عضل و القارة
قبیلتان من الهون بن خزيمة بن مدركة غدروا بأصحاب الرجيع.[1]
قال ابن سعد: أخبرنا عبد الله بن إدريس الأودي، أخبرنا محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر ابن قتادة بن النعمان الظفري، و أخبرنا معن بن عيسى الأشجعي، أخبرنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن عمر بن أسيد بن العلاء بن جارية - و كان من جلساء أبي هريرة - قال: قدم على رسول الله صلی الله علیه و آله رهط من عضل و القارة و هم إلى الهون بن خزيمة فقالوا: يا رسول الله إن فينا إسلاما فابعث معنا نفرا من أصحابك يفقهونا و يقرئونا القرآن و يعلمونا شرائع الإسلام. فبعث رسول الله معهم عشرة رهط: عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح و مرثد بن أبي مرثد و عبد الله بن طارق و خبيب بن عدي و زيد بن الدثنة و خالد بن أبي البكير و معتب بن عبيد. و هو أخو عبد الله بن طارق لأمه و هما من بلي حليفان في بني ظفر. و أمر عليهم عاصم بن ثابت. و قال قائل: مرثد بن أبي مرثد. فخرجوا حتى إذا كانوا على الرجيع. و هو ماء الهذيل بصدور الهدة. و الهدة على سبعة أميال منها. و الهدة على سبعة أميال من عسفان. فغدروا بالقوم و استصرخوا عليهم هذيلا. فخرج إليهم بنو لحيان فلم يرع القوم إلا الرجال بأيديهم السيوف قد غشوهم. فأخذ أصحاب رسول الله سيوفهم فقالوا لهم: أنا و الله ما نريد قتالكم إنما نريد أن نصيب بكم ثمنا من أهل مكة و لكم العهد و الميثاق ألا نقتلكم. فأما عاصم بن ثابت و مرثد بن أبي مرثد و خالد بن أبي البكير و معتب بن عبيد فقالوا: و الله لا نقبل من مشرك عهدا و لا عقدا أبدا. فقاتلوهم حتى قتلوا. و أما زيد بن الدثنة و خبيب بن عدي و عبد الله بن طارق فاستأسروا و أعطوا بأيديهم. و أرادوا رأس عاصم ليبيعوه من سلافة بنت سعد بن شهيد. و كانت نذرت لتشربن في قحف عاصم الخمر. و كان قتل ابنيها مسافعا و جلاسا يوم أحد. فحمته الدبر فقالوا: أمهلوه حتى تمسي. فإنها لو قد أمست ذهبت عنه. فبعث الله الوادي فاحتمله و خرجوا بالنفر الثلاثة حتى إذا كانوا بمر الظهران انتزع عبد الله بن طارق يده من القران و أخذ سيفه و استأخر عنه القوم فرموه بالحجارة حتى قتلوه. فقبره بمر الظهران. و قدموا بخبيب و زيد مكة. فأما زيد فابتاعه صفوان بن أمية فقتله بأبيه. و ابتاع حجير بن أبي أهاب خبيب بن عدي لابن أخته عقبة بن الحارث بن عامر بن نوفل ليقتله بأبيه فحبسوهما حتى خرجت الأشهر الحرم ثم أخرجوهما إلى التنعيم فقتلوهما. و كانا صليا ركعتين ركعتين قبل أن يقتلا. فخبيب أول من سن ركعتين عند القتل.
أخبرنا عبد الله بن إدريس، حدثني عمرو بن عثمان بن عبد الله بن موهب مولى الحارث بن عامر قال: قال موهب قال لي خبيب و كانوا جعلوه عندي: يا موهب أطلب إليك ثلاثا: أن تسقيني العذب و أن تجنبني ما ذبح على النصب و أن تؤذني إذا أرادوا قتلي.
أخبرنا عبد الله بن إدريس عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة: أن نفرا من قريش فيهم أبو سفيان حضروا قتل زيد فقال قائل منهم: يا زيد أنشدك الله أ تحب أنك الآن في أهلك و أن محمدا عندنا مكانك نضرب عنقه؟ قال: لا و الله ما أحب أن محمدا يشاك في مكانه بشوكة تؤذيه و أني جالس في أهلي. قال: يقول أبو سفيان و الله ما رأيت من قوم قط أشد حبا لصاحبهم من أصحاب محمد له.[2]
المنابع:
الطبقات الكبرى، ج 2، ص42
السيرةالنبوية،ج 2،ص169
[1]السيرةالنبوية،ج 2،ص169
[2]الطبقات الكبرى، ج 2، ص42