؤلاء القوم قريظة و النضير قد كتبوا بينهم كتابا و عهدا وثيقا تراضوا به و الآن في قدومك يريدون نقضه و قد رضوا بحكمك فيهم فلا تنقض عليهم كتابهم و شرطهم، فإن بني النضير لهم القوة و السلاح و الكراع، و نحن نخاف الغوائل و الدوائر، فاغتم لذلك رسول الله فلم يجبه بشي ء، فنزل عليه جبرئيل بهذه الآيات «يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم و لم تؤمن قلوبهم و من الذين هادوا» يعني اليهود «سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين- لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه » يعني عبد الله بن أبي و بني النضير «يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه و إن لم تؤتوه فاحذروا» يعني عبد الله بن أبي حيث قال لبني النضير إن لم يحكم لكم بما تريدون فلا تقبلوا «و من يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي و لهم في الآخرة عذاب عظيم سماعون للكذب أكالون للسحت فإن جاؤك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم، و إن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا و إن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين إلى قوله و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ».[1]

المنبع:

تفسير القمي، ج 1، ص168

 

[1]تفسير القمي، ج 1، ص168