غزوة بني النضیر
حدثت هذه الغزوة في السنة الرابعة للهجرة للربیع الأول في منازل بني النضیر جنوب المدینة المنورة بین القوات المسلمین في المدینة و یهود بني النضیر الذین بلغ عددهم 1500، أتت هذه الغزوة بعد محاولة یهود بني النضیر محاولة إغتیال رسول الله صلی الله علیه و آله. إذ جاءهم طالبا مساعدتهم في دیة قتیلین. بعد ذلک عاد الی المدینة و أرسل الیهم طالبا منهم الخروج من المدینة، فتحصنوا و حاصرهم عدة لیالي و بعد الحصار طلبوا إجلائهم عن المدینة فوافق رسول الله شرط أن یأخذوا فقط ما تحمله الإبل دون السلاح.[1]
قال ابن الأثیر في تأریخه: و كان سبب ذلك أنّ عامر بن الطّفيل أرسل إلى النبيّ، صلّى الله عليه و سلّم يطلب دية العامريّين اللذين قتلهما عمرو بن أميّة ... فخرج النبيّ صلّى الله عليه و سلّم، إلى بني النضير يستعينهم فيها و معه جماعة من أصحابه فيهم أبو بكر و عمر و عليّ، فقالوا: نعم نعينك على ما أحببت، ثمّ خلا بعضهم ببعض و تآمروا على قتله، و هو جالس إلى جنب جدار، فقالوا: من يعلو هذا البيت فيلقي عليه صخرة فيقتله و يريحنا منه؟ فانتدب له عمرو بن جحاش، فنهاهم عن ذلك سلّام بن مشكم و قال: هو يعلم فلم يقبلوا منه، و صعد عمرو بن جحاش، فأتى الخبر من السماء إلى رسول الله صلّى الله عليه و سلّم بما عزموا عليه، فقام و قال لأصحابه: لا تبرحوا حتى آتيكم، و خرج راجعا إلى المدينة، فلمّا أبطأ قام أصحابه في طلبه، فأخبرهم الخبر و أمر المسلمين بحربهم، و نزل بهم فتحصّنوا منه في الحصون، فقطع النخل و أحرق و أرسل إليهم عبد الله بن أبيّ و جماعة معه أن اثبتوا و تمنّعوا فإنّا لن نسلمكم و إن قوتلتم قاتلنا معكم و إن خرجتم خرجنا معكم، و قذف الله في قلوبهم الرعب، فسألوا النبيّ صلّى الله عليه و سلّم، أن يجليهم و يكفّ عن دمائهم على أن لهم ما حملت الإبل من الأموال إلّا السلاح، فأجابهم إلى ذلك، فخرجوا إلى خيبر و منهم من سار إلى الشام فكان ممّن سار إلى خيبر كنانة بن الربيع و حييّ بن أخطب، و كان فيهم يومئذ أمّ عمرو صاحبة عروة بن الورد التي ابتاعوا منه، و كانت غفاريّة. فكانت [أموال ] النضير لرسول الله، صلّى الله عليه و سلّم، وحده يضعها حيث شاء، فقسمها على المهاجرين الأوّلين دون الأنصار، إلّا أنّ سهل بن حنيف و أبا دجانة ذكرا فقرا فأعطاهما. و لم يسلم من بني النضير إلّا يامين بن عمير ابن كعب، و هو ابن عمّ عمرو بن جحاش، و أبو سعيد بن وهب، و أحرزا أموالهما. و استخلف على المدينة ابن أمّ مكتوم، و كانت رايته مع عليّ بن أبي طالب.[2]
قال الطبرسي في تفسیره: «قيل نزلت سورة الحشر في إجلاء بني النضير من اليهود فمنهم من خرج إلى خيبر و منهم من خرج إلى الشام عن مجاهد و قتادة، و ذلك أن النبي صلی الله علیه و آله لما دخل المدينة صالحه بنو النضير على أن لا يقاتلوه و لا يقاتلوا معه فقبل ذلك منهم فلما غزا رسول الله بدرا و ظهر على المشركين قالوا و الله أنه للنبي الذي وجدنا نعته في التوراة لا ترد له راية فلما غزا غزاة أحد و هزم المسلمون ارتابوا و نقضوا العهد فركب كعب بن الأشرف في أربعين راكبا من اليهود إلى مكة فأتوا قريشا و حالفوهم و عاقدوهم على أن تكون كلمتهم واحدة على محمد ثم دخل أبو سفيان في أربعين و كعب في أربعين من اليهود المسجد و أخذ بعضهم على بعض الميثاق بين الأستار و الكعبة ثم رجع كعب بن الأشرف و أصحابه إلى المدينة و نزل جبرائيل