النصاری (الدین)
النصرانیة (المسیحیة): مذهب القائلين بتجسّد الكلمة ثم توحّدها فى المسيح، بدعوى أن اللّه تعالى أشرق على الجسد إشراق النور على الجسم المشفّ، و قال بعضهم بل انطبع فيه انطباع النقش فى الشمع، و قال آخرون ظهر به ظهور الروحانى بالجسمانى، و منهم من قال تدرّع اللاهوت بالناسوت، و قال نفر منهم مازجت الكلمة جسد المسيح ممازجة اللبن للماء، و الماء للبن، و هؤلاء أثبتوا للّه تعالى أقانيم ثلاثة، فقالوا إنه جوهر واحد، يعنون به القائم بالنفس و ليس التحيّز و الحجمية، فهو واحد بالجوهرية، و ثلاثة بالأقنومية، و يعنون بالأقانيم الصفات، كالوجود و الحياة و العلم، و سمّوها الآب، و الابن، و روح القدس، و قالوا فى الصعود إنه قتل و صلب، قتله اليهود حسدا و بغيا و إنكارا لدرجته، و لكن القتل لم يرد على الجزء اللاهوتى و إنما ورد على الجزء الناسوتى. و قالوا كمال الشخص الإنسانى فى ثلاثة وجوه: نبوة، و إمامة، و ملكة، و غيره من الأنبياء كانوا موصوفين بهذه الصفات الثلاث أو ببعضها، و المسيح درجته فوق ذلك، لأنه الابن الوحيد، فلا نظير له، و لا قياس إلى غيره. و لهم فى نزوله اختلاف، فبعضهم يقول لا نزول له إلا يوم الحساب، فبعد أن قتل و صلب نزل ورآه شمعون، و كلّمه، و أوصى إليه، ثم فارق الدنيا و صعد إلى السماء، و شمعون هو أفضل الحواريين علما و زهدا و أدبا. غير أن شاول الملقّب ببولس الرسول غيّر أوضاع كلام المسيح، و خلطه بكلام الفلاسفة، ثم اجتمع أربعة من الحواريين، و جمع كل واحد منهم جمعا من حكاية المسيح سمّاه الإنجيل، و هم متّى، و لوقا، و مرقس، و يوحنا، و جاء فى ختام إنجيل متى أنه قال: «إنى أرسلكم إلى الأمم كما أرسلنى أبى إليكم، فاذهبوا و ادعوا الأمم باسم الآب و الابن و روح القدس»، فذهبوا و دعوا، و افترقوا إلى فرق، أشهرها: الأرثوذكسية، و الكاثوليكية، و البروتستنيتة.
و من أركان المسيحية القول بصلب المسيح فداء عن الخليقة، و قيامه من القبر و رفعه، و أنه يدين الأحياء و الأموات.
و يرمز للصلب فى المسيحية بالصليب، امتثالا لقول المسيح: «إن أراد أحد أن يأتى ورائى فلينكر نفسه، و يحمل صليبيه كل يوم و يتبعنى». و بحمل الصليب كل يوم يتجدد الأمل فى الخلاص، و هو رمز لموت النفس عن الأنانية و حبّ الذات، و يعنى أن المؤمن على آثار المسيح، و تقرّبه الصلاة إلى اللّه عن طريق المسيح، و تؤدّى باسم المسيح.
و التعميد فريضة يشار فيها بالغسل بالماء باسم الآب و الابن و الروح القدس، و يرمز إلى تطهير النفس، و هو فى المسيحية كالختان فى اليهودية، بغرض ختم النعمة. و المعمودية اعتراف علنى بالإيمان. و تناول الخبز و الخمر إشارة إلى جسد المسيح المصلوب و دمه المسفوك. و الخبز و الخمر ليسا طعاما جسديا، و إنما طعام روحى لحياة روحية. و يرمز العشاء الربّانى لمجئ المسيح الثانى، و لموته، تذكارا للماضى و المستقبل. و المسيحية ألغت الكثير من الشريعة اليهودية كالختان، و أباحت الخمر و لحم الخنزير.[1]
و النصرانية فى القرآن مذهب فى الشرك ذهب فيه النصارى إلى القول بألوهية المسيح، و جعلوه ابنا للّه (التوبة 30)، و اتخذوا أحبارهم و رهبانهم أربابا من دون اللّه (التوبة 31)، و لا يأتى اسم المسيحية بمعنى أتباع المسيح فى القرآن، و إنما هم النصارى. و النصرانية فى الأناجيل تقول بربوبية المسيح (متى 3/ 3)، و أنه ابن اللّه (متى 3/ 17- 8/ 29، و لوقا 1/ 35، و يوحنا 5/ 20)، و ابن العلىّ (لوقا 1/ 23)، و المخلّص (لو 2/ 11)، (ليست المخلص أى الخالص الإيمان، و إنما المخلّص، و المخلّص هو اللّه، و أما النبىّ فهو ليس إلا منذرا و مبشرا و معلما).[2]
المنبع:
المعجم الشامل لمصطلحات الفلسفه، ص 800
[1]المعجم الشامل لمصطلحات الفلسفه، ص 800
[2]المعجم الشامل لمصطلحات الفلسفه، ص 878