الحواریّون
الحور: الرّجوع عن الشّي ء و إلى الشّي ء؛ و التّحوير: التّبييض، لأنّه يراجع فيه كثيرا، و الحواريّ: البياض، من التّحوير، و سمّي به القصّار؛ لأنّه يقصّر الثّوب و يحوّره، أي يبيّضه، ثمّ غلب حتّى أطلق على كلّ ناصر و حميم، لأنّه روجع في اختياره مرّة بعد مرّة، فوجد نقيّا من العيوب كنقاء الثّوب الأبيض. و قيل: سمّي الحواريّون بهذا الاسم لأنّهم كانوا قصّارين. و الحواريّ من الدّقيق: النّقيّ، لأنّه ينقّى من لباب البرّ. و ذهب «دوراك» إلى أنّ لفظ الحواريّين من الألفاظ الّتي دخلت العربيّة بواسطة المهاجرين الّذين رجعوا من الحبشة و هو مردود.
اختلف المفسّرون في الحواريّين فقالوا: الحواريّ: هو خاصّة الرّجل وصفيّه و خالصته. أو هو من يلبس الثّياب البيض، أو من يغسل الثّياب و يبيّضها. و قالوا أيضا: كان الحواريّون صيّادي أسماك أو ملوكا. و جمع بعضهم بين القولين، فقال: يجوز أن يكون بعضهم صيّادي أسماك و بعضهم ملوكا.
و في وجه تسميتهم قالوا: سمّوا بذلك لبياض ثيابهم، أو لتبييضهم الثّياب و قصرها، أو لنقاء قلوبهم، أو لما عليهم من أثر العبادة و نورها، أو لرجوعهم إلى اللّه.
و القول الأخير يوافق الأصل في هذه المادّة، و سائر الأقوال متفرّعة منه كما تقدّم، فكأنّ الحواريّ من روجع في اختياره مرّات، فوجد نقيّا كنقاء البياض، و هذا هو معنى قول الإمام الرّضا عليه السّلام: «كانوا مخلصين في أنفسهم، و مخلّصين غيرهم من أوساخ الذّنوب بالوعظ و التّذكير».
عدّهم ابن عبّاس اثني عشر حواريّا، و سمّاهم عكرمة بأسمائهم، و ليس في القرآن ما يفصح عن ذلك. غير أنّ العهد الجديد صرّح بعددهم و أسمائهم، فلعلّهما أخذا ذلك من النّصارى.
جاء لفظ الحواريّون خمس مرات فی القرآن الکریم قال تعالی: «كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ»[1] .[2]
المنبع:
المعجم فى فقه لغه القرآن و سر بلاغته، ج 14، ص 245
[1]الصّفّ: 14
[2]المعجم فى فقه لغه القرآن و سر بلاغته، ج 14، ص 245