البغداد
قال بعض: تفسيره بستان رجل، فباغ بستان وداد اسم رجل و قیل:بغداد اسم فارسي معرّب عن باغ داذويه، لأن بعض رقعة مدينة المنصور كان باغا لرجل من الفرس اسمه داذويه. و سميت مدينة السلام لأن دجلة يقال لها وادي السلام، و قيل إنما سميت مدينة السلام لأن السلام هو الله فأرادوا مدينة الله،
كان أول من مصّرها و جعلها مدينة المنصور باللّه أبو جعفر ثاني الخلفاء، و انتقل إليها من الهاشمية، و هي مدينة كان قد اختطّها أخوه أبو العباس السّفّاح قرب الكوفة و كان سبب عمارتها أن أهل الكوفة كانوا يفسدون جنده فبلغه ذلك من فعلهم، فانتقل عنهم يرتاد موضعا، و قال ابن عيّاش: بعث المنصور روّادا و هو بالهاشمية يرتادون له موضعا يبني فيه مدينة و يكون الموضع واسطا رافقا بالعامة و الجند، فنعت له موضع قريب من بارمّا، و ذكر له غذاؤه و طيب هوائه، فخرج إليه بنفسه حتى نظر إليه و بات فيه، فرأى موضعا طيبا فقال لجماعة، ما رأيكم في هذا الموضع؟ قالوا: طيب موافق، فقال: صدقتم و لكن لا مرفق فيه للرعية، و قد مررت في طريقي بموضع تجلب إليه الميرة و الامتعة في البرّ و البحر و أنا راجع إليه و بائت فيه، فإن اجتمع لي ما أريد من طيب الليل فهو موافق لما أريده لي و للناس، قال: فأتى موضع بغداد و عبر موضع قصر السلام ثم صلى العصر، و ذلك في صيف و حرّ شديد، و كان في ذلك الموضع بيعة فبات أطيب مبيت و أقام يومه فلم ير إلا خيرا فقال: هذا موضع صالح للبناء، فإن المادة تأتيه من الفرات و دجلة و جماعة الأنهار، و لا يحمل الجند و الرعية إلا مثله، فخطّ البناء و قدّر المدينة.
و أمر باختيار قوم من أهل الفضل و العدالة و الفقه و الأمانة و المعرفة بالهندسة، فجمعهم و تقدم إليهم أن يشرفوا على البناء، و كان أول العمل في سنة 145، و بنى مدينته مدوّرة و جعل داره و جامعها في وسطها، و بنى القبة الخضراء فوق إيوان.[1]
نقل عن ابن عباس فی قوله تعالی:« وَ لَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَ أُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيب»[2] انه قال: نزلت في ثمانين ألفا يغزون في آخر الزمان الكعبة ليخربوها، و كما يدخلون البيداء يخسف بهم، فهو الأخذ من مكان قريب. وفي هذا المعنى خبر مرفوع عن حذيفة فی ذكر فتنة تكون بين أهل المشرق و المغرب...فبيناهم كذلك إذ خرج عليهم السفياني من الوادي اليابس في فورة ذلك حتى ينزل دمشق فيبعث جيشين جيشا إلى المشرق، وجيشا إلى المدينة، فيسير الجيش نحو المشرق حتى ينزلوا بأرض بابل في المدينة الملعونة و البقعة الخبيثة يعني مدينة بغداد، قال فيقتلون أكثر من ثلاثة آلاف و يفتضون أكثر من مائة امرأة و يقتلون بها ثلاثمائة كبش من ولد العباس، ثم يخرجون متوجهين إلى الشام فتخرج راية هدى من الكوفة فتلحق ذلك الجيش منها على ليلتين فيقتلونهم لا يفلت منهم مخبر و يستنقذون ما في أيديهم من السبي و الغنائم و يحل جيشه الثاني بالمدينة فينتهبونها ثلاثة أيام و لياليها ثم يخرجون متوجهين إلى مكة حتى إذا كانوا بالبيداء بعث الله جبريل عليه السلام فيقول يا جبريل أذهب فأبدهم فيضربها برجله ضربة يخسف الله بهم، و ذلك قوله تعالى: وَ لَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ و أُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ فلا يبقى منهم إلا رجلان أحدهما بشير و الآخر نذير وهما من جهينة.[3]
المنابع:
الجامع لأحكام القرآن، ج 14، ص 315
معجم البلدان،ج 1، ص 457
[1]معجم البلدان،ج 1، ص 457
[2]سبأ: 51
[3]الجامع لأحكام القرآن، ج 14، ص 315