فأخبر النبي بما تعاقد عليه و أبو سفيان و أمره بقتل كعب بن الأشرف فقتله محمد بن مسلم الأنصاري و كان أخاه من الرضاعة قال محمد بن إسحاق خرج رسول الله إلى بني النضير يستعينهم في دية القتيلين من بني عامر اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري و كان بين بني النضير و بني عامر عقد و حلف فلما أتاهم النبي يستعينهم في الدية قالوا نعم يا أبا القاسم نعينك على ما أحببت ثم خلا بعضهم ببعض فقال إنكم لن تجدوا الرجل على مثل حالته هذه و رسول الله إلى جانب جدار من بيوتهم قاعد فقالوا من رجل يعلو على هذا البيت يلقي عليه صخرة و رسول الله في نفر من أصحابه فأتاه الخبر من السماء بما أراد القوم فقام و قال لأصحابه لا تبرحوا فخرج راجعا إلى المدينة و لما استبطئوا النبي قاموا في طلبه فلقوا رجلا مقبلا من المدينة فسألوه عنه فقال رأيته داخلا المدينة فأقبل أصحاب النبي حتى انتهوا إليه فأخبرهم الخبر بما أرادت اليهود من الغدر و أمر رسول الله محمد بن مسلمة بقتل كعب بن الأشرف فخرج و معه سلكان بن سلامة و ثلاثة من بني الحرث و خرج النبي على إثرهم و جلس في موضع ينتظر وجوههم فذهب محمد بن مسلمة مع القوم إلى قرب قصره و أجلس قومه عند جدار و ناداه يا كعب فانتبه و قال من أنت قال أنا محمد بن مسلمة أخوك جئتك أستقرض منك دراهم فإن محمدا يسألنا الصدقة و ليس معنا الدراهم فقال لا أقرضك إلا بالرهن قال معي رهن أنزل فخذه و كانت له امرأة بنى بها تلك الليلة عروسا فقالت لا أدعك تنزل لأني أرى حمرة الدم في ذلك الصوت فلم يلتفت إليها فخرج فعانقه محمد بن مسلمة و هما يتحادثان حتى تباعدا من القصر إلى الصحراء ثم أخذ رأسه و دعا بقومه و صاح كعب فسمعت امرأته فصاحت و سمع بنو النضير صوتها فخرجوا نحوه فوجدوه قتيلا و رجع القوم سالمين إلى رسول الله فلما أسفر الصبح أخبر رسول الله أصحابه بقتل كعب ففرحوا و أمر رسول الله بحربهم و السير إليهم فسار بالناس حتى نزل بهم فتحصنوا منه في الحصن فأمر رسول الله بقطع النخل و التحريق فيها فنادوا يا محمد قد كنت تنهى عن الفحشاء فما بالك تقطع النخل و تحرقها فأنزل الله «ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها» الآية (الحشر:5)....
و قال ابن عباس كان النبي حاصرهم حتى بلغ منهم كل مبلغ فأعطوه ما أراد منهم فصالحهم على أن يحقن لهم دماءهم و أن يخرجهم من أرضهم و أوطانهم و أن يسيرهم إلى أذرعات بالشام و جعل لكل ثلاثة منهم بعير أو سقاء فخرجوا إلى أذرعات بالشام و أريحا إلا أهل بيتين منهم آل أبي الحقيق و آل حيي بن أخطب فإنهم لحقوا بخيبر و لحقت طائفة منهم بالحيرة و كان ابن عباس يسمي هذه السورة(سورة الحشر) سورة بني النضير. و عن محمد بن مسلمة أن رسول الله بعثه إلى بني النضير و أمره أن يؤجلهم في الجلاء ثلاث ليال و عن محمد بن إسحاق كان إجلاء بني النضير مرجع النبي من أحد و كان فتح قريظة مرجعه من الأحزاب و بينهما سنتان و كان الزهري يذهب إلى أن إجلاء بني النضير كان قبل أحد على رأس ستة أشهر من وقعة بدر.[3]
المنابع:
الموسوعة الحرة(ویکیبیدیا)
المغازي،ج 1،ص363
فتوح البلدان،ص27
عيون الأثر،ج 2،ص70
الكامل،ج 2،ص173
مجمع البيان في تفسير القرآن، ج 9، ص 386
[1]المغازي،ج 1،ص363، فتوح البلدان،ص27، عيون الأثر،ج 2،ص70، الموسوعة الحرة(ویکیبیدیا)،
[2]الكامل،ج 2،ص173
[3]مجمع البيان في تفسير القرآن، ج 9، ص 386