الأشعث بن قیس
هو أبو محمد الأشعث بن قيس بن معدي كرب، و قيل: خرزاد بن معاوية بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية بن الحارث الكندي، اسمه معدي كرب، و لتلبّد شعره لقّب بالأشعث، فغلب لقبه على اسمه، و كان يعرف بعرف النار و الأشج، و أمّه كبشة بنت يزيد، و كان فارسيّ الأصل، انتسب أبوه إلى كندة، و لم يكن منهم.
أمير كندة في الجاهلية و الإسلام، كان مقيما بحضرموت، وفد على النبي صلّى اللّه عليه و آله في وفد كندة سنة 10 ه، فأسلموا، فصحب النبي صلّى اللّه عليه و آله، و تزوّج من أمّ فروة بنت أبي بكر، ثم انتقل بها إلى اليمن.
و بعد وفاة النبي سنة 11 ه، و أثناء حكومة أبي بكر بن أبي قحافة ارتدّ، فبعث أبو بكر جيشا إلى اليمن فأسروه و أحضروه بين يدي أبي بكر، فأمر بإطلاق سراحه، فأقام في المدينة.
شهد واقعة اليرموك في الشام، و فيها فقئت عينه، ثم اشترك في حروب العراق، كالقادسية و المدائن و جلولاء و نهاوند.
في عهد عثمان بن عفان تولّى بلاد آذربيجان، و لم يزل عليها حتى أيّام الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام، فانتقل إلى الكوفة و ابتنى بها دارا، و شهد مع الإمام عليه السّلام واقعة صفين، ثم انقلب خارجيا منافقا ملعونا، و صار من أعداء الإمام عليه السّلام و خصومه، فكان من الّذين ألزموا الإمام عليه السّلام على التحكيم، و كان قبل ذلك من الّذين كتموا الشهادة لولاية الإمام عليه السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.
قال الامام الصادق عليه السّلام: «إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لعن أقواما، فجرى اللعن فيهم و في أعقابهم إلى يوم القيامة» فكان الأشعث من جملة الذين لعنهم النبي صلّى اللّه عليه و آله.
نهى الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام الناس عن الصلاة في خمسة مساجد، منها: مسجد الأشعث بن قيس بالكوفة.
قال الإمام الباقر عليه السّلام: «إنّ بالكوفة مساجد ملعونة و مساجد مباركة، فأما المساجد الملعونة: مسجد ثقيف و مسجد الأشعث».
وصفه الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام بابن الخمّارة، و قال في حقه: «أيها الناس! إنّ الأشعث لا يزن عند اللّه جناح بعوضة، و إنّه أقلّ في دين اللّه من عفطة عنز».
في أحد الأيّام من خلافة الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام خرج الأشعث بصحبة أحد الخوارج إلى جبانة الكوفة، فأخذا يذمّان الإمام عليه السّلام، فمرّ بهما ضبّ يعدو، فناديا الضبّ: يا أبا حسل هلمّ نبايعك بالخلافة. فبلغ ذلك الإمام عليه السّلام، فقال: «إنّهما يحشران يوم القيامة و إمامهما ضب».
قال العلماء و المحققون: إنّ كلّ فساد و اضطراب كان يحدث في خلافة الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام كان أصله و مسبّبه الأشعث.
في أحد الأيام اعترض على الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام في بعض الأمور، فقال له الإمام عليه السّلام: «عليك لعنة اللّه و لعنة اللاعنين، حائك ابن حائك، منافق ابن كافر، و اللّه لقد أسرك الكفر مرّة و الإسلام أخرى».
تزوّج الإمام الحسن المجتبى عليه السّلام من ابنته جعدة، فتآمرت مع أعداء الإمام عليه السّلام و سقته السم و قتلته.
و المعروف عنه و عن عشيرته بجميع أفرادها كانوا يوصفون بالغدر و الخيانة، فسجّله حافل بالمخازي و الغدر و النفاق، فكان على رأس المناوئين و المحاربين للإمام أمير المؤمنين عليه السّلام، و أحد الذين أعانوا ابن ملجم المرادي على قتل الإمام عليه السّلام، و ابنته جعدة تولّت شهادة الإمام الحسن عليه السّلام بالسم، و ابنه محمّد اشترك في قتل مسلم بن عقيل عليه السّلام بالكوفة، و كان لمحمّد هذا و أخيه قيس الدور المهمّ في قتال الحسين بن علي عليه السّلام يوم عاشوراء بكربلاء، و بعد مقتل الإمام الحسين عليه السّلام قام قيس بسلب قطيفة الإمام عليه السّلام و لم يزل الأشعث و أولاده يعادون و يخالفون أهل بيت النبوة عليهم السّلام حتى مات بالكوفة في شهر ذي القعدة سنة 42 ه، و قيل: سنة 41 ه، و قيل: سنة 40 ه، عن 63 سنة، و دفن بداره في الكوفة.
كانت بينه و بين رجل من اليهود مخاصمة على أرض أو بئر فجحده الرجل، فجاء به إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله فقال النبىّ صلّى اللّه عليه و آله للأشعث: هل لك بيّنة؟ فقال: لا، فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله لليهودي: أ تحلف؟ فقال الأشعث: إذن يحلف فيذهب بمالي، فنزلت فيه الآية :«إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَ أَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلًا أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَ لا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ لا يُزَكِّيهِمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ»[1] .[2]
المنبع:
أعلام القرآن، ص 109
[1]آل عمران: 77
[2]أعلام القرآن، ص 109