عبد المسيح(العاقب)
المجموعات : الأشخاص

عبد المسیح(العاقب)

أحد رؤساء وفد نجران.

قال ابن هشام: قدم على رسول الله صلى الله عليه و سلم وفد نجران، ستون راكبا، فيهم أربعة عشر رجلا من أشرافهم، في الأربعة عشر ثلاثة نفر إليهم يؤول أمرهم: العاقب أمير القوم و ذو رأيهم، و صاحب مشورتهم و الذي لا يصدرون إلا عن رأيه، و إسمه عبد المسيح . و السيد ثمالهم، و صاحب رحلهم و مجتمعهم، و اسمه الأيهم. و أبو حارثة بن علقمة أخو بكر بن وائل، أسقفهم و حبرهم و إمامهم و صاحب مدراسهم. و كان أبو حارثة قد شرف فيهم و درس كتبهم حتى حسن علمه في دينهم، فكانت ملوك الروم من أهل النصرانية قد شرفوه و مولوه و أخدموه، و بنوا له الكنائس، و بسطوا عليه الكرامات، لما يبلغهم عنه من علمه و اجتهاده في دينه. قال ابن إسحاق قال محمد بن جعفر بن الزبير: قدموا على رسول الله صلى الله عليه المدينة، فدخلوا عليه في مسجده رسول الله صلى الله عليه حين صلى العصر، عليهم ثياب الحبرات جبب و أردية في بني الحارث بن بن كعب. قال: يقول بعض من رآهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم يومئذ: ما رأينا بعدهم وفدا مثلهم. و قد حانت صلاتهم، فقاموا يصلون في مسجد رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم:" دعوهم" فصلوا إلى المشرق. قال: و كانت تسمية الأربعة عشر منهم الذين يؤول إليهم أمرهم: العاقب و هو عبد المسيح ، و السيد و هو الأيهم، و أبو حارثة بن علقمة أخو بكر بن وائل، و أوس، و الحارث، و زيد، و قيس، و يزيد، و نبيه، و خويلد بن عمرو، و خالد، و عبد الله، و يحنس؛ في ستين راكبا. فكلم رسول الله صلى الله عليه و سلم منهم أبو حارثة بن علقمة، و العاقب عبد المسيح ، و الأيهم السيد، و هم من النصرانية على دين الملك مع اختلاف من أمرهم يقولون: هو الله، و يقولون: هو ولد الله، و يقولون: هو ثالث ثلاثة، و كذلك قول النصرانية. فهم يحتجون في قولهم: هو الله، بأنه كان يحيي الموتى، و يبرئ الأسقام، و يخبر بالغيوب، و يخلق من الطين كهيئة الطير، ثم ينفخ فيه فيكون طائرا، و ذلك كله بإذن الله، ليجعله آية للناس. و يحتجون في قولهم: إنه ولد الله، أنهم يقولون: لم يكن له أب يعلم، و قد تكلم في المهد بشي ء لم يصنعه أحد من ولد آدم من قبله. و يحتجون في قولهم: إنه ثالث ثلاثة، بقول الله عز وجل: «فعلنا» و «أمرنا» و «خلقنا» و «قضينا»، فيقولون: لو كان واحدا ما قال إلا «فعلت» و «أمرت» و «قضيت» و «خلقت»، و لكنه هو و عيسى و مريم. ففي كل ذلك من قولهم قد نزل القرآن، و ذكر الله لنبيه صلى الله عليه و سلم فيه قولهم. فلما كلمه الحبران، قال لهما رسول الله صلى الله عليه و سلم: «أسلما» قالا: قد أسلمنا. قال: إنكما لم تسلما، فأسلما قالا: بلى قد أسلمنا قبلك. قال: كذبتما، يمنعكما من الإسلام دعاؤكما لله عز وجل ولدا، و عبادتكما الصليب، و أكلكما الخنزير. قالا: فمن أبوه يا محمد، فصمت رسول الله صلى الله عليه و سلم عنهما، فلم يجبهما، فأنزل الله في ذلك من قولهم، و اختلاف أمرهم كله صدر سورة آل عمران إلى بضع و ثمانين آية منها، فقال: الله لا إله إلا هو الحي القيوم فافتتح السورة بتبرئة نفسه تبارك و تعالى مما قالوا، و توحيده إياها بالخلق و الأمر، لا شريك له فيه، وردا عليهم ما ابتدعوا من الكفر، و جعلوا معه من الأنداد، و احتجاجا عليهم بقولهم في صاحبهم، ليعرفهم بذلك ضلالتهم، فقال: الله لا إله إلا هو أي ليس معه شريك في أمره. [1]

المنبع:

السيرةالنبوية،ج 1،ص573 و 574

 

[1]السيرةالنبوية،ج 1،ص573 و 